وثيقة: إنشاء هيكل نقدي جديد في لبنان لاستعادة الثقة وتقليص التضخم ودعم سعر الصرف

احتجاجات في لبنان بسبب الأزمات الاقتصادية المتتالية
احتجاجات في لبنان بسبب الأزمات الاقتصادية المتتالية المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كشفت وثيقة خطة تعافي اقتصاد لبنان، المقرر عرضها على اجتماع مجلس الوزراء غداً الخميس، عن اتجاه لإنشاء هيكل نقدي جديد، لاستعادة الثقة، وكبح جماح التضخم، ودعم سعر الصرف، ووضع آلية شفافة تعتمد على السوق في تحديد أسعار الفائدة والصرف.

الوثيقة التي حصلت "الشرق" على نسخة منها، أقرّت بأن نظام الصرف الحالي لم يعد مستداماً، وأصبح معقداً و"مشوهاً" بسبب تعددية أسعار الصرف، كما صار عرضة لسوء الاستخدام نظراً لافتقاره إلى الشفافية والوضوح.

اتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي على السياسات الاقتصادية

تضخم ثلاثي الأرقام

خسرت الليرة اللبنانية 90% من قيمتها في السوق الموازية منذ عام 2019، الأمر الذي زاد من حدة التضخم ليصل معدله إلى 3 أرقام حالياً "فوق 100%".

تتجه الحكومة وفقاً للوثيقة إلى إنهاء ممارسة تمويل المصرف المركزي لعجز الموازنة، أو أي تمويل آخر للموازنة مثل مشتريات الأوراق المالية الحكومية في السوق الأولية واستخدام تسهيلات السحب على المكشوف ودعم مدفوعات الفائدة.

رياض سلامة ينفي إفلاس مصرف لبنان المركزي

ُتعدّ خطة التعافي، تمهيداً لمشروع الكابيتال كونترول (تقييد حركة الأموال) الذي يتم بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وناقشه البرلمان اللبناني على مدار الأسابيع الماضية، واعتمد بعضاً من بنوده، مع تحفظات على عدد من البنود التي تهدد أموال المودعين.

"النواب اللبناني" يناقش مشروع قانون لتقييد تحركات رؤوس الأموال

تقييم الخسائر

شرعت الحكومة اللبنانية في تقييم الخسائر وبنية الودائع لأكبر 14 بنكاً تمثل 83% من مجمل أصول القطاع المصرفي اللبناني، وذلك عن طريق لجنة الرقابة على المصارف بمساعدة شركات دولية مرموقة حسب المعايير المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، وسيتم الانتهاء من التقييم بنهاية شهر سبتمبر المقبل.

شهدت لبنان أزمة سياسية واقتصادية في أعقاب الاحتجاجات الشعبية التي وقعت في أكتوبر عام 2019، تسببت في انهيار الاقتصاد وتزايد معدلات الفقر، وعجزاً ضخماً في ميزان المدفوعات. اندلعت شرارة الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة بسبب السحوبات الكبيرة من الودائع، وأعقب ذلك تخلف الدولة عن سداد استحقاق سندات اليورو، وازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً خلال جائحة كورونا، وبعد الانفجار الضخم الذي ضرب مرفأ بيروت.

هيكلة سندات اليورو

تواصلت الحكومة اللبنانية مع الدائنين لبدء مناقشة إعادة هيكلة سندات اليورو بوند، وقد أقرت الحكومة إستراتيجية لإعادة هيكلة الدين العام، وتم تحديد موعد خلال شهر أبريل الجاري مع كبار حاملي السندات التجارية لبدء مناقشة ضوابط إعادة الهيكلة للاقتصاد اللبناني.

يُعدّ مشروع قانون "الكابيتال كونترول" من أبرز حزمة قوانين الإصلاح المالي التي يضعها صندوق النقد الدولي للتوصل إلى اتفاق نهائي لتمويل لبنان للخروج من أزمته المالية والاقتصادية.

وفقاً للخطة سيتم إعادة رسملة البنوك التجارية لتسوية الخسائر الناجمة عن إعادة هيكلة الديون السيادية، والتزامات مصرف لبنان، وتعثر محافظ القروض، وسيتطلب ذلك إسهامات كبيرة من المساهمين والدائنين وكبار المودعين.

تتضمن الخطة شطب نحو 60 مليار دولار من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية إزاء البنوك التجارية، وإعادة رسملة مصرف لبنان جزئياً بسندات سيادية قدرها 2.5 مليار دولار يمكن زيادتها إذا تحملت الدولة أعباء الدين.

المودعون في البنوك اللبنانية يخوضون معارك قضائية من أجل مدخراتهم

ترتكز إستراتيجية القطاع المصرفي على المبادئ التالية:

  • مراعاة تراتبية الحقوق عند استيعاب الخسائر وذلك بشطب رأس المال أولاً وسندات المديونيات الثانوية ثم ودائع الأطراف ذات الصلة.
  • حماية أموال المودعين في البنوك بحدود 100 ألف دولار، ولن تشمل الحماية أي زيادة طرأت على حساب المودع بعد 31 مارس الماضي.
  • الودائع التي تتخطى الحد الأدنى للحماية، فسيتم إما تحويلها إلى حصص ملكية، أو حذف جزء منها.
  • ضخ رأس مال جديد في البنوك القابلة للاستمرار.
  • إعادة الودائع المتبقية بالدولار أو الليرة أو كليهما بسعر يحدده السوق.
  • حل كافة البنوك غير القابلة للاستمرار .
  • الحد من أي مسار يتسبب في اللجوء إلى الموارد العامة بما يتماشى مع القدرة على تحمل الدين.

رسملة القطاع المصرفي

تشير التقديرات إلى أن احتياجات لبنان لإعادة رسملة القطاع المصرفي تبلغ نحو 72 مليار دولار (نحو 300% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021).

كان الرئيس الرئيس اللبناني ميشال عون قد وقّع مرسوماً بإحالة مشروع قانون الكابيتال كونترول بصيغته المعدلة إلى مجلس النواب اللبناني لمناقشته بشكل عاجل. يأتي ذلك بعدما أقر مجلس الوزراء اللبناني بكامل أعضائه مشروع القانون بهدف وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية في البلاد.

أبرز النقاط في الوثيقة:

  • أوصت الوثيقة بضرورة فرض تدابير مؤقتة لإدارة تدفقات رأس المال بداية من الشهر الجاري، مع الإبقاء على تطبيق حدود لعمليات السحب النقدي والتحويلات للخارج.
  • تتجه الحكومة اللبنانية لعقد مشاورات مع صندوق النقد الدولي للوقوف على مدى لزوم إجراء تعديلات بالسياسة النقدية، وذلك إذا تجاوز البيع التراكمي للعملات الأجنبية خلال 5 أيام 100 مليون دولار.
  • تستهدف الخطة تقليل الدين العام إلى ما دون 100% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2026، وإلى 76% بحلول العام 2032.
  • تخفض الخطة الاحتياجات التمويلية الإجمالية إلى متوسط 9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022-2032، عبر المصادر الدولية الرسمية، نظراً لعدم قدرة لبنان على الوصول إلى أسواق المال العالمية.
  • إلغاء الخسائر السلبية في رأس مال مصرف لبنان تدريجياً على مدار 5 سنوات.
  • التواصل مع شركة مستقلة لإجراء مراجعة تشغيلية وتدقيق مالي لمؤسسات (الكهرباء، مرفأ بيروت، المطار، كازينو لبنان، طيران الشرق الأوسط، مشغلي الاتصالات، وإدارة حصر التبغ والتباك) على أن يتم نشر المراجعة بحلول مارس 2023.
  • إعداد إستراتيجية ملكية للمؤسسات المملوكة للدولة واعتمادها من مجلس الوزراء، خاصة أن النظام الحالي قديم وغير مكتمل.
  • فرز جميع الشركات المملوكة للدولة سواء للاحتفاظ بها أو تخصيصها أو تصفيتها.
  • طرح مناقصة لإنشاء محطتين لتوليد الطاقة بمشاركة القطاع الخاص بهدف زيادة إمدادات الكهرباء للمنازل لتصل إلى 20 و24 ساعة بحلول 2025.
  • زيادة أسعار الكهرباء لتصبح 12 سنتاً أمريكيا/ كيلوواط- ساعة، وذلك خلال موعد لا يتجاوز شهرين بعد استيراد الغاز من مصر أو الكهرباء من الأردن، ترتفع التعريفة إلى 18 سنتاً لاحقاً.