الصين تلزم الحكومة وشركات الدولة بالتخلي عن الحواسيب الشخصية الأجنبية

الصين أطلقت حملة دامت لعقود لاستبدال التقنيات المستوردة بأخرى محلية لتقليل اعتمادها على منافسيها مثل الولايات المتحدة
الصين أطلقت حملة دامت لعقود لاستبدال التقنيات المستوردة بأخرى محلية لتقليل اعتمادها على منافسيها مثل الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أمرت الصين الوكالات الحكومية المركزية والشركات المدعومة من الدولة باستبدال الحواسيب الشخصية ذات العلامات التجارية الأجنبية بأخرى محلية خلال عامين، ما يشكل أقوى دفعة من بكين حتى الآن لاستئصال التقنيات الأساسية المستوردة من الخارج داخل أجهزة الدولة الأكثر حساسية.

حملة الصين للقضاء على كورونا تسحق اقتصادها

قالت مصادر مطلعة على الخطة، إنه جرى مطالبة العاملين في تلك المؤسسات، بعد عودتهم من إجازة مايو التي امتدت لأسبوع، بتسليم أجهزة الحواسيب الآلية المستوردة واستبدالها ببدائل محلية الصنع، والتي تعمل باستخدام برامج مطورة داخل الدولة.

أضافت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أثناء مناقشة أمر شائك، أن هذا النهج –الذي أصدرت سلطات الحكومة المركزية أمراً إلزامياً بتنفيذه- سينتج عنه غالباً في نهاية المطاف استبدال 50 مليون جهاز حاسوب شخصي على الأقل في الحكومة المركزية بمفردها.

استبدال التقنيات المستوردة

يشكل القرار تقدماً في حملة الصين التي دامت لعقود وركّزت على استبدال التقنيات المستوردة بأخرى محلية، ضمن جهد حثيث تسعى الدولة من خلاله إلى تقليل اعتمادها على منافسيها الجيوسياسيين مثل الولايات المتحدة، وذلك في كل شيء بدءاً من أشباه الموصلات وحتى الخوادم الإلكترونية والهواتف.

والأرجح أن ذلك سيكون له تأثيرٌ مباشرٌ على مبيعات شركتي "إتش بي" و"ديل تكنولوجيز"، أكبر علامتين تجاريتين لبيع الحواسيب الشخصية في البلاد، بعد مجموعة "لينوفو" المحلية الرائدة.

"فيتش" تُخفِّض توقعاتها لنمو اقتصاد الصين

محت "لينوفو" خسائرها بعدما قفزت أسهمها يوم الجمعة بحوالي 5%، في هونغ كونغ، كما عوضت شركة تطوير البرامج "كينغ سوفت" (Kingsoft) انخفاضها السابق وربحت 3.3%.

وفي بورصات البر الرئيسي الصيني، ارتفعت أسهم "إنسبور إلكترونيكس إنفورميشن إندستري" (Inspur Electronic Information Industry)، المتخصصة في صناعة الخوادم الإلكترونية، بنحو 6%، وقفزت نظيرتها "داونينغ إنفورميشن إندستري" (Dawning Information Industry) بأكثر من 4%.

كما تخطّت أسهم شركتي "إنسبور سوفت وير" (Inspur Software) التابعة لمجموعة "إنسبور"، و"تشاينا ناشيونال سوفت وير آند سيرفيس" (China National Software & Service) حاجز تداولهما اليومي البالغ 10%.

رفض المنتجات الأمريكية

تأتي الدفعة لاستبدال شركات التوريد الأجنبية كجزء من الجهد طويل الأمد لتخلي الصين عن اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية، وهي نقطة ضعف انكشفت بعدما أدت العقوبات المفروضة على شركات مثل "هواوي تكنولوجيز" إلى الإضرار بالمؤسسات والأعمال التجارية الصينية.

وتسارعت وتيرة هذه المبادرة منذ 2021، عندما مكّنت الحكومة المركزية الصينية بهدوء منظمة سرية مدعومة من الدولة لفحص والموافقة على شركات التوريد المحلية في قطاعات الدولة الحساسة، بدءاً من الحوسبة السحابية وحتى أشباه الموصلات.

الصين قمعت شركات التقنية الكبرى لتعود فتحتاجها

يعكس أحدث مشروع لاستبدال الحواسيب الشخصية أيضاً مخاوف بكين المتزايدة حول أمن المعلومات، إضافة إلى الثقة في الأجهزة محلية الصنع، إذ تضم قائمة أكبر شركات تصنيع أجهزة الكمبيوتر المحمولة والخوادم في العالم حالياً كل من "لينوفو" و"هواوي" و"إنسبور"، في حين أن المطورين الصينيين مثل "كينغ سوفت" و"ستاندرد سوفت وير" سرّعوا خطواتهم أمام الشركات النظيرة لهم مثل "مايكروسوفت" و"أدوبي".

أردفت المصادر أنه في مرحلة لاحقة، ستمتد الحملة إلى حكومات المقاطعات، وستُحدّد بجدول زمني أيضاً قوامه عامين. ولم تستجب وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات ومكتب الإعلام بمجلس الدولة في الصين لطلبات التعليق المرسلة بالفاكس.

ماذا تقول "بلومبرغ إنتليجنس"؟

قد تُعزِّز "لينوفو" مبيعاتها بشكل مثير بعد صدور أمر بكين باستبدال وكالات الحكومة المركزية والشركات المدعومة من الدولة للحواسيب الشخصية ذات العلامات التجارية الأجنبية، حسبما أفادت "بلومبرغ نيوز". وهذا سيؤدي بدوره إلى استبدال ما يزيد على 50 مليون جهاز حاسوب شخصي على مدى العامين المقبلين. كما تعتمد الدولة الأولى عالمياً في صناعة الحواسيب الشخصية على الرقاقات الإلكترونية الأمريكية، لكنها جهزت وحدة صناعة رقاقات خاصة بها، واستثمرت في 15 شركة لتصميم أشباه الموصلات على الأقل.

المحلل ناثان نايدو

تشجيع المنتجات المحلية

شجّعت الصين استخدام منتجات تكنولوجيا المعلومات محلية الصنع في الوكالات الحكومية منذ عقد كامل على الأقل، كما تمنع بانتظام منتجات معينة من على قوائم مشتريات الجهات الرسمية.

ونتيجة لذلك؛ دخلت شركات تكنولوجيا المعلومات الأمريكية العملاقة مثل "هيوليت باكارد إنتربرايز" (Hewlett Packard Enterprise) و"مايكروسوفت" في مشروعات مشتركة مع الشركات المدعومة من الحكومة الصينية، لتأمين الطلبات من أغنى المؤسسات المملوكة للدولة.

لطالما تعرض هذا النهج للعرقلة بسبب أوجه القصور في البرامج والدوائر المطورة في الصين، ما أجبر المستخدمين على الاعتماد على الأجهزة المستوردة.

لكن هذا الوضع تغيّر في السنوات الأخيرة، حيث اقتنصت الشركات المحلية الرائدة مثل "إنسبور" و"لينوفو" حصة في السوق العالمية، رغم أن منتجاتها ما تزال تعتمد على المكونات الأمريكية المتطورة مثل أشباه الموصلات التي تنتجها "إنتل" أو "أدفانسد مايكرو ديفيسز" (Advanced Micro Devices).

توزيعات أرباح بقيمة 86 مليار دولار تُهدّد بخفض اليوان أكثر

وحتى يوم الجمعة، كانت الأجهزة ذات العلامة التجارية "إتش بي" ما تزال متاحة للشراء على موقع ويب تستخدمه هيئات المشتريات الحكومية المركزية، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه المعاملات ستتم بالفعل.

تابعت المصادر أن الأمر التوجيهي الحكومي الأخير من المرجح أن يغطي العلامات التجارية والبرامج الخاصة بأجهزة الحواسيب الشخصية فقط، فيما يستبعد المكونات التي يصعب استبدالها، بما في ذلك المعالجات الدقيقة.

وستشجع الصين غالباً أنظمة التشغيل المستندة إلى "لينكس" لتحل محل نظام تشغيل "ويندوز" الذي تنتجه "مايكروسوفت". وقال واحد من المصادر إن شركة "ستاندرد سوف وير" (Standard Software)، ومقرها شنغهاي، تُعدّ واحدة من أفضل مزودي هذه الأدوات.

قد تواصل وكالات محددة، تشمل وسائل الإعلام المملوكة للدولة وهيئات الأمن السيبراني، شراء معدات أجنبية متطورة بموجب تصاريح خاصة كما فعلت دائماً. لكن المصدر نفسه قال إنه قد يجري التضييق على نظام التصاريح هذا مستقبلاً.