إزالة الكربون من الطيران تحتاج إلى قفزات كبيرة

يوم إدراج شركة "جوبي أفييشن" المصنعة للطائرات الكهربائية العمودية في الإقلاع والهبوط في أغسطس في بورصة نيويورك. الولايات المتحدة
يوم إدراج شركة "جوبي أفييشن" المصنعة للطائرات الكهربائية العمودية في الإقلاع والهبوط في أغسطس في بورصة نيويورك. الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كتب: مارك دالي - بلومبرغ

نشهد مبادرة قوية تحدث هذا العام في قطاع الطيران، مدفوعة بمطالبة خطوط الطيران بأن تتخلص من الانبعاثات الكربونية واهتمام المستثمرين بالشركات الناشئة الجديدة في مجال تكنولوجيا الطيران.

أمضيت الأشهر الستة الماضية في دراسة مجموعة من التقنيات الجديدة التي يجري تطويرها من قبل شركات ناشئة للمساهمة في إزالة الكربون من قطاع الطيران.

تشمل هذه التقنيات الطيران الكهربائي، والطيران بوقود الهيدروجين والوقود الحيوي، وتصميم جديد للطائرات.

هذا العمل جزء من مسابقة "بلومبرغ إن إي إف" السنوية لابتكارات تكنولوجيا المناخ "بلومبرغ إن إي أف بايونيرز" (BNEF Pioneers)، التي تهدف إلى معرفة واكتشاف الشركات التي لديها القدرة على تغيير الصناعة وتلك التي تحرز تقدماً في ابتكارات تدعم اقتصاداً تنخفض فيه الانبعاثات الكربونية.

فيما يلي بعض الاتجاهات الأكثر إثارة للاهتمام التي اكتشفناها مؤخراً:

ارتفع حجم تمويل رأس المال الجريء للشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ في العام الماضي

استقبلت شركات النقل التي تنخفض لديها انبعاثات الكربون أعلى نسبة من التمويل. يقبل المستثمرون على قطاع النقل كقطاع استثماري لأن كثيراً من أسهمه التي تطرح تتميز بالتنافسية من حيث التكلفة وتتمتع بارتفاع مستوى الطلب على منتجاتها في الأسواق.

اقرأ أيضاً: قطاع الطيران العالمي أمام معضلة: زيادة الرحلات مقابل خفض الانبعاثات

علاوة على ذلك، شهد القطاع نماذج ناجحة، وخاصة تلك الشركات التي تعمل في نشاط النقل البري منخفض الكربون، مثل شركة صناعة البطاريات "سي إيه تي إل" (CATL)، وشركة "نيو" (Nio) الصينية الناشئة للسيارات الكهربائية.

الطيران قد يصبح السوق الكبيرة التالية لمستثمري تكنولوجيا المناخ

يبحث المستثمرون عن فرص جديدة ويتوسعون في قطاع الطيران والشحن مع تطور تكنولوجيا النقل البري منخفض الانبعاثات الكربونية.

ارتفعت استثمارات رأس المال الجريء وصناديق الاستثمار المباشر في تكنولوجيا الطيران بنسبة 724% في الفترة من 2017 حتى عام 2021، حتى بلغ إجمالي هذه الاستثمارات نحو 3 مليارات دولار في عام 2021 بحسب "بلومبرغ إن إي إف".

الأسواق العامة أيضاً كشفت عن اهتمام بهذا القطاع. جمعت شركات النقل الجوي الحضري الداخلي مثل شركة "جوبي أفييشن" (Joby Aviation) وشركة "ليليوم" (Lilium) مليارات الدولارات العام الماضي عبر عمليات الاندماج العكسي، حيث تستحوذ شركة خاصة على شركة متداولة في البورصة كوسيلة لدخول السوق بدلاً من الطرح العام الأولي بالسوق.

حركة النقل الجوي الحضري الداخلي لا تساهم بدرجة معتبرة في أهداف الاستدامة الأوسع

توجه أغلب الاستثمار في تكنولوجيا المناخ حتى الآن إلى شركات النقل الجوي الحضري الداخلي سعياً إلى تحويل طبيعة السفر الداخلي الخاص بين المدن. إذ تستطيع طائرة كهربائية عمودية (eVTOL) أن تنتقل من مدينة لندن إلى مطار هيثرو في ست دقائق مثلاً، مسافرة بأقصى سرعة لها.

غير أن هذه الرحلات الجوية الحضرية –وبعضها كهربائي– في أفضل الأحوال ستزيح السيارات بوسيلة سفر أخرى أكثر كثافة في استهلاك الطاقة، وفي أسوئها تحل مكان وسائل النقل العام.

وفي حين أن وعود هذا النوع من السفر مثيرة بالنسبة للمستثمرين، فإن مساهمة هذه الشركات الناشئة في أهداف الاستدامة العامة ستكون محدودة. هناك ما يزيد على 50% من رحلات الطيران العالمية تقطع مسافة أقل من 1111 كيلومتراً (690 ميلاً)، لكنها لا تمثل سوى 1% فقط من إجمالي مسافة الطيران على مستوى العالم.

الابتكار في الطيران التجاري للمسافات الطويلة

تشمل الابتكارات المطلوبة مخصصات لمجموعة الدفع والحركة –مثل المحركات الكهربائية، وخلايا الوقود، أو التوربينات المعدلة– والانتقال إلى الوقود الخالي من الكربون. هذه الابتكارات ممكنة من الناحية التقنية وقد جربت طائرات جديدة كثيرة وأثبتت نجاحها في الرحلات الجوية للمسافات القصيرة، غير أنه لم تطرح أي منها للاستخدام التجاري حتى الآن. من بين الشركات الناشئة التي يبلغ عددها 225 شركة وعرفتها "بلومبرغ إن إي إف" باعتبارها تصنع تقنيات طيران مستدامة، شركتان بالتحديد –هما "تويلف" (Twelve) و "زيروأفيرا" (ZeroAvia)- أصبحتا من الشركات البارزة في مسابقة "بلومبرغ إن إي إف بايونيرز" (BNEF Pioneers).

طورت شركة "تويلف" عملية لتحويل ثاني أوكسيد الكربون إلى وقود طائرات، وأصبحت شركة "زيروأفيرا" لاعبة رئيسية في السباق نحو إنتاج طائرة تعمل بالهيدروجين.

تعمل الشركتان الناشئتان على تحسين الأداء والكفاءة في تقنيات الطيران المستدامة، ولكنهما تواجهان عقبات كبيرة في تسويق منتجاتهما.

إن تكاليف هائلة ستنفق، ووقتاً طويلاً سيبذل في إحلال الأساطيل التقليدية من الطائرات بأخرى منخفضة الكربون وتغيير البنية الأساسية الحالية وإقرار معايير السلامة والأمان.

سيلعب المستثمرون دوراً، غير أن الأمر يحتاج إلى سياسة وقواعد تنظيمية قوية في النهاية من أجل بيان وإثبات أن هذه التقنيات آمنة.