مطاعم سنغافورية تستقطب أنصار العملات المشفرة

تروّج نفسها كمنتديات لهم عبر قبول مدفوعاتهم بالعملات المشفرة وإن كان معظمهم يدفع بغيرها

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يشتهر مطعم ومنتدى "ميزون إكوكو" في حي كامبونغ غلام بأشياء كثيرة، فهو يضم فناءً خلاباً يتسع لثمانين مرتاداً قرب مسجد السلطان، أكبر مساجد سنغافورة، كما تضم قائمة الطعام شرائح لحم أبقار واغيو اليابانية مع البطاطا وأطباق إدامامي وميسو بأسعار تبدأ من 150 دولاراً. كما يقدم كوكتيلات مثل لا في آن روز وساكي معتق وروزيه فرنسي ويستخدم رقائق الذهب في تزيين بعض ما يسوّقه.

لكنه أيضاً يمتاز بقبوله الدفع بالعملات المشفرة.

تُعلن لافتة على الباب أن الدفع مقبول بعملات "بتكوين" و"إيثر" و"تيذر" و"بينانس كوين". لكن لن تجد قائمة أسعار بالعملات المشفرة، حيث يقول رئيسه التنفيذي إيثان ليزلي ليونغ، إن هذا ما تقتضيه اللوائح. كما أن أسعار العملات المشفرة متقلبة للغاية وستتطلب تغيير الأسعار يومياً.

رئيس "كوين بيس": مليار مستخدم للعملات المشفرة خلال 10 سنوات

لكن قال ليونغ، الذي أمضى أكثر من ثلاثة عقود في مجال الأغذية والمشروبات، إن التشفير شكّل دفعة قوية. أصبح ليونغ مهتماً بالتشفير منذ بضع سنوات ورأى فرصة لإشراك مجتمعه المتنامي. قال إن المنتدى جذب بعد رفع قيود "كوفيد-19" موظفي البورصات المركزية والمتداولين الأفراد ومديري صناديق التحوط.

تعمل حكومة سنغافورة على تسهيل استخدام تقنية "بلوكتشين" منذ عدة سنوات. استوطنت شركات عديدة ذات الصلة بالتشفير وكذلك بعض من قادة هذه القطاع في المدينة الدولة خلال العامين الماضيين ومنهم تشانغبنغ جاو، رئيس "بينانس" التنفيذي وفيتاليك بوتيرين، المؤسس المشارك لشركة "إيثر" وفيغنيش سانداريسان المعروف أيضاً باسم ميتاكوفان، وهو مستثمر رموز غير قابلة للاستبدال يملك منها ما قيمته 69.3 مليون دولار من إبداع فنان يُعرف باسم بيبيل.

سعي للجماهير

يقع مقر منصة "كربيتو دوت كوم" (Crypto.com) لتداول العملات المشفرة في حي كامبونغ غلام. اشترت المنصة حق إطلاق اسمها على ملعب "ستيبلز سينتر" "Staples Center" في لوس أنجلوس لعشرين عاماً في أكبر صفقة من نوعها تقدر قيمتها بنحو 700 مليون دولار.

لا تتقاضى مطاعم عديدة مدفوعات مشفرة حالياً، فقد كان تبني هذا النظام بطيئاً للغاية في الولايات المتحدة، حيث تُقدم أماكن مثل مطعم "كامبو فلير" (Cambo Flare) الآسيوي في بيغ ليك في مينيسوتا، لروادها ما يصل إلى 50% خصماً إذا كانوا يستخدمون العملة المشفرة. لكن مطعم ميزون إكوكو ليس الوحيد في سنغافورة.

المطلوب من إيلون ماسك تطهير "مستنقع" العملات المشفرة على "تويتر"

كان جامي ليم، مالك مطعم "جو بار"، الذي يبعد 10 دقائق سيراً على الأقدام، يحصل المدفوعات على شكل عملات افتراضية لمدة أربع سنوات. يدَّعي ليم أن لديه المؤسسة الوحيدة في سنغافورة التي تعالج معاملات "بيتكوين" الخاصة بها؛ حتى أن لديه جهاز كومبيوتر دائم الاتصال لهذا الغرض. رغم أنه يقبل عديداً من العملات المشفرة كوسيلة للدفع، بما فيها "إيثر" و"دوج كوين"، إلا أنه يحولها إلى "بيتكوين" على الفور. قال ليم: "ألتزم (بيتكوين) حصرياً"، لكن أضاف أنه ليس متطرفاً يسعى لتشويه صورة أشكال التشفير الأخرى، وأنه يريد تشجيع تبني العملات المشفرة بشكل عام.

"ستيبلز سنتر" التي أصبح اسمها "كريبتو دوت كوم"
"ستيبلز سنتر" التي أصبح اسمها "كريبتو دوت كوم" المصدر: بلومبرغ

حسومات ترويجية

يقدم ليم أيضاً خصماً بنسبة 15% في كل من مطعميه "جو بار" و"8 كوريان باربيكيو"، حيث يمكن لأولئك الذين يدفعون بعملة "بتكوين" الاستفادة من عروض مثل مشروب "جوو سمر بنش"، الذي يقدم لقاء 50 دولاراً سنغافورياً للإبريق، أو كوكتيل حورية النيل سوجو بقيمة 18 دولاراً سنغافورياً مع شاي الفاوانيا الأبيض العضوي، ومشروب هندريك بالريحان والحمضيات. تشمل خيارات الطعام يخنة كيمتشي باللحم والمعكرونة الكورية مقابل 24 دولاراً سنغافورياً. يتضمن موقع "جو بار" الإلكتروني قائمة بتجار آخرين يعتمدون "بتكوين" في سنغافورة، ويقول "إننا نعرفهم شخصياً". يشمل ذلك متجر حلويات يسمى "غليز" (Glaze) وتجار سيارات فارهة ومتاجر هواتف محمولة.

ينبغي على مؤيدي التشفير أن يتوسلوا سعياً للتنظيم

يميل إسحاق تانغ، وهو أحد الزبائن المنتظمين في "جو بار"، للدفع باستخدام "بتكوين" لأن الطبيعة اللامركزية للعملات المشفرة تسمح للتجار بتخطي البنوك. قال تانغ: "لقد تحسن التبادل عبر (بتكوين) بشكل ملحوظ منذ إطلاقها... أصبح إجراء مسح ضوئي لرمز الاستجابة السريع أمراً بسيطاً في هذه الأيام". كما يرى أن العروض الترويجية مجرد تزيين للكعكة. قال تانغ: "لقد بدأت الدفع مستخدماً (بيتكوين) منذ 2018، بالتالي فإن أرباح جامي من (بيتكوين) عبر دفعاتي عوضت خصوماته بفارق كبير." ارتفعت قيمة العملة المشفرة 900% منذ 2018.

يبقى تانغ حالياً استثناءً وليس قاعدة. قال ليم إنه اجتذب عديداً من مُحبّي العملات المشفرة إلى مطعمه، لكن قليلاً جداً منهم على استعداد للتخلي عن أصول رقمية، وأضاف قوله: "معدل التقبل منخفض للغاية."

ما تزال بدائية

تأكد هذا الشعور في رحلتي الأخيرة إلى مطعم ميزون إكوكو، حيث ذُكِّرنا بأن التشفير ما يزال نظام دفع ناشئ. دفعت إحدى الصديقات فاتورة الحساب الخاصة بنا مستخدمة "إيثر"، حوالي 0.1 "إيثر" للمشروبات والوجبات الخفيفة، لكن كان عليها أن تحاول مرات عدة عبر تطبيق "كريبتو دوت كوم" قبل أن تنجح. قالت إن هذا الخلل معتاد جداً حينما تحاول فيما ندر أن تدفع بالعملات المشفرة. إنها تفضل الاحتفاظ بالعملات دون بيعها أي أنها ممن يطلق عليهم مُسمّى يُلفظ "هيودال" رغم كتابته (HODL) ويشير لمن يحتفظون بالعملات الافتراضية وسط تقلب قيمتها.

أكبر بورصة عملات مشفرة بالعالم تنال موافقة مبدئية للعمل في أبوظبي

يُقرّ ليونغ أن كثيراً من الزبائن لا يدفعون باستخدام العملات المشفرة حتى الآن، ويبلغون وسطياً بضعة عملاء في الأسبوع. يُعدّ قبول العملة المشفرة في الأساس إشارة لجذب الزبائن المترددين على المطعم بانتظام من ذوي هذا الفكر، ويفترض أنهم من أصحاب المحافظ الكبيرة. قال ليونغ: "ننشئ مكاناً ليلتقي فيه الناس. ليس فقط في (ميتافيرس). إنها حياة حقيقية"، وأشار مازحاً الى أنه تمكن من الاتصال بأشخاص يبحثون عن وظائف أو شراكات تجارية "دون أن يدفع أتعاباً لوكلاء".