لا ينبغي على "الفيدرالي الأمريكي" استبعاد رفع الفائدة بوتيرة أسرع

جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي
جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي المصدر: بلومبرغ
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ارتفعت الأسعار في الولايات المتحدة بنسبة 8.3% سنوياً حتى نهاية شهر أبريل، بما يقل بنسبة ضئيلة فقط عن ارتفاعها بمعدل 8.5% سنويا في نهاية مارس. وكان معظم الاقتصاديين يتوقعون انخفاضاً أكبر في معدل الزيادة.

وعلى ما يبدو أن التضخم ربما قد بلغ ذروته، غير أن المسألة الحيوية تتعلق بمدى سرعة انخفاضه مرة أخرى إلى مستوى مقبول.

ويبدو أن إجابة هذا السؤال حالياً هي: أن هذه السرعة ليست كافية.

رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في الأسبوع الماضي بواقع 50 نقطة أساس، إلى نطاق يبدأ من 0.75% وحتى 1%، وأعلن للأسواق أن تتوقع المزيد.

غير أن الجدول الزمني الذي دفع المستثمرين إلى تخمينه يترك أسعار الفائدة سلبية بدرجة كبيرة من ناحية معدلاتها الحقيقية على مدى شهور عديدة قادمة.

باول يؤكد احتمال رفع أسعار الفائدة مجدداً بنسبة 0.5% في يونيو ويوليو

ورغم المخاطر التي ينطوي عليها تشديد السياسة النقدية بوتيرة أسرع من المتوقع بما يدفع الاقتصاد نحو الركود، ينبغي على البنك المركزي أن يدرس فكرة اتخاذ إجراءات أقوى وأن يُعدّ المستثمرين لهذا الاحتمال.

وينبغي على إدارة الرئيس جو بايدن، من جانبها، أن تبدأ في مدّ يد المساعدة بدلاً من تعقيد الأمور.

ارتفاع الأسعار

إن أشد ما يثير القلق في أرقام التضخم الجديدة هو ارتفاع ما يسمى المؤشر الأساسي لأسعار المستهلك، الذي يستبعد قياس مجموعتي الطاقة والغذاء اللتين تتسمان بالتقلب.

وقد ارتفع هذا المؤشر بنسبة 0.6% على أساس شهري –وبنسبة 7% تقريباً على أساس سنوي– مقارنة مع 0.3% في شهر مارس.

وجاءت الزيادة في أسعار الخدمات واضحة على نحو خاص، مشيرة إلى أن عودة التوازن في الطلب بعد أزمة كوفيد قد تبطئ معدل التضخم بدرجة أقل مما كان مأمولاً، ومؤكدة على أن خطر الضغوط التضخمية ينتشر في الاقتصاد على نطاق أوسع.

مسؤول بـ"الاحتياطي الفيدرالي": لا داعي لرفع الفائدة بوتيرة أسرع من 0.5%

يبدو أن أسواق المال، مستندة إلى بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي، قد وضعت في حسبانها سعراً للفائدة الأساسية يبلغ نحو 2.5% بحلول نهاية هذا العام.

فإذا حام معدل التضخم فوق مستوى 3% في عام 2023، مثلما يبدو الآن، سيظل سعر الفائدة الأساسي سلبياً من حيث معدله الحقيقي، ومن هنا يكون الاحتياطي الفيدرالي مستمراً في تقديم تحفيز نقدي.

(وذلك مع تجاهل التحفيز الإضافي الذي يقدمه البنك المركزي من خلال محفظة السندات الهائلة، رغم تناقصها).

من السهل الدفاع عن سياسة التقشف النقدي الحذرة، في ضوء مخاطر زيادة التقلبات المالية وتباطؤ الاقتصاد بصورة مفاجئة أكثر مما ينبغي، غير أن كفة الميزان تتحول حالياً.

كبح التضخم

ينبغي على البنك المركزي مراقبة الدلائل التي تشير إلى أن توقعات ارتفاع التضخم في المدى الطويل تتوسع وتترسخ، وعليه أن يستعد لتشديد السياسة النقدية بوتيرة أسرع.

رداً على سؤال بعد إعلان قرار السياسة النقدية في الأسبوع الماضي، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، إنه وزملاءه لا يدرسون جدياً زيادة أسعار الفائدة بما يزيد على 50 نقطة أساس. وفهم كثير من المستثمرين أن معنى ذلك أن زيادة بهذا الحجم لن تحدث.

وفي الواقع، ينبغي على باول وزملائه أن يناقشوا زيادة أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس -وأكثر من ذلك– إذا تطلب الأمر ذلك، وينبغي أن تُهيَّأ الأسواق لاستقبال هذه الإمكانية. فربما تتعقد مشكلات الاحتياطي الفيدرالي عندما يبدو أنه يستبعد ذلك عن طريق دفع توقعات التضخم إلى أعلى.

الدولار يقفز لأعلى مستوياته في 20 عاماً بدعم من رفع الفائدة

وعند الحديث عن تعقيد المشكلات، هناك إدارة بايدن. إن كثيراً من أسباب ارتفاع التضخم بحدة يعود إلى خطة التحفيز في العام الماضي، التي أقرت بالإضافة إلى تطبيق فعلي لسياسة مالية توسعية وفي وقت معاناة الاقتصاد من فرط النشاط.

في خطاب ألقاه الأسبوع الحالي، تحدث بايدن عن ارتفاع الأسعار، لكنه تحدث بطريقة غير ملائمة. فكانت اقتراحاته مألوفة، وفي معظمها لا صلة لها بالمشكلة المطروحة، وفي بعض الحالات تأتي بنتائج عكسية بوضوح.

فليست المشكلة في تحديد الأسعار من قبل شركات احتكارية. بل إن مبالغ الدعم الكبيرة لرعاية الأطفال أو الرعاية طويلة الأجل، التي ربما تكون مرغوبة في الظروف العادية، لا تؤدي في اللحظة الحالية إلا إلى زيادة الطلب وتكثيف الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي حتى يرفع الفائدة. ولنفس السبب، من المؤسف أن الرئيس لم ينتهز هذه الفرصة حتى يستبعد تماماً إسقاط الديون عن الطلاب.

حتى إشعار آخر، يجب أن تحتل مقاومة التضخم قمة الأولويات الاقتصادية. وكلما ألزم الاحتياطي الفيدرالي والإدارة الأمريكية أنفسهم بوضوح بهذا الهدف، كان تحقيقه أسهل.