سباق مليارديرات الهند سيشهد انطلاقة لأحد أباطرة الأعمال

بينما يتجه أمباني في توسعه إلى المستهلكين تتمسك شركة أداني بالبنية التحتية في الغالب

موكيش أمباني إلي اليسار، وغوتام آداني
موكيش أمباني إلي اليسار، وغوتام آداني المصدر: غيتي إيمجز
Andy Mukherjee
Andy Mukherjee

Andy Mukherjee is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies and financial services. He previously was a columnist for Reuters Breakingviews. He has also worked for the Straits Times, ET NOW and Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

استقطب رجل الأعمال الهندي موكيش أمباني الأنظار في بداية الجائحة، والتي تحولت إلى غوتام أداني لدى الخروج منها، فقد أضاف أداني، وهو سادس أثرياء العالم نحو 30 مليار دولار إلى ثروته هذا العام، أي ما يفوق أي ملياردير آخر.

تُوازي ثروته البالغة 106 مليارات دولار نحو نصف ثروة إيلون ماسك مؤسس "تسلا" (Tesla) بالشراكة، لكنها تزيد 10 مليارات دولار عن ثروة أمباني. فيما يرغب كلاهما بأن تكافئه الأسواق على كتابة مستقبل الهند في مجال الطاقة المتجددة، فإن ما يهمهما حالياً هو كل ملوثات البيئة شحيحة العرض، كالفحم وزيت النخيل والبنزين ومواد البناء. يُحبُّ المستثمرون أداني أكثر لأنه أجرأ.

أغنى رجلين في آسيا يجنيان مكاسب غير متوقعة من ارتفاع النفط والفحم

كان أمباني، الذي بلغ عمره 65 الشهر الماضي، نجم سوق الاندماج والاستحواذ العالمي، حيث جمع تمويلاً بلغ 27 مليار دولار في خِضمّ الاضطراب الذي أحدثته جائحة كورونا في 2020، بدءاً بأمثال "فيسبوك" (المعروفة الآن باسم "ميتا بلاتفورمز") و"ألفابت" (Alphabet) لصالح أعماله الرقمية، ثم شركة "سيلفر ليك بارتنرز" (Silver Lake Partners) و"كيه كيه آر أند كو" (KKR & Co)، وآخرين لصالح سلسلة البيع بالتجزئة التابعة له. يبدو أن هذه الحماسة انتقلت الآن إلى أداني، الذي سيحتفل بذكرى ميلاده الستين الشهر المقبل كملك حديث التنصيب للأسمنت في الهند بعد استحواذه على أعمال شركة "هولسيم" (Holcim) في البلاد مقابل 10.5 مليار دولار.

بلا إبطاء

أنفق أداني 17 مليار دولار العام الماضي في 32 استحواذاً، حسب بلومبرغ نيوز، ولا يبدو أنه يتباطأ رغم أن صافي الدين المشترك لشركاته المدرجة بلغ حوالي 20 مليار دولار، أو أكثر من أربعة أضعاف الأرباح السنوية المجمعة قبل احتساب الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء. وهذا عبء دين كبير في ظل ارتفاع سعر الفائدة عالمياً.

قارن هذا مع شركة أمباني الرائدة، "ريلاينس اندستريز" (Reliance Industries) التي تخطط لإنفاق رأسمالي سنوي بنحو 13 مليار دولار، وهو ليس رصيداً منخفضاً. إلا أن البيانات التي يبيعها أمباني أصبحت أغلى، مع تضاؤل ​​المنافسة في سوق الاتصالات الهندي. كما ارتفع سقف أسعار الغاز الطبيعي الذي تحدده الدولة وينتجه أمباني في الهند 62%. كما أدى نقص الوقود لرفع هوامش مجمع مصافي التكرير التابع له في جامناغار، وهو الأكبر في العالم. كل هذا قد يُبقي معدل دين "ريلاينس" إلى الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء عند 0.7، وهو مستوى مطمئن لهذه السنة المالية، حسب"فيتش ريتينغز" (Fitch Ratings)، التي قيّمت ديون المجموعة بالعملة الأجنبية عند مستوى "BBB"، وهي درجة أعلى من دين الهند السيادي.

صراع المليارديرات.."بيزوس" يصطدم بـ"إمباني" في المنافسة على مباريات "الكريكيت"

لكن صلابة الميزانية العمومية لأمباني، والتي تشبه الحصن، لا تُثير حماسة سوق الأسهم، حيث إن سهم "ريلاينس"، الذي ارتفع إلى 29 ضعف أرباح 12 شهراً مقبلة في 2020، متاح الآن بمضاعف 21. كما تُتداول أسهم شركة "أداني إنتربرايزس" (Adani Enterprises)، التي ردمت فجوة في تقييمها مقارنة مع "ريلاينس" لدى إعادة انتخاب رئيس الوزراء، ناريندرا مودي في 2019، عند معدل سعر إلى الأرباح بلغ 124.

تعود علاقة أداني ومودي لعقدين، حين كان الأخير رئيساً لوزراء ولاية غوجارات. حصل مودي على دعم رجل الأعمال الغوجاراتي العصامي المغمور حينها، بعد تعرضه لتشهير قادة الأعمال الآخرين في أعقاب أعمال الشغب المميتة في 2002 بين الهندوس والمسلمين. كان أداني قد أنشأ قبل بضع سنوات فقط ما سيصبح نقطة ارتكاز لإمبراطوريته، وهو ميناء موندرا على الساحل الغربي للهند، ويسيطر الآن على 24% من طاقة موانئ الهند، ولديه حصة مماثلة في المطارات. كما تُعجب سوق الأوراق المالية طريقة توسيع أداني لسيطرته على البنية التحتية للنقل وصولاً لأجزاء أخرى من أساسيات الاقتصاد، مثل تعدين الفحم وتوليد وتوزيع الطاقة وغاز المدينة وتكرير زيت الطعام وتخزين كل شيء من المحاصيل إلى البيانات، وأخيراً الأسمنت.

تباين استراتيجيات

كما تختلف هذه الاستراتيجية تماماً عن التي يتبعها منافس أداني الأكبر الذي يعمل الآن على تسريع خطة خلافته. حيث نوّعت إمبراطورية البتروكيماويات التي ورثها أمباني عن والده نحو أعماله الموجهة للمستهلكين، واكتسبت بريقاً أشد، بما في ذلك إنشاء مركز تجاري بقيمة مليار دولار في مومباي مكتظاً بالعلامات التجارية العالمية، إضافة لاحتمال التوسّع إلى البث التلفزيوني وعبر الإنترنت لمباريات الكريكيت هذا الصيف. ما يزال نفوذه لا جدال فيه، وهو الأمر الذي اكتشفته "أمازون" في معركة استحواذ، حيث استحوذ أمباني على متاجر شركة تجزئة هندية مفلسة متغلباً على العملاقة الأمريكية.

لكن بينما يتجه أمباني إلى المستهلك، فإن شركة أداني تتمسك بالبنية التحتية في الغالب. يفيد هذا نيودلهي، ليس فقط لتوليد موارد مالية عبر تسييل أصول عامة، ولكن أيضاً كأداة سياسة خارجية. حين أراد الرئيس السريلانكي، غوتابايا راجاباكسا، التودد للهند العام الماضي، بعدما أزعجها بميله نحو الصين، آتاح حصة 51% من محطة ميناء كولومبو الغربي الجديدة لشركة أداني.

من هو موكيش أمباني المتربع على عرش أثرياء آسيا؟

كما يجب أن يكون أداني سعيداً أيضاً، إن تقبّل مزيداً من الناس رواية أنه يدير شركة ذات هدف قومي. قال في خطاب العام الماضي: " يجب أن تكون الهند الكبرى هنداً أكثر اعتماداً على ذاتها بوضوح، كما يجب أن تكون الهند الكبرى هنداً أقوى بوضوح".

كان استعراض العضلات ظاهراً حتى في صفقة "هولسيم"، حيث كان أمام "أمبوجا سيمنتس" (Ambuja Cements) و"إيه سي سي" (ACC) الوحدتان اللتان تسيطر عليهما الشركة السويسرية، عدداً من المليارديرات الهنود الآخرين مستعدين لدفع مبالغ أكبر، إلا أن "أمبوجا" و"إيه سي سي" تحاربان حالياً ضد غرامة مكافحة احتكار بقيمة 300 مليون دولار أمام المحكمة العليا الهندية لتلاعب مزعوم في الأسعار.

نقلت تقارير إعلامية أن أداني عرض على "هولسيم" تعويضاً بلا رسوم عند الاستحواذ على تابعاتها. نظراً لأن أداني لم يكن يعمل في مجال الأسمنت قبل الصفقة، التي أُعدت بالكامل في الخارج، لا يُرجح أن يكون هناك تمحيص مطول من جهة منع الاحتكار الهندية، أو أن تُفرض رسوم على مكاسب "هولسيم" الرأسمالية.

أعطى أمباني "غوغل" (Google) و"فيسبوك" (Facebook) خلال بداية الجائحة مدخلاً واعداً إلى الهند، ومع تراجع الفيروس عرض أداني على "هولسيم" خروجاً خالياً من المتاعب. كلتاهما كانتا خدمتان مفيدتان في اقتصاد بدأ يشبه لعبة مونوبولي، لكن كل منهما، أو ربما ولا واحدة منهما، ستساوي أزيد من 100 مليار دولار بقليل، وهو فارق ثروة المليارديرين الهنديين عن ثروة ماسك.