مغامرة إيلون ماسك الجديدة في "تويتر".. ممتعة لِمَن سيتابعها

لوحة جدارية لمؤسس شركة "سبيس إكس"، إيلون ماسك، في متنزه مخصص للشاحنات التي تبيع المأكولات في مدينة في براونزفيل، تكساس، قرب الموقع الذي تستخدمه الشركة لإطلاق صواريخها إلى الفضاء. يشكك كثيرون في نوايا ماسك ورؤيته بشأن حرية التعبير، والتي يقول إنها الدافع وراء شرائه موقع "تويتر"
لوحة جدارية لمؤسس شركة "سبيس إكس"، إيلون ماسك، في متنزه مخصص للشاحنات التي تبيع المأكولات في مدينة في براونزفيل، تكساس، قرب الموقع الذي تستخدمه الشركة لإطلاق صواريخها إلى الفضاء. يشكك كثيرون في نوايا ماسك ورؤيته بشأن حرية التعبير، والتي يقول إنها الدافع وراء شرائه موقع "تويتر" المصدر: بلومبرغ
Clive Crook
Clive Crook

Clive Crook is a Bloomberg Opinion columnist and writes editorials on economics, finance and politics. He was chief Washington commentator for the Financial Times, a correspondent and editor for the Economist and a senior editor at the Atlantic.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يمكن أن تعتبروني واحداً من بين أولئك الذين يحتفلون باستحواذ إيلون ماسك على "تويتر". ليس لأنَّه سيكون قادراً على إصلاح منصة التواصل الاجتماعي هذه- فالطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي إغلاقها، مما سيجعل من الصعب عليه تبرير إنفاق مبلغ 44 مليار دولار، حتى بالنسبة إلى رجل بثروة ماسك - ولكن لأنَّه سيكون من الرائع متابعته وهو يحاول ذلك. وفي الوقت ذاته؛ فإنَّ السكتة الدماغية التي تسبّبها هذه الأخبار في الدوائر التقدمية، مسلية للغاية.

اقرأ أيضاً: إيلون ماسك يستحوذ على "تويتر".. ما التالي؟

في الواقع، نوايا ماسك ليست واضحة. هل يأمل في تحقيق الربح؟ أم يتوقَّع أن يخسر أموالاً في خدمة المصلحة العامة بينما يُسلّي نفسه؟ قد لا يعرف هو نفسه دوافعه، أو ربما لايهتم بمعرفتها. مهما كانت الإجابات؛ من الصعب ألا تُعجبوا بما حققه بالفعل من إنجازات، وبشهيته المذهلة لخوض تحديات جديدة. أما أنا شخصياً، على سبيل المثال، فما أتطلع إليه، هو ما سيحدث بعد ذلك.

اقرأ المزيد: خطة إيلون ماسك الرئيسية لـ"تسلا" لن تناسب "تويتر"

تُثير تعليقات ماسك حتى الآن أسئلة عديدة. فهو يقول، إنَّ "تويتر"، "يمثّل بشكل ما، ساحة بلدة فعلية"، إذ يجب أن يكون الناس قادرين على التحدث بحرية "ضمن حدود القانون". والمعنى الضمني؛ هو أنَّه سيعكس بعض قرارات المنصة لقمع التعليقات التي تعتبرها ضارة و/أو السماح لبعض المتحدثين المثيرين للجدل، ولا سيما الرئيس السابق دونالد ترمب، بالعودة إلى المنصة. وهذا هو الاحتمال الذي يدفع الكثيرين ممن يسمون أنفسهم ليبراليين، إلى تمزيق ملابسهم غضباً.

حرية التعبير

كما هو الحال؛ فإنَّ مبدأ "ساحة البلدة" لامعنى له. ففي الأمكنة العامة، تكون حماية حرية التعبير بعيدة المدى. فالسماح بالكلام المخادع أو المثير للاشمئزاز، لن يُنفّر أنصار الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) فحسب؛ بل جميع الأشخاص المحترمين، بغضّ النظر عن ارتباطاتهم الأيديولوجية. كذلك؛ فإنَّ وسائل الحماية هذه، تحظُر القيود المسبقة. وبهذا المعنى، لا يُعد موقع "تويتر" مساحة عامة، ولذلك يحتفظ الموقع بالحق في التحكم بمحتواه، وفي استبعاد المستخدمين. إلا أنَّ النقطة المهمة، هي أنَّ الغالبية العظمى من مستخدميه يريدون منه التحكم في المحتوى، بما يتجاوز ما هو مطلوب بموجب "حدود القانون". فهل يريد ماسك حقاً تجاهل الغالبية العظمى من عملائه الجدد؟

الأمر الأكثر منطقية - والأكثر قيمة - هو الالتزام بتنوّع أوسع في الآراء، الذي يقول ماسك إنَّه يريده، جنباً إلى جنب مع الأدوات لمنح المستخدمين المزيد من التحكم. في هذا السياق، يُقدّم فيفيك راماسوامي وجيد روبنفيلد بعض الاقتراحات الجيدة. فهما يقولان على سبيل المثال إنَّه بإمكان "تويتر" الاحتفاظ ببروتوكولات الكلام المُسيء الحالية الخاصة به، مع السماح للمستخدمين بإلغاء الاشتراك فيها. فإذا كنتم تريدون معرفة ما يعتبره "تويتر" بغيضاً، أو جنسياً صريحاً، أو أياً كان، ما عليكم سوى إيقاف تشغيل عوامل التصفية المعنية، إذ يمكن للخوارزميات التي تستخدم أزرار "حظر هذا النوع من المحتوى"، تحسين العملية، وأتمتتها، مع السماح للمستخدمين بالاختيار.

استقطاب سياسي

في الواقع، سيكون الإشراف على المحتوى عبر تمكين المستخدم، أفضل من المراقبة المتحيزة للأخبار والآراء التي ينخرط فيها "تويتر" أحياناً. ولسوء الحظ؛ لن يحل المشكلة الأساسية، ولن يقتصر الأمر على "تويتر" بأي حال من الأحوال؛ ففي الولايات المتحدة على الأقل، لم يعد هناك ما يُسمى بالسلطة الموثوقة بها.

كما سيكون التوسط لتصفية الأكاذيب، خدمة حقيقية في حال كان الوسطاء موثوقين، وليست لديهم مصالح خاصة، ويُنظر إليهم على أنَّهم كذلك. لكن في الولايات المتحدة، ذهب الاستقطاب السياسي إلى حد أن يكون هذا الأمر مستحيلاً. نعم، غالباً ما ينشأ انعدام الثقة من جنون الشك لدى اليمين السياسي وغريزة تجاهل التعصّب؛ إلا أنَّ هذه الغريزة لا تقتصر فقط على المحافظين وغيرهم من البائسين.

أخذ الكثيرون - دعونا نسميهم الوسطاء الموروثين - على عاتقهم الدفاع عن الحقيقة في مواجهة الحقيقة نفسها. ويقع اللوم على الخبراء الأكاديميين، والمراسلين، ومدققي الحقائق وما شابه ذلك، بسبب الانغماس - عن علم أو غير علم - في تحيزاتهم السياسية. وهم يتحكمون في الآراء وليس الحقائق، ويُقوضون سلطتهم نفسها.

العيب في نموذج الأعمال

سيكون موقع "تويتر" المستحيل - الذي كان مفتوحاً لكل الآراء، ومجهزاً بمدققي الحقائق الموثوقين، ومن غير ذوي المصلحة الخاصة - أفضل من المنصة التي اشتراها ماسك للتو. لكن حتى هذا لن يجعله مكرساً للمنفعة العامة. فعيبه الأكبر، والذي لا يمكن إصلاحه، متضمّن في نموذج أعماله الخاص. فهو منصة مُحسَّنة للاحتجاج لا للمحادثة، ورد الفعل لا المداولات، والازدراء لا الكياسة. وهو يأخذ أسوأ ما في السياسة الأمريكية الحديثة، ويضخّمه.

بما أنني مستخدم استعاد حسابه، فقد وجدتُ بشكل عام أنَّ "تويتر" قلّل من احترامي للأشخاص الذين كنت أحترمهم سابقاً، مما جعله يؤدي إلى نتائج عكسية من الناحية المهنية. وفي أحلامي، لا وجود لـ"تويتر".

أتعس شيء بالنسبة إلى الليبراليين - الحقيقيين - مثلي هو أن أشهد نجاحه. فبعد كل شيء؛ نجح "تويتر" من خلال منح المستخدمين ما يريدونه، ومن ناحية أخرى؛ فهذا يعني أنَّني لست قلقاً بشأن الضرر الذي قد يلحقه ماسك، بل على العكس من ذلك: قم بتعطيله بقدر ما تستطيع يا إيلون، فليس لدينا ما نخسره سوى تغريداتنا.