ماذا يمكن أن تُعلِّم كرة القدم الافتراضية مديري الأموال؟

يشتهر وارين بافيت بممارسة لعبة "الجسر" عدة ساعات خلال الأسبوع، وما زالت لعبة البوكر ممارسة شائعة وسط المجتمع المالي.
يشتهر وارين بافيت بممارسة لعبة "الجسر" عدة ساعات خلال الأسبوع، وما زالت لعبة البوكر ممارسة شائعة وسط المجتمع المالي. المصدر: بلومبرغ
Mark Buchanan
Mark Buchanan

Mark Buchanan, a physicist and science writer, is the author of the book "Forecast: What Physics, Meteorology and the Natural Sciences Can Teach Us About Economics."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انتهى موسم كرة القدم الإنجليزية يوم الأحد الماضي، وبالنسبة لـ9.2 مليون لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز الافتراضي، فهذا يعني العثور على شيء آخر لإمعان التفكير فيه صباح كل يوم سبت. خلال الأعوام القليلة الماضية، انطلقت النسخة الافتراضية من اللعبة الجميلة. في كل أسبوع، ينتقي مديرو اللعبة الافتراضية فريقاً من 11 لاعباً الذين يتحول أداؤهم على أرض الملعب إلى نقاط في لعبتهم.

يوجد ارتباط طويل الأمد بين أسلوب ممارسة اللعب وبين عمل المحترفين الماليين، وكرة القدم الافتراضية لا تُعد بمثابة استثناء. قضى مدير صندوق استثمار في السندات بيل غروس سنواته التكوينية على طاولة لعبة القمار. فيما يشتهر وارين بافيت بممارسة لعبة "الجسر" عدة ساعات خلال الأسبوع، وما زالت لعبة البوكر ممارسة شائعة وسط المجتمع المالي.

كما هو الحال في قطاع التمويل، تتميز هذه الألعاب بوجود معلومات غير مكتملة: يتوجب على اللاعبين تخمين احتمالية النتائج في مواجهة حالة عدم اليقين. ومن ثم، يستطيعون صقل المهارات التي من الممكن نقلها إلى الأسواق المالية. بيّنت ورقة بحثية أكاديمية حديثة أن مديري صناديق التحوط الذين يحققون أداء جيداً في بطولات لعبة البوكر يحققون أداءً أفضل بالنسبة للصندوق بطريقة ملموسة.

ماذا عن كرة القدم الافتراضية؟

على النقيض من الألعاب الأخرى، تجري أحداث كرة القدم الافتراضية على مدى فترة زمنية أطول- موسم كامل، يبدأ من منتصف شهر أغسطس وينتهي في أواخر شهر مايو. يختار مديرو اللعبة الافتراضية تشكيلاً من 15 لاعباً من خلال ميزانية افتراضية تبلغ 100 مليون جنيه إسترليني (126 مليون دولار)، يختارون من خلالها 11 لاعباً في بداية الأمر، ويقومون بعملية انتقال واحدة كل أسبوع في سوق تشهد تقلباً في أسعار اللاعبين بناءً على الطلب.

عملياً، تُعد المهمة واحدة وتتمثل في بناء محفظة. على مدى الموسم، سيتخذ المدير النشط نحو 500 قرار فردي ضمن سعيه لتحقيق أفضل استفادة من المحفظة. علاوة على الاختيار المبدئي والتداول الأسبوعي، يحتاجون أيضاً إلى تحديد وقت استخدام "البطاقات" المختلفة في اللعب التي تمنح صلاحيات خاصة - مثلاً، القيام بإعادة تشكيل بطريقة كاملة للفريق. هذه قرارات أقل من تلك التي من المعتاد أن يتخذها غالبية مديري الاستثمار ولكنها كافية لضخ جرعة كافية من عملية اتخاذ القرار في اللعبة.

كما هو الحال بالنسبة لتأسيس المحفظة، توجد مجموعة متنوعة من الإستراتيجيات التي من الممكن أن يستخدمها المديرون. تتبع الإستراتيجيات القائمة على القوة الدافعة الصورة الحديثة للاعبين. تم رفض مفهوم "اليد البارعة" الموجودة في الرياضة من قبل الخبراء الأكاديميين باعتبارها قياساً فاسداً، لكن البحث الأخير يعطيها بعض المصداقية. يفتش بعض المديرين عن القيمة، واختيار اللاعبين الذين تظهر أسعارهم أقل بالمقارنة مع أدائهم. يعتمد البعض الآخر مقاربة "كرة المال"، باستخدام أدوات كمية لتحديد اللاعبين الذين تعطي الإحصائيات الأساسية الخاصة بهم إشارة إلى تحسن وشيك في الأداء.

التخطيط طويل الأمد

يستخدم المديرون الأفضل كافة المقاربات الثلاث ويتجنبون التشتت الناجم عن الضوضاء في السوق، بحسب دراسة أجريت سنة 2021 من خلال علماء متخصصون في الرياضيات في جامعة ليمريك. انتهوا إلى أن "العوامل الأساسية في تحديد نجاح المدير هي التخطيط طويل الأمد واتخاذ القرارات الملائمة على الدوام في مواجهة المنافسات الصاخبة التي تقوم عليها هذه اللعبة".

بغض النظر عن الإستراتيجية المستخدمة، فإن الميزة المشتركة مع الأسواق المالية تتمثل في تآكل الحافة، والسرعة التي نمت بها كرة القدم الافتراضية تُبيِّن الطريقة التي من الممكن أن يتم بها ذلك الأمر. قبل 10 أعوام، مارس لعبة الدوري الإنجليزي الممتاز الافتراضية أقل من 2.8 مليون مدير. منذ ذلك الوقت، حققت المشاركة معدل نمو بلغ 12.7% سنوياً. بصورة موازية، ارتفع حجم المحتوى المقدم بطريقة ملموسة. برزت مواقع الإنترنت والـ"بودكاست" المتخصصة وجذبت حسابات "تويتر" المتخصصة مئات الآلاف من المتابعين. جعلت هذه المصادر الحصول على معلومات أكثر شيوعاً. لم يعد في إمكان المدير أن يحصل على ميزة من خلال معرفة غياب لاعب بسبب الإصابة أو تشكيلة الفريق الأساسية لبدء المباراة حيث إنه في الوقت الراهن يجري نشر هذه المعلومات على نطاق واسع. الجميع يتنافس من خلال نفس المعلومات المتاحة.

والنتيجة هي أن المدير متوسط المستوى في اللعبة الافتراضية ​​يبدأ في التحسن. في أي نشاط يؤلف تركيبة تشتمل على الحظ والمهارة، عندما يتراجع مستوى التباين من حيث المهارة، تصبح النتيجة بشكل تناسبي أكثر عائدة إلى مسألة الحظ. يطلق الخبير الإستراتيجي للاستثمار مايكل موبوسين على هذا الأمر "لغز المهارة". يحدده من خلال مجال إدارة الاستثمار النشط، وهو حاضر أيضاً في مجال كرة القدم الافتراضية.

موسم مستمر

في السنة الحالية، فاز الأمريكي جيمي بيغوت بلعبة الدوري الإنجليزي الممتاز الافتراضية، وهو الذي سجل نقاطاً أعلى من أي شخص حقق الفوز في غضون الـ20 سنة الماضية. حققت أنا ترتيباً هزيلاً عن المرتبة رقم 39319. في المواسم الماضية، اقتربت من اختراق مستوى أفضل ألف شخص، لكني أخشي أن يتضاءل احتمال تكرار حدوث ذلك مرة ثانية. في ظل وجود مديرين متنافسين أكثر، وجمعيهم يمتلكون نفس المعلومات، تتنامى صعوبة اللعبة. يظهر تأثير المنافسة الأشد نشاطاً في أداء المديرين الذين يلاحقون جيمي: كانت الفجوة بين درجاته وسجل نقاط المدير المصنف رقم 100 ألف أضيق مما كانت عليه على الإطلاق، وما تزال آخذة في التناقص.

لا يُعتبر جيمي مديراً مالياً محترفاً، لكنه تعرض خلال الموسم الحالي لتحديات عديدة التي يتعرض لها محترفو الاستثمار. رغم ذلك، يوجد اختلاف واحد، يتمثل في أنه في مجال الاستثمار، لا ينتهي موسم ممارسة اللعبة مطلقاً.