هل "كوفيد" وراء ارتفاع إصابات الأطفال بالتهاب الكبد؟

أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إنذاراً تحذيرياً بشأن تفشي المرض

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية المصدر: بلومبرغ
Therese Raphael
Therese Raphael

Therese Raphael is a columnist for Bloomberg Opinion. She was editorial page editor of the Wall Street Journal Europe.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أبلغت المملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى الشهر الماضي عن زيادة في إصابات التهابات الكبد ومنها ما هو شديد لدى أطفال أصحاء لم يتجاوز عمر بعضهم شهراً واحداً. تطلبت بعض الحالات عمليات زرع كبد وتوفي طفل واحد على الأقل.

موجة الإنفلونزا المبكرة في الولايات المتحدة تحيّر العلماء بعد تأخر ظهورها العام الماضي

إلى أي مدى تقنية "كريسبر" للتعديل الجيني مهمة لعلاج الأمراض؟

أُبلغ عن الحالات لأول مرة في اسكتلندا في مطلع أبريل ثم في جميع أنحاء المملكة المتحدة. هناك ما لا يقل عن 165 حالة في نحو 10 دول منها الولايات المتحدة والدنمارك وإسبانيا وهولندا. أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إنذاراً تحذيرياً بشأن تفشي المرض، كما أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانات حوله.

تحدثتُ مع سام فاضلي وهو محلل أدوية أول في "بلومبرغ إنتليجنس" حول الإصابات وكيف تكون مرتبطة بفيروس "كوفيد" (SARS-CoV-2).

مزيد وعي

تيريز رافائيل: هل يمكننا البدء بسبب هذا التفشي الكبير؟ تبدو الأرقام الإجمالية منخفضة للغاية. كما قد قالت منظمة الصحة العالمية أنه لم يكن واضحاً ما إذا كان هناك بالفعل مزيد من إصابات التهاب الكبد الحاد أو مجرد مزيد من الوعي نظراً لأن التهاب الكبد لا يُكتشف غالباً. كيف نعرف ما إذا كان هذا مهماً؟

سام فاضلي: إن منظمة الصحة العالمية مُحقة تماماً في تعليقها. هناك وعي متزايد حيال الأمراض المعدية. لقد أصبحنا أفضل بكثير في اختبار العوامل المعدية بسبب الوباء ولذا يرجح أن يكون هذا هو الحال مع أعداد التهابات الكبد.

فيروس جديد

تيريز رافائيل: اعتدنا على رؤية حروف مثل (A B C) وما إلى ذلك تصنيفاً لالتهاب الكبد. لكن لا نجد هنا أياً من هذه الأحرف المألوفة، فهل يشير ذلك لوجود فيروس جديد تماماً؟

سام فاضلي: تتعلق جميع هذه الأحرف بنوع الفيروس المسبب لالتهاب الكبد، وهي تتراوح من (A) إلى (E). تنتقل هذه الفيروسات بطرق تتباين قليلاً ويمكن أن تظل خاملة لمعظم حياة الشخص المصاب. توجد لقاحات لبعض منها، مثل التهاب الكبد (B) على سبيل المثال، وعلاجات دوائية جيدة للآخرين مثل التهاب الكبد (C). تكمن مشكلة إصابات الأطفال الأخيرة بانعدام وجود مؤشرات هذه الفيروسات المعتادة، ما يزيد الحاجة للبحث عن عامل مُسبب آخر.

فيروس غدي

تيريز رافائيل: إن إحدى التفسيرات المحتملة لتفشي المرض هي أنه قد نشأ عن طريق فيروس غُدي، وهو المسؤول عن نزلات البرد الشائعة إضافة لأمراض أخرى. شوهد هذا الفيروس في إصابات في المملكة المتحدة، وأبلغت إدارة الصحة العامة في ولاية ألاباما عن تسع إصابات لأطفال صغار في أبريل، وكلهم مصابون بـفيروس غدي من النوع "41". فهل سيكون الفيروس الغدي سبباً هنا وما هي الآثار المترتبة إذا كان كذلك؟

سام فاضلي: هذه فصيلة كبيرة جداً من الفيروسات، يُعرف منها 88 نوعاً تصيب البشر، ويشار للفيروس الغدي البشري باسم (HAdv)، ويمكن أن تسبب هذه الفصيلة مجموعة متنوعة من الأمراض. تنقسم الفصيلة لمجموعات من (A) إلى (G)، ولا علاقة لهذا بتصنيف فيروسات التهاب الكبد. تضم عائلة الفيروسات الغدية (F) نوعين هما 40 و41، وكلاهما نادر للغاية. تحدث أمراض الجهاز التنفسي بسبب مجموعات (B) و(C)، في حين يتسبب كل من (40F) و(41F) و(52G) في التهاب المعدة والأمعاء. يُعرف أن الفيروس من المجموعة (D) يسبب التهاب الملتحمة. إذا كان (HAdV-41F) هو بالفعل العامل المسبب لحالات التهاب الكبد هذه، فهو لن يساعدنا فقط على زيادة المراقبة بل على محاولة تطوير لقاح.

لا يمكن الجزم حتى الآن أن هذا هو الحل. أبلغت المملكة المتحدة عن أكبر عدد من الإصابات وهو 163 حالة حتى 3 مايو وعن اكتشاف فيروس غدي في 91 عينة من بين 126 عينة فُحصت. يبدو هذا كثيراً الآن، لكن ضع في اعتبارك أن غالبية الأطفال يصابون ببعض الفيروسات الغدية في وقت واحد. يبلغ معدل حدوث عدوى (HAdV) ذروته بين ستة أشهر وخمس سنوات من العمر. يكون لدى 70% إلى 80% من الأطفال في سن الخامسة أجسام مضادة لأحد الفيروسات الغدية.

أظهر التحليل الجيني المُفصل في 18 إصابة في بريطانيا أن جميعهم مصابون بالفيروس الغدي (41F)، لذا يحتمل أن يكون هذا الفيروس، الذي يُعتقد أنه موجود في 5.3% من إصابات التهاب المعدة والأمعاء في الولايات المتحدة، هو سبب حالات التهاب الكبد الموجودة حالياً في جميع أنحاء العالم، وفقاً لإحدى الدراسات.

ضعف مناعة

تيريز رافائيل: طرح محققون أسكتلنديون فرضية أخرى مفادها أن إصابات التهاب الكبد قد تكون نتيجة ضعف أطفال لم تتكون لديهم مناعة تفوق القدرة الأولية لأجهزتهم المناعية. كيف يكون ذلك؟

سام فاضلي: يُحتمل أن عامين من انخفاض معدلات الإصابة بمجموعة كاملة من الأمراض الفيروسية قد أدى لعدم إصابة الأطفال بفيروس غدي. يمكن أن يعمل هذا بطريقتين. فأحد الاحتمالات هو أن الإصابة بفيروس غدي مرتبط يوفر بعض الحماية ضد مرض شديد يسببه مرض آخر، والفيروس الغدي (41F) مثال على هذه الحالة. انخفضت معظم الإصابات خلال الإغلاق الوبائي، ولم تعد هذه الحماية الشاملة قائمة بالنسبة لبعضهم. أما الاحتمال الآخر فهو أننا نشهد الآن كثافة في العدوى بعد انحسارها.

وجود رابط

تيريز رافائيل: إن كان الأمر كذلك، فهل نتوقع أن نرى انخفاض المنحنى تدريجياً بمرور الوقت مع اعتياد الأطفال على التفاعلات الطبيعية؟

سام فاضلي: هناك بعض الأدلة على أن هذا يحدث في المملكة المتحدة، ولكن من السابق لأوانه معرفة ذلك.

تيريز رافائيل: سبق لبعض الأطفال المصابين بالتهاب الكبد الحاد إصابتهم بـ"كوفيد" والبعض الآخر مصابون بكل من "كوفيد" والفيروس الغدي. فهل هناك طرق أخرى يمكن أن يرتبط بها هذا بفيروس (SARS-CoV-2)؟

سام فاضلي: بالتأكيد. يمكن أن تؤدي الإصابة بفيروس واحد لتنشيط فيروس آخر، مثل فيروس "إبشتاين بار" أو فيروس "الهربس البسيط"، وهو النوع الذي يسبب تقرحات البرد. يمكن أن تؤدي عدوى (SARS-CoV-2) لتغيير طبيعة استجابة الجسم لعدوى أخرى، كما في حال الفيروس الغدي. لكن كل هذا يحتاج إلى بيانات قبل التمكن من تأكيده. إذا ثَبت وجود رابط، حتى لو في بعض الحالات، فإنه يعطي سبباً آخراً لتلقيح من لم تبلغ أعمارهم خمس سنوات بلقاح فيروس (SARS-CoV-2)، على افتراض أن ميزان المخاطر والمنافع يرجح التلقيح.