القمح يحلّق عالياً ويؤجج مخاطر تضخم أسعار الغذاء

تحميل أجولة القمح على الشاحنات في سوق الحبوب بمنطقة البنجاب، الهند.
تحميل أجولة القمح على الشاحنات في سوق الحبوب بمنطقة البنجاب، الهند. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قفزت أسعار القمح إلى الحد الأقصى المسموح به في البورصة بعد تحرك الهند لتقييد الصادرات، ليكشف عن مدى شح الإمدادات العالمية بعد الحرب في أوكرانيا ويهدّد برفع أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر.

ستعلّق حكومة الهند صادراتها للسيطرة على أمنها الغذائي، وفقاً لإخطار بتاريخ 13 مايو، الأمر الذي أثار انتقادات من وزراء الزراعة في مجموعة الدول السبع، الذين وصفوا مثل هذه الإجراءات بأنها تفاقم الأزمة عالمياً.

"G7" تتعهد بمواصلة الضغط الاقتصادي على روسيا ومواجهة "حرب القمح"

ارتفعت العقود الآجلة المعيارية 5.9% لتصل إلى 12.47 دولار للنصف بوشل في شيكاغو، وهو أعلى مستوى في شهرين. وقفزت الأسعار بنحو 60% هذا العام، مما أدى إلى زيادة تكلفة كل شيء من الخبز إلى الكعك والمعكرونة.

الأمر المثير للدهشة أن الهند لا تعد حتى مُصدِّراً بارزاً على الصعيد العالمي. ويعزز مثل هذا التأثير الكبير للهند التوقعات القاتمة بشأن إمدادات القمح عالمياً. يأتي ذلك في الوقت الذي أدّت فيه الحرب إلى إحداث شلل بالصادرات الأوكرانية، فيما تهدد موجات الجفاف والفيضانات وموجات الحر المحاصيل لدى معظم الدول الرئيسية المنتجة.

الحرب تؤجج الأزمة

قال أندرو وايتلو، محلل الحبوب في "توماس إلدر ماركتس" (Thomas Elder Markets) في ملبورن: "إذا حدث هذا الحظر في عام عادي، فسيكون التأثير ضئيلاً، لكن الخسارة الناتجة عن نقص أحجام القمح من أوكرانيا تفاقم المشكلات".

جاء قرار الهند بوقف صادرات القمح في الوقت الذي أدت فيه موجة حر غير مسبوقة إلى جفاف الحبوب خلال فترة حاسمة، مما عزز التوقعات بانخفاض المحاصيل. أدت مخاطر الإنتاج إلى معضلة بالنسبة إلى الهند، التي سعت جاهدة إلى سدّ الفجوة، حيث دفع النقص في الصادرات الأوكرانية المشترين نحو إيجاد مصادر بديلة.

الهند تُربك العالم وتحظر صادرات القمح بشكل مفاجئ

أعطت الهند أولوية خاصة للسوق المحلية، على الرغم من أن هذه الخطوة تنطوي على مخاطر بتشويه صورتها عالمياً كمورد موثوق. ويواجه رئيس الوزراء ناريندرا مودي حالة سخط داخلية بسبب ارتفاع التضخم، وهي القضية التي أطاحت بالحكومة السابقة ومهّدت الطريق لتوليه السلطة.

ستوافق الهند على إرسال الصادرات إلى الدول التي تطلب القمح لاحتياجات الأمن الغذائي وبناءً على طلبات حكوماتها. كما سيُسمح بالشحنات التي صدرت بشأنها خطابات اعتماد غير قابلة للإلغاء. وعادة ما ترسل إمداداتها إلى كلٍ من بنغلاديش وسريلانكا ودولة الإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا.

عجز الغذاء

قالت وزارة الغذاء الهندية في بيان: "لن يضمن توجيه صادرات القمح عبر القنوات الحكومية تلبية الاحتياجات الحقيقية لجيراننا والبلدان التي تعاني من عجز غذائي فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى السيطرة على توقعات التضخم". وأضافت أن البلاد لديها مخزون كافٍ من الأغذية.

وزير: إعفاء مصر من حظر تصدير القمح الهندي

ربما يكون هذا الرأي موضع تساؤل. فقد انخفضت مشتريات الحكومة من القمح إلى النصف، وقد لا تكون كافية لتلبية احتياجات برامجها للدعم الغذائي، وفقاً لـ"سيتي غروب" (Citigroup). كما خفّضت السلطات مخصصات القمح وزادت من مخصصات الأرز في إطار برنامج الغذاء المجاني.

وقال محللون في "سيتي"، بمذكرة: "حتى بعد إجراء هذه التعديلات، قد لا يكون لدى الحكومة ما يكفي من القمح لتلبية متطلباتها السنوية". ووفقاً للبنك، فإنه استناداً إلى تقدير إنتاج الهند البالغ 105 ملايين طن، سوف يتعذّر تحقيق الصادرات التي يستهدفها المسؤولون والبالغة 10 ملايين طن أو أكثر.

الحمائية

تضيف الخطوة التي اتخذتها الهند إلى تفاقم موجة متنامية من الحمائية الغذائية التي ظهرت منذ اندلاع الحرب. وتسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى ضمان الإمدادات الغذائية المحلية مع ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية. وأوقفت إندونيسيا صادرات زيت النخيل، بينما فرضت صربيا وكازاخستان حصصاً على شحنات الحبوب.

أسعار القمح تقفز لأعلى مستوى في 3 أسابيع مع توجه الهند لتقييد التصدير

يأتي ذلك فيما تسود حالة من الإحباط لدى التجار بسبب هذه السياسة. وقبل يوم من إعلان وقف الصادرات الهندية، قالت الحكومة إنها سترسل وفوداً تجارية إلى الدول لاستكشاف إمكانية زيادة صادرات القمح. ولن يحدث هذا في الوقت الحالي. وقالت وزارة الغذاء أيضاً إنها لا ترى حاجة للسيطرة على الصادرات، حيث ذكرت بلومبرغ نيوز أن السلطات تدرس هذه الخطوة.

قال فيجاي إينغار، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة "أغروكورب انترناشونال" (Agrocorp International) ومقرها سنغافورة، والتي يبلغ حجم تجارتها من الحبوب سنوياً حوالي 12 مليون طن: "لدى الكثير من المصدرين والمستخدمين الفعليين في جميع أنحاء العالم التزامات بشراء القمح الهندي، والتي يتعين الوفاء بها".

ارتفعت الأسعار العالمية لأصناف القمح المختلفة. فقد صعدت العقود الآجلة لقمح الشتاء الجاف بمقدار 70 سنتاً، لتصل إلى الحد الأقصى المسموح به، مسجلة 13.52 دولار للبوشل، وهو أعلى سعر منذ عام 2008، بينما زادت أسعار القمح الربيعي بأكثر من 4%، فيما ارتفعت أسعار الذرة 2.2%.

السلع الزراعية