فوز مفاجئ لـ"مارين لوبان" سيكون صدمة كبيرة للأسواق تشبه "بريكست"

مارين لوبان،  سياسية فرنسية وبرلمانية أوروبية عن فرنسا ورئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني
مارين لوبان، سياسية فرنسية وبرلمانية أوروبية عن فرنسا ورئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني تصوير إيمانويل دوناند / وكالة الصحافة الفرنسية / غيتي إيماجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تظهر جميع استطلاعات الرأي أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بولاية ثانية في انتخابات يوم الأحد. ولكن من "سيتي غروب" إلى "أموندي" لإدارة الأصول تتراكم التحذيرات من أن الأسواق تقلل من تقدير مخاطر حدوث مفاجأة.

فإذا هزمت القومية مارين لوبان الرئيس الحالي، فمن المرجح أن تنخفض الأسهم الأوروبية يوم الاثنين، في حين أن أداء السندات الفرنسية سيكون أدنى من أداء الأوراق المالية الألمانية، وقد يتداول اليورو على قدم المساواة مع الدولار في الأشهر المقبلة، وفقاً لمستثمرين واستراتيجيين أشاروا إلى أن العواقب الكاملة لن تكون واضحة إلا بعد الانتخابات التشريعية في يونيو، عندما يكون واضحاً ما إذا كان لدى لوبان أغلبية برلمانية تدعم مقترحاتها التي تسعى لمراجعة اتفاقيات التجارة الحرة وإعادة فرض الضوابط الحدودية.

اقرأ أيضا: كيف اجتاح اليمين المتطرف انتخابات رئاسة فرنسا؟

تقدم ماكرون

بحسب متوسط استطلاعات الرأي، يتقدم ماكرون على لوبان بنسبة 55.5% مقابل 44.5% قبل المناظرة الوحيدة المزمع عقدها مساء الأربعاء. لكن ذكريات عام 2016 لا تزال حية، عندما أصيب المستثمرون بالذهول من قوة المشاعر الشعبوية في تصويت المملكة المتحدة على مغادرة الاتحاد الأوروبي وانتخاب الولايات المتحدة لدونالد ترمب.

يقول إيريك هاسيد، المتداول في شركة "أوريل بي جي سي" التي تتخذ من باريس مقراً لها: "سيكون يوماً سيئاً على الأسواق... لا زلت أعتقد أن ماكرون سيفوز... لكن استطلاعات الرأي التي تأتي بعد المناظرة الرئاسية ستكون حاسمة... لن تكون هذه هي المرة الأولى التي تحمل مفاجأة... فلقد حصل معنا نفس الشيء مع (بريكست)".

يوصي مديرو البنوك والصناديق بمجموعة متنوعة من الاستراتيجيات للتحوط ضد فوز محتمل للوبان.

يوم الثلاثاء، أوصت "سيتي غروب"، التي تقدر حظوظ فوز ماكرون عند 65%، بأن يبيع المستثمرون سندات حكومية فرنسية لأجل ثماني سنوات ويشتروا السندات النمساوية المكافئة. بدورها، قالت شركة "أموندي" الأسبوع الماضي إنها "حذرة" حيال الأسهم الأوروبية واليورو، وتفضل أسهم الشركات الأمريكية عالية الجودة والأسهم الرخيصة بدلاً عنها.

ينصح ستيفان مونييه، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة إدارة الأصول "لومبارد أودييه"، المستثمرين القلقين بشأن فوز لوبان بالتخلي عن حيازاتهم من اليورو لصالح الدولار.

انخفض مؤشر "فوتسي 100" في المملكة المتحدة 5.6% على مدار يومين بعد استفتاء "بريكست"، بينما خسر مؤشر "ستوكس يوروب 600"11% .

صدمة أكبر

يمكن القول إن فوز لوبان سيكون بمثابة صدمة أكبر للمستثمرين، إذ إن استطلاعات الرأي تظهر تقدماً أكبر لصالح ماكرون مما كانت عليه في تصويت استفتاء بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي في عام 2016. ولدى استطلاعات الرأي الفرنسية سجل جيد، إذ إن استطلاعات الرأي التي سبقت انتخابات عام 2017 والجولة الأولى من الاقتراع لهذا العام كانت تتماشى إلى حد كبير مع النتائج.

يقول لودوفيك لابال، مدير "صندوق الجودة الإستراتيجي في أوروبا" التابعة لشركة "إريك ستوردزا إنفستمنتس"، إنه سيكون "يوم إثنين أسود" على سوق الأسهم إذا فازت لوبان، مع احتمال انخفاض مؤشر "ستوكس يوروب 600" 6% وهبوط مؤشر "كاك 40" الفرنسي أكثر من ذلك.

اقرأ أيضا: علاقات مارين لوبان بروسيا قد تلاحقها

استفتاء على مراجعة الدستور

على الرغم من أن لوبان لم تعد تدعو إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أنها دعت إلى إجراء استفتاء على مراجعة الدستور لجعل القانون الفرنسي أعلى من قواعد الاتحاد الأوروبي. وتريد أيضاً إعادة فرض الضوابط الحدودية الدائمة في "منطقة شنغن"، وهو ما يتعارض مع قانون الكتلة الأوروبية. وستسعى لوبان إلى تقليل المساهمات المالية في الاتحاد الأوروبي.

ووفقاً لـ"سيتي غروب"، ستعكس هذه الإجراءات مسعى ماكرون من أجل تكامل أوروبي أكبر، مما سيؤثر على السندات من دول الاتحاد الأوروبي الأضعف مثل إيطاليا.

يقول فريدريك دوكروزيت، الخبير الاستراتيجي في "بيكتيت لإدارة الثروات" إن النتيجة ستقوّض أيضاً قادة آخرين مؤيدين للاتحاد الأوروبي مثل رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي.

قال دوكروزيت (41 عاماً) الذي صوت عام 2002 عندما تغلب جاك شيراك على والد لوبان في الجولة الثانية: "ستكون صدمة نفسية كبيرة للناس من جيلي وكبار السن... على الأرجح أن ماكرون هو الزعيم الأكثر تأييداً لأوروبا والأكثر خبرة في أوروبا - فماذا سيعني ذلك بالنسبة لدراغي؟ وماذا سيعني ذلك لبقية أوروبا؟"

بحسب دوكروزيت، قد يؤدي فوز لوبان إلى توسيع الفارق بين عائدات السندات الإيطالية والألمانية لأجل 10 سنوات إلى ما يقرب من 250 نقطة أساس، من 164 نقطة أساس عند إقفال يوم الثلاثاء. وأضاف دوكروزيت أنه على المدى الطويل هناك أيضاً "مُغالاة بالارتياح" بشأن المستوى الذي سيتدخل فيه "البنك المركزي الأوروبي" لتهدئة الأسواق.

عائدات السندات الحكومية الفرنسية

في الوقت الحالي، مع ازدياد تقدم ماكرون في استطلاعات الرأي، تقلص الفارق بين عائدات السندات الحكومية الفرنسية لمدة 10 سنوات والأوراق المالية الألمانية المكافئة إلى 47 نقطة أساس من 55 نقطة أساس قبل الجولة الأولى في 10 أبريل. يقول فنسنت جوفينز استراتيجي السوق العالمية في "جيه بي مورغان آسيت مانجمنت" إن هذا الفارق قد يزداد إلى أكثر من 80 نقطة أساس في حالة فوز لوبان.

من جهته، يوصي فيراج باتيل، المتخصص في الإستراتيجية الكلية في "فاندا ريسيرش"، بشراء عقود مقايضة العجز الائتماني على سندات الحكومة الإيطالية كتحوط ضد مخاطر المزيد من التجزئة التي قد تشهدها منطقة اليورو بعد الانتخابات. كما يرى أن فوز لوبان المحتمل سيؤدي إلى "تشاؤم كامل" من طرف المراهنين على يورو أقوى.

وقال: "إن فوز لوبان سيمنحنا اليقين اللازم بأننا نحتاج إلى الدعوة لتساوي سعر اليورو والدولار... لكن هذا قد يكون نوعاً من التطور الذي يحتاج ثلاثة إلى ستة أشهر بدلاً من أن يحدث بشكل غير متوقع في يوم".

لي هاردمان، محلل الصرف الأجنبي في "بنك إم يو إف جي" يقول إنه بالنظر إلى أن لوبان ستحتاج إلى الفوز بأغلبية برلمانية في يونيو لتنفيذ سياساتها بشكل كامل، يجب أن يكون تجار العملات قادرين على التركيز على العوامل المحركة الأخرى لليورو مثل تشديد السياسة النقدية.

قال هاردمان: "من المحتمل أن تبالغ السوق في ردة فعلها في البداية على الفوز المفاجئ للوبان، لكن في الحقيقة قد لا يكون الواقع سيئاً كما كان يُخشى في البداية"، مضيفاً أن اليورو قد يضعف 3% إلى 5% في مرحلة البداية عند إعلان فوز لوبان، موضحاً "ستكون مقيدة إلى حد ما فيما يتعلق بالسياسات التي يمكنها اتباعها فعلياً".

بغض النظر عن نتائج تصويت يوم الأحد، قد يستمر تقلب السوق حتى الانتخابات التشريعية في يونيو.