ارتفاع أسعار السلع وضريبة النفط الجديدة يهددان انتعاشة الأسهم البريطانية

مؤشر "فوتسي 100" تفوق بقوة على أقرانه هذا العام
مؤشر "فوتسي 100" تفوق بقوة على أقرانه هذا العام المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشهد أسهم بريطانيا عاماً جيداً بطريقة استثنائية. غير أنَّ أداءها الفائق قد لا يدوم بسبب رياح معاكسة، نذكر منها أسعار السلع الأولية المرهقة، وضرائب الأرباح العالية غير المتوقَّعة على الشركات، وأزمة في تكاليف المعيشة.

بعد عدة سنوات لم يحظَ فيها بشعبية بين المستثمرين، تفوق أداء مؤشر "فوتسي 100" بقوة على أقرانه هذا العام بمكاسب بلغت 2.4%، في حين انخفض مؤشر منطقة اليورو "يورو ستوكس 50" بنسبة 13%، وهبط مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة 15%.

"بي بي" تراجع خطتها الاستثمارية بعد ضريبة أرباح مفاجئة على النفط في بريطانيا

قال روس مولدن، مدير الاستثمار لدى شركة "إيه جيه بل" (AJ Bell): "سارعت أسهم شركات إنتاج السلع القديمة المملة، وخدمات المرافق، وأسهم شركات التبغ إلى إنقاذ أسواق المملكة المتحدة".

يبلغ الوزن النسبي لقطاع الطاقة والتعدين في المؤشر المعياري 23%، في حين تمثل الأسهم الدفاعية مثل أسهم السلع الغذائية الأساسية والرعاية الصحية 31% منه.

رياح معاكسة

غير أنَّ هذه المصادر لقوة مؤشر "فوتسي 100" قد تثبت هشاشتها.

تعتمد شركات السلع الأولية اعتماداً طفيفاً على أسعار النفط والمعادن، وعلى حالة الطلب في الصين التي تُظهر علامات ضعف.

أسعار المعادن الصناعية انخفضت بنسبة 24% منذ بلوغها أعلى مستوى لها في مارس الماضي، بينما يتباطأ معدل نمو الاقتصاد الصيني.

ومازالت أسعار النفط مرتفعة، غير أنَّها تتسم بحساسية لتباطؤ الاقتصاد والتطورات التي تحيط بمعروض البترول والحرب في أوكرانيا.

بريطانيا على وشك أن تصبح عاصمة الركود التضخمي في العالم المتقدم

قال جواكيم كليمنت، محلل استراتيجي لدى شركة "ليبروم": "أعتقد أنَّ مؤشر (فوتسي 100) يعاني مشكلة في تجاوز الأسواق الأخرى الأشد ارتباطاً بالدورة الاقتصادية من حيث الأداء في النصف الثاني من العام الحالي. ونتوقَّع أن تظل أسعار النفط مستقرة عند مستوياتها الحالية، ومعنى ذلك أنَّ فرص ارتفاع أسهم شركات الطاقة محدودة بالرغم من أنَّ هذه الشركات ستواصل تحقيق المكاسب النقدية".

في الوقت نفسه؛ فإنَّ الإعلان يوم الخميس عن تطبيق ما يسمى بضريبة الأرباح الفائقة غير المتوقَّعة على شركات النفط والغاز سيضر بربحية معظم الأسهم المنضوية تحت هذا المؤشر.

وقد انخفضت أسهم شركة الكهرباء "إس إس إي" (SSE) وشركة "يونايتد يوتيليتيز غروب" (United Utilities Group) بعد ذيوع هذه الأنباء.

الجنيه الضعيف

مع تحقيق الشركات المدرجة على مؤشر "فوتسي" ثلاثة أرباع إيراداتها من الأسواق الخارجية؛ فإنَّ مؤشر الشركات العملاقة تلقى دعماً كذلك من ضعف قيمة الجنيه الإسترليني. غير أنَّ ذلك قد يصبح مشكلة أيضاً.

قالت سوزانا ستريتر، محلل أول الاستثمار والأسواق في شركة "هارغريفيز لانسداون" (Hargreaves Lansdown): "ارتفع السعر الذي تضطر الشركات فعلاً إلى أن تدفعه مقابل المدخلات الضرورية ومكوّنات الإنتاج، ويهدد انخفاض قيمة الجنيه بأن يجعل هذه المدخلات أعلى تكلفة".

وترى المحللة أنَّ أسهم شركات السلع الاستهلاكية مثل "يونيليفر"، و"أوكادو غروب" (Ocado Group) هي الأكثر تعرضاً للمخاطر.

الصراعات الجيوسياسية تكبد اقتصاد العالم 1.6 تريليون دولار في 2022

حتى الآن، مازالت الشركات الكبرى محصّنة نسبياً بسبب أزمة تكلفة المعيشة في الداخل. غير أنَّه إذا استمر ارتفاع مستوى التضخم – الذي بلغ حالياً أعلى مستوى منذ 40 عاماً مسجلاً 9% - فستشعر هذه الشركات بتأثير الأزمة. وقد تتضرر أسهم الشركات المالية التي تشكّل 16% من مؤشر "فوتسي 100" هي الأخرى بسبب تدهور أوضاع الاقتصاد المحلي.

قالت ستريتر: "إذا قرر بنك إنجلترا زيادة أسعار الفائدة بوتيرة فائقة السرعة؛ فقد يغرق المملكة المتحدة في ركود أعمق من المتوقَّع، وقد يضغط ذلك على أسهم القطاع المصرفي، وسط مخاوف من تراكم الديون الرديئة بين المستهلكين والشركات".

يعتقد الاستراتيجيون في دراسة مسحية شهرية تجريها "بلومبرغ" أنَّ تفوق الأداء في المملكة المتحدة ربما بلغ أبعد نقطة يستطيع بلوغها، ويرون أنَّه لا توجد فرصة أخرى لصعود المؤشر في العام الحالي بالمقارنة مع فرصة صعود بنسبة 9% بالنسبة إلى مؤشر "يورو ستوكس 50".

وبعد هذه المسيرة الممتازة من الصعود، تبدو تقييمات الشركات الكبرى في المملكة المتحدة أقل جاذبية أيضاً، مع تقليص الفجوة بين انخفاض أسعار أسهم المؤشر المحلية وأقرانها في منطقة اليورو بوتيرة سريعة.

الجنيه الاسترليني

ارتفاع السلع الأولية

بالنسبة إلى كليمنت من شركة "ليبروم"، ربما يؤدي بلوغ التضخم ذروته في النصف الثاني من العام إلى صعود أسهم القطاعات المرتبطة بالدورة الاقتصادية مثل شركات السلع الاستهلاكية غير الأساسية والشركات الصناعية.

وقال: "إنَّ هذا بدوره سيفيد مؤشر (فوتسي 250) والمؤشرات الأوروبية أكثر مما يفيد مؤشر (فوتسي 100)".

مع ذلك؛ ما يزال كثير من المحللين الاستراتيجيين يتخذون موقفاً إيجابياً؛ ومنهم من يعملون في بنوك "غولدمان ساكس غروب"، و "جيه بي مورغان تشيز آند كو"، و"باركليز"، و"بي إن بي باريبا".

قال أنكيت غيديا، محلل أسواق الأسهم لدى بنك "بي إن بي باريبا": "إنَّ أسهم المملكة المتحدة ليست هي التي تقود مؤشر (فوتسي 100) حقاً، وإنما الشركات العالمية التي تحقق إيراداتها بالدولار الأمريكي والمدرجة في المملكة المتحدة، وتتداول أسهمها بالجنيه الإسترليني".

يتوقَّع غيديا أن تستمر الاتجاهات التي دعمت مؤشر (فوتسي 100) حتى الآن، وهي ضعف قيمة الجنيه الإسترليني وارتفاع أسعار السلع الأولية.