رفع كبير للفائدة على طاولة اجتماع "الاحتياطي الفيدرالي" اليوم

يُتوقع أن ترفع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية

ختم مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة
ختم مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يستعدّ جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي للإعلان عن أكثر إجراءات البنك المركزي الأمريكي جرأة لمكافحة التضخم منذ عقود، لكنّ المستثمرين سيركزون على تحليل تصريحاته للوقوف على ما إذا كان في المستقبل خطوات أكبر.

من المتوقع أن ترفع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة اليوم الأربعاء أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في ختام اجتماع السياسة النقدية الذي يستمر يومين، وهي أكبر زيادة منذ عام 2000، وأن تعلن عن خطط لتقليص حجم ميزانيتها العمومية المتضخمة البالغة 8.9 تريليون دولار. ستصدر اللجنة بيانها الساعة 2 بعد الظهر بتوقيت واشنطن. وسيعقد باول بعد ذلك بـنصف ساعة أول مؤتمر صحفي له شخصياً منذ عامين.

قالت إيلين غاسكي، الخبيرة الاقتصادية في "بي جي آي إم فيكسد إنكم" (PGIM Fixed Income): "نحن نعلم أنهم يسعون إلى تركيز عملية التشديد في البداية، فهُم يسعون لمواكبة الواقع ويحاولون استباق أي تأكيد لتوقعات التضخم. والسؤال الحقيقي يدور حول مدى ارتفاع معدل سعر فائدة التمويل الفيدرالية الذي لا بد أن يحدث لتخفيف قدر من الفوضى التي نشهدها ".

اقرأ أيضاً: زمن تقديم الدعم المجاني قد ولى في الولايات المتحدة

ستكون الزيادة بمقدار 50 نقطة أساس هي الأكبر منذ فترة ولاية رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق ألان غرينسبان. أضف إلى ذلك تأثير تقلص الميزانية العمومية وحجم التحول في السياسة النقدية الذي يستدعي إلى الذاكرة الإجراءات التي اتخذها سلفه بول فولكر خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ما يعكس شعور محافظي البنك المركزي بالحاجة الملحّة إلى خفض التضخم الذي يشهد أعلى مستوى له في أربعة عقود.

رجّحت الأسواق اتخاذ مثل هذه الخطوة، ويراهن بعض المستثمرين على زيادة أكبر بمقدار 75 نقطة أساس في يونيو.


رفع الفائدة

من المرجّح أن تُطرَح ثلاثة خيارات أمام اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خلال المناقشات المُغلَقة، التي تضمنت أيضاً زيادة بمقدار 75 نقطة أساس. قال روبرتو بيرلي، رئيس أبحاث سياسة الفائدة العالمية في "بايبر ساندلر" (Piper Sandler & Co)، إنه على الرغم من ذلك فإن الاحتمالات منخفضة لحدوث مفاجأة. وأضاف أنه نظراً إلى أن تحركات يوم الأربعاء جرى إيصالها بشكل جيد، فإنّ تركيز المستثمرين على مسار الفائدة سيتحوّل إلى المؤتمر الصحفي الذي سيعقده باول.

وأضاف بيرلي: "سيركّز الناس على اللهجة التي سيتحدث بها باول. ومن المحتمل أن يظل متشدّداً إلى حدٍّ ما، ولا نستبعد أي شيء".

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

"نعتقد أنه بعد زيادات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بمقدار نصف نقطة في مايو، وتقديم خطة مفصلة تبدأ قريباً لتقليص الميزانية العمومية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، سيتجنب باول إصدار التوجيه النهائي حول حجم الزيادات المستقبلية، إذ يقيِّم صانعو السياسات مدى تأثير نهج التشديد بالميزانية في الاقتصاد خلال الأشهر المقبلة".

آنا وونغ، ويلينا شولياتيفا، وأندرو هوسبي، وإليزا وينغر (اقتصاديون).

بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة

قد يكرر البيان التوجيه الفضفاض الذي يفيد بأن "الزيادات المستمرة" في أسعار الفائدة ستكون مناسبة، دون تفصيل الحجم أو الوتيرة. وفي حين أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة قد تقرّ بأن النموّ المُعلَن تباطأ بعد تقرير الناتج المحلي الإجمالي المخيّب للآمال الأسبوع الماضي، يمكن أن يشير البيان إلى أن إنفاق المستهلكين، والنمو في الوظائف، ظلّا قويين.

وبينما يتوقع معظم الاقتصاديين تغييرات متواضعة نسبياً، يمكن أن تعدّل اللجنة تصريحها إذا أرادت إظهار حاجة ملحّة أكبر في ما يتعلق بمكافحة التضخم. وقد يكون أحد الخيارات هو القول إنّ بنك الاحتياطي الفيدرالي يريد رفع أسعار الفائدة "على وجه السرعة" إلى وضع محايد، وهو ليس محفزاً ولا مقيّداً، حسبما يرى روبرت دنت، الاقتصادي في "نومورا سيكيوريتيز" (Nomura Securities). استخدم مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي مؤخراً هذه الكلمة مراراً وتكراراً، إذ يرون أن المستوى المحايد هو نحو 2.4%.

أضاف دنت أنه على صعيد التوظيف يمكن أن تقول اللجنة إنها تتوقع "تحسن الاختلالات في سوق العمل"، في ما يُعَدّ اعترافاً بأن المسؤولين يرون سوق العمل متضخمة بشكل مفرط.

يقول الاقتصاديون إنه من الممكن أن يكون هناك موقف مخالف يخدم زيادة بمقدار 75 نقطة أساس، بعد اعتراض رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد في مارس، على الرغم من أنه قال في تصريحاته العامة إنه لا يعتقد أن حجم الزيادة ضروري في الوقت الراهن. لقد دعم صانعو السياسة الأكثر تأييداً لنهج التخفيف خفض سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية قبل الاجتماع.

يُرجَّح أن تعلن اللجنة عن خطط طال انتظارها لتقليص ميزانيتها العمومية، بدءاً من عدم استثمار حصيلة الأوراق المالية التي جرى تسديدها، والتي قال باول إنها قد تأتي في هذا الاجتماع.

ناقشت اللجنة التخفيضات بوتيرة شهرية قصوى لسندات الخزانة بقيمة 60 مليار دولار و35 مليار دولار بالنسبة إلى السندات المدعومة بالرهن العقاري، وفقاً لمحضر اجتماع مارس. يشكل هذا أكثر من تريليون دولار سنوياً، بما يتماشى مع توقعات السوق، ونحو ضِعف معدل الذروة البالغ 50 مليار دولار شهرياً في آخر مرة خفض فيها الاحتياطي الفيدرالي ميزانيته العمومية بين 2017 و2019.

أكبر مستثمر في سندات الخزانة خارج أمريكا يبيع بمليارات الدولارات بهدوء

قالت المحافظة لايل برينارد، التي صدّق مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخراً على تعيينها في منصب نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إنّ التخفيضات قد تأتي في وقت أقربه يونيو. ويتوقع معظم الاقتصاديين أن تبدأ جولة الإعادة في مايو، مع تخفيضات قدرها 20 مليار دولار في سندات الخزانة، و15 مليار دولار في السندات المدعومة بالرهن العقاري، لتصل إلى الحدّ الأقصى على مدى ثلاثة أشهر، وفقاً لمسح أجرته "بلومبرغ".

من جانبها، قالت ديان سونك، كبيرة الاقتصاديين في "غرانت ثورنتون" (Grant Thornton LLP)، إنّ تأجيل التنفيذ الكامل لمدة ثلاثة أشهر قد يكون مثيراً للجدل، مضيفة أن هذا يؤجل موعد التقليص الكامل للميزانية العمومية إلى يوم العمال. وتمثل هذه فترة طويلة، إذا كان عكس الميزانية العمومية حقاً جزءاً من صندوق أدوات التعامل مع التضخم من قِبل الاحتياطي الفيدرالي.

مؤتمر صحفي

يُرجَّح أن يجري الضغط على باول بشأن وتيرة وحجم الزيادات المستقبلية في أسعار الفائدة، بما في ذلك ما إذا كان سيفكر في الرفع بمقدار 75 نقطة أساس، وهو الإجراء الذي كان آخر من اتخذه غرينسبان في عام 1994.

من جهتها، قالت ليندسي بيغزا، كبيرة الاقتصاديين في "ستيفل نيكولاس" (Stifel Nicolaus & Co): "علامة الاستفهام الكبيرة هي: هل سيزيد باول دعوته من أجل اتخاذ إجراء، مما يعزز التوقعات برفع سعر الفائدة بشكل أكبر في يونيو؟"، مضيفة: "مع تباطؤ النمو بالفعل في الربع الأول وتزايد مخاطر الركود، سيكون من الصعب على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يطرح مبرراً لمواصلة رفع أسعار الفائدة بهذه الوتيرة العنيفة، ناهيك بتكثيف حجم الزيادات".

اقرأ أيضاً: لا تجزعوا حيال تنبؤات الركود المتزايدة

في استجواب سابق، قال باول إنه سيحتفظ بجميع الخيارات مطروحة على الطاولة، مع تأكيد أن أي تحركات ستعتمد على البيانات الواردة. أدى الأسلوب الفظ الذي اتبعه رئيس الاحتياطي الفيدرالي في تصريحاته إلى تحركات كبيرة في الأسعار.

في هذا الشأن يقول رئيس أبحاث سياسة الفائدة العالمية في "بايبر ساندلر" (Piper Sandler & Co): "من الصعب توخي العناية في تقييم التصريحات، لا سيما عندما يركّز الناس بشدة على كل كلمة منفردة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى بعض التقلبات. وقد يؤدي ذلك إلى قدر من التفسير الخاطئ".

من المحتمل أيضاً أن يواجه الرئيس أسئلة حول تزايد مخاطر الركود، إذ يقدّر الاقتصاديون في "غولدمان ساكس غروب" (Goldman Sachs Group Inc) احتمالات بنسبة 35% لحدوث ذلك، فيما يتوقع "دويتشه بنك" (Deutsche Bank) حدوث انخفاض حادّ.

الأميركيتان