ما الطريقة لوقف اعتماد الهند على الأسلحة الروسية؟

مقاتلة هندية محلية الصنع من طراز "تيجاس". لا يبدو الجيش الهندي معجباً بمخرجات الصناعات الدفاعية في البلاد، خصوصاً طائرة "تيجاس" التي تقل حمولتها كثيراً عن مقاتلة "أف-16" الأمريكية مثلاً .
مقاتلة هندية محلية الصنع من طراز "تيجاس". لا يبدو الجيش الهندي معجباً بمخرجات الصناعات الدفاعية في البلاد، خصوصاً طائرة "تيجاس" التي تقل حمولتها كثيراً عن مقاتلة "أف-16" الأمريكية مثلاً . المصدر: غيتي إيمجز
Mihir Sharma
Mihir Sharma

Mihir Swarup Sharma is a Bloomberg Opinion columnist. He is a senior fellow at the Observer Research Foundation in New Delhi and head of its Economy and Growth Programme. He is the author of "Restart: The Last Chance for the Indian Economy," and co-editor of "What the Economy Needs Now."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو أن عدم رغبة حكومة الهند في إدانة روسيا بقوة، بسبب غزوها أوكرانيا، قد أثار انتباه القادة في واشنطن إزاء مشكلة طال أمدها، ألا وهي كيفية إبعاد الجيش الهندي عن اعتماده على الأسلحة الروسية.

وفقاً لـ"بلومبرغ"، تدرس الحكومة الأمريكية توفير حزمة دفاعية بقيمة 500 مليون دولار للهند، لتمويل شراء أنظمة عسكرية أمريكية.

رغم أن مبلغ نصف مليار دولار قد يبدو كبيراً، إلا أنه ليس كذلك عند مقارنته بحجم المشكلة. فحتى وقت قريب، اشترت الهند تقريباً كل أسلحتها التي تستخدم في الخطوط الأمامية، من روسيا. ويقدر الباحثون في "ستيمسون سنتر" أنه بفضل عقود من التعاون، فإن الأسلحة الهندية الرئيسية في معظمها (حوالي 85%)، هي من أصل روسي.

اقرأ أيضاً: الإنفاق العسكري العالمي يتخطى تريليوني دولار للمرة الأولى وسط تعزيز أوروبا دفاعاتها

علاوة على ذلك، يقول معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إن "طلبات الهند الجديدة لمجموعة متنوعة من الأسلحة الروسية في 2019-2020... من المحتمل أن تؤدي إلى زيادة صادرات الأسلحة الروسية خلال السنوات الخمس المقبلة".

تتطلب معالجة هذه المشكلة بعض الوقت. وهذا لن يحدث، إن لم تكن مؤسسة الدفاع الهندية مستعدة لاتخاذ بعض الخيارات الصعبة.

اقرأ المزيد: "النواب الأمريكي": طائرات "إف-35" قد تفشل في مواجهة أنظمة الدفاع الصينية والروسية

الحقيقة هي أن الهند، مثل كل الدول النامية، تواجه ثالوثاً مستحيلاً عندما يتعلق الأمر ببرامج التسلّح. فهي لا تستطيع تحقيق الاستقلالية وتحمل التكاليف والجودة في الوقت ذاته.

اقرأ أيضاً: الصين تكشف عن مسيّرة فائقة السرعة تطير عالياً لنحو يوم كامل

التحوّل نحو شراء المزيد من أنظمة الأسلحة الغربية وتقليل الاعتماد على روسيا، على سبيل المثال، من شأنه أن يعزز استقلالية نيودلهي. لكن سيتعين على الهند، التضحية بالقدرة على تحمل التكاليف، ما يعني أنها لن تكون قادرة على شراء الكمية ذاتها من الأسلحة.

التوجّه غرباً.. مكلف

تنفق الهند 5.5 مليار دولار على منظومة صواريخ الدفاع الجوي الروسية "إس– 400". في المقابل، تكلف منظومة الصواريخ الأمريكية "ثاد" التي يمكنها التصدي للأهداف على ارتفاعات عالية، حوالي ستة أضعاف هذا المبلغ، وهي ليست متعددة الاستخدامات.

لنفترض أن الهند تريد المواءمة بين القدرة على تحمل التكاليف، والجودة! حسناً، لقد نجحت بعض الدول تاريخياً في الحصول على أسلحة أقل ولكن أكثر فاعلية- غالباً لأنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالغرب أو الصين، وتستفيد من حماية حلفائها لها.

لكن الهند، ومع وجود دولة جارة غير ودودة وعملاقة في الشمال، وجارة أخرى أصغر قليلاً لكنها لا تزال مسلحة نووياً إلى الغرب، ومع ابتعادها مسافة قارات عن الأصدقاء الذين يمكنهم مساعدتها في أي نزاع - من غير المرجح تماماً أن ترغب في الاعتماد على أي طرف آخر في تلبية احتياجاتها الدفاعية الأساسية.

في آخر حرب واسعة النطاق مع باكستان، في عام 1971، وجدت الهند نفسها تفتقر باستمرار إلى قذائف المدفعية، وكان عليها أن تستورد سراً قذائف الهاون من إسرائيل التي لم تكن نيودلهي تعترف بها في ذلك الوقت.

تحف ذاكرة مسؤولي الدفاع الهنود، بقصص كثيرة، وعدم وجود أسلحة كافية في متناول اليد، هو في نظرهم فقدان للاستقلالية، وهذا ما لا يمكن لأي حكومة هندية القبول به.

نتائج مخيبة

على مدى عقود، حاولت الهند بناء صناعة دفاعية محلية، وتصنيع دبابات وطائرات قتالية خاصة بها. لكن لسوء الحظ، الجيش لم تعجبه النتائج- دبابة "أرجون" (Arjun) ومقاتلة "تيجاس" (Tejas). فالجيش الهندي يشكو من أن دبابة "أرجون" لا يمكن أن تكون جزءاً من أي خطط قتالية على الحدود العسكرية مع باكستان، إذ أنها تزن ما يقرب من 70 طناً، وبالتالي، ستنهار تحتها معظم الجسور في البنجاب. (على النقيض من ذلك، تزن دبابة "تي-90" الروسية أقل من 50 طناً).

في الوقت ذاته، لدى سلاح الجو الهندي قائمة طويلة من الأسباب التي تجعل مقاتلة "تيجاس" غير ملائمة بما يكفي. فحمولتها أقل من "إف-16"، وتستغرق خدمتها أيضاً وقتاً طويلاً، وغير ذلك.

على المدى القصير، يوفر الاعتماد على الذات، القدرة على تحمل التكاليف والاستقلالية، لكن، على حساب الجودة. والسؤال المطروح هو ما إذا كان لدى الهند الصبر والإرادة السياسية للعمل على مواجهة الإخفاقات المبكرة.

تجربة الصين

استثمرت الحكومة الصينية لعقود من الزمن في الطائرة المقاتلة "شنيانغ جيه- 8" (Shenyang J-8)، والتي كانت أقل تطوراً بشكل ملحوظ من الطائرات الاعتراضية الأخرى في ذلك الوقت.

قد يشير محللو الدفاع الهنود إلى أنه من خلال شراء كميات كبيرة من المعدات دون المستوى، ولعقود من الزمن، قامت الصين أخيراً بتصنيع الطائرة الشبح "تشنغدو جيه-20" (Chengdu J-20)، والتي قد تكون "قريبة جداً" من مقاتلات الجيل الخامس الأمريكية.

بالطبع، لم يكن القادة الصينيون مضطرين طوال ذلك الوقت، إلى التعامل مع التسريبات المستمرة للصحافة الحرة بشأن امتعاض القوات الجوية بشأن النتائج. ثم هناك حقيقة على الأرض، وهي أنه في الهند، سيتعين عليك على الأقل إنتاج العديد من -إن لم يكن معظم- هذه الطائرات والدبابات والسفن الجديدة، بواسطة القطاع الخاص. فهل السياسيون الهنود –وقبلهم أيضاً الناخبون- على استعداد لقبول التأخيرات والتعتيم المرتبط بصناعة دفاعية أكبر؟

دوافع سياسية

الغريب أنه من الأفضل ربما لأسباب سياسية، أن يتم توجيه الكثير من السيولة النقدية إلى شركات دفاع روسية أو غربية، بدلاً من دفع مبلغ أقل بكثير لبعض الأوليغارشية الهندية. ومن هنا، فإن العلاقة غير الصحية بين الدولة الهندية والقطاع الخاص، تُعتبر من أكبر العقبات التي تحول دون توطين إنتاج الأسلحة.

مع ذلك، فإن هذا هو تحديداً ما يجب القيام به. إذا أراد القادة الهنود تدفقاً موثوقاً به للأسلحة، وبأسعار معقولة، وذات جودة مناسبة، وسرعة وصول كافية لردع أي استفزاز أو عدوان من الصين، فسيتعين عليهم تمويل شركات الدفاع المحلية، وإقناع الناخبين بالحاجة إلى ميزانيات عسكرية كبيرة، وتجاوز الإخفاقات والفضائح، وحمل أسلحة أقل كفاءة، إلى أن يتمكنوا من تطوير أسلحة أفضل.

مهمة كهذه، ستكون فوضوية، وصعبة من الناحية السياسية. لكن، على الأرجح، يجب أن يبدؤوا بها.