إعلانات الأرباح قد تقوّض الأسهم بدل إنقاذها

لا داعي لتخيل السيناريو الأسوأ في حال الركود لتصوّر مدى إنخفاض الأسهم من مستوياتها الحالية

متعاملون في بورصة نيويورك بعد تراجعات 18 مايو
متعاملون في بورصة نيويورك بعد تراجعات 18 مايو المصدر: غيتي إيمجز
Jonathan Levin
Jonathan Levin

Jonathan Levin has worked as a Bloomberg journalist in Latin America and the U.S., covering finance, markets and M&A. Most recently, he has served as the company's Miami bureau chief. He is a CFA charterholder.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان يفترض أن تنقذ إعلانات أرباح الشركات سوق الأسهم الأمريكية، لكنها قد تغدو سبباً لهبوطها. أعلنت عملاقة معدات الشبكات "سيسكو سيستمز" (Cisco Systems) للمستثمرين هذا الشهر توقعها عدم نمو مبيعات الربع الحالي جرّاء تعطل الإمدادات، وأتى ذلك مثالاً جديداً على ما تعانيه الشركات، إضافة لمراجعات سلبية لتوقعات نتائج شركتي التجزئة "وول مارت" و"تارغيت" (Target). تبعت كل حالة من تلك انخفاضات حادة في الأسهم، فدفعت السوق عموماً للتراجع، وبدأ المحللون يخفّضون تقديرات أسعار الأسهم لهذا العام.

لا يوجد أفضل من سلاسل توريد قريبة للوطن

خُفضت الأسعار المستهدفة لنحو 162 شركة مُدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" (S&P 500) في 19 مايو، فيما رُفعت الأسعار المستهدفة لنحو 62 شركة فقط، وفقاً لبيانات بلومبرغ. يمثل الفارق أحد أشد تقلبات معنويات المحللين منذ 11 عاماً.

أقنع المتفائلون في السوق أنفسهم لشهور بأن النتائج ستدعم سوق الأسهم بمواجهة ارتفاع التضخم لأعلى مستوى في أربعة عقود وزيادة أسعار الفائدة، حيث توقعوا أن تحافظ قوة طلب المستهلكين على زخم المبيعات، لكن عدداً قليلاً منهم كان يبني توقعاته على الاختناقات المستمرة في سلاسل التوريد، وما يمكن أن تسببه من فراغ الأرفف لشهر، ثم تعود لتكتظ بالسلع في الشهر التالي.

يراجع المحللون الآن تلك الافتراضات، أو أنهم قد باشروا ذلك جدياً لتوهم، لكنهم لم يفترضوا بعد حدوث ركود كامل.

السعر والربحية

إن كانت أسعار الأسهم ترتبط بشكل أساسي بالأرباح المتوقعة، أي مضاعف الربحية وهو معدل سعر السهم إلى الأرباح (P/E)، فيبدو أن الشطر الأول من 2022 ركز بشكل أساسي على السعر وسيركز النصف الثاني على الربحية.

مايزال هناك هامش كبير لتخفيض توقعات الأرباح، فتقديرات أرباح مؤشر "ستاندرد آند بورز500" التي جمعتها بلومبرغ تشير لنمو الأرباح المعدلة 10.1% في 2022، لتصل إلى نحو 227 دولاراً للسهم. حتى بعد استبعاد أسهم الطاقة التي تستفيد من طفرة أسعار النفط، تفترض التوقعات نمو الأرباح 5.7%.

"غولدمان": الأسهم الأمريكية ستصل للقاع بمجرد إشارة "الفيدرالي" لانتهاء التشديد النقدي

كتب نيكولاس كولاس، الشريك المؤسس لشركة "داتا تريك ريسيرتش" (DataTrek Research) في 19 مايو أن معظم نمو ربحية السهم المتوقعة ستأتي بفعل الجزء المتبقي من العام. يشعر المستثمرون بضعف تلك التوقعات، وتدل على ذلك موجة التخارج وانخفاض مؤشر "ستاندرد آند بورز" 4% في 18 مايو، حين سجل أسوأ تراجع منذ يونيو 2020، لكن المحللين لم يعدلوا توقعاتهم بما يراعي ذلك.

هل بدأ الانهيار

قال لي كولاس في اليوم التالي: "لقد بدأ الانهيار... كل دورة هبوط تسبقها أيام تشير إليها، حيث إن استعداد السوق لما سيحدث، وأعتقد أن ما حدث بالأمس كان أحد تلك الأيام".

السؤال الآن هو إلى أي مدى ستنخفض الأسهم بالفعل؟ يقترح كولاس الرجوع إلى "قاعدة 20" القديمة في وول ستريت، التي ترى أن توقعات التضخم إضافة لمضاعف ربحية مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" تساوي 20 بمرور الوقت، وبما أن توقعات التضخم الحالية لعشر سنوات 2.7%، يكون مضاعف ربحية المؤشر عند 17.3 مرة قيمة عادلة مفترضة.

حصفاء لا يرون الركود التضخمي وشيكاً

يصادف أن مضاعف ربحية المؤشر حالياً يساوي تلك القيمة العادلة الافتراضية. إن افترضنا تزامن مضاعف الربحية وفقاً للقاعدة القديمة التي يتحدث عنها كولاس، مع انخفاض الأرباح بنسبة 5% مقارنة بالربعين الماضيين، تصبح القيمة العادلة لمؤشر "ستاندرد آند بورز500" نحو 3616 نقطة، وفقاً لحسابات كولاس، وذلك مقارنة بإغلاق 19 مايو عند 3900.79 نقطة.

بناءً على ذلك، يتراجع مؤشر "ستاندرد آند بورز500" الى المستويات التالية إن انخفضت الأرباح بهذه النسب:

10% = 3425

15% = 3235

25% = 2837

قال كولاس، إن الأرباح ستنخفض 25% في حال ركود كامل، ولا داعي لتخيل السيناريو الأسوأ لتصوّر مدى انخفاض الأسهم من مستوياتها الحالية. هناك مخاطر عديدة أخرى منها التعرّض لموجة جديدة من الوباء وحرب روسيا في أوكرانيا، واحتمال استحكام التضخم لدرجة ألا يتباطأ حتى إن انكمش الاقتصاد؛ كابوس الركود التضخمي.

يتضح أن اعلانات الأرباح لم تعد مبرراً لاستمرار النظرة الإيجابية تجاه الأسهم، وقد يتعرض السوق لتراجع يستمر طويلاً بغياب تلك الدعامة الرئيسية.