أثاث من هواتف قديمة لمعالجة النفايات الإلكترونية

يمكن صنع طاولات من البلاستيك المطحون ومقاعد من أجزاء الغسالات وأواني للزهور من الكابلات

هواتف محطمة
هواتف محطمة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان المكتب الذي يتقاسمه إغناسيو غارسيا مع زملائه معرضاً مصغراً لإبداعات شركته، حيث يضم لوحة وطاولة وحتى أحواض نباتات. كل تلك الأشياء المعروضة في المساحة المكتبية المفتوحة متميزة وظيفياً لكن مصدرها جميعاً النفايات.

تستعيد الشركة الإسبانية المكونات والمواد الخام من الأجهزة الإلكترونية المهملة لإعادة بيعها، إذ تكسر القطع البلاستيكية والمعدنية غير القابلة للبيع لإعادة صنعها وتحويلها إلى منتجات جديدة. أطلق غارسيا على شركته اسم "لا أورميغا فردي" (La Hormiga Verde) وتعني النملة الخضراء لولعه بجمع الأشياء وتخزينها كما النمل.

قال غارسيا، وهو مهندس صناعي بلغ عمره 50 عاماً وقضى 15 في صناعة نواتج المواد الحيوية: "فقدت وظيفتي في 2018 واضطررت لإعادة إثبات نفسي. خطرت لي فكرة تأسيس شركة بعدما نظرت إلى هاتفي المحمول وأدركت أنه مليء بمواد قابلة لإعادة التدوير".

شركة بريطانية ناشئة تقدّم حلاً مُبتكراً لمشكلة النفايات البلاستيكية

تقع "لا أورميغا فردي" في مدينة فيلافرانكا دي لوس باروس في جنوب غرب إسبانيا، وتعيد تدوير 99.5% من 1200 طن متري تقريباً من الأجهزة المهملة التي تجمعها كل عام. لا شك أن وجود مثل هذه الشركة يوضح وجود مشكلة تراكم أجهزة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة القديمة في كل مكان.

يتوقع أن تزداد النفايات الإلكترونية، التي تشكل خطراً صحياً وبيئياً، على مستوى العالم من 53.6 مليون طن متري في 2019 إلى 75 مليون طن متري بحلول 2030، حسب الشراكة العالمية لإحصاءات النفايات الإلكترونية، وهي ائتلاف تابع للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومؤسسات أخرى.

خطط توسع

رغم أن مبيعات المكونات والمواد الخام تشكل مصدراً رئيسياً للدخل في "لا أورميغا فردي"، إلا أنها تتلقى أيضاً إعانات عامة باعتبارها مركز توظيف خاص مسجل، إذ تضم 34 عاملاً من بينهم 32 عاملاً من ذوي الإعاقة. قال غارسيا: "لقد صممت الشركة لتصبح أداة لمساعدة الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم، مثلي تماماً".

بلغت إيرادات الشركة، بما في ذلك الإعانات التي جمعتها، حوالي 800 ألف يورو (845 ألف دولار) في 2021، ويتوقع غارسيا ارتفاع هذا 35% في 2022 متخطياً مليون يورو. كما يعمل غارسيا على توسيع عمليات الشركة داخل إسبانيا ويخطط دخول البرتغال العام المقبل.

الإمارات تُخطط لحرق جبال من القمامة بعد توقّف الصين عن استيرادها

يعمل العمال على خط تفكيك الأجهزة في مبنى الشركة الصناعي الواقع على مساحة 2200 متر مربع في محطات فردية لتفكيك آلات التصوير القديمة وأفران الميكروويف والبطاريات وغيرها من الأجهزة، باستخدام أدوات يدوية ومعدات آلية متخصصة. يستعيدون يومياً 1000 كيلوغرام تقريباً من البلاستيك والحديد ونحو 300 كيلوغرام من النحاس.

يركز بعض الموظفين على تحويل هذه المواد لمنتجات قابلة للاستخدام، فعلى سبيل المثال يمكن صنع طاولات من البلاستيك المطحون، ومقاعد من أجزاء الغسالة المعاد تدويرها، وأواني الزهور من الكابلات.

تشغيل المعاقين

يعيد العمال أيضاً تدوير نحو نصف طن من الألواح الشمسية التالفة سنوياً، وتفكيكها لاستخراج المواد الخام أو تجديدها لإعادة بيعها أو استخدامها في الموقع. ترسل المكونات العاملة مثل لوحات الدوائر إلى شركات متخصصة لتعيد تصنيع أجزائها.

يتولى دومينغو فرنانديز، البالغ عمره 49 عاماً، مسؤولية غربلة الأجهزة لتحديد تلك التي لا تتطلب تفكيكاً ويمكن إعادة بيعها، فقد أعيد تدوير الحواسيب التي ما زالت في حالة جيدة وتحويلها إلى "حواسيب اجتماعية" لبيعها لمؤسسات غير ربحية أو أشخاص من ذوي الدخل المنخفض مقابل نحو 70 يورو. تُعرض الأجهزة القديمة والنادرة للبيع في صالة عرض الشركة أو عبر الإنترنت.

لإصلاح الكوكب.. علينا العودة إلى ثقافة إصلاح المنتجات

قال فرنانديز: "كنت عاطلاً عن العمل لخمسة أعوام قبل شغل هذه الوظيفة ولم أعثر عليها إلا بفضل الإعاقة التي أعانيها، بدونها كنت سأظل رهين المنزل".

تركت إيفا سانتياغو، البالغة من العمر 43 عاماً، وظيفتها المؤقتة في رعاية الأطفال في روضة للحصول على أخرى دائمة في "لا أورميغا فردي". قالت: "كنت أبحث عن فرصة عمل طويلة الأمد لأتمتع بمزيد من الاستقرار، وهذه الفرصة كانت عظيمة".

بيّن غارسيا أن تفكيك الأجهزة "يعد إدماناً، والجميع بإمكانه فعل ذلك. لدينا عمال ممتازون هنا، بعضهم فاق عمره 60 عاماً، وأنا متأكد من استمراري بتوظيف ذوي الإعاقة".

تمتلك شركة "لا أورميغا فردي" حوالي 400 نقطة تجميع، بجانب إدارة مواردها الخاصة لنقل الأجهزة المهملة، لكن الناس يسلمون الأجهزة مباشرة إلى الشركة وسط تراكم النفايات الإلكترونية. قال غارسيا: "بالنسبة إلى (لا أورميغا فردي)، يعني هذا أنه كلما زادت الكيلوغرامات التي نجمعها، زاد عدد الوظائف في الشركة".