أمريكا بحاجة إلى إيلون ماسك كي يبيع المركبات الكهربائية

يميل التقدميون لمكافأة من اتخذ خيارات بيئية مسؤولة وليس لإنقاذ من يستهلك مزيداً من الوقود

إيلون ماسك
إيلون ماسك المصدر: بلومبرغ
Matthew Yglesias
Matthew Yglesias

Matthew Yglesias writes the Slow Boring blog and newsletter. A co-founder of Vox and a former columnist for Slate, he is also host of "The Weeds" podcast and is the author, most recently, of "One Billion Americans."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بلا شك ستكون سيارة أسرتي التالية كهربائية؛ لكنْ ثمة إشكال في هذا الأمر، ليس على أسرتي فقط؛ بل على الولايات المتحدة برمّتها.

نحن ليبراليون ذوو تعليم عالٍ ممن يعيشون في المدن الكبيرة. لدينا ألواح شمسية وبتنا نتناول البرغر النباتي كل أسبوع. سيارتنا الحالية هي "تويوتا بريوس" الهجينة وبالكاد نقودها، فنحن نوصل ابننا إلى المدرسة سيراً على الأقدام كما نسير إلى مكاتبنا وإلى المتاجر. حين ذهبنا لحضور مباراة كرة القاعدة نهاية الأسبوع الماضي استقلّينا القطار.

أي لا شكّ بأنَّ بصمتنا الكربونية تقل عن مثيلاتها في الأسر الأمريكية المكوّنة من ثلاثة أفراد في المتوسط.

لغز السيارات الكهربائية الكبير: كم يجب أن يستغرق شحنها؟

هذا الأمر ليس مثالياً من منطق السياسات؛ فالأشخاص الذين يُرجح أن يشتروا سيارة كهربائية هم أشد وعياً حيال البيئة من الأسرة العادية المتوسطة. لكنَّ الأشخاص الذين تشتد حاجة أمريكا لشرائهم سيارة كهربائية هم من يقودون سياراتهم العاملة بالبنزين بمعدل أكثر من المتوسط.

يعتقد محللو "كولتورا" (Coltura)، وهي منظمة غير ربحية تسعى لتسريع التحول عن استخدام البنزين، أنَّ 10% من السائقين يستهلكون 32% من البنزين، وهو أكثر من استهلاك 60% من السائقين الأقل استخداماً لسياراتهم مجتمعين، في حين يستخدم 20% الأفضل نصف البنزين تقريباً.

مميزون بالاستهلاك

تسمي "كولتورا" نسبة 10% الأعلى استهلاكاً بـ"المستخدمين المميّزين". إنَّهم أشخاص مثل والد زوجتي الذي يقود سيارة "فورد إف-150" لتنقلاته اليومية التي تصل مسافتها إلى 64 كيلومتراً بالميل عبر ريف تكساس. بما أنَّ استهلاك البنزين يتفاوت بشدة بين مالكي السيارات؛ فليس المهم توفر السيارات الكهربائية فحسب. كتبت كريستين إبرهارد، مديرة سياسة المناخ في مركز "نيسكانن" (Niskanen Center) حيث أعمل كأحد كبار الباحثين: "من الضروري أيضاً أن نسأل من سيبدأ".

تشير الاستطلاعات حتى الآن إلى أنَّ الديمقراطيين أكثر ميلاً من الجمهوريين للتعبير عن اهتمامهم بشراء سيارة كهربائية، وأنَّ الحصة السوقية للسيارات الكهربائية أعلى في الولايات الزرقاء. تكمن المشكلة في أنَّ الانحياز السياسي يرتبط بالجغرافيا، إذ يعيش الديمقراطيون على الأرجح في مناطق مزدحمة حيث مسافات القيادة فيها أقصر، واستهلاك الوقود فيها أدنى.

هوندا تضخ 40 مليار دولار للتحول إلى السيارات الكهربائية

تعد حصة سوق السيارات الكهربائية في ولاية واشنطن، وهي أكثر ازدحاماً وأكثر ميلاً لاستخدام وسائل النقل العام من أي ولاية أخرى، أكبر من أيٍّ من الولايات الأخرى. تزيح كل تلك السيارات الكهربائية في المناطق الحضرية استهلاك بنزين أقل بكثير مما يكافئها من السيارات الكهربائية في المناطق الريفية أو الضواحي.

إنَّ جزءاً من هذا الأمر هو عملية تسويقية محضة، وهنا يأتي دور إيلون ماسك. سواء أكان الأمر متعمداً أم لا؛ فإنَّ ميول ماسك المحافظة التي ظهرت أخيراً، مثل تعاطفه مع مخاوف الجمهوريين بشأن سياسات تعديل المحتوى المتحيزة على موقع "تويتر"، قد تكون نعمة على البيئة. من شأن بيع مركبات "تسلا"، خاصة "سايبر ترك" المنتظرة، للفئة الأكثر استهلاكاً للبنزين من المحافظين أن يحد من الانبعاثات الكربونية بشكل أكبر، ومن ثم يدفع مزيداً من الليبراليين الحضريين مثلي لاستبدال سياراتهم الهجينة.

تغيير الحوافز

من ناحية السياسة، تجادل إيبرهارد بأنَّ النهج الحالي لدعم الاحتياطي الفيدرالي للمركبات الكهربائية بحاجة إلى تغيير.

يحث الإعفاء الضريبي الثابت لمن يشترون سيارات كهربائية؛ وهو 7500 دولار على الشراء حالياً، لكنَّه لايحمل أي أثر على منحنى الطلب، كما أنَّه مجحف تجاه محدودي الدخل لأنَّ مشتري السيارات الكهربائية أغنى من الأمريكيين العاديين.

تقترح "كولتورا" شيئاً يسمى "حافز التخلص من البنزين" بقيمة 2.5 دولار للتر الواحد، لذلك قد يكون سائق فورد "إف-150" الذي يقطع مسافة 64 ألف كيلومتر سنوياً باستهلاك ليتر لكل 8.4 كيلومتر مؤهلاً للحصول على دعم كبير قدره 20 ألف دولار إنْ اشترى سيارة كهربائية، في حين من يقود "تويوتا بريوس" في أيام الأحد فقط، مثل حالتي؛ فسيكون مؤهلاً للحصول على تعويض زهيد.

"جنرال موتورز" و"هوندا" تتعاونان لإنتاج ملايين السيارات الكهربائية حول العالم

نظراً لأنَّ دخل أعلى الناس استهلاكاً للبنزين يوازي دخل عامة السكان؛ فستكون هذه الإعانات أقل إجحافاً بكثير من الإعفاءات الضريبية الحالية للسيارات الكهربائية. كما ستكون، بحكم تعريفها تقريباً، مجدية من حيث التكلفة فيما يتعلّق باستهلاك البنزين الذي يتم تجنّبه مقابل كل دولار ينفقونه.

مع ذلك؛ قد يكون تقبّل هذه الفكرة صعباً من الناحية السياسية، إذ سيرغب التقدميون بمكافأة أشخاص مثلي ممن اتخذوا خيارات بيئية مسؤولة، وليس عبر تقديم خطة إنقاذ لمالكي سيارات الدفع الرباعي من سكان الضواحي. كما أنَّ المحافظين الذين سيستفيدون من هذا البرنامج المعاد تشكيله لا يُظهرون اهتماماً مماثلاً لاهتمام الليبراليين بتغير المناخ، أو تلوث الهواء، أو الفوائد المحتملة الأخرى لبرنامج دعم السيارات الكهربائية.

بطل وشرير

تتغيّر الأمور من ناحية أخرى، فلم أكن أتوقَّع قبل عشرة أعوام أن يكون أنجح رائد أعمال في مجال السيارات الكهربائية في أمريكا بطلاً محافظاً وتقدمياً شريراً. إن أُعدّت خطة لدعم السيارات الكهربائية للمستخدمين من ذوي الاستهلاك المرتفع؛ فيمكنها أن تخلق دائرة سياسية حميدة عبر توسيع قاعدة التحول نحو الكهربة.

سيلاحظ القراء اليقظون أنَّ المنطق الذي يستند عليه الأمر في هذه الحالة هو ذاته منطق الأفكار التكنوقراطية القديمة مثل زيادة ضريبة البنزين أو تسعير الكربون على مستوى الاقتصاد كله. سواء كان ذلك الأمر بمثابة إعانة أو رسوم؛ فإنَّ الهدف هو محاولة تغيير السلوك بما يتناسب مع الاستخدام الفعلي للوقود الأحفوري.

البنزين الرخيص قد يكون جزءاً من سياسة مناخ جيدة

كانت الحكمة التقليدية تدور مراراً حول مدى سُمية هذه الأفكار سياسياً بحيث لا يمكن للكونغرس التطرق لها، وهذا يكاد يكون صحيحاً، لكنَّ المزايا الفنية تستحق أن تؤخذ بالاعتبار، لأنَّه مع استمرار التضخم؛ سيناقش الكونغرس على الأرجح قيمة التقشف عاجلاً أم آجلاً.

حينئذ تصبح جميع الخيارات السياسية غير مستساغة، لكن ذلك سيعني أنَّ غير المستساغ يصبح ممكناً. في عالم يخلو من ميزانيات الرخاء من المهم التفكير جيداً في أمور مثل كيفية تصميم دعم للمركبات الكهربائية بأكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة. ستكون أي محاولة لفرض ضريبة كربون أو زيادة ضرائب البنزين انتحاراً سياسياً في الوقت الراهن، لكن لا ضمانة بأنَّ ذلك سيدوم، ومن ثم قد يكون لاحتمال استهداف الشريحة الأكثر استهلاكاً منطق سياسي واقتصادي مقنع.