هل هذا النفط روسي؟

ستبذل روسيا قصارى جهدها للحفاظ على حركة شحنات الخام واستمرار تدفقها إلى الصين والهند

مقطورات لشحن النفط والوقود والغاز المسال في محطة سكة حديد يانيشكينو، بالقرب من مصفاة "غازبروم نفت" في موسكو، روسيا في 27 أبريل 2020
مقطورات لشحن النفط والوقود والغاز المسال في محطة سكة حديد يانيشكينو، بالقرب من مصفاة "غازبروم نفت" في موسكو، روسيا في 27 أبريل 2020 المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

دخلت ضوابط الاتحاد الأوروبي التي تحظر التعامل مع شركات الطاقة الروسية التابعة للدولة حيز التنفيذ يوم الأحد، وهي خطوة يجب أن تؤدي لانخفاض إضافي في حجم المنتجات الخام والمكررة التي تشتريها وتتداولها الشركات الأوروبية، لكنَّها لن توقف التدفقات.

حتى عندما، أو إذا، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شراء النفط من البلاد؛ فإنَّه لن يمنع الخام "الروسي" من مغادرة الموانئ الروسية، ولا المنتجات المصنوعة منه من تزويد السيارات والشاحنات الأوروبية بالوقود. وهناك أسباب عديدة لذلك.

ستبذل روسيا قصارى جهدها للحفاظ على حركة الشحنات، إذ سيستمر النفط الخام في التدفق إلى الصين والهند، بل سيكون بأحجام متزايدة أيضاً، وستعتمد الشحنات المنقولة بحراً بشكل متزايد على السفن الروسية.

اقرأ أيضاً: "وكالة الطاقة": إيرادات روسيا من النفط ارتفعت 50% رغم العقوبات

تدير شركة "سوفكومفلوت" (Sovcomflot PJSC) الحكومية أسطولاً يضم أكثر من 100 ناقلة نفط، بدءاً مما يسمى بالسفن متوسطة المدى، والتي تستطيع نقل 40 ألف طن من المنتجات المكررة إلى الأسواق الإقليمية، وصولاً إلى أكبر ناقلات النفط الخام القادرة على نقل ثمانية أضعاف ذلك لمسافات شاسعة.

سفن منبوذة

كانت السفن المستخدمة في التجارة الخارجية لروسيا منبوذة بشكل كبير منذ أن أضافت المملكة المتحدة شركة "سوفكومفلوت" إلى قائمة الكيانات الخاضعة للعقوبات، الأمر الذي دفع شركات التأمين الدولية لتجنّب الشركة المالكة للسفن. لم تنقل الناقلة العملاقة "سفيت"، وهي أكبر سفينة تمتلكها الشركة، وتبلغ حمولتها الإجمالية 340 ألف طن، أي شحنات منذ تسليم شحنة الخام الأنغولي إلى الصين في فبراير.

من المحتمل أن توفر الدولة الروسية التأمين على سفن "سوفكومفلوت" التي تشق طريقها إلى الهند، بدلاً من شركات التأمين المتبادل أو أندية الحماية والتعويض، التي عادةً ما تؤدي هذا الدور.

مع ذلك؛ ارتفع حجم التجارة المنقولة من غرب روسيا إلى الأسواق الآسيوية منذ غزو أوكرانيا، ويبدو أنَّها ستزداد بشكل أكثر. كما بدأ تفريغ الشحنات في الفجيرة بالإمارات العربية المتحدة، حيث يمكن تكرير النفط الخام أو تخزينه ومزجه وإعادة بيعه.

قد يهمك: نفط روسيا يواصل التدفق فيما تتنازع أوروبا حول العقوبات

ستكون هناك أيضاً إعفاءات للنفط الخام الذي يعبر روسيا، والذي يأتي معظمه من كازاخستان، لكنَّ كمياته أقل أيضاً بكثير من تلك القادمة من أذربيجان وتركمانستان.

لقد تحدثت من قبل على وضع مزيج النفط الخام الكازاخستاني "سي.بي.سي" (CPC)، لكنَّ التجار سيظلون قادرين على نقل ما تراه الأطراف الخارجية على أنَّه مماثل لنفط الأورال الروسي أو مزيج سيبيريا الخفيف. هذه ليست محاولة للتهرب من العقوبات.

هوية الشحنات

بالرغم من أنَّ معظم الجزيئات الموجودة في هذه الشحنات متدفقة من الأراضي الروسية؛ فإنَّ الأصل القانوني للشحنات سيأتي من مكان آخر. كازاخستان، على سبيل المثال، تضخ النفط الخام في نظام خطوط الأنابيب الروسية. يُمزج هذا الخام بكميات قادمة من حقول النفط الروسية لصنع درجات معيارية للتصدير، مثل خام الأورال "ريبكو" وخام سيبيريا الخفيف، ثم تُخصص كازاخستان كمية النفط الخام نفسها التي وضعت في النظام لتحميلها على الناقلات في الموانئ الروسية.

بالرغم من أنَّ الصفقة المالية منعقدة بين البلد المشتري وكازاخستان؛ لكنَّ الشحنة تبدو وكأنَّها روسية؛ فقد صُنّفت باعتبارها روسية، وتم تحميلها في ميناء روسي. قد يتسبّب ذلك في إثارة كافة أنواع المخاطر المتعلقة بالسمعة للشركات، مثل "فيتول غروب"، التي تتعامل مع صادرات خام الأورال الكازاخستانية.

اقرأ المزيد: فيتول: تجارة النفط الروسي ستصبح أصعب بدءاً من منتصف مايو

في حين أنَّ أوروبا قد تتوقف عن شراء الخام الروسي، يُستبعد أن تستطيع تجنب وقود الديزل المصنوع من هذا الخام. قد تتوقف التجارة المباشرة المبنية على الديزل بين روسيا والدول الأوروبية، لكنَّ المنتج المصنوع من الخام الروسي في مصافي التكرير الخارجية سيستمر بالوصول إلى الموانئ الأوروبية.

لم يعد الخام الروسي المعالج في مصافي التكرير الخارجية روسياً. على سبيل المثال؛ الديزل المنتج في مصفاة هندية هو هندي، بصرف النظر عما إذا كان الخام قادماً من المملكة العربية السعودية أو روسيا أو أي مكان آخر. تُصنّع المنتجات وفقاً للمواصفات الصارمة المطلوبة في الدول المستهلكة، لكن ليس هناك آلية قادرة على تحديد مصدر النفط الخام المُنتج منه.

لا تهدف تدابير الاتحاد الأوروبي المفروضة بالفعل والعقوبات المقترحة التي يحاول الدول الأعضاء تبنيها إلى وقف تدفقات النفط الخارجة من روسيا، في حد ذاتها، بل وقف، أو على الأقل تسجيل انخفاض كبير في الإيرادات التي تجنيها روسيا من تصدير النفط.

في الوقت نفسه، ما يزال العالم بحاجة إلى بعض هذا النفط على الأقل لمواصلة التدفقات إذا أردنا تجنّب ارتفاع آخر في الأسعار.