كيف يمكن للروبوتات المساعدة في تعزيز التوجه نحو طاقة الرياح؟

الذكاء الاصطناعي سيسهم في تعزيز طاقة الرياح بشكل أكبر من المتوقع
الذكاء الاصطناعي سيسهم في تعزيز طاقة الرياح بشكل أكبر من المتوقع المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا شك في أن محاولة إرفاق شفرة توربينات رياح تزن 60 طناً وقيمتها مليون دولار بقاعدتها يشكّل تحدياً تحت أي ظرف، فقد يؤثر وضع الشفرات بزاوية خاطئة، حتى ولو بدرجة بسيطة على قدرة الجهاز على توليد الطاقة الكهربائية.

تخيّل الآن محاولة القيام بذلك وسط بحر الشمال، وهو أحد أكثر الأماكن تعرضاً للرياح القوية في العالم، حيث تتشكل الأمواج بشكل كبير من حولك، فالأمر أشبه بربط خيط بطائرة ورقية على الشاطئ ثم محاولة إدخاله في ثقب إبرة. هذا هو التحدي الذي يواجه قادة الغرب الراغبين في "فطم" اقتصاداتهم عن الوقود الأحفوري الروسي.

ويعد بناء المزيد من منشآت مزارع الرياح العائمة أحد أكثر الطرق فعالية في استبدال تلك الطاقة القذرة بالنسبة لبعض الدول، حيث تستفيد التوربينات المبنية في البحر من سرعات الرياح الأقوى والأكثر اتساقاً، كما أنهم يتجنبون واحدة من أكبر العقبات التي تحول دون إنشاء مزرعة رياح، وهذه العقبة هي دول الجوار التي لا تريد إنشاء طواحين هواء تفسد مظهرها.

اقرأ أيضاً: تشييد أكبر مزرعة في العالم لتوليد طاقة الرياح قبالة سواحل بريطانيا

دعّمت المملكة المتحدة على وجه الخصوص تلك الصناعة عبر تخصيص مساحات شاسعة من قاع البحر للمطورين وتقديم إعانات سخية، ما يساعد على تحسين التكنولوجيا وخفض التكاليف. منذ اكتمال المشروع البريطاني الأول في عام 2000، أصبحت التوربينات أقوى بخمس مرات وانخفض سعر الكهرباء المولدة بواسطة الرياح إلى ما دون الطاقة الناتجة عن الوقود الأحفوري أو المحطات النووية. يهدف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى زيادة قدرة الرياح البحرية في البلاد إلى 50 غيغاواط بحلول نهاية العقد، وهو ما يزيد عن ثلاثة أضعاف الأسطول الحالي.

سيتطلب تحقيق هذا الهدف تسريع تطوير الصناعة البالغ قيمتها 33 مليار دولار. يستغرق الأمر حالياً ما يصل إلى 15 عاماً لإكمال عمليات إنشاء مشروع كبير لطاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة، بحسب شركة "أورورا إنرجي ريسيرش" (Aurora Energy Research). ويمكن اختصار ذلك الوقت عبر تبسيط عملية استخراج التصاريح، لكن حتى ذلك الحين قد يستغرق الأمر عقداً من الزمان.

سيكون تركيب التوربينات بسرعة أكبر هو العامل الحقيقي الموفر للوقت. يتطلب تشييد الهياكل العملاقة سفن مكلفة ومطورة لهذا الغرض تُعرف باسم سفن تركيب توربينات الرياح. عندما تصل تلك السفن إلى موقع توربينات الرياح الجديدة، تتجه قاعدة متحركة إلى قاع البحر لتثبيت السفينة فوق الأمواج حتى تتمكن من العمل دون التحرك ذهاباً وإياباً. يمكن أن تستغرق هذه العملية أقل من ثلاث ساعات في ظل الظروف المثالية، لكنها قد تستمر إلى 20 ساعة أيضاً إذا كانت تيارات المحيط قوية.

اقرأ أيضاً: طاقة الرياح تسجل مستوى قياسياً في بريطانيا وتخفّض أسعار الكهرباء

تشير مجموعة أبحاث الطاقة النظيفة "بلومبرغ إن إي إف" إلى أن السفن العائمة التي لا يتعين رفعها، بإمكانها استكمال العمل المطلوب بنسبة 50% أسرع من تلك المستخدمة بشكل شائع اليوم.

قالت أماندا أهل، المحللة في "بلومبرغ إن إي إف": "يمكنك جعل المنشآت أكثر كفاءة". ولا تضطر السفن لنقل الهياكل الثقيلة المستخدمة لتثبيتها في قاع البحر، وبالتالي يمكنها حمل مواد لمزيد من التوربينات في الوقت ذاته، وهذا يعني انخفاض عدد الرحلات المتجهة ذهاباً وإياباً إلى الشاطئ والتي قد تستغرق أحياناً ما يصل إلى 10 ساعات.

تكمن المشكلة في أن استخدام السفن العائمة يجعل العمل الدقيق لتجميع توربينات الرياح أكثر صعوبة، وهنا يأتي دور الروبوتات. تبيع شركة "إكس-لابوراتوري" (X-Laboratory)، وهي شركة أسسها الباحث السابق في وكالة الفضاء الأوروبية أندريه شييل، البرمجيات وأنظمة الروبوتات للشركات المتخصصة في إنشاء توربينات الرياح، والتي تتيح التحكم عن بُعد في الرافعات العملاقة الموجودة على متن سفنها.

ربما تسهم التكنولوجيا التي ساعد "شييل" في تطويرها -والتي كانت تستهدف في البداية المساعدة في إجراء أبحاث على كواكب أخرى من الأرض- في تقليص الوقت اللازم لإنشاء مزرعة رياح في المحيط بمقدار أعوام.

اقرأ أيضاً: مستقبل الطاقة أكثر نظافة.. وأكثر تلويثاً أيضاً

بدأت "جان دي نول غروب" (Jan De Nul Group)، إحدى أكبر شركات تركيب منشآت الرياح البحرية في العالم، في تبني هذه التكنولوجيا، حيث نقلت الشركة بعض عملياتها إلى السفن التي تطفو أثناء عملها. ستبدأ السفينة الأولى، المعروفة باسم "لي أليزيس" (Les Alizes)، العمل نهاية هذا العام، وستتمكن من حمل ثلاثة أضعاف وزن السفينة المماثلة التي يتعين عليها أيضاً نقل المعدات لتثبيتها بالأرض.

في البداية، ستستخدم سفن "جان دي نول" الجديدة نظام "إكس-لابوراتوري" للتحكم في "مخلب عملاق" من شأنه المساعدة في التعامل مع أي حركات غير متوقعة في الماء. يمكن لهذه للتكنولوجيا أن تقلص الوقت الإجمالي المستغرق في تركيب مزرعة رياح بأكثر من 25% بسبب قدرتها على العمل في الظروف العاصفة. في الوقت الراهن، لن يُستخدم المخلب سوى في تثبيت قواعد توربينات الرياح، وليس العمل الأكثر حساسية المتعلق بتثبيت شفرات التوربينات.

اقرأ أيضاً: أستراليا تقترب من إضافة الرياح البحرية إلى مصادر الطاقة المتجددة

تشعر الشركة بتفاؤل تجاه إمكانية مواجهة تكنولوجيا الروبوتات لتحديات العمل في البحر على متن السفن العائمة. وقال غيرت ويميس، رئيس قسم تحليل عمليات تركيب المنشآت البحرية لدى "جان دي نول": "قبل بضعة أعوام، كان يُعتقد أن التغلب على هذا الأمر صعب للغاية"، لكن المخلب "يمكن أن يغير قواعد اللعبة".

تذكر "شييل" احتفالاً أُجري في عام 2015 عندما حمل أحد رواد الفضاء مقبض التحكم في محطة الفضاء الدولية وحرك روبوت مزود بأربع عجلات في مختبر في هولندا. كان هذا الأمر يشكل تقدماً هائلاً لأبحاث الفضاء، لكنه سرعان ما بدأ التفكير في تطبيقات أخرى، مما قاده إلى "إكس-لابوراتوري" ونظام بناء توربينات الرياح.

قال "شييل": "من الجيد إيجاد حلول لتحديات مثل: كيف يمكننا الذهاب إلى المريخ؟ لكن مسألة المناخ تشكل تحدياً أكبر بكثير".