الحظر الأوروبي للنفط الروسي ينبغي أن يكون واقعياً

صهاريج تخزين النفط في مصفاة "آر إن -توباسينسكي"، التي تديرها شركة "روسنفت"، في توابسي، روسيا
صهاريج تخزين النفط في مصفاة "آر إن -توباسينسكي"، التي تديرها شركة "روسنفت"، في توابسي، روسيا المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتجه الاتحاد الأوروبي لفرض حظر على واردات النفط من روسيا، وكذلك استهداف لتجارة الدولة بشكل أوسع من خلال عقوبات على تأمين الشحن، لكن عليه أن يدرك أن تقليص صادرات النفط الروسية إلى صفر لا يمكن تحقيقه ولا هو مرغوب.

تهدد هنغاريا وسلوفاكيا وكرواتيا بالفعل وحدة التكتل الأوروبي حول مقترح التخلص تدريجياً من واردات الخام الروسي خلال الشهور الستة المقبلة، ومن مشتريات المنتجات المكررة بحلول نهاية العام. لكن ينبغي التعامل معهم بجدية حتى وإن كانت حججهم غير مقبولة بالكامل.

الاتحاد الأوروبي يستهدف النفط الروسي عالمياً بعقوبات على خدمات الشحن والتأمين

هنغاريا تواصل إعاقة حزمة عقوبات النفط الأوروبية ضد روسيا

صحيحًُ أن البدائل متاحة، إذ يمكن مطابقة خصائص النفط الخام من مزيج التصدير الروسي، والذي يشار إليه عموماً باسم خام الأورال، عبر مزج الخام من أماكن أخرى لكن بتكلفة أكبر. لذا فالأمر لا يعني أن المصافي في هنغاريا وسلوفاكيا وكرواتيا لن تكون قادرة على العمل، وإنما لن تكون قادرة على العمل بكفاءة أو ربحية.

وفي حين أن منحهم التأجيل الذي يريدونه لن يخرج العقوبات عن مسارها، لكنه يمنحهم ميزة مالية ضخمة مع استمرارهم في معالجة الخام الروسي الرخيص، بينما يضطر منافسوهم إلى إيجاد بدائل أكثر تكلفة.

بالطبع، هذا ليس سبباً للتخلي عن هدف إنهاء مشتريات أوروبا للخام الروسي. وبينما يتعين على الكتلة أن تمدد الموعد النهائي لتلك البلدان، يجب أيضاً أن تشترط خفضاً تدريجياً في أحجام النفط الروسي التي تعالجها تلك الدول خلال هذه الفترة؛ تماماً مثلما فعلت العقوبات في عهد أوباما على الخام الإيراني مع عملاء آسيويين مختارين.

اقرأ أيضاً: أوروبا بصدد توجيه الضربة القاضية لنفط روسيا

ورغم أن الأحجام المعنية ليست ضئيلة، فهي ليست ضخمة. تُظهر البيانات من الشركة المحتكرة لخطوط أنابيب النفط الروسية، "ترانسنفت" (Transneft)، أن شحنات النفط الخام إلى الدول الثلاث مجتمعة ناهزت 240 ألف برميل يومياً في عام 2021. هذا يمثل حوالي 10% من إجمالي صادرات النفط الخام الروسي المتجه غرباً الذي سلمته "ترانسنفت" العام الماضي، وأقل من 7% من إجمالي الشحنات إلى دول خارج حدود الاتحاد السوفيتي السابق.

من الأفضل للاتحاد الأوروبي أن يقبل بالخفض التدريجي لهذه الشحنات بدلاً من المخاطر بحزمة العقوبات بأكملها.

مشكلة المنشأ

مع ذلك، يزيد فرض عقوبات على صادرات المنتجات المكررة الروسية مجموعة مختلفة من التحديات.

ينبغي أن يكون للالتماسات الخاصة تأثير أقل،. ستواجه كل دولة أوروبية مشكلة تأمين إمدادات بديلة، ونظراً لأن المنتجات المكررة تُصنع لتلبية المعايير التنظيمية للعملاء، فهناك تباين كيميائي أقل بكثير مما هو موجود بين أنواع النفط الخام الطبيعية. تختلف هذه المعايير في أجزاء مختلفة من العالم، لكن وقود الديزل المنتج لتلبية مواصفات الاتحاد الأوروبي في مصفاة في الشرق الأوسط يمكن أن يحل محل منتج مماثل من روسيا.

وبالتالي، سترتفع الأسعار. لكنها سترتفع على الجميع. والأسئلة الحقيقية هي: ماذا نعني حقاً بالمنتجات الروسية المكررة؟ وهل نستطيع المواصلة بدونها؟

للإيضاح، أجاب بن فان بيردن، الرئيس التنفيذي لشركة "شل"، على السؤال الذي طرحته الأسبوع الماضي: هل يعتبر الديزل المنتج في مصفاة هندية تعالج الخام الروسي هندياً أم روسياً؟

خلال العرض التقديمي لنتائج أعمال الربع الأول للشركة الأسبوع الماضي، قال بيردن: "ليس لدينا أنظمة في العالم لتتبع ما إذا كان هذا الجزء المحدد قد نشأ من تكوين جيولوجي في روسيا". وفي ما يخص تحديد ما يعاقب عليه، أضاف أنه إذا عولج المنتج بشدة، أو أعيد تشكيله، أو تغييره، فإنه يفقد منشأه". وبعبارة أخرى، ينبغي اعتبار الديزل الهندي المُصدَّر من مصفاة هندية تعالج الخام الروسي هندياً.

اقرأ أيضاً: "شل" تجري محادثات لبيع محطات الوقود في روسيا ضمن خطتها للتخارج

البديل هو فرض عقوبات على جميع المنتجات من كل مصفاة تعالج الخام الروسي. وفي سوق عالمية معروضها شحيح بالفعل، خاصة بالنسبة للوقود من نوع الديزل، سيكون هذا انتحاراً اقتصادياً.

سيستمر النفط الروسي في شق طريقه إلى السوق. لكن التكاليف الحقيقية ستُفرض على صناعة النفط في البلاد وعلى إيرادات الحكومة. ستضرب العقوبات المفروضة على صادرات المنتجات المكررة مباشرة قطاع التكرير في روسيا، وسيتردد صداها على طول سلسلة توريد النفط إلى عمليات الإنتاج في سيبيريا وأماكن أخرى. وللعقوبات الذاتية هذا التأثير بالفعل.

سيؤدي إغلاق السوق الأوروبية، التي تعد الأقرب والأكثر ربحية في روسيا، إلى شحن الصادرات لمسافات أطول، ومن ثم ستزيد العقوبات المفروضة على الشحن تكلفة التوصيل،.قد تكون الخطوة التالية هي نوع العقوبات الثانوية التي تفرضها الولايات المتحدة على الخام الإيراني والفنزويلي، والتي تهدف إلى الضغط على الأسواق الروسية في آسيا.

ربما لن يصل الأمر لهذا الحد. فبعد كل شيء، الغرض من العقوبات ليس إلحاق ضرر اقتصادي بروسيا فقط -بغض النظر عما قد يقوله الكرملين مخالفاً لذلك- وإنما إقناع فلاديمير بوتين بإنهاء غزوه لأوكرانيا. لست مقتنعاً بأن ذلك سينجح، لكن هذا ليس سبباً لعدم المحاولة.

نفط