مزارعو الأرز بين مطرقة ارتفاع تكاليف الأسمدة وسندان تراجع أسعار الحبوب

محصول الأرز عقب حصاده مباشرة بالفلبين في العاشر من أبريل الجاري
محصول الأرز عقب حصاده مباشرة بالفلبين في العاشر من أبريل الجاري المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أجبرت تكاليف الأسمدة المتزايدة مزارعي الأرز في مختلف أنحاء آسيا على تخفيض استخدامهم، وهي خطوة تهدد محصول الغذاء الرئيسي الذي يُطعم نصف عدد سكان الأرض، وقد تؤدي إلى انفجار أزمة غذائية كبرى إذا لم تُقيّد الأسعار.

خلال العام الماضي وحده، تضاعفت أسعار المغذّيات الزراعية اللازمة لتعزيز إنتاج المحصول الغذائي -أو زادت 3 أضعاف-، وذلك في عدة دول تمتد من الهند إلى فيتنام حتى الفلبين.

صعود أسعار الأسمدة بلا توقف يهدد المزارعين والمستهلكين

قد يعني تقليص استخدام الأسمدة إنتاج محصول أقل. ويتوقَّع المعهد الدولي لأبحاث الأرز انخفاض الغلال بنحو 10% خلال الموسم المقبل، وهو ما يعني خسارة 36 مليون طن منها، أو ما يعادل غذاء 500 مليون شخص.

أزمة أكبر

يرى هيومناث بهانداري، رئيس الاقتصاديين الزراعيين في المعهد أنَّ "هذا تقدير متواضع للغاية"، مضيفاً أنَّ التأثير قد يكون أسوأ من ذلك بكثير إذا استمرت الحرب في أوكرانيا.

تزايدت أسعار الأسمدة على مستوى العالم خلال الفترة الماضية نتيجة لأزمات الإمدادات، ومشكلات الإنتاج، ومؤخراً بسبب الحرب، التي عرقلت التجارة مع روسيا، وهي مورّدة كبيرة لكل أنواع أسمدة المحاصيل الرئيسية. وينذر ارتفاع تكاليف الأسمدة بتفاقم تضخم أسعار الغذاء، على افتراض أنَّ المزارعين سيواصلون تقليص الاستخدام، مما يؤثر بالسلب على غلال المحاصيل. ولو حدث ذلك؛ ستتضرر سلاسل التوريد العالمية بشدة، فكل طبق غذاء تقريباً يُقدّم على مائدة الطعام تساعد الأسمدة في إنباته.

روسيا تشعل تضخم الغذاء في العالم عبر بوابة الأسمدة

يعد مزارعو الأرز تحديداً أكثر عرضة للتهديد، على عكس القمح والذرة بالرغم من أنَّهما قد شهدا ارتفاعاً في الأسعار إلى عنان السماء مع تهديد الحرب لواحدة من أكبر سلاسل الغذاء حول العالم؛ لكنَّ أسعار الأرز تراجعت نتيجة للإنتاج الوفير والمخزونات الموجودة بالفعل. ويعني ذلك أنَّ المزارعين سيضطرون لمواجهة تضخم التكاليف دون الحصول على مقابل أكبر لحبوبهم.

محصول أقل

قال نغوين بينه فونغ، مالك متجر للأسمدة والمبيدات في فيتنام بمقاطعة كين جيانغ، إنَّ تكاليف شوال بوزن 50 كيلو من اليوريا -وهو أحد أنواع الأسمدة النتيروجينية- قفزت 3 أضعاف على مدى العام الماضي. وأضاف أنَّ بعض المزارعين قلّصوا استخدام السماد بنحو 10-20% بسبب الأسعار المتزايدة، مما أدى إلى تراجع الإنتاج. وأردف: "عندما يُقلّص المزارعون استخدام الأسمدة؛ يعني هذا أنَّهم يقبلون جني محصول أقل".

تحرص الحكومات في آسيا، التي يُجنى فيها معظم محصول الأرز العالمي، على تجنّب هذا السيناريو، إذ يعد الحفاظ على السيطرة على الأسعار ضرورياً بالنسبة للسياسيين، نظراً لأهمية الأرز كغذاء رئيسي لمئات الملايين من الأشخاص، لا سيما المجموعات الأقل دخلاً منهم. وتوفر العديد من الدول إعانات الأسمدة لزيادة غلات الأنواع المحسّنة من محاصيل الحبوب.

ارتفاع أسعار الأسمدة يهدد بزيادة تكلفة الغذاء عالمياً

لكنَّ ارتفاع أسعار الأسمدة يفاقم العبء المالي على هذه الحكومات. ومن المقرر أن تنفق الهند، التي تعتمد بشدة على واردات الأسمدة، نحو 20 مليار دولار تقريباً لتحصين المزارعين من ارتفاع الأسعار، ارتفاعاً من قرابة 14 مليار دولار التي حدّدتها في ميزانية فبراير. وتعتبر الدولة الجنوب آسيوية ثاني أكبر منتج للأرز في العالم، وتُصدر إلى دول مثل المملكة العربية السعودية، وإيران، ونيبال، وبنغلاديش.

قال سوماشخار راو، 57 عاماً، وهو مزارع للأرز في قطعة أرض تبلغ مساحتها 25 فداناً في تيلانغانا، جنوب الهند، إنَّه يعاني في ظل زيادة تكلفة الأسمدة. ويتوقَّع أن تنخفض الغلة بنسبة 5-10% لمحصوله الشتوي بسبب التأخير في تأمين الإمدادات الكافية. ويكون السماد أكثر فاعلية عند استخدامه على النباتات في ذروة دورة نموها.

برغم ذلك، هناك بعض النواحي الإيجابية للأزمة. فالإفراط في استخدام الأسمدة الكيماوية ينتشر في المنطقة. وتحفّز زيادة الأسعار المزارعين على استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة، وفقاً للمعهد الدولي لأبحاث الأرز، الذي يعمل مع المزارعين لتحقيق النتائج المثلى. وتشمل الحلول استخدام مزيج من المدخلات الكيماوية والعضوية للحفاظ على الغلال مع تحسين صحة التربة.

مع هذا، سيستغرق تنفيذ هذه الخطوات بعض الوقت. ومع استمرار عرقلة الحرب في أوكرانيا للاقتصادات في جميع أنحاء العالم، يقول المزارعون ومعهد الأرز، إنَّ أصعب الأيام ربما لم تأتِ بعد.

اختتم بهانداري: "إذا استمر هذا الوضع، سيكون ارتفاع الأسعار حتمياً، ويجب أن تنعكس على قطاع ما".

السلع الزراعية