كيف يغير "كورونا" سلاسل الإمداد الغذائي؟

تسوق في دبي
تسوق في دبي رويترز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا تذكَّرنا الرفوف الفارغة وعادات التخزين التي لجأ إليها كثيرون خلال بداية تفشي فيروس "كورونا"، فقد يتسم نظامنا الغذائي الحالي بـ"خطوط ومسارات الانتظار"، وتشكِّل هذه المسارات رمزاً لأعباء الوباء، وهي أصبحت دلالة على تأقلمنا مع الطوابير المتباعدة اجتماعياً انتظاراً لدخول المتجر، فضلاً عن المسارات المنظَّمة لحركة خروج العاملين في توصيل الطلبيات إلى المنازل.

تُعَدٌّ كيفية الحصول على البقالة مؤشراً على الوضع الحالي للنظام الغذائي.

وكما هي الحال مع العديد من الأمور، فإنَّنا نواجه مشكلات قائمة بالفعل، وتزايدت صعوبتها بسبب فيروس كورونا، من إمكانية الحصول على الغذاء والقدرة على تحمُّل تكلفته للجميع، إلى دعم مورِّدي الأغذية المحليين، وتحسين ظروف العاملين في مجال الغذاء.

مستقبل أنظمة الأغذية المحلية

"حين ننظر إلى الصورة الكاملة لما يحدث، في إطار صناعة الغذاء، فإنَّ هذه المعلومات لا تُعَدُّ جديدة، بل إنَّها كشف لحقيقة الأمر"، هكذا يقول فيفيان باراد، المدير الإداري في شركة "IDEO"، وهي شركة استشارات تستخدم منهج التفكير التصميمي لتصميم المنتجات، والخدمات، والتجارب الرقمية، وتركّشز على ما يُعرف بالتصميم الذي يتمحور حول الإنسان.

وتحدَّثت "سيتي لاب" مع باراد وزميلتها هولي بايبي عن تصميم شركة "IDEO" لـ"FoodStudio" حول مستقبل أنظمة الأغذية المحلية، وذلك لأنَّ بعض تغييرات التصميم تتضمَّن تعديلات بسيطة، ولكنَّها جوهرية، لجعل تجاربنا أكثر أماناً، كما هي الحال مع المسارات أحادية الاتجاه في متجر البقالة، ومقابض باب الثلاجة التي يمكنك فتحها بقدمك.

ويشترك العديد من التعديلات التصميمية في التداعيات الاقتصادية المترتبة على ارتفاع شعبية التوصيل المنزلي.

ويتلخص في أنَّ محور محادثتنا في التغيرات السلوكية والنظامية التي تشير إلى عدد من الأمور؛ أولها؛ يتحدَّد في كون الناس يشترون مزيداً من الغذاء مباشرة من المطاعم أو المزارع، فقد أصبح بعضهم موزٍّعين للضروريات النادرة -مثل الخميرة- داخل أحيائهم، كما أنَّ العاملين في مجال الغذاء الذين يواجهون ارتفاعات في الطلب والمخاطر يطالبون بتدابير حماية أفضل. وفي حين يقضي بعضنا مزيداً من الوقت في المطبخ لعمل الخبز أو صُنع المخلل، أصبح آخرون لا يشعرون بالأمن الغذائي، إذ بات بعضهم لا يجد وقتاً للطهي وسط الأعمال الأكثر خطورة، ووجود مسؤولية رعاية الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدارس، وهُم مَن سوف يستفيدون من توفُّر الأطعمة المعَدَّة بتكلفة معقولة.

داخل متجر البقالة يثير تزايد توصيل الأغذية مجموعة من الأسئلة الخاصة بالتصميم: ماذا يحدث عندما يكون أكثر من نصف العملاء في الواقع متسوقين عبر الإنترنت، هل يتمثل هدفهم في الحصول على المنتجات بأقصى سرعة وكفاءة ممكنة؟ ومع الركود الاقتصادي، تقترح باراد أن تقرر محال البقالة التركيز على خيارات أقل، بدلاً من تقديم 18 نوعاً من حبوب الإفطار مثلاً.

وتقول باراد: "أنا من أشدّ المؤمنين بجمال الحدود التصميمية، وما تضيفه إلى أيِّ مكان في حياتنا. أعتقد أنَّه حينما يتعلَّق الأمر بالغذاء والتصميم الذي يضع حدوداً، فسيفكِّر الناس بشكل مختلف حول سلاسل التوريد والإمدادات في مقابل المذاق الطيِّب".

ما أول شيء شغل تفكيرك فيما يتعلق بكيفية تحوُّل عملك في أعقاب هذا الوباء، أو حتى في أثناء انتشاره؟

باراد: إنَّّ ما نراه الآن لا يعني أنَّ النظام الغذائي معطَّل، وهو يقوم بما كان مصمماً للقيام به من خلال العمل بكفاءة عالية من أجل الحصول على الغذاء لقطاعين أوليين، فهناك تجارة التجزئة والبقالة التي توفِّر الغذاء على طاولتك في المنزل، ثم هناك الخدمات الغذائية التي توفّر الغذاء في أماكن مثل المدارس، والمستشفيات، والمطاعم.

وما نراه حالياً هو أنَّ نصف ذلك النظام الغذائي قد توقَّف عن العمل، فبات الموظفون يلزمون منازلهم، وبعض المدارس والمطاعم أغلقت أبوابها، مما جعل هذا النظام الغذائي المتخصص، الذي يتسم بالكفاءة إلى حدٍّ لا يُصدَّق، يشهد انخفاضاً كبيراً.

وأودُّ أن أضيف أنَّ القطاع الغذائي بشكل عام يكون في حاجة إلى إلقاء نظرة فاحصة على كل أعماله على نحو أعتقد أنه لم يكُن من الممكن حدوثه لولا أن كشف الوباء عن عدد من الأمور. فمثلاً، انتشر وباء "كوفيد" في أحد مصانع تعليب اللحوم، أو تعيَّن على عمال المزارع أن يحاولوا اقتطاف المنتجات في حرارة مرتفعة بشكل كبير وهم يرتدون مُعدَّات الوقاية الشخصية، أو حتى مجرَّد إحضار العاملين من مصنع الأغذية وإليه، والحفاظ عليهم في أمان. أعتقد أنَّه قد طُرِحَت مناقشات جديدة بشكل كامل في هذا القطاع.

صناعة الغذاء توظف نحو 14 % من قوة العمل في الولايات المتحدة، ومع ذلك فهي لديها أدنى متوسط للأجور بالمقارنة مع القطاعات الأخرى. أعتقد أنَّ الرقم الذي وجدناه هو أنَّ واحداً من بين كل 6 عاملين في المطاعم يعيش في فقر، وهذا الرقم ليس جيداً.

بايبي: هذا ما كنا نفكِّر فيه عند التفكير في مستقبل نظامنا الغذائي، لأننا أدركنا جميعاً أننا دون هؤلاء الناس (موظفو القطاع الغذائي) لن نستطيع أن نأكل طعامنا. والهيئات التي تدفع لهم، والمسؤولة عن رعايتهم، هي ذاتها عُرضة للخطر الشديد، مثل المزارعين على سبيل المثال.

كيف يبدأ النظام الغذائي بالكامل في التعاون من أجل تحمُّل المسؤولية وإنشاء شبكات لدعم السلامة المعيشية ليتمكَّن هؤلاء الأفراد من خلالها أن يتابعوا العمل؟

المزارع كانت تسعى إلى جمع حصة أكبر في السوق في بعض الأماكن، في حين نرى مزيداً من الناس يُقبِلون على الشراء بشكل مباشر من منتجات المزارع المحلية. وفي بعض المدن بدأت المطاعم التي كان لديها فائض من الغذاء في بيع البقالة بدلاً من مجرَّد إعداد الوجبات في أثناء انتشار الوباء.

هل تتوقَّعين استمرار التحولات في مصادر الغذاء؟ وهل تتوقَّعين أن يكون ذلك جزءاً دائماً من مستقبل المطاعم، أم أنَّ لاعبين آخرين سيظهرون في الصورة؟

بايبي: فيما يتعلق بوجهة نظرك عن المطاعم التي تبيع الآن الأصناف التخزينية للمواد الغذائية، وعلى النقيض من ذلك، نرى أيضاً بقالة صغيرة باتت تقدٍّم وجبات جاهزة للعائلات كوسيلة تمكِّنهم من الاحتفاظ بجميع موظفيهم، وتمكِّنهم أيضاً من تقديم خدمات أفضل للمجتمعات التي يعيشون فيها.

أعتقد أنَّ الارتباط بين تقديم الخدمات الغذائية وبيع المواد الغذائية بالتجزئة سوف يصبح أكثر اندماجاً على نحو متزايد.

ومن بين المجالات المثيرة للاهتمام مستقبل شراء المنتجات في التجمعات، إذ نرى بعض المجتمعات التي باتت تُفاوِض بطريقة جماعية تمثِّل المجتمع المحلي لشراء المنتجات بكميات كبيرة ثم توزِّعها فيما بينهم. ونحن نرى هذا في منتجات مثل الخميرة، والطحين، بالمناطق ذات الأعداد السكانية القليلة، وكان هؤلاء ينشرون فيما بينهم: "هل يملك أيّ شخص الطحين أو الخميرة؟"، ثم يذهب شخص من التجمع، ويشتري الطحين بكميات كبيرة، ويضعه في أكياس وحاويات تخزين متوفرة للمجتمع، ليبيع منه أو يوزِّعه. وهذا أمر من المحتمل أن يشكِّل تغييراً كبيراً للمستقبل فيما يتعلق بكيفية شراء الأفراد للغذاء واستهلاكه.

باراد: أعتقد أنَّ السؤال الأكبر هنا هو: كيف يُعيد الناس التواصل مع أنظمتهم الغذائية الإقليمية؟ وهذا أمر جيّد جداً. هذا لا يعني أنَّنا لسنا بحاجة إلى نظام غذائي عالميّ أكبر. إنهم بحاجة إلى ذلك، ولكن في المجتمعات التي لا يوجد فيها استثمار في اقتصاد غذائي محلي تزايَد الشعور بالأزمة وانعدام الأمن الغذائي في بداية الوباء. هناك شخص شاركني قصة رائعة عن أزمات أخرى حدثت في الولايات المتحدة، مع اعتبار أنَّ أحداث 9/11 مثال عنها. فخلال 11 سبتمبر، عندما أغلقت مانهاتن جميع الجسور والأنفاق، أدركت القيادة الحكومية أنَّها في الواقع أغلقت الإمدادات الغذائية، ولم يكُن في مانهاتن من الغذاء ما يكفي لـ36 ساعة.

وأدى هذا إلى سلسلة من المحادثات، وإعادة الاستثمار في النظام الغذائي الإقليمي، وهو ما أدى إلى أن يكون لديك الآن وادي نهر هدسون المزدهر بالمزارع، وأسواق الطعام المذهلة.

هناك مقال رائع نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن صغار المزارعين الذين شهدوا زيادات كبيرة بلغت 25% إلى 30% في أسواق المزارعين المحلية، وهذه فرصة مثيرة بالفعل، ولا أرى سبباً يمنع تجار التجزئة من المشاركة في هذا الأمر. أعتقد أنَّهم يحتاجون إلى التفكير بشكل مختلف بشأن كيفية الحصول على الغذاء والاستعانة بمصادر الإمداد، حتى لا يكون الاعتماد مفرطاً على النظام الغذائي العالمي الكبير، بل ليشمل أيضاً الأنظمة الغذائية الإقليمية والمحلية. على سبيل المثال، أعرف أنَّني إذا احتجت إلى الطحين أستطيع الذهاب إلى المتجر الصغير، الذي يقع في شارع ولديه، فهناك الكثير من الطحين، ولكن إذا ذهبت إلى "سيفواي"، وهي شركة متاجر بقالة ضخمة عالمية، فلن أجد أي شيء على الرف.

مثال 11 سبتمبر هو جزء كبير من سؤالي التالي. هل يمكننا النظر إلى أيّ حالات أخرى سابقة تكيفت فيها أنظمة الغذاء من جديد؟

باراد: نحن نتصارع مع هذا الانكماش الاقتصادي. لقد شهدنا بالطبع أزمات اقتصادية سابقا، ولكن في الآونة الأخيرة قدَّرت منظمة "فيدينغ أمريكا" أنَّه قد يعاني 54 مليون أمريكي من انعدام الأمن الغذائي في عام 2020، وهو أمر محيِّر للعقل (تشير تقديرات الأمم المتحدة الأخيرة إلى أنَّ الوباء قد يؤدي إلى ارتفاع حادٍّ في مستويات الجوع المزمن في مختلف أنحاء العالم)، وأنا أعلم أنَّ القدرة على استخدام المعونات الغذائية في أسواق المزارعين كانت بالغة الأهمية في ضبط الركود الاقتصادي في الماضي.

بايبي: واحدة من أعظم فرص التصميم والهيكلة لقطاع الغذاء الآن تكمن في العمل على تصميم الحلول البديلة لضمان قدرة الأفراد على الحصول على الغذاء، خصوصاً الذين يواجهون صعوبة في الوصول إليه من خلال القنوات الحالية، لكنَّها فرصة

لا تُصدَّق لتصميم سُبل أفضل لوصول الغذاء بشكل أفضل إلى جميع الأشخاص الذين يحتاجون إليه، في مقابل الحصول على فائض الطعام من النظام المحلي من توفير الغذاء لعملاء البنوك الغذائية (الأماكن التي توفِّر الطعام مجاناً للمحتاجين).

هل هناك أفكار معينة لجعل المعونات الغذائية أكثر توافرًا في أسواق المزارعين ؟

بايبي: يفكِّر كثير من المزارعين في كيفية الانتقال إلى الزراعة المتجددة، وإحدى طرق تعزيز صحة التربة هي الزراعة المغطاة. بدأنا نرى بعض المزارعين يقوم بذلك لخدمة مجتمعهم. لذا، عندما بدأت المحاصيل المغطاة تؤتي ثمارها، فإنَّها مكَّنت المجتمع من الوصول إلى نظام غذائي محلّي أكثر مرونة وقدرة على الصمود.

أحد الأشياء الأخرى التي شاهدناها، من خلال العمل الذي يقوم به الصندوق العالمي للحياة البرية، هو إمكانية وجود مراكز للغذاء بين المزارع والبنوك الغذائية، أو أماكن أخرى يستطيع الأشخاص فيها الحصول على الغذاء. مما يمكن أن تفعله هذه المراكز من خلال المعالجة (التعليب أو التجفيف) لإطالة العمر الافتراضي للمحاصيل، وذلك لتمديد حياة الغذاء، وإنشاء تشكيلة من المنتجات أكثر تنوعاً، فضلاً عن ضمان وصول مزيد من الغذاء إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليه.

ولكن هل يُعَدُّ هذا الأمر حلاً لإهدار الغذاء؟ وهل لم يكن ممكناً أن يأكل أحد هذا الغذاء لولا ذلك؟

بايبي: في بعض الحالات هو كذلك، وفي بعضها الآخر تتعاقد البنوك الغذائية مباشرة مع المزارع. إنَّ المكونات الخام ليست دائما الأكثر نفعاً بالنسبة إلى العائلات التي تحاول إطعام نفسها وتسعى إلى العمل. على سبيل المثال، رأينا أنَّ مطابخ خدمة الغذاء المجانية الفارغة أصبحت الآن تعتمد على المساعدات المالية حتى تتمكَّن من الحصول على المكونات الخام، وطهي الوجبات للأُسَر التي تحتاج إليها. لذا فإنَّ هذه الأطعمة المعلَّبة أو المجفَّفة قد تشكِّل حلاً كبيراً في مثل هذه البيئات.

وفيما يتعلق بمحلات البقالة، هل لديك توقعات وملاحظات حول كيفية تغيّرها أو تأقلمها؟

باراد: طوَّر عالديد من عملائنا وشركائنا استراتيجيات للتجارة الإلكترونية التي كانوا يخططون لتطبيقها على فترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات. أما حالياً فكان عليهم اعتمادها في غضون ثلاثة إلى خمسة أشهُر. إنها حقاً لحظة استثنائية من الجانب التجاري، ومن المهم وضع استراتيجية لكيفية تلبية الطلب، وتحويله بسرعة إلى التوصيل دون الحاجة إلى الاتصال.

بايبي: هناك أمر آخر، إذ نتوقَّع أن تجري تجربة تسوق البقالة عن طريق وسيط بصورة متزايدة، فقد أصبح من المستحيل أحياناً على الناس التسُّوق لمنتجاتهم الخاصة حفاظاً على سلامتهم. وما تقوم به متاجر البقالة حالياً هو تمكين المستهلكين للتسوق عبر الإنترنت، ومن ثم فإنَّ هناك أشخاصاً يختارون المنتجات، ويغلِّفونها ويسلمونها إليهم. إنَّها مدفوعات دون لمس، وتُطوَّر لتكون أكثر فاعلية، وهذا يعني الآن أنَّ هؤلاء الوسطاء الذين يختارون المنتجات، ويجمعونها معاً قد أبدعوا نوعاً مماثلاً من الخبرة التي اكتسبتها شركة "إنستاكارت" (وهى شركة أمريكية تدير خدمة توصيل البقالة والبضائع في الولايات المتحدة وكندا، ومقرُّها في سان فرانسيسكو)، على سبيل المثال. ثم يصبح السؤال: ما العلاقة بين هؤلاء الوسطاء والأشخاص الذين يحصلون على الغذاء؟ و كيف تُبنى الثقة؟ و كيف يتواصل كل منهم مع الآخر بطرق تُشعِر الأشخاص بالارتباط بأغذيتهم، مع تمكين تجربة أكثر فاعلية وأمانًاً للجمهور؟.

ما التغييرات التي تعتقدين أنه ينبغي أن نجريها؟ ولنأخذ مثال الوسطاء لشراء البقالة، هل يقبل هذا التطوير؟

باراد: أعتقد أنَّه من أجل تحقيق ذلك المستوى من التوصيل في مجال البيع بالتجزئة، فإنَّه يجب التفكير في بعض القضايا اللوجستية الواضحة. على سبيل المثال، كان هنا في سان فرانسيسكو متجر بقالة يحتوي الآن على مسارين يدخلان إلى المتجر، أحدهما للمتسوقين، والآخر خاص بـعمال "إنستاكارت".

وكان مسار "إنستاكارت" أطوَل قليلاً من مسار التسوق العادي، ولكن بعد دراسة هاتين المجموعتين من المستهلكين، فإنَّ احتياجاتهم مختلفة للغاية. ففي حين يرغب المتسوِّق في الحصول على تجربة أكثر إثارة في المتجر، يحاول عامل التوصيل من "إنستاكارت" الحصول على المنتج المناسب لعملائه بشكل أكثر فاعلية وكفاءة. هم يتسوَّقون بطريقة مختلفة تماماً للتنقل في مساحة واحدة.

إذًاً كيف تصمم هذه المساحة للأنماط المختلفة؟

أحد مصمِّمينا شاركنا قصة رائعة حول رغبته في شراء بعض النبيذ، لذلك اتصل بمتجر محلي على "فيس تايم" فيما كان المالك يريه الاختيارات. يمكنك أن ترى أنَّه قد تكون هناك إصدارات عالية الجودة من خدمة البيع بالتجزئة، التي قد تظهر من خلال هذه الخدمة، التي تختلف تماماً عن نموذج البقالة الحالي. أعتقد أن َّهذا الأمر يكون أحد قيود "إنستاكارت"، خصوصاً في هذا الوقت من الرفوف الفارغة، فهناك انفصال حقيقي بين ما قد نراه على الإنترنت وما هو موجود بالفعل في المتجر. هناك تحدٍّ كبير آخر لبائعي التجزئة يتمثل في كيفية استخدامهم للبرنامج، أو نوع التشغيل الآلي لتوصيل العرض بشكل أفضل مما يبحث عنه الأشخاص عبر الإنترنت، لأنَّه لا يوجد شيء مخيب لآمال المتسوق أكثر من أن يأتي التوصيل بمجموعة عشوائية مما طلبه تقريباً.

بايبي: نتوقَّع حدوث تغييرات كبيرة في تشكيلة المنتجات بناءً على تغيُّر حياة الأشخاص، وبالتالي نوع المنتجات التي يريدون الوصول إليها في تلك البيئة. على سبيل المثال، أصبح قسم كبير من تجارة السلع الغذائية وتجارة التجزئة موجهاً بشكل متزايد نحو الراحة، والحصول على الأشياء بشكل سريع، وكل هذه الأشياء التي قد لا تكون جيدة لفترة طويلة جداً.

يمكنك أن تتخيل عالماً تكون فيه تجربة البيع بالتجزئة مفيدة لتلك الأشياء التي تريد حقاً أن تكون قادراً على اختيارها ومتابعتها بنفسك. قد يبدو الأمر مختلفاً عند الحصول على أغراضك من خلال البيع عبر الإنترنت.

باراد: لدى تجار التجزئة فرصة لإقامة علاقة مختلفة حقاً مع المستهلكين، إذ يكون في مقدرتهم التسليم، واستخدام نوع من نموذج الاشتراك لتعبئة الطلبات شهرياً مثلاً أو أخذ الحاويات للمنتجات التي يمكن إعادة تدويرها أو استخدامها. هذا الأمر يمكن أن يكون مثيراً للاهتمام، لأنَّه يخدم كثيراً من الأهداف. وفيما يتعلَّق بتجار التجزئة، يمكن أن يُنشِئوا قاعدة عملاء أكثر إخلاصاً. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الميزات الجديدة أن تزيد الكفاءة، وتخفِّض البصمة الكربونية، وهناك بعض الشركات التي تقوم بذلك بالفعل في هذا المجال.