هل هناك من يدلني على وسيلة جيدة للتحوط من التضخم؟

ثقة المستثمرين المراهنين على خروج الأسواق من نوبة التضخم دون أضرار جسيمة جزء من المشكلة

جيروم باول
جيروم باول المصدر: بلومبرغ
Matthew Brooker
Matthew Brooker

Matthew Brooker is an editor with Bloomberg Opinion. He previously was a columnist, editor and bureau chief for Bloomberg News. Before joining Bloomberg, he worked for the South China Morning Post. He is a CFA charterholder.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو أنَّ البحث عن ملاذات من أسوأ موجة تضخم منذ أربعة عقود يوشك أن يصبح أكثر جدية. لا تبدو هذه مهمة سهلة أو مباشرة، على الأقل في حال المستثمرين الأفراد الذين تقتصر خياراتهم على فئات الأصول القياسية، ويعتمدون على مزيج من المحافظ التقليدية من الأسهم والسندات بنسبة 60 إلى 40 للتغلب على تقلبات دورات السوق. إنْ طبّق صانعو السياسة في الولايات المتحدة خطابهم المُتشدد؛ فقد نشهد أوقاتاً عصيبةً.

في حين تجاوز الارتفاع المُفاجئ في أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة النقطة التي يمكن عندها أن نعتبره مؤقتاً؛ ظلت سوق الأسهم قويةً بشكل ملحوظ. كان مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" عند إغلاق الجمعة أقل بنحو 6% من أعلى مستوى سجله في يناير.

كيف يستهل البنك المركزي الأوروبي تطبيع سياسته النقدية؟

المشكلة التي يواجهها المستثمرون الذين يراهنون على أنَّ الأسواق ستخرج من نوبة التضخم هذه دون أضرار جسيمة، هي أنَّ ثقتهم جزء من المشكلة. تعمل السياسة النقدية من خلال الظروف المالية، ويؤدي انخفاض أسعار الأسهم والسندات إلى تشديدها، كما كتب بيل دادلي، الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، في مقال نشرته "بلومبرغ أوبينيون" الأسبوع الماضي. فكلما طالت فترة انتعاش الأسواق؛ زاد المستوى الذي قد يضطر الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة نحوه لتحقيق النتيجة المرجوة.

قراءة غير مريحة

كيف يجب أن يستجيب المستثمرون لذلك؟ إحدى أكثر الدراسات التي تُصفّحت على مدى 12 شهراً على موقع البحث الأكاديمي "إس إس آر إن" (SSRN) هي بعنوان: "أفضل الاستراتيجيات في أوقات التضخم". توصلت الدراسة التي أجراها باحثون من شركة صندوق التحوط "مان غروب" (Man Group) وجامعة "ديوك"، لقراءة غير مريحة للسوق. خلصت الدراسة التي اعتمدت على بيانات من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وتمتد لنحو قرن إلى أنَّ أداء الأسهم والسندات على حد سواء كان ضعيفاً إبان التضخم. بلغ متوسط العائد الحقيقي السنوي على الأسهم الأمريكية -7% خلال ثماني فترات من هذا القبيل منذ الحرب العالمية الثانية. كما لم توفّر العقارات ملاذاً حقيقياً، فقد أعطت عوائد حقيقية سلبية، وإن لم تكن سلبية لحد كبير. كانت فئة الأصول الرئيسية الوحيدة التي تتفوّق أداءً بشكل موثوق حين يكون التضخم مرتفعاً ومتصاعداً هي السلع، إذ يبلغ متوسط عائدها الحقيقي 14% سنوياً.

إن لم تتراجع الأسهم فعلى "الفيدرالي" إجبارها

كانت هذه مُلاحظة مواتية ومفيدة للغاية حين نُشرت الدراسة لأول مرة في مارس 2021. تكمن المشكلة في أنَّ السلع كانت تتجه للازدهار بشكل كبير منذ شهور، لذا؛ فإنَّ أولئك الذين لم يتنبّهوا لشدة لغة الاحتياطي الفيدرالي إلا الأسبوع الماضي ربما قد تخلّفوا عن الركب، فقد ارتفع مؤشر "بلومبرغ" للسلع 48% في العام الماضي، وزاد أكثر من الضعف منذ أدنى مستوى له في مارس 2020. يمكن القول إنَّ ارتفاع السلع قد يواصل استمراره؛ إذ ما يزال المؤشر يقف عند مستوى أكثر قليلاً من نصف ارتفاعه قبل الأزمة المالية. لكنْ تُخفي مكاسب المؤشر تبايناً كبيراً؛ فالسلع التي يُرجح أن يشتريها مستثمرو التجزئة كالذهب والفضة هي من بين السلع ضعيفة الأداء.

موجات عالية

لا يُتوقَّع أن يركب صغار المستثمرين موجة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي التي تدفعها روسيا، أو أن ينخرطوا في بورصة لندن للمعادن لمجابهة أباطرة الأعمال الصينيين الذين يعانون ضغوطاً قصيرة الأجل، أضف لذلك التقلبات المرهقة التي تنطوي عليها عقود السلع المستقبلية. إنَّ السبيل الأكثر وضوحاً لمُشتري التجزئة هو مخزون شركات الموارد، برغم أنَّ العوائد هنا ليست واعدة بالقدر نفسه. لا يوفّر قطاع الأسهم الفردية حماية كبيرة ضد التضخم المرتفع والمتزايد، وفقاً للدراسة التي أجراها "مان غروب" و"ديوك"، فضلاً عن أنَّ أسهم الطاقة تحقق عوائد حقيقية إيجابية قليلة فقط. إذ تُقدّم الصناديق المتداولة في البورصة تعرّضاً أدق استهدافاً.

باول: "الفيدرالي" الأمريكي مستعد لرفع الفائدة 0.5% في مايو إذا لزم الأمر

ماذا عن أسواق الأسهم خارج الولايات المتحدة، حيث التقييمات أقل ضغطاً، وصُنّاع السياسات قد يكونوا أقل عزماً على خفض الأسعار؟ تأتي عودة التضخم بعد فترة طويلة من أداء متفوق للأسهم الأمريكية بعد الأزمة. إذا حكمنا من خلال نسبة السعر للأرباح؛ فإنَّ مؤشر "إم إس سي آي" العالمي باستثناء الولايات المتحدة هو الأرخص من حيث الأسعار مقارنة بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" منذ الأزمة المالية العالمية. يقترب مؤشر الأسواق الناشئة "إم إس سي آي" من تلك النقطة. إنْ كنا بصدد تغيير في نظام الأسواق، كما يعتقد الكثيرون، فربما حان الوقت لعكس الاتجاه القائم.

ظاهرة عالمية

ربما ليس الأمر بهذه البساطة لسببٍ واحد هو أنَّ التضخم ظاهرة عالمية، لذا؛ فندرة من الأسواق إنْ وجدت بمنأى عنه. كما ستؤثر سرعة وحجم أي تراجع أمريكي على التوقُّعات. يميل أداء الأسواق الناشئة للقوة حين تركد الأسهم الأمريكية، ويبحث المستثمرون عن عوائد أعلى في أماكن أخرى. لذلك وجب الانتباه إذا تراجعت الأسواق الأمريكية؛ فمن المؤكد أن يتردد صدى أي انخفاض كبير. كل هذا قبل التفكير بتأثير العقوبات ضد روسيا المُزعزع للاستقرار، وتفشي فيروس "كوفيد" المتفاقم الذي يضر بالاقتصاد الصيني المُتباطئ.

باول: "الاحتياطي الفيدرالي" سيمنع ترسخ التضخم في الاقتصاد الأمريكي

هذا يترك المزيد من الخيارات محصورة بفئة معينة. لا يمكن اعتبار "بتكوين" وسيلة تحوط آمنة ضد التضخم برغم أنَّ لها مَن يؤيدها، فتاريخها قصير جداً، وتقلّبها مرتفع للغاية. هناك أيضاً مقتنيات مثل الفن والنبيذ والطوابع. اكتشفت دراسة "مان غروب" و"ديوك" أنَّ أداء هذه العمليات كان جيداً خلال الفترات التضخمية في الولايات المتحدة، مع عوائد سنوية حقيقية تتراوح بين 5% و9%.

ربما يستحق الأمر التفكير، فعلى الأقل؛ إنْ لم ينجح سيكون لديك شيء جميل للنظر إليه فيما ينهش التضخم محفظتك.