من ينقل النفط الروسي بعد تخلي كبار التجار عن موسكو؟

رافعة لضخ النفط في حقل نفط بالقرب من نفتيكامسك، في جمهورية باشكورتوستان، روسيا
رافعة لضخ النفط في حقل نفط بالقرب من نفتيكامسك، في جمهورية باشكورتوستان، روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مع تقليص أكبر تجار النفط حول العالم صادرات الخام الروسية، تحاول السوق معرفة مَن سيملأ هذا الفراغ بعدها.

وتشمل الإجابات شركة تجارية متوسطة ​​الحجم يقع مقرها في جنيف ولها علاقات وثيقة مع موسكو، وعديداً من الشركات الأصغر التي أصبحت أكثر نشاطاً، وبعض الأسماء الجديدة تماماً، بما في ذلك شركة "بيلاتريكس" (Bellatrix) التي تحمل اسم ساحرة سيئة من عالم "هاري بوتر".

يُشار إلى أن قدرة روسيا على إيجاد وسطاء وسفن ومشترين لخامها هي أمر محوري لكل من سوق النفط العالمية وموسكو، فكلما قلّت صادراتها من النفط زاد الضغط على الإمداد، ولكن أيضاً على عائدات الدولة.

مالِكُو ناقلات النفط يتجنبون الخام الروسي بسبب أزمة أوكرانيا

ويُظهِر الانتشار الواسع للتجار كيف تتغلب روسيا -في الوقت الحالي- على تراجع مجموعتي "ترافيغورا" (Trafigura) و"غلينكور" (Glencore)، وهما من أكبر تجار السلع في العالم. وقالت مجموعة "فيتول" (Vitol)، وهي أكبر شركة لتجارة النفط في العالم، إنها لن تمس الأعمال الروسية الجديدة، وإن أنشطتها ستتراجع اعتباراً من هذا الربع.

على الناحية الأخرى، أصبحت "ليتاسكو" (Litasco)، وهي وحدة تابعة لشركة "لوك أويل" (Lukoil) ومقرها موسكو، أكبر معالج لخام الأورال الروسي، وفقاً لتقارير وكلاء المواني التي جمعتها وكالة "بلومبرغ". وقد استأجرت ناقلات لنقل ما لا يقل عن 14 مليون برميل في أبريل، و8.6 مليون بالفعل هذا الشهر، وهو ما يتجاوز بكثير حصة أي جهة أخرى.

إبحار معتم لناقلات روسية يثير مخاوف حول خرق العقوبات

لا توجد عوائق قانونية أمام نقل النفط الروسي، على الرغم من إعلان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن حظر تدريجي، ولا يزال من المتوقع أن تفعل أوروبا ذلك في الأسابيع المقبلة.

رفضت شركة "ليتاسكو" ومقرها جنيف التعليق على التجارة، إلا أنها قالت إنها وشركاتها التابعة والشقيقة تتبع جميع القوانين واللوائح. وأكدت الشركة التجارية أنها تتخذ "جميع التدابير اللازمة للتخفيف من تأثير الوضع الدولي في العمليات الحالية والعملاء والمستهلكين".

من المحتمل أن تأتي غالبية شحنات "ليتاسكو" من "لوك أويل". وفي الماضي كانت بعض المصافي الأوروبية على الأقل تستأجر ناقلات لنقلها، وقد خرج معظمها من الأعمال التجارية الروسية منذ الحرب، مما يعني أنه لا يتعيّن على "ليتاسكو" بيع النفط فحسب، ولكن أيضاً التعامل مع شحنه.

تحولات مهمة

تحدث في آسيا تحولات مهمة أيضاً، إذ تصدّر روسيا أكثر من 350 مليون برميل سنوياً من النفط الخام، يذهب معظمها إلى المشترين في تلك المنطقة. وهذا ما يقرب من ربع صادرات النفط الخام للبلاد.

استأجرت مجموعة "شاندونغ بورت" (Shandong Port Group)، وهي شركة لها علاقات عميقة مع مصافي النفط في المقاطعة الصينية التي تحمل هذا الاسم، الناقلة "كريتي فيوتشر" في رحلة طولها 1,500 كيلومتر لنقل نفط المحيط الهادي إلى شرق سيبيريا الروسي، أو نفط "إسبو" من ميناء كوزمينو إلى الصين، هذا الشهر، وفقاً لسماسرة السفن والتجهيزات التي شاهدتها "بلومبرغ".

ولم يردّ أحد على المكالمات من المكتب العام لمجموعة "شاندونغ بورت"، كما لم يُرَدّ على البريد الإلكتروني على الفور.

يُشار إلى أن الشركة المدعومة من الحكومة المحلية تمتلك عديداً من المواني والمستودعات وأسطولها من السفن. وقالت في بيان نُشر على حسابها الرسمي على "وي تشات" (WeChat) إنه من المتوقع أن تصل ناقلة تحمل 100,000 طن من الخام إلى دونغجياكو، بالقرب من تشينغداو، في منتصف مايو.

كما يشير إسهام مجموعة "شاندونغ بورت"، وعلاقتها بالشركات المحلية، إلى أن بعض مستلمي خام "إسبو" بدأوا في المشاركة بشكل مباشر في جلب مزيد من النفط الروسي، على الأرجح لأن التجار الرئيسيين للشحنات قد تراجعوا، وفقاً لأشخاص معنية بالسوق.

صادرات النفط الروسية تضطر إلى الإبحار في رحلات أطول لإيجاد مشترين

فضلاً عن ذلك، قال التجار إنّ شركتين نفطيتين صينيتين على الأقل وشركة تجارية دولية وقفت تحميل تلك الشحنات من كوزمينو ليجري شحنها إلى الصين في وقت سابق من هذا الشهر.

من جانبه، قال أنوب سينغ، رئيس قسم أبحاث الناقلات في شركة "برايمار إيه سي إم شيببروكينغ" (Braemar ACM Shipbroking): "أعلنت الشركات التجارية الأساسية -بما في ذلك تلك المملوكة للدولة- عن مواعيد نهائية علنية للغاية لوقف تجارة النفط الروسي هذا الشهر، ويأتي ذلك بعد أن ابتعد عديد من شركات الشحن عن التجارة".

وأضاف: "إذا كان هناك حظر شامل من جانب الاتحاد الأوروبي فسيتعين أن تصبح تجارة النفط الروسية أكثر خصوصية، في حين أن بعض تلك البراميل الرخيصة سيستمر في التدفق إلى منافذ محدودة في آسيا".

"بيلاتريكس" و"ليفنا"

كان أغرب اسم في نقل خام الأورال الروسي هو شركة تدعى "بيلاتريكس"، التي لديها هذا الشهر سفن تنقل ما يقرب من 3 ملايين برميل من النفط الخام، وفقاً لمعلومات وكلاء المواني التي جمعتها "بلومبرغ". وقال سمساران وثلاثة تجار إنهم لم يسمعوا من قبل عن "بيلاتريكس" ولم يتمكنوا من الحصول على معلومات الاتصال الخاصة بها.

تمثّل شحنات "بيلاتريكس" لشهر مايو ربع إجمالي خام الأورال من ميناء بريمورسك على بحر البلطيق، حيث جرى إدراج اسم الشركة التي تشحن البراميل. ويُشار إلى أن "بيلاتريكس ليسترينغ" هي شخصية في كتب وأفلام "هاري بوتر". ولم تظهر الشركة من قبل في تقارير وكلاء المواني التي جمعتها "بلومبرغ".

في حين قال تجار وسماسرة النفط في أنحاء آسيا إن مزيداً من السفن المحملة بشحنات خام روسية استأجرها مستأجرون أصغر، يضع توقع فرض حظر من جانب الاتحاد الأوروبي، إلى جانب خروج الشركات الكبرى، ضغوطاً متزايدة على العملاء الآسيويين للتوقف عن شراء هذا النفط علناً، وفقاً للتجار.

في آسيا، أصبحت شركة تدعى "ليفنا شيبنغ" (Livna Shipping) أكثر انخراطاً في تجارة رئيسية، إذ جرى إدراج شركة الشحن المسجلة في هونغ كونغ بوصفها مؤجراً لثماني سفن لنقل خام "إسبو" الروسي إلى الصين حتى الآن في مايو، حسب بيانات من شركة تحليلات الشحن "فورتكسا" (Vortexa). وكانت الشركة مشاركاً صغيراً نسبياً في أبريل، إذ لم يكن لديها سوى سفينتين مؤجرتين فقط، ولم يكن لديها أي سفن في مارس.

"فيتول": تجارة النفط الروسي ستصبح أصعب بدءاً من منتصف مايو

يُذكر أن السفينتين "أجيستري" و"كريتي فيرانو" حمّلتا خام "إسبو" من كوزمينو بواسطة شركة "ليفنا" في أوائل مايو، وأبحرتا إلى تشينغداو وينغكو في الصين، وفقاً لبيانات تتبع السفن من "بلومبرغ". كذلك استأجرت "ليفنا" خمس سفن إضافية لتوصيل الخام إلى المشترين الصينيين في وقت لاحق من هذا الشهر، فيما جرى استئجار "أجيستري" مرتين للتجارة، وتستغرق الرحلة عادة أقل من أسبوع بعد التحميل.

ورفض شخص رد على الهاتف في "ليفنا" بهونغ كونغ التعليق.

ومن الأسماء الناشئة الأخرى شركة "كورال إنيرجي" (Coral Energy)، التي وضعت عنواناً ورقم هاتف في دبي على موقعها على الإنترنت، وتشير إلى عديد من العمليات الروسية.

كبار التجار

من المثير للاهتمام معرفة مَن ينقل النفط الروسي، وكذلك معرفة مَن لا ينقله. وفي هذا الصدد لم يظهر اسم "غلينكور" بوصفها شركة شحن لأي من خام الأورال منذ أبريل. وقالت الشركة في مارس إنها ستلتزم العقود السابقة لكنها لن توقع أي اتفاقيات تجارية جديدة في روسيا.

وبالمثل، يبدو أيضاً أن شحنات شركة "ترافيغورا" قد تراجعت بشكل حاد هذا الشهر.

حتى الآن في شهر مايو، شكلت الشركة ناقلات لحمل 200,000 طن من خام الأورال. وهذا أقل بكثير من أكثر من مليون طن في كل من مارس وأبريل. وامتنعت "ترافيغورا" عن التعليق.

الجدير بالذكر أن شركة "فيتول" واصلت شحن كميات كبيرة نسبياً لخام الأورال هذا الشهر، إلا أنها التزمت أيضاً التخفيض. وتظهر بيانات الميناء أن لديها سفناً تزيد حمولتها على 14 مليون برميل من الخام في أبريل ومايو، وتحتل المرتبة الثانية بعد "ليتاسكو".

"فيتول غروب" ستوقف تجارة النفط الروسي

كما قالت "فيتول" في بيان لها في أبريل: "ستتراجع كميات النفط بشكل كبير في الربع الثاني مع انخفاض الالتزامات التعاقدية الحالية، ونتوقع أن يكتمل هذا بحلول نهاية 2022".