صندوق النقد: حرب أوكرانيا تُدخل المنطقة في دوامة التضخم والديون.. ومصر الأكثر تضرراً

المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

توقع صندوق النقد الدولي، اليوم أن تفقد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة الدول المستوردة للنفط، زخم التعافي خلال العام الجاري، مع استمرار المعاناة من ارتفاع معدلات التضخم، والديون مؤكداً أن مصر ودول منطقة القوقاز وآسيا الوسطى الأشد تضرراً على الإطلاق من الحرب في أوكرانيا.

يُجري فريق صندوق النقد الدولي مشاورات مع السلطات المصرية لوضع إطار أفضل لدعم مصر من خلال برنامج إصلاحي يتضمن تمويلاً.

"صندوق النقد الدولي" يخفض توقعاته للنمو العالمي ويرفع رؤيته للتضخم

ارتفاع معدلات التضخم

الصندوق رجح في تقريرٍ أصدره اليوم، حول، آفاق الاقتصاد الإقليمي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، استمرار ارتفاع معدلات التضخم في المنطقة عند 13.9% في العام الجاري، مقارنة مع 14.8% في العام الماضي.

تسببت حرب أوكرانيا في تداعيات حادة على دول منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، والتي تواجه صدمات استثنائية جراء ارتفاع أسعار السلع الأولية وزيادة تقلباتها وتنامي الضغوط التضخمية والآثار الممتدة لجائحة كورونا والحرب الأوكرانية.

إنفوغراف.. صندوق النقد يتوقع تواصل زيادات الأسعار في الدول العربية

قال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى للصندوق في مقابلة خاصة مع "الشرق"، إن الأزمة التي يشهدها العالم تسببت بعدد من المخاطر التي أثرت على دول المنطقة، وخاصة الدول المستوردة للنفط، أبرزها تقلبات الأسواق المالية وارتفاع الأسعار.

وفقاً لتقرير الصندوق الصادر اليوم، تحت عنوان" تباعد مسارات التعافي في فترة مضطربة، يشهد القطاع غير النفطي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تباطؤاً في العام الجاري إلى 3.7% بدلاً من 4.2% العام الماضي.

تباطؤ النمو

وفقاً لتوقعات الصندوق، سيشهد اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تباطؤاً في العام الجاري إلى 5% من 5.8% العام الماضي. كما يتراجع نمو الناتج المحلي الحقيقي المتوقع في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى من 5.6% في 2021 إلى 2.6% العام الجاري.

مديرة صندوق النقد الدولي لـ"الشرق": سنخفض توقعاتنا لنمو الاقتصاد العالمي

البيئة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تشهد حالة عدم يقين غير مسبوقة ولا سيما الدول المستوردة للسلع الأولية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، بحسب تقرير الصندوق، الذي أكد أن ارتفاع أسعار القمح يسهم في زيادة احتياجات التمويل الخارجي لدول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى 10 مليارات دولار في العام الجاري.

يشكل عجز الإمدادات القادمة من روسيا وأوكرانيا تهديداً للأمن الغذائي لدول المنطقة.

أثرت الحرب الروسية على أوكرانيا على 3 مستويات أساسية في مصر، تتضمن التأثير المباشر نظراً للعلاقات التجارية والسياحية مع بلدي الحرب، وكذلك باعتبار مصر إحدى الأسواق الناشئة والنشيطة بتقلبات أسعار الفائدة عالمياً، بالإضافة إلى الضغوطات على الاستثمارات ورؤوس الأموال التي تشهدها الأسواق الناشئة، بحسب أزعور.

محللون لـ"الشرق": مصر مرشحة للحصول على 5 إلى 7 مليارات دولار من صندوق النقد

توقع صندوق النقد، في تقريره الصادر اليوم، تباطؤ القطاع غير النفطي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.7% في 2022 من 4.2% العام الماضي.

رجل يحمل الخبز على رأسه بالقرب من لافتة تحمل صورة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. القاهرة. مصر.
رجل يحمل الخبز على رأسه بالقرب من لافتة تحمل صورة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. القاهرة. مصر. المصدر: رويترز

أبرز مخاوف صندوق النقد في العام 2022:

  • استطالة أمد الحرب في أوكرانيا وفرض المزيد من العقوبات على روسيا، مما يؤدي إلى استمرار نقص السلع وارتفاع أسعارها، بما يسهم في مزيد من الضغوط على الدول المستوردة للسلع الأولية، ويهدد أمنها الغذائي، بالإضافة إلى مخاطر القلاقل الاجتماعية.
  • تشديد الأوضاع المالية العالمية بدرجة أكبر من المتوقع، بما قد يؤدي إلى خروج التدفقات الرأسمالية نتيجة اتجاه المستثمرين للبحث عن استثمارات آمنة، مما يدفع الدول إلى الاعتماد بدرجة أكبر على التمويل المحلي، مما يزيد من وطأة الروابط بين البنوك والكيانات السيادية.
  • التضخم المزمن الذي يتسبب في انفلات ركيزة التوقعات التضخمية يمكن أن تنشأ عنه حلقة مفرغة من ارتفاعات التوقعات التضخمية والآثار غير المباشرة.
  • زيادة التباطؤ الذي تشهده الصين، وموجات جائحة كورونا الجديدة بمكن أن يهدد استقرار مسار الدين.

غورغييفا: "صندوق النقد" مستعدّ لمساعدة الدولة المتضررة من أزمة أوكرانيا

صندوق النقد الدولي: على حكومة الصين زيادة الإنفاق لدعم الاقتصاد

زيادة الاحتياجات التمويلية

من المتوقع زيادة إجمالي الاحتياجات التمويلية العامة في دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز وشمال أفريقيا من 537 مليار دولار في عام 2020-2021 إلى 584 مليار دولار في 2022-2023.

يتوقع زيادة مصروفات الفائدة في الموازنات السنوية لدول الأسواق الصاعدة ومتوسطة الدخل في العام 2024 بحوالي 4.5% من إيرادات المالية العامة نتيجة الآثار الناجمة عن عودة السياسات النقدية في الاقتصادات المتقدمة إلى أوضاعها العادية بأسرع من المتوقع.

تواجه الدول منخفضة الدخل آفاقاً صعبة للغاية بسبب تزايد أسعار الغذاء، وتدني معدلات التطعيم، والصراعات الداخلية في بعض الدول.

صندوق النقد الدولي: كورونا مازال الخطر الأكبر على الاقتصاد العالمي

السلع الزراعية

تشهد الدول المصدرة للنفط في المنطقةـ آفاقاً أكثر إشراقاً، حيث من المتوقع أن تسهم الإيرادات الاستثنائية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط وحملات التطعيم ضد جائحة كورونا، في تحسين وضع الأرصدة المالية والخارجية ودعم التعافي.

يتوقع ارتفاع الإيرادات النفطية وأرصدة الحساب الجاري في المتوسط بمقدار 5.3 نقطة و7.2 نقطة من إجمالي الناتج المحلي في 2022.

أزعور لـ"الشرق": احتياطيات دول الخليج سترتفع 350 مليار دولار بفضل النفط

أهم الأولويات التي حددها الصندوق لمواجهة الأزمة الراهنة:

  • السيطرة على التضخم من خلال تعديل السياسة النقدية دون السماح بانحراف مسار التعافي. فهناك حاجة للتشديد في حالة وجود مخاطر واضحة تنذر بانفلات ركيزة التوقعات التضخمية أو اتساع نطاق الضغوط السعرية. وينبغي على الدول تجنب التدخل في أسواق الصرف الأجنبي إلا لحمايتها من التقلبات.
  • التخفيف من تأثير ارتفاع أسعار السلع الأولية على الفئات المعرضة للمخاطر، فيجب تعويض الأسر، والشركات المعرضة للمخاطر، بشكل مباشر، بدلاً من اللجوء إلى الدعم والضوابط السعرية، وفي حال ضعف شبكات الأمان الاجتماعي فيمكن تصحيح الأسعار تدريجياً.
  • معايرة السياسة المالية العامة بما يضمن استدامة القدرة على تحمل الدين. الفرصة سانحة للدول المصدرة للنفط لبناء هوامش الأمان المالية. بينما يتعين على الدول الصاعدة ومتوسطة الدخل تنفيذ تصحيحات مالية داعمة للنمو، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق، والتركيز على الصحة والإنفاق الاجتماعي والاستثمار.
  • التنسيق بين السياسات المالية العامة والنقدية والقطاع المالي. فعند الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية لمكافحة التضخم مع محدودية الحيز المتاح من السياسات الكلية أو هشاشة التعافي مثل مصر وتونس، ينبغي تعزيز أطر السياسات متوسطة الأجل للحد من أي آثار معاكسة للنمو.
  • حشد التعاون الدولي لمنع أزمات الغذاء التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأوضاع القاسية بالفعل التي تواجه الدول منخفضة الدخل، وضمان الوصول إلى لقاحات كورونا بشكل عادل.

جهاد أزعور لـ"الشرق": مستجدات قد تقود لتعديل النظرة المستقبلية لاقتصادات الشرق الأوسط

عودة الاقتصادات المتقدمة

التقرير أفاد بأن عودة الاقتصادات المتقدمة للسياسات النقدية العادية بأسرع من المتوقع يضغط على اقتصادات الدول المرصودة في التقرير، والتي شهدت تعافياً أقوى من المتوقع قبل الحرب لكنه يتسم بالهشاشة.

كما أكد الصندوق في تقريره أن هناك حاجة عاجلة لإصلاحات هيكلية في الاقتصاد، لتخفيف أثر تشديد السياسات الاقتصادية الكلية على النمو، ومعالجة الندوب طويلة الأجل الناجمة عن الحرب والجائحة، وتحسين الصلابة مستقبلاً.

تتضمن أولويات الإصلاحات الهيكلية لاقتصادات الدول:

  • إعادة النظر في نطاق الإنفاق العام وطبيعته بالتزامن مع سحب تدابير الدعم من خلال إعادة توزيع المصروفات على شبكات أمان موسعة وموجهة بدقة نحو المستحقين.
  • زيادة القدرة على توليد الإيرادات لضمان استدامة المالية العامة والعدالة والمساعدة في تحقيق الأهداف الإنمائية.
  • إصلاح نظام الحوكمة واجراء إصلاحات هيكلية أخرى لتشجيع الأنشطة الخاصة وتعزيز الإنتاجية والحد من الأنشطة غير الرسمية.
  • ضرورة التكيف مع تغير المناخ كجزء من إستراتيجية شاملة.

صندوق النقد يتوقع تعافياً هشاً لاقتصادات المنطقة.. وأزعور يوضح السبب لـ"الشرق"

تنويع مصادر الدخل

يجب على دول الخليج الاستمرار بالمسارات التي تبعتها في السابق، مثل تنويع مصادر الدخل، وتخفيف الاعتماد على النفط والغاز، والاستثمار بالتحولات الكبرى مثل التكنولوجيا والاقتصاد الملائم للبيئة، وفتح مساحة أكبر للقطاع الخاص ليسهم في نمو اقتصادات الخليج، بحسب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي.

أزعور حذّر دول الخليج من تقلب أسعار النفط، موضحاً أننا شهدنا خلال العامين الماضيين أسعار نفط أقل من 20 دولاراً، وأخرى قفزت فوق 117 دولاراً، ويجب على هذه الدول استكمال برامج التنوع والتحول الاقتصادي.

شهدت معدلات التضخم في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى زيادة كبيرة في 2021 ولا تزال مرتفعة حتى الآن، وقد نشأ معظم هذه الارتفاعات نتيجة عوامل خارجية وخاصة ارتفاع أسعار الغذاء، ما عدا دول مجلس التعاون الخليجي، الذي سجل ارتفاعاً طفيفاً بدعم من قوة التعافي في القطاعات غير النفطية.

الصندوق رفع توقعات النمو الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 0.9% مقارنة بتوقعات أكتوبر، ليعكس تحسن آفاق البلدان المصدرة للنفط، مع توقعات بزيادة معدلات نمو اقتصاد مصر في النصف الأول من العام المالي الجاري.