الين الياباني ينخفض وهذه ليست مشكلة

أحد العملاء ينظر إلى مقرمشات الأرز في متجر شركة تاكيا بمنطقة أوينو في طوكيو ، اليابان
أحد العملاء ينظر إلى مقرمشات الأرز في متجر شركة تاكيا بمنطقة أوينو في طوكيو ، اليابان المصدر: بلومبرغ
Gearoid Reidy
Gearoid Reidy

Gearoid Reidy is a Bloomberg News senior editor covering Japan. He previously led the breaking news team in North Asia and was the Tokyo deputy bureau chief.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يؤرخ قسم "رأي بلومبرغ" رحلة التضخم - من كونه منخفضاً للغاية بالنسبة لطمأنينة العديد من صانعي السياسة قبل كوفيد إلى كونه عدو المجتمع الجديد رقم (1).

في الولايات المتحدة، تسارع التضخم إلى 8.5% في مارس. وهو يرتفع في اليابان أيضاً، على الرغم من أنه لم يصل تماماً إلى تلك المستويات العالية. تكافح البلاد ضد ضعف الين، الذي هو نتيجة ثانوية لارتفاع التضخم، وشيء يؤدي إلى تفاقم الوضع.

انضم إلى كاتب العمود "دانيال موس"، كل من كبير المحررين في "بلومبرغ نيوز" غيرويد ريدي، والمراسل الاقتصادي يوكو تاكيو، وكلاهما يتخذ من طوكيو مقراً له، بهدف مناقشة العوامل التي ساهمت في التضخم في اليابان. فيما يلي نسخة منقحة من محادثتهم.

دانيال موس: كتبت مؤخراً أن الدجاج المقلي من متاجر البقالة يروي قصة بليغة عن التضخم في اليابان. لماذا هذا المثال مهم جداً؟

غيرويد ريدي: كان رفع سلسلة متاجر البقالة "لوسون" لسعر الدجاج المقلي 10% أمراً مهماً لأنه كان أول ارتفاع في تاريخ المنتج الممتد 36 عاماً. إن ذلك يوضح مدى غرابة بعض ارتفاعات الأسعار التي نشهدها الآن في اليابان. أنا مقيم هنا منذ ما يقرب من 20 عاماً حتى الآن، وأرى ما يميل الاقتصاديون إلى الإشارة إليه على أنه "عقلية انكماشية": فكرة أن الأسعار لن ترتفع مغروسة بشدة في عقول المستهلكين. لهذا السبب، تميل الشركات إلى تفضيل عدم رفع الأسعار ما لم تضطر إلى ذلك تماماً لأن المستهلكين ينفرون بسهولة.

اعتادت الشركات الضغط على هوامش ربحها أولاً لخفض التكاليف قبل رفع الأسعار. إنك ترى الكثير من الشركات تأخذ القرار الصعب وتقرر أنها لا تستطيع خفض التكاليف أكثر من ذلك وعليها رفع الأسعار على جميع الأشياء: الآيس كريم والبيرة وجميع أنواع المواد الغذائية الأساسية.

لماذا تريد اليابان جعلك تدفع أكثر لشراء الدجاج المقلي؟

محافظ بنك اليابان: يجب مواصلة سياسة التيسير حتى مع هبوط الين-02
محافظ بنك اليابان: يجب مواصلة سياسة التيسير حتى مع هبوط الين-02 المصدر: بلومبرغ

موس: هل التضخم يسبب صدمة نفسية لليابانيين؟

يوكو تاكيو: لقد عانينا من الانكماش لفترة طويلة، ولم تتغير الأسعار بشكل أساسي منذ ثلاثة عقود. حتى هذا الارتفاع الطفيف، وخاصة ارتفاع تكاليف الوقود، له تأثير على عقليات الناس - وخاصة الأشخاص الذين يتنقلون ليذهبوا إلى العمل.

موس: لقد أرادت اليابان التضخم منذ فترة طويلة. لماذا لا تقبل هذه الهدية؟

ريدي: هناك شيئان يجب مراعاتهما هنا. رقم واحد: من وجهة نظر بعض صانعي السياسة وربما "بنك اليابان"، فإنهم راضون عن وجود قدر ضئيل من التضخم. وهذا أحد أسباب إحجام "بنك اليابان" عن تغيير السياسة في الوقت الحالي. الشيء الثاني الذي يجب أن تذكره هو أن هناك انتخابات مقبلة في الصيف - انتخابات مجلس الشيوخ التي يتعين على رئيس الوزراء فوميو كيشيدا خوضها. إن آخر شيء يريده كيشيدا هو استياء الناخبين.

موس: ما مقدار حضور التضخم وتكلفة المعيشة في أذهان الناخبين اليابانيين وهم يستعدون للإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات القادمة؟

تاكيو: من المحتمل أن تكون هذه نقطة مهمة خلال الفترة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات الصيفية، وسلسلة الإجراءات التي أعلن عنها كيشيدا تدرك هذه الحقيقة تماماً. إذ تم توجيه أكثر من 6 تريليونات ين (45.9 مليار دولار) بشكل مباشر إلى الناخبين الذين يفكرون في ارتفاع تكاليف الوقود وأسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى.

تدخل اليابان لدعم الين قبل رفع الفيدرالي لسعر الفائدة مستبعد

موس: لماذا لا يتم رفع أسعار الفائدة؟ فأسعار الفائدة ترتفع إلى حد كبير في كل مكان حول العالم.

تاكيو: الموقف المربك الذي يواجهه "بنك اليابان" هو أن التضخم في اليابان ليس بالسوء الذي هو عليه في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر. إذ لم يصل معدل التضخم إلى 2% الذي كان يستهدفه "بنك اليابان" لفترة طويلة. إذا قرر "بنك اليابان" رفع أسعار الفائدة قبل الوصول إلى هدف 2% بشكل ثابت، فسيتعارض ذلك مع سياسته الخاصة.

موس: إحدى الصيغ التي قد تحتوي على المُغالاة التي استخدمتها "بلومبرغ نيوز" في تقاريرها هي أن الين في أكبر انخفاض مستمر منذ 50 عاماً. هل الأمر حقاً بهذا السوء؟

تاكيو: إن الأمر دراماتيكي إلى حد ما. فعلى مدار الأسابيع الستة الماضية، انتقل الين مما يقرب من 115 يناً مقابل الدولار إلى أكثر من 130. كان المسؤولون مدركين جداً لسرعة ضعف الين. ويرتبط هذا أيضاً بآلام التضخم، لأنه إذا كان الين أضعف، فسيكون استيراد الأشياء أكثر تكلفة. سيكلف استيراد الوقود أكثر، واستيراد مختلف السلع الأخرى سيكلف أكثر. يساهم الضعف المفاجئ للين في آلام التضخم في اليابان.

بنك اليابان مرتاح لضعف الين كوسيلة لتحقيق هدف التضخم

علم اليابان يرفرف خارج مقر بنك اليابان في طوكيو، اليابان.
علم اليابان يرفرف خارج مقر بنك اليابان في طوكيو، اليابان. المصدر: بلومبرغ

موس: من المسؤول عن التضخم في اليابان؟

ريدي: هناك مجموعة من العوامل. يؤثر كوفيد- 19 على التضخم، لكن ليس بالطريقة التي قد يؤثر بها على التضخم في أماكن أخرى. كانت تجربة اليابان أثناء الوباء مختلفة تماماً عن تجربة العديد من البلدان الأخرى في الغرب. لم نشهد هنا ارتفاع مدخلات العمالة التي تساهم في التضخم كثيراً. يعود ذلك إلى حد كبير إلى تكاليف الاستيراد. وتعد تكاليف الطاقة عاملاً ضخماً.

موس: ماذا يحدث للأجور؟

تاكيو: لا نرى حتى الآن ارتفاعاً كبيراً في الأجور في اليابان. مفاوضات الأجور بين الاتحادات والشركات التي تحدث كل ربيع - لقد رأينا المزيد هذا العام من حيث قبول طلبات النقابات لزيادة الأجور من قبل الشركات الأكبر. لكن ذلك ليس منتشراً بما يكفي لمجاراة ضعف الين وحجم التضخم المتزايد الذي بدأنا نراه في اليابان. الأمر المفصلي يتمثل فيما إذا كانت الحكومة قادرة على وضع سياسات لدفع ارتفاع الأجور جنباً إلى جنب مع التضخم.

موس: هل ينبغي أن يؤخذ محافظ "بنك اليابان" هاروهيكو كورودا دون تشكيك عند إصراره على أنه لن يكون هناك تغيير في السياسة النقدية للبلاد؟

تاكيو: لقد فاجأ المحافظ كورودا بالتأكيد الأسواق والصحفيين عدة مرات خلال فترة عمله في "بنك اليابان"، التي بدأها في عام 2013. لن يكون الأمر بعيداً تماماً عن عاداته إذا قام بتغيير المسار على حين غرة ويفاجئنا قبل تقاعده في أبريل 2023. إنه مجال نراقبه عن كثب لنرى ما إذا كان المحافظ كورودا يعني بالفعل ما يقوله أو إذا كان سيتم دفعه لإعادة النظر في التضخم والإقرار بأنه ليس مؤقتاً – وأنه قد يستمر لفترة أطول من تلك التي يقدرها "بنك اليابان" في الوقت الراهن.