المخاطر الاقتصادية المستترة تترصد برئيس وزراء أستراليا الجديد

 أنتوني ألبانيز
أنتوني ألبانيز المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ورث رئيس الوزراء الأسترالي المنتخب أنتوني ألبانيز اقتصاداً نشطاً يقترب من التوظيف الكامل، مما أسفر عن تضخم الأسعار بطريقة سريعة، وزيادة معدلات الفائدة التي ستتطلّب إدارة حذرة لتفادي الخروج عن السيطرة.

يعد ألبانيز رابع زعيم لحزب العمال يفوز بالمنصب على حساب المعارضة منذ الحرب العالمية الثانية، وكل منهما تعرّض لعقبات اقتصادية هائلة. في حين أنَّ اقتصاد أستراليا الذي تبلغ قيمته 2.2 تريليون دولار أسترالي (1.6 تريليون دولار) بات في الوقت الحالي أكبر حجماً من فترة ما قبل ظهور وباء كورونا؛ فإنَّ لديه موظفين أكثر، وإنفاق مستهلكين أقوى، كما تراكمت لدى العائلات والحكومة الديون الضخمة كنتيجة لتكاليف الاقتراض المنخفضة.

قبل اقتراع 21 مايو الحالي، قال وزير الخزانة الجديد جيم تشالمرز إنَّ حزب العمال الفائز سيجابه "أصعب الظروف الاقتصادية" منذ الحرب العالمية الثانية. يتولى تشالمرز مسؤولية ميزانية يُتوقَّع أن تشهد عجزاً إجمالياً قدره 224.7 مليار دولار أسترالي على مدى الأعوام الأربعة القادمة، مما يوفر مجالاً محدوداً للإنفاق الذي وعد به حزب العمال الأسترالي. يعتزم تشالمرز تقديم موازنة جديدة خلال السنة الجارية.

تتعرض ميزانيات الأُسر الأسترالية للضغوط، حيث تعتبر نسبة الدين إلى مستوى الدخل من بين الأعلى في الدول المتقدمة. أضف إلى ذلك ارتفاع مدفوعات الرهون العقارية وأسعار السلع اليومية العالية بداية من الخبز والحليب والخضروات وصولاً إلى اللحوم والأجبان، مما يعرض الناخبين لضغوط مالية.

بدأت هذه الأنماط من التحديات في الاقتصاد في إحداث خسائر للشركات. في ولاية فيكتوريا بجنوب شرق البلاد، انهار صاحب شركة البناء أنتوني لوكوكو بفعل تكاليف المواد المتزايدة وقرر إغلاق شركته. ويشار إلى أنَّه لا يعد الوحيد الذي يتعرّض لحالات إفلاس آخذة في التصاعد.

قال شين أوليفر، كبير خبراء الاقتصاد في شركة "أيه أم بي كابيتال ماركتس"(AMP Capital Markets): "تجاوزنا على الأرجح أيام التضخم المنخفض، وعائدات السندات المتراجعة التي تتيح وجود عجز ضخم في الميزانية ومستوى ديون مرتفع". "سيستدعي ذلك خفضاً أسرع للاقتراض الحكومي للحد من الضغوط الناجمة عن ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، ويتطلب سياسات حكومية أكثر دعماً للإنتاجية".

زيادة حالات الإعسار

كان أداء خزينة الحكومة إلى حد الآن أفضل بالمقارنة ببعض أقرانها على مستوى العالم جراء صعود أسعار الصادرات الأساسية على غرار خام الحديد والفحم والغاز.

كان لدى حزب العمال تفويض لاتخاذ تدابير إزاء التغير المناخي، ورعاية الأطفال، وزيادة الإنفاق على قطاع الإسكان الاقتصادي وتوفير أماكن أكثر في التعليم التكميلي. برغم ذلك؛ فقد طرح تدابير شحيحة لتدعيم القدرة الإنتاجية للاقتصاد التي ستكون جوهرية للحد من عجز الميزينة ولرفع مستويات المعيشة.

قالت آن نالدر، المديرة التنفيذية لـ"رابطة الشركات الصغيرة" الأسترالية التي يصل قوامها إلى 60 ألف شخص، إنَّ أعضاء كثيرين يجدون صعوبة في تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم. وضربت مثلاً بنموذج يعود لمستورد أغذية محلي ارتفعت تكاليف مدخلات الإنتاج لديه 10 أضعاف، لكن ليس باستطاعته نقل هذا العبء إلى الزبائن.

أضافت: "في حال بدأت شركات كثيرة في الانهيار، سيكون لذلك تأثير متداع كبير على الاقتصاد.. نجابه تحديات أسوأ كثيراً مما حدث خلال فترة وباء كورونا."

تبين أرقام صادرة عن هيئة الرقابة على الشركات في أستراليا أنَّ 463 شركة طلبت الحماية من الدائنين في مارس الماضي، صعوداً من 353 شركة خلال فبراير الماضي، و260 خلال يناير المنصرم. وتصدّرت شركات التشييد تلك الحالات.

تواجه العائلات أيضاً ضغوطاً تتعلق بمستوى الدخل جرّاء ارتفاع معدلات التضخم التي فاقت ضعف معدل نمو مستويات الأجور خلال الربع الأول من السنة الجارية.

قال كارلوس كاتشوس، كبير خبراء الاقتصاد في شركة "جاردن سيكيوريتيز": "ستكون تكاليف المعيشة المشكلة الاقتصادية الأكبر. مع حلول السنة القادمة؛ سنبدأ بالشعور بتداعيات كل الزيادات المتوقَّعة في أسعار الفائدة".

زاد بنك الاحتياطي الأسترالي سعر الفائدة إلى 0.35% من 0.1% قبل 3 أسابيع. توجد لدى أسواق المال توقُّعات بأنَّ الفائدة ستزداد مرة أخرى خلال الشهر القادم بمقدار 40 نقطة أساس لتصل إلى 2.8% مع حلول ديسمبر المقبل.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

تبين حساباتنا أنَّه إذا كان بنك الاحتياطي الأسترالي سيرفع سعر الفائدة بما يتوافق مع تقديرات السوق؛ فإنَّه سيوجه 4.6 نقطة مئوية من دخل العائلة صوب الوفاء بكلفة أعلى لخدمة الدين خلال الشهور الاثني عشر القادمة..و هذا يتخطى بفارق كبير أي قياس سابق.

جيمس ماكنتاير، خبير اقتصادي

يُرجَّح أن يقع التأثير الأكبر لصعود أسعار الفائدة على سوق الإسكان، وأن يؤثر على الاستهلاك الخاص. ارتفعت أسعار العقارات عندما خفّض بنك الاحتياطي الأسترالي سعر الفائدة إلى 0.1% من 1.5% في الفترة من 2019-2020. كما يُرجَّح أن تسفر زيادات أسعار الفائدة عن اتجاه معاكس في أسعار العقارات، بالإضافة إلى هبوط بنسبة تترواح بين 10% -15% خلال السنة القادمة، وفق خبراء اقتصاد.

تتضرر أحجام مبيعات المنازل أيضاً عندما تهبط الأسعار، وتزيد من حركة مبيعات الأثاث وعمليات الإصلاح والتجديد، علاوة على الخدمات العقارية على غرار وسائل النقل، والإعلانات، وشركات نقل الأثاث.

بيّنت عملية تصميم النموذج الأخيرة التي أجرتها "بارينجوي ماركتس" (Barrenjoey Markets Pty Ltd) أنَّه خلال فترة الهبوط الأخيرة في قطاع الإسكان؛ فإنَّ التراجع بمقدر الثلثين في متوسط استهلاك الفرد أظهر أثر الثروة، وتطلّب الأمر فترة تتراوح من 6 إلى 9 شهور لإلحاق الضرر بعمليات الإنفاق.

برغم ذلك، يوجد أمل أيضاً في أن يكون في مقدور الاقتصاد الصمود في مواجهة الأزمات كما فعل طوال 28 سنة ونصف السنة حتى تفشي الجائحة.

في ولاية كوينزلاند، كان غلين داي يواجه صعوبة في الفتح لتقديم العشاء في مطعمين للفطائر جراء العجز في عدد الموظفين. يقول داي إنَّ الظروف الراهنة تعتبر أصعب ما تعرض له في غضون 30 سنة من العمل، لكنَّه يشعر بالتفاؤل بأنَّه سيستطيع توظيف عمال أكثر. وقال من المنتجع السياحي في "غولد كوست": "توجد محلات تجارية كثيرة في هذا المحيط مغلقة، لذا من المفترض أن تكون لديَّ القدرة على توظيف العمالة". "أطمح في أن تتحسن الأمور بداية من الوقت الحالي".