لاس فيغاس تستضيف "فورمولا 1" في العام المقبل وتعد العالم بسباق باهر

البريطاني لويس هاميلتون يتصدر في سباق حلبة أوستن بالولايات المتحدة الأمريكية، عام 2019
البريطاني لويس هاميلتون يتصدر في سباق حلبة أوستن بالولايات المتحدة الأمريكية، عام 2019 المصدر: غيتي إيمجز
Trung Phan
Trung Phan

Trung Phan is the co-host of the Not Investment Advice podcast and writes the SatPost newsletter. He was formerly the lead writer for the Hustle, a tech newsletter.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سباق "فورمولا 1" قادم إلى لاس فيغاس في نوفمبر 2023.

سيبدأ بتمام العاشرة مساءً، ويمر بمعالم المدينة الرئيسية مثل "منتجع بيلاجيو" (the Bellagio)، و"ذا فينيشيان" (the Venetian)، و"سيزار بالاس" (Caesar’s Palace)، و"لاس فيغاس ستريب" (Las Vegas Strip). السباق المنتظر يعدُ بتقديم عرض خاطف للأنفاس. في رياضة هي بالفعل ذات تأثير ضخم، حيث تمت مشاهدة السباق الأخير لموسم 2021 في أبوظبي من قبل 109 ملايين مشاهد عالمياً (عدد مشاهدين يفوق مشاهدي مباريات "سوبر بول" في عام 2022).

وتعني إضافة لاس فيغاس إلى ميامي وأوستن في الولايات المتحدة، أن البلاد ستستضيف سباقات "فورمولا 1" أكثر من أي دولة أخرى.

مفاجأة "فورمولا 1".. التحول لسيارات السباق الهجينة

هل نحتاج حقاً لثلاثة سباقات؟

لا يبدو أن الجميع سعداء بذلك. فمن التعليقات على تغريدة إعلان "فورمولا 1" الرسمية على "تويتر" عن الحدث القادم، تساءل الرد الأكثر إعجاباً: "هل نحتاج حقاً إلى 3 سباقات في الولايات المتحدة؟" مع ذلك، فعلى عكس الأولمبياد، مثلاً، فإن هذا الحدث الرياضي الضخم يعود بفوائد على المدن والدول التي تستضيفه.

علاوة على ذلك، يعكس هذا التعليق موضوعاً يدور بين معجبي "فورمولا 1" وهو يتعلق بأن رياضة السيارات أصبحت أمريكية جداً. فلماذا تُمنح الولايات المتحدة سباقاً ثالثاً بينما لا تستضيف القارة الأفريقية أي سباق، وتمتلك أمريكا الجنوبية سباق ساو باولو فقط؟

وحتى أوروبا التي تستضيف 10 من 23 سباقاً خلال هذا العام، لديها فجوة كبيرة في المسافة التي بين سباقاتها. فإذا أخذنا ألمانيا مثالاً: (توجد عشرة سباقات على بعد مسافة 640 ميلاً (1 ميل = 1,6 كم) من الحدود الألمانية، في حين أن المسافة بين لاس فيغاس وأوستن 1306 ميلاً).

ليس "أمركة" وإنما إرث!

في الواقع، استضافة الولايات المتحدة لثلاثة سباقات هو أمر منطقي تماماً. اسألوا شون كيلي، عالم الإحصاء البريطاني الذي يعد الشخص الوحيد الذي عمل في كل بث تلفزيوني لـ"الفورمولا 1" تم في الولايات المتحدة خلال الـ19 عاماً الماضية. يقول لي كيلي: "هذه ليست "أمركة للفورمولا 1" إلا أن الرياضة لها إرث طويل في الولايات المتحدة، بدأ مع سباق "إنديانابولس 500" في الخمسينيات من القرن الماضي، وخلال الستينيات قدّم سباق الجائزة الكبرى للولايات المتحدة في "واتكينس" في نيويورك أعلى الجوائز المالية، تبع ذلك سباق "لونغ بيتش" خلال السبعينيات والثمانينيات".

"فورمولا 1" تتطلع إلى عصر السيارات الكهربائية

لكن الأمور خرجت عن مسارها في عام 1983، عندما غادر سباق "لونغ بيتش" سباقات "فورمولا 1" بسبب نزاع مالي. بينما استضافت فينيكس سباق "فورمولا 1" جديد بين عامي 1989و1991، لكن ضعف الحضور في أيام الصيف الحارة أدى إلى إلغائه. ولم يتم تنظيم سباقات "فورمولا 1" في الولايات المتحدة خلال السنوات اللاحقة من التسعينيات.

وفي عام 2005، أخفقت الولايات المتحدة في العودة إلى الحلبة، عندما أدى جدل حول تعطّل الإطارات إلى انسحاب سبعة من عشرة فرق من سباق "إنديانابوليس" (يعتبر ذلك أحلك يوم في أمريكا بالنسبة للفورمولا 1). واجه سباق "إنديانابوليس" مشكلات عديدة.

لكن الرياضة انتعشت مرة أخرى في الولايات المتحدة خلال العقد الماضي. وفي عام 2012، أصبحت أوستن المقر الجديد لسباق "فورمولا 1" في الولايات المتحدة من خلال "حلبة سباق الأمريكتين" (COTA). ثم في عام 2017، استحوذت شركة "ليبرتي ميديا" (Liberty Media) على "فورمولا 1" مقابل 8 مليارات دولار.

دعم نتفلكس

وفي عام 2019، تلقت "فورمولا 1" دفعة بعد إصدار وثائقي من إنتاج "نتفلكس" حمل عنوان "فورمولا 1: درايف تو سيرفايف" (Netflix "F1: Drive to Survive). وقد تم إنتاج البرنامج بالتعاون مع "فورمولا 1"، وقد وفر منفذاً غير مسبوق إلى الفرق والسائقين في الرياضة. وحقق البرنامج نجاحاً هائلاً، حيث تشير التقديرات أنه نجح بإضافة 73 مليون معجب جديد لرياضة "فورمولا 1" على مستوى العالم.

ويسلط جو بومبليانو خلال نشرة "هادلد أب" (Huddle Up) الضوء على كيفية تأثير برنامج "فورمولا 1: درايف تو سيرفايف" على جمهور الولايات المتحدة:

  • تزايد هائل في مشاهدي السباق على التلفزيون: كان سباق البحرين خلال موسم 2022 من "فورمولا 1"، السباق الأول الذي شاهده بالمتوسط 1.3 مليون مشاهد على "إي إس بي إن" (ESPN) ما جعله السباق الأكثر مشاهدة على خدمة الكابل منذ أكثر من 25 عاماً". وتم التفوق على هذا الرقم القياسي بعد أسبوع واحد عندما شاهد سباق الجائزة الكبرى في السعودية نحو 1.45 مليون مشاهد بالمتوسط.
  • كذلك الأمر بالنسبة للحضور الشخصي: استضافت "حلبة سباق الأمريكتين" 400 ألف مشاهد في سباق العام الماضي (كان هذا سباق نهاية الأسبوع الأكثر حضوراً في تاريخ "فورمولا 1"، الممتد على أكثر من 70 عاماً).

شعبية متصاعدة

وفي حين كانت "نتفلكس" السبب الأكثر وضوحاً لعودة صعود "فورمولا 1" في أمريكا، يشير كيلي إلى سببين آخرين لذلك. أولاً: أن تغطية "إي إس بي إن" لـ"فورمولا 1" خالية من الإعلانات التجارية (نقطة بيع فريدة من نوعها للرياضات المتلفزة في الولايات المتحدة). ثانياً: يمكن أن تنتهي سباقات "فورمولا 1" في غضون 90 دقيقة؛ بينما يستغرق سباق "ناسكار" (NASCAR) ثلاث ساعات أو أكثر.

رئيس الاتحاد الدولي للسيارات: "كورونا" فرض تحديات على فعاليات الـ "فورمولا"

تسعى "ليبرتي ميديا" و"فورمولا 1" لتحقيق الاستفادة القصوى من الاهتمام المتجدد. إذ يأتي الإعلان عن سباق لاس فيغاس قبل شهر واحد من استضافة ميامي لسباق "فورمولا 1" الأول لها (من الملاحظ أن السباقات الأمريكية الثلاثة تقع جميعها في مناطق زمنية مختلفة).

لكن، حتى ينجح سباق لاس فيغاس، سيتعين على شركة "ليبرتي ميديا" محو الذكريات السيئة المتعلقة باستضافة المدينة لـ"فورمولا 1" آخر مرة في عامي 1981 و1982. إذ يقول كيلي: "لقد كان سباقاً سيئ التنفيذ"، تم بناء الحلبة في مصف السيارات التابع لفندق "سيزار بالاس"، وانطلق السباق خلال حرارة بعد الظهر الحارقة. بالمقارنة نسخة 2023، ستنطلق من حلبة تتضمن فنادق "لاس فيغاس ستريب" الشهيرة، وستقام في الليل.

سباق أيقوني

يعتقد كيلي أنه في حال تم تنظيمه بشكل صحيح، فإن سباق لاس فيغاس "يمكنه أن ينافس سباق موناكو من ناحية المكانة".

وهو ليس بمفرده في ذلك، إذ يتوقع ستيفانو دومينيكالي، الرئيس التنفيذي لمجموعة "فورمولا 1" أن "سباق الجائزة الكبرى في لاس فيغاس سيصبح سباقاً أيقونياً ورئيسياً للفورمولا 1 في غضون عامين".

ويشير بومبليانو خلال "هادلد أب"، إلى أن توقعات الرعاية كبيرة جداً لدرجة أن "ليبرتي ميديا" سوف تتحمل بشكل غير اعتيادي، معظم المخاطر.

ويتمثل الجزء الأكثر لفتاً للنظر في هذه الصفقة بأن "فورمولا 1" ستعمل نفسها كمروّج للحدث. ولمن لا يعرف بالفعل، فإن "فورمولا 1" تعتبر تقليدياً نشاطاً تجارياً ذا نموذج خفيف الأصول. فهي تمتلك حقوق الملكية الفكرية بالطبع، لكنها لا تمتلك أياً من الحلبات، ونادراً ما تتحمل مسؤولية بيع التذاكر وترتيب الضيافة.

وبدلاً من ذلك، تبيع عادة حقوق تشغيل السباقات إلى كيان مستقل لقاء نحو 10 ملايين دولار إلى 90 مليون دولار (حسب الموقع)، وتسمح له بالتعامل مع جميع اللوجستيات.

صفقة رائعة!

وكانت مقالة نشرت في مجلة "فوربس" في عام 2017 قدّرت تكلفة تشغيل سباق شوارع لـ"فورمولا 1" - بعيداً عن رسوم الاستضافة - بقيمة 57.5 مليون دولار. وإذا تنازلت "ليبرتي ميديا" عن رسوم الاستضافة، وتكفلت بتمويل السباق (بناء المضمار، والترويج)، سيمثل ذلك صفقة رائعة لمدينة لاس فيغاس. ونظراً لأنه سيكون سباق شوارع، فيمكن للمدينة التمتع بسحر الحدث دون الحاجة إلى بناء هياكل "الفيل الأبيض" العملاقة المحتملة (منشآت لا يمكن التخلص منها) التي تبتلى بها المدن المستضيفة للأولمبياد.

لطالما كانت هذه الرياضة محركاً اقتصادياً. فوفقاً لـ"سباق الأمريكتين"، ضخت "فورمولا 1" ما قيمته 5 مليارات دولار من الوظائف ودولارات الزوار وعائدات الضرائب في أوستن منذ الإعلان عن السباق في عام 2010. وعلى نطاق أوسع، كانت "فورمولا 1" أيضاً مصدراً للابتكار. إذ يعود لها الفضل في العديد من التطورات التي حققت طريقها إلى السيارات العادية على الطرق (الفرامل، أنظمة التعليق، التشغيل بضغطة زر)، وتكنولوجيا المستهلك (اتصال البيانات في الهواتف الذكية). ومنذ عام 1967 إلى عام 2004، فاز محرك "كوزورث" (Cosworth) الذي تصنعه "فورد" بالعديد من ألقاب الصانعين في "فورمولا 1" أكثر من مصنعي السيارات الآخرين ما عدا "فيراري" و"رينو".

وأخيراً، فإن منافسي "فورمولا 1" وجمهورها ينتشرون في شتى بقاع العالم، ما يجعلها تبدو أصغر قليلاً وأكثر ودية وألفة.

لكن بغض النظر عن الكيفية التي سينطلق بها سباق لاس فيغاس في العام المقبل، فعليك ألا تتوقع أن يضاف أي سباق أمريكي جديد لبعض الوقت. يقول كيلي: "ثلاثة سباقات "فورمولا 1" ستكون كافية"، ويتابع: "إنها بطولة عالمية وعلينا أن نوجد في تلك البلدان الأخرى".