سباق اليخوت الضخمة عبر المحيطات يُظهر يأس الأوليغارشية

يخت "أماديا" لورسن ميغا مع حوض سباحة خلفي
يخت "أماديا" لورسن ميغا مع حوض سباحة خلفي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قبل انغماس اليخت الضخم "أماديا" الذي تبلغ تكلفته 325 مليون دولار في نزاع قانوني في جنوب المحيط الهادئ؛ انطلق اليخت الفاخر -الذي تدّعي الحكومة الأمريكية أنَّه ملك الملياردير سليمان كريموف- في رحلة استغرقت 18 يوماً في طريقه من البحر الكاريبي إلى فيجي، مستهلكاً على الأرجح وقوداً تزيد تكلفته على 500,000 دولار.

تدور تكهنات بأنَّ اليخت العملاق كان يشق طريقه نحو ميناء فلاديفوستوك الروسي قبل أن تصادره السلطات في فيجي بناءً على طلب المسؤولين الأمريكيين. إذ أثار غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير سلسلة من العقوبات المالية التي فرضتها واشنطن العاصمة وحلفاؤها بهدف معاقبة المئات من الأوليغارشية وأباطرة الأعمال المقرّبين من الرئيس فلاديمير بوتين. كما طاردت حكومات مختلفة فيلات أباطرة المال وطائراتهم وقواربهم الترفيهية؛ إذ استولت على أكثر من اثني عشر يختاً ضخماً بملايين الدولارات.

المخاوف تخيم على صناعة اليخوت مع تزايد العقوبات على الأثرياء الروس

البحث عن ملاذ

جعلت هذه الخطوة اليخوت الفاخرة تتسابق عبر المحيطات إلى مناطق من غير المرجح أن تفرض أو تُطبّق العقوبات. ومن خلال العمل مع شركة "سباير غلوبال" (Spire Global)، وهي شركة تحليلات تستخدم الأقمار الصناعية النانوية لجمع البيانات؛ كانت "بلومبرغ نيوز" تتعقب أطول رحلات اليخوت المتصلة بأباطرة المال الروس في قوائم العقوبات.

ومنذ غزو أوكرانيا؛ قام "أماديا" بأطول رحلة، في حين سجلت خمسة يخوت عملاقة أخرى على الأقل رحلات بحوالي 5,000 ميل بحري سعياً للوصول إلى وجهات تعتبر آمنة من العقوبات والمصادرات، بما في ذلك تركيا وروسيا.

تعليقاً على الموضوع، قال سيماو أوليفيرا، مطوّر الويب والتطبيقات في شركة "سباير"، والذي طوّر أداة تعقب اليخوت: "في الأشهر القليلة الماضية، رأينا يخوت الأوليغارشية الروسية الخاضعين للعقوبات تسافر إلى أماكن لم تذهب إليها من قبل، وهي تقطع أميالاً أكثر مما تفعل عادةً".

أخيراً، أبحر يخت "أماديا" حوالي 8,358 ميل بحري منذ 24 فبراير، مسجلاً ما يقرب من نصف إجمالي الأميال التي قطعها في العام الماضي، وفقاً لتحليل "سباير".

مسيرة "أماديا"

كان اليخت "أماديا"، الذي يضم مهبطاً للطائرات العمودية ومسبحاً من بلاط الفسيفساء وخزاناً للسرطانات البحرية، قد رسا قبالة جزيرة سينت مارتن في البحر الكاريبي منذ حوالي عيد الميلاد، وكان ما يزال موجوداً عندما بدأت روسيا نزاعها المسلح في أوكرانيا.

في 12 مارس، بدأ اليخت في التحرك غرباً، ومرَّ في النهاية عبر قناة بنما، وفقاً لبيانات تتبّع السفن التي حللتها "بلومبرغ نيوز". ومن هناك، اتجه إلى الشمال الغربي إلى المكسيك، حيث وصل إلى ميناء مانزانيلو على الساحل الغربي للبلاد في 24 مارس، ورسا هناك لمدة تقل عن 24 ساعة، وهي فترة وجيزة لدرجة أنَّها كانت على الأرجح محطة للتزود بالوقود، كما قال سام تاكر، رئيس اليخوت العملاقة لمزوّد البيانات البحرية "فيسلزفاليو" (VesselsValue).

بعد ذلك؛ اتخذ "أماديا" الذي يبلغ طوله 348 قدماً خطاً مباشراً لفيجي بسرعة إبحار تبلغ 13 ميلاً في الساعة، ووصل إلى ميناء لاوتوكا في 12 أبريل، دون التصاريح اللازمة على ما يبدو. وقد فازت فيجي بأمر من المحكمة بعد أسبوع لمنع السفينة من المغادرة بعد أن تلقّت طلباً للمساعدة القانونية المتبادلة من الولايات المتحدة.

الولايات المتحدة تصادر يختاً فاخراً مملوكاً لملياردير روسي

ووفقاً لتغريدة "إف بي نيوز فيجي" على موقع "تويتر"؛ فقد وافقت المحكمة العليا على طلب للاستيلاء على اليخت الضخم الروسي "أماديا" في رصيف لاوتوكا.

الجدير بالذكر أنَّ المحكمة العليا في فيجي أعطت هذا الأسبوع الضوء الأخضر للولايات المتحدة والسلطات المحلية للاستيلاء على "أماديا"؛ فقد خسر المحامي الذي يمثل المالك المسجل للسفينة، "ميلمارين إنفستمنتس" (Millemarin Investments)، استئنافاً لوقف الأمر. إذ يقول، إنَّ السفينة مملوكة لرجل أعمال روسي آخر، وليست لملياردير الذهب كريموف كما تدّعي الحكومة الأمريكية. وتم توقيع عقوبات على كريموف، تبلغ قيمتها حوالي 15.8 مليار دولار، من قبل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في مارس بسبب علاقاته مع بوتين، وكان على قائمة العقوبات الأمريكية عام 2018.

يخوت روسية فاخرة بأكثر من ملياري دولار محتجزة في أوروبا

قال إيان رالبي، الرئيس التنفيذي لشركة "آي.آر. كونسيليوم" (I.R. Consilium)، وهي شركة استشارات الأمن البحري: "يبدو أنَّ هذه اليخوت تبحث عن ولايات قضائية مريحة يمكنها الاختباء فيها، ومن المتوقَّع أن تكون سيشيل، وجزر المالديف، ودبي، وفيجي بعيدة بما يكفي عن متناول العقوبات، لكن بمجرد وصولها؛ تكتشف هذه اليخوت في بعض الحالات أنَّها أخطأت في الاعتقاد بأنَّ هذه الدول ستوافق على ترك يخت روسي دون إزعاج؛ إذ سرعان ما تكتشف بأنَّه لا يوجد ملاذ آمن مريح لها حقاً".

كان بحث "أماديا" عن شواطئ آمنة مكلفاً؛ حيث يمكن لليخت الذي يرفع علم جزر كايمان أن يُبحر حوالي 10,000 ميل بحري باستخدام خزّانه الممتلئ - وهو ما يكفي لرحلته السريعة من البحر الكاريبي إلى فيجي، كما قال دينيس سوكا، وهو مؤثر في صناعة اليخوت يُعرف باسم "يخت موغول"، و يستأجر السفن، ويساعد في بيعها للعملاء. إذ يمكن لليخت أن يحمل 392,000 لتر (104 آلاف غالون) من الوقود، وسيكلّف الخزان الكامل مالكه الروسي حوالي 530,000 دولار بأسعار الديزل الحالية في أوروبا، وفقاً لسوكا.

كليو

"كليو" هو يخت بقيمة 65 مليون دولار، ويرتبط بأوليغ ديريباسكا، الملياردير الروسي الذي يعمل في مجال الألمنيوم، والذي وضعته صلاته ببوتين أيضاً على قوائم العقوبات، وقد سجل ثاني أكبر مسافة مقطوعة بالأميال البحرية منذ غزو أوكرانيا برحلات بلغ مجموعها 7,374 ميل بحري. وكان اليخت الذي يبلغ ارتفاعه 239 قدماً في جزر المالديف بالمحيط الهندي حيث انتشر التدقيق حول ديريباسكا وأوليغارشية آخرين مقرّبين من الرئيس الروسي بعد اندلاع الحرب.

يخت أوليغ ديريباسكا يواصل الإبحار متجاوزاً العقوبات

يُشار إلى أنَّ ديريباسكا، الذي يخضع لعقوبات أمريكية منذ 2018، هو صاحب تكتل صناعي يضم مزوّداً رئيسياً للمعدات العسكرية لروسيا، وفقاً للاتحاد الأوروبي، الذي فرض عقوبات عليه في أبريل في نفس اليوم الذي استهدف فيه بنات بوتين الراشدات.

قال متحدث باسم ديريباسكا، إنَّ عقوبات الاتحاد الأوروبي ضده مضللة، وتستند إلى معلومات كاذبة. وفي حين يملك الملياردير حصة صغيرة في التكتل الصناعي؛ فإنَّ الشركات قد باعت الأصول العسكرية منذ عام 2019، ولا تنتج حالياً أية معدات عسكرية، وفقاً للمتحدّث.

كما قال المتحدث، إنَّ الملياردير لا يملك "كليو". ويُشار إلى أنَّ شركة "سوبرياخت فان" (SuperYacht Fan)، التي تبحث وتحقق في هياكل ملكية اليخوت للأثرياء جداً؛ تدرج ديريباسكا مالكاً لـ"كليو"، وغالباً ما تكون ملكية اليخوت العملاقة مبهمة، وتتضمّن شركات وهمية.

الجدير بالذكر أنَّ اليخت "كليو"، الذي يتسع لمنامة 18 شخصاً، ويضم مصعداً خاصاً، كان يتحرك في تاريخ 20 مارس. فقد أذاع أنَّه متجه إلى دبي، قبل أن ينعطف جنوباً ويعود إلى جزر المالديف، ثم يتوجّه في رحلة بطول 3,000 ميل شمال غرب عبر قناة السويس، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ". وقد شوهد آخر مرة في البحر الأسود خارج إسطنبول، حيث يوجد عدد من الموانئ الروسية في متناول اليد، وذلك قبل أن يتوقف نظام التعرف التلقائي عن بث موقعه في 18 أبريل.

يحمل "كليو" 250,000 ألف لتر من الوقود على متنه، ويكلّف الخزان الكامل ما يقرب من 340,000 ألف دولار.

نورد

يقال إنَّ يخت "نورد" الذي يبلغ ارتفاعه 465 قدماً - وهو قصر عائم بقيمة 500 مليون دولار يضم مهبطين للطائرات العمودية وسينما و20 كابينة فاخرة - مملوك لملياردير الصلب الروسي أليكسي مورداشوف. وقد قطعت السفينة حوالي 6,701 ميل بحري في هذه الفترة، علماً أنَّ معظم المسافة في رحلتها للعودة إلى موطنها في ميناء فلاديفوستوك الروسي في مارس.

وكانت السفينة في جزر المالديف وسيشل خلال الشتاء. حيث غادرت سيشيل في 12 مارس وتوجهت نحو سريلانكا، على الرغم من أنَّها انعطفت يساراً بشكل غير عادي بمقدار 90 درجة قبل وصولها. وقال تاكر من "فيسلزفاليو": "ربما كان هذا القرار في اللحظة الأخيرة لشراء المؤن أو قطع الغيار". ووصل اليخت إلى فلاديفوستوك في 11 أبريل، حيث ما زال يرسو ويبث موقعه، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".

يخوت أثرياء روسيا تتجه لجزر المالديف وسيشل بعد فرض العقوبات

وبحسب سوكا؛ فإنَّ القارب يحمل 345,000 ألف لتر من الوقود، كما أنَّ الخزان الكامل لرحلته إلى روسيا يكلّف حوالي 465,000 ألف دولار.