الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يفقد التحكم في قصة التضخم

جيروم باول
جيروم باول المصدر: بلومبرغ
 Lisa Abramowicz
Lisa Abramowicz

Lisa Abramowicz is a co-host of "Bloomberg Surveillance" on Bloomberg TV.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتأهب مجلس الاحتياطي الفيدرالي لزيادة أسعار الفائدة بأسرع وتيرة منذ 40 سنة، بعد أن بات خطاب صناع السياسة المتشدد أكثر جرأة خلال الأسبوع الماضي. بيد أن المعضلة تكمن في أن مضاربي السندات يستمرون في زيادة توقعاتهم لمعدلات صعود التضخم في الأجل البعيد، ما يعد تطوراً مثيراً للقلق تماماً بالنسبة للبنك المركزي والاقتصاد والأسواق المالية.

يراهن المضاربون على أنه حتى في ظل تعزيز بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لهدفه لسعر فائدة التمويل بمقدار 2.5 نقطة مئوية خلال السنة الجارية ليصل إلى 3%، فلن يكون ذلك كافياً لإعادة معدل التضخم إلى 2% خلال العقد القادم من حوالي 8.5% في الوقت الحالي.

هل هناك من يدلني على وسيلة جيدة للتحوط من التضخم؟

خلال الأسبوع المنصرم، صعدت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين إلى أعلى مستوياتها منذ سنة 2018 حيث دعم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول فكرة إقرار زيادة بمقدار نصف نقطة مئوية عندما يجتمع صناع السياسة النقدية خلال أسبوعين، حيث إن مسؤولين عديدين يرون إقرار زيادة "واحدة أو أكثر" من هذا القبيل بحسب ما يقتضي الأمر.

رغم ذلك، حافظت توقعات معدلات التضخم للمدى الطويل على الارتفاع. صعد معدل التضخم الضمني في السوق على مدى الأعوام الخمسة إلى العشرة المقبلة إلى أعلى مستوى منذ سنة 2014، وبلغ نحو 2.6%، فيما زادت النسبة لتحقيق تعادل العائدات للسندات فئة 10 سنوات والسندات المحمية من التضخم لنفس الفترة إلى أعلى مستوياتها منذ 1998 على الأقل، حيث تجاوزت 3%.

الهبوط الآمن

عبر مرجحو المسار الصاعد للسندات طويلة الأجل في شركة "هواسنغتون انفستمنت مانجمنت" (Hoisington Investment Management Co) عن قلقهم في خطابهم خلال الربع الأول إلى المستثمرين، حيث قالوا إن الهبوط الاقتصادي سيعطي الأفضلية لشراء سندات الخزانة طويلة الأجل، ولكن "يتعين على المستثمرين أن يكونوا على حذر" من فشل بنك الاحتياطي الفيدرالي في الحد من معدلات التضخم بطريقة كافية.

كلما تباطأ الاحتياطي الفيدرالي في قراراته كان الهبوط الاقتصادي أشدّ قسوة

كل هذا يدل على واحد من أمرين: إما أن البنك المركزي الأكثر أهمية على مستوى العالم فقد السيطرة على معدلات التضخم، أو أنه لن يسعى حتى لإعادته إلى هدفه البالغ 2%. قال جلين هوبارد أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة كولومبيا يوم الجمعة في برنامج "بلومبرغ سيرفيلانس" : "إذا أراد بنك الاحتياطي الفيدرالي إعادة معدل التضخم إلى نسبة 2%، أعتقد أن هناك صعوبة لتصديق أن الهبوط الآمن مسألة ممكنة". يتفق المضاربون على ذلك، حيث تشير أسعار تعادل العائدات إلى أنهم يعتقدون أن صناع السياسة النقدية سيتفادون إفشال الاقتصاد وسيخطئون على صعيد فعل ما هو أقل من ذلك، وليس أكثر عندما يرتبط الأمر بتشديد السياسة النقدية.

مع الاستفادة من الإدراك المتأخر للأمر، يظهر أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد ارتكب خطأ بمواصلة شراء السندات لدعم الاقتصاد خلال فترة وباء كورونا، رغم إظهار سوق العمل مؤشرات على النشاط الزائد وصعود معدلات التضخم. تشير التجربة الأخيرة إلى أنه ليس من المفترض بالنسبة للمضاربين استبعاد أن يستمر حدوث أخطاء إضافية على صعيد السياسة النقدية.

دلائل التضخم

بالتأكيد توجد بعض الأدلة على أن معدلات تضخم المستهلكين إما وصلت لذروتها أو أنها ستبلغها في غضون الشهور القليلة القادمة. لكن العلامات على أن الشركات تنقل بسلاسة التكاليف المتنامية قد تحد من سرعة تباطؤ معدلات ارتفاع التضخم. صعدت أسعار أسهم شركة "كيمبرلي كلارك" (Kimberly-Clark Corp) بأعلى مستوى في غضون 22 سنة يوم الجمعة بعد الإعلان عن نتائج مبيعات الربع الأول من السنة الجارية والأرباح التي تجاوزت التقديرات، حيث نجحت الشركة المصنعة للحفاظات وورق التواليت في نقل تكاليف الإنتاج العالية إلى المستهلكين. كانت أسهم شركات السفر على غرار "يونايتد إيرلاينز" (United Airlines Holdings Inc) قوية حيث زادت الإجازات ورحلات العمل إلى مستويات مساوية أو أعلى مما كانت عليه بالمقارنة بما قبل تفشي الوباء في سنة 2019، ما سمح لها بزياده الأسعار.

الطريقة الأبسط لتحسين السياسة النقدية

يقدر جوناثان غولوب، الذي يعمل كبيراً لمحللي الأسهم الأمريكية في مجموعة "كريدي سويس"، أنه مع إعلان ما يصل إلى 25% من الشركات المدرجة في "مؤشر ستاندرد آند بورز 500" عن أرباح الربع الأول من السنة الحالية، فإن النتائج تفوق التقديرات بنسبة 8.2% في المتوسط و77% من تلك الشركات تجاوزت التوقعات.

رغم ذلك، بينما يتحدث بنك الاحتياطي الفيدرالي عن زيادة أسعار الفائدة بأكبر قدر لمرة واحدة منذ سنة 2000، فإنه لم يقم بأي إجراء جريء. بالإضافة إلى ذلك، سمح البنك لأصول ميزانيته العمومية بالزيادة بحوالي 200 مليار دولار خلال السنة الحالية لتصل إلى 8.96 تريليون دولار اعتباراً من الأسبوع الماضي، بحسب بيانات جمعتها بلومبرغ.

في حال أراد بنك الاحتياطي الفيدرالي استرداد السيطرة على سردية التضخم، يتعين عليه أن يقوم بتحرك جريء لمواكبة حديثه الصارم. وكلما أخفق في التحرك لمدة أطول، ارتفع الحد لما يعد جريئاً.