بعد استبعاده رفع الفائدة بـ0.75%.. مخاوف التضخم المتفاقم تطارد "الفيدرالي الأمريكي"

مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

خالف رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أكثر توقعات السوق تبنياً لمسار تقشفي في أسعار الفائدة يوم الأربعاء، ليطلق موجة صعود في أسواق الأسهم والسندات، قبل أن تعود وتخسر مكاسبها يوم الخميس.

صب باول ماءً بارداً على احتمال زيادة سعر الفائدة في الشهر القادم بنسبة كبيرة تصل إلى 75 نقطة أساس، غير أنه ربما مهد بذلك الأرض بطريقة غير مقصودة لزيادة الاضطرابات مستقبلاً إذا زادت الضغوط التضخمية.

زيادة أسعار الفائدة الأمريكية هي "فجر كاذب" عند الخائفين من التضخم

كان الاحتياطي الفيدرالي "يحاول بث رسالة مضمونها استمرار زيادة أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، غير أنه بطريقة غير مقصودة بث رسالة رخوة حول السياسة النقدية"، بحسب تصريحات جيفري روزنبرغ، مدير محافظ أول لشؤون الإستراتيجية المتعددة بشركة "بلاك روك" (BlackRock) على "تليفزيون بلومبرغ".

وأضاف روزنبرغ أن ذلك تسبب في "تيسير الأوضاع المالية على الأقل في الوقت الحاضر".

هذا هو عكس ما تريده الغالبية في الأوضاع العادية التي تهدف إلى إبطاء معدل التضخم الذي بلغ أعلى مستوى له منذ عقود.

وقد دعا ذلك فعلاً بعض مراقبي السوق إلى أن يتساءلوا عن المدة التي يستطيع خلالها بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يلتزم بهذا المنهج.

جيفري روزنبرغ، العضو المنتدب ورئيس إستراتيجية الاستثمار في أوراق الدخل الثابت لدى شركة "بلاك روك فاينانشيال مانجمينت" (BlackRock Financial Management)، يتحدث خلال مقابلة مع "تليفزيون بلومبرغ" في نيويورك بالولايات المتحدة يوم الأربعاء 28 يونيو 2017.
جيفري روزنبرغ، العضو المنتدب ورئيس إستراتيجية الاستثمار في أوراق الدخل الثابت لدى شركة "بلاك روك فاينانشيال مانجمينت" (BlackRock Financial Management)، يتحدث خلال مقابلة مع "تليفزيون بلومبرغ" في نيويورك بالولايات المتحدة يوم الأربعاء 28 يونيو 2017. المصدر: بلومبرغ

مفاجأة باول

في الوقت الحاضر، تراجع المتعاملون بثقة ومالوا إلى أن يضعوا في حسبانهم زيادة أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في شهر يونيو –تماشياً مع ملاحظات باول بأن زيادة الفائدة مرات عديدة بنفس القيمة مطروحة على طاولة الاحتياطي الفيدرالي في الاجتماعات القادمة– مع تقليص توقعاتهم بالنسبة إلى مسار أسعار الفائدة طويل الأجل.

باول: زيادة الفائدة بـ0.5% إضافية على طاولة "الفيدرالي" في الاجتماعين المقبلين

فاجأ باول بعض المتابعين، بمن فيهم روزنبرغ، بقوله إن صناع السياسة النقدية يعتبرون أن سعر التعادل على أرصدة الاحتياطي الفيدرالي، وهو الذي سيتوقف البنك المركزي عنده عن رفع أسعار الفائدة، يتراوح بين 2 و3%.

حتى مع خضوع السوق لوتيرة تشديد أخف مما كان متوقعاً، تظل الأسئلة قائمة حول المدى الزمني الذي يمكن أن تستمر خلاله هذه الافتراضات.

إن الطريق ما تزال صعبة للغاية، ومن المقرر صدور بيانات اقتصادية محورية ووقوع تطورات عالمية في غضون أيام قد تثير الشكوك حول نهج باول الثابت.

انفلات التضخم

قال ستيفن ميللر، مستشار الاستثمار في شركة "جي إس إف إم"، وهي وحدة تابعة لشركة "سي آي فاينانشيال" (CI Financial Corp) الكندية: "ما يزال التضخم يمثل تحدياً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، لأنه في عام 2021، سمح بنك الاحتياطي الفيدرالي بتهاونه بأن تفلت التوقعات التضخمية من المجال الذي يقع في حدود قدرته على إدارته إدارة مريحة".

وأضاف أن أسواق المال "ما زالت في مرحلة متقلبة بينما تقيّم نجاح بنك الاحتياطي الفيدرالي في كبح جماح التضخم دون المخاطرة بحدوث اضطراب اقتصادي كبير".

العريان: ينبغي ألا يقتصر قرار "الاحتياطي الفيدرالي" على زيادة أسعار الفائدة

يأتي يوم الجمعة ببيانات سوق العمل الأمريكية، ومن المتوقع أن يركز المستثمرون على كيفية تطور الأجور. وتستعد الحكومة الأسبوع المقبل للإعلان عن مجموعة جديدة من بيانات مؤشر أسعار المستهلك.

كما أن السؤال لا يزال مطروحاً عن كيفية تأثير الحرب في أوكرانيا وعمليات الإغلاق المرتبطة بفيروس كوفيد-19 في الصين سلباً على أوضاع الاقتصاد، خاصة بعد أن شدد بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء على الآثار التضخمية لكل منهما؟

قد ينتهي الأمر ببنك الاحتياطي الفيدرالي إلى "ركود تضخمي" إذا أدت أزمات العرض إلى زيادة ضغوط الأسعار مما يضعه في "مأزق" الاستمرار في السياسة النقدية التقشفية والإضرار بمستوى الطلب، وفق تصريحات ديك مولاركي، العضو المنتدب لدى شركة "إس إل سي مانجمنت" (SLC Management).

ومع تأكيد جيروم باول على أن سعر التعادل للسياسة النقدية يتراوح بين 2 و3%، "فقد قامت السوق بجانب كبير من تحمل عبء الزيادة في الفائدة، مع توقعات بأن تنتهي هذه السنة وأسعار الفائدة قد بلغت 2.75%"، بحسب ما قاله مولاركي.

ارتفعت توقعات التضخم المستندة إلى السوق يوم الأربعاء، مع قفزة ما يسمى بسعر التعادل على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، الذي يُعدّ نذيراً بتوقع زيادة الأسعار، بنحو خمس نقاط أساس إلى 2.88%.

تسريع وتيرة رفع الفائدة

في هذه الأثناء، هبطت أسعار الفائدة على سندات الخزانة لأجل عامين بما يصل إلى 18 نقطة أساس إلى أقل قليلاً من 2.6% ، وذلك قبل أن تتعافى إلى نحو 2.64% في وقت لاحق من نفس اليوم، إذ قام المتعاملون باستيعاب الزيادة على أسعار الفائدة الأساسية التي يتوقعونها خلال ما تبقى من العام.

وفي حين انخفضت عوائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 4 نقاط أساس إلى 2.93%، أغلقت عوائد السندات لأجل 30 سنة –التي يُعتقد أنها الأكثر حساسية لمخاوف التضخم– عند 3.03%، أو أعلى مستوى لها منذ 2019.

كتب روبرتو بيرلي، رئيس السياسة العالمية في "بايبر ساندلر" (Piper Sandler)، في مذكرة مع زميله بنسون دورهام: "ما يزال بإمكان لجنة السوق المفتوحة بالاحتياطي الفيدرالي تغيير رأيها إذا تطلبت الظروف ذلك، لن نُفاجأ إذا عادت إلى الظهور فكرة زيادة الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس كإجراء طارئ فقط في حالة استمرار التضخم في الارتفاع".

عائدات السندات الحكومية