بيانات الاقتصاد الأمريكي تُظهر نمواً قوياً ربما تخف حدّته بنهاية 2022

موظف يرتب مجوهرات الألماس في نافذة متجر في حي دايموند ديستريكت في نيويورك، الولايات المتحدة، حيث أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى كسر تجارة بقيمة مليار دولار تمتد عبر مناجم الماس المثقلة بالجليد في سيبيريا
موظف يرتب مجوهرات الألماس في نافذة متجر في حي دايموند ديستريكت في نيويورك، الولايات المتحدة، حيث أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى كسر تجارة بقيمة مليار دولار تمتد عبر مناجم الماس المثقلة بالجليد في سيبيريا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُظهر تزايد إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة بمستوى أكبر، والانكماش الملحوظ في عجز تجارة السلع، أن الاقتصاد الأمريكي قد بدأ التعافي خلال وقت قصير من هبوط تعرض له في الربع الأول من العام الحالي.

تثير مسألة الحفاظ على هذا الزخم في وقت لاحق من العام الجاري أكثر من مجرد علامة استفهام، حيث أن التصنيع والإسكان يضعفان، جنباً إلى جنب مع نمو التوظيف والأجور، فيما لا يزال التضخم، رغم تراجعه قليلاً، عند مستوى مرتفع، مما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى الاستمرار في تشديد السياسة النقدية بشكل أكثر قوة.

سجّلت مشتريات الأسر المعدّلة في أبريل الماضي، بحسب التضخم أسرع وتيرة في ثلاثة أشهر، وستساعد في تحقيق الانتعاش تدريجياً في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الحالي، وفي الشهر الماضي انكمش عجز تجارة السلع، الذي يعد مساهماً كبيراً في الانخفاض السنوي بـ1.5% في الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، وذلك بأكبر مستوى منذ عام 2009.

في الوقت الذي تعد هذه التطورات أسباباً للتفاؤل بشأن الاقتصاد، فقد أظهرت نتائج استطلاعات الرأي الإقليمية بشأن التصنيع انتكاسات، بينما تراجعت قليلاً الطلبيات على التجهيزات الرأسمالية.

اقرأ أيضاً.. "غولدمان ساكس": 35% احتمال ركود الاقتصاد الأمريكي في العامين القادمين

تباطؤ نمو التوظيف

يتوقع أن تعلن الحكومة خلال الأسبوع المقبل عن تباطؤ في نمو التوظيف خلال مايو، مما يشير إلى أن الطلب على العمالة بدأ يهدأ. وقد يساعد ذلك في تخفيف ضغوط الأجور في وقت لاحق من هذا العام، وفي النهاية يوفر قدراً من الارتياح بالنسبة إلى محافظي البنوك المركزية في مسعاهم إلى خفض التضخم.

مرونة استهلاكية

اتسم إنفاق المستهلكين بالقوة خلال إبريل، حيث ارتفع بـ0.7% معدّلة حسب التضخم. لكن معدل الادخار انخفض إلى أدنى مستوى منذ عام 2008، مما يشير إلى أن الأمريكيين يعتمدون بشكل متزايد على المدّخرات حيث إن ضغوط الأسعار ترهق الميزانيات، وكانت زيادة الإنفاق واسعة النطاق، مدفوعة بالسلع والخدمات.

توقع الاقتصاديون أن يتجاوز الطلب على بعض الخدمات، مثل السفر والترفيه، تكاليف السلع مع تلاشي المخاوف من الوباء، لكن الإنفاق على السلع المعدل حسب التضخم ارتفع بـ1% في أبريل مقارنة بالشهر السابق، وزادت الخدمات بـ0.5%.

العريان: الاقتصاد الأمريكي لن ينجو من الركود التضخمي رغم تشديد "الفيدرالي"

كتب تيم كوينلان وشانون سيري، الاقتصاديان في "ويلز فارغو آند كو." (Wells Fargo & Co.) في مذكرة: "يبرز التقرير أن المستهلكين يواصلون الاستهلاك، على الرغم من مواجهة أعلى معدل تضخم منذ 40 عاماً، لكننا نقترب من نهاية الرفاهية"، وذلك في إشارة إلى التراجع في معدل الادخار.

أسعار الفائدة

في الوقت نفسه، بينما ينخفض معدل التضخم على أساس سنوي، فإنه لا يزال أسرع بثلاث مرات من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، الأمر الذي يساهم في تفسير سبب توقع مسؤولي البنوك المركزية لتنفيذ زيادات في أسعار الفائدة بنصف نقطة في الاجتماعات القادمة. وكتب الاقتصاديان في "ويلز فارغو" أن ذلك قد يؤدي أيضاً إلى انخفاض في الإنفاق الاستهلاكي خلال عدة أرباع قادمة.

تعثر الإسكان

تشهد سوق الإسكان المحمومة منذ العام الماضي تباطؤاً سريعاً، حيث يؤدي الارتفاع الحادّ في معدلات الرهن العقاري إلى تفاقم مشكلات القدرة على تحمل التكاليف.

في أبريل الماضي، تراجعت مبيعات المنازل الجديدة بأكبر مستوى منذ ما يقرب من تسع سنوات، وفقاً لبيانات حكومية صدرت يوم الثلاثاء الماضي. وانخفض مقياس التوقيعات على عقود المنازل المملوكة سابقاً للشهر السادس على التوالي، وهو أطول تراجع على هذا النحو منذ 2018.

تظهر البيانات أن رفع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي والإشارة إلى المزيد من الزيادات، يقلصان الطلب على نطاق واسع. فلا تزال معدلات الرهن العقاري، التي انخفضت في الأسبوعين الماضيين، تحوم بالقرب من أعلى مستوياتها منذ عام 2009، وفقاً لـ "فريدي ماك".

تباطؤ سوق الإسكان

في إشارة أخرى إلى تباطؤ وتيرة السوق، وصل عدد بائعي المنازل الذين يطلبون أسعاراً منخفضة، إلى أعلى مستوى منذ أكتوبر 2019. وقد استقرت مقاييس الأخرى تظهر مدى النشاط المحموم للسوق، وتشمل وقت المساكن في السوق والنسبة المئوية للمنازل المباعة فوق سعر الإدراج، بحسب بيانات شركة "ريدفين كورب." (Redfin Corp.).

تصنيع معتدل أظهرت الأرقام الحكومية هذا الأسبوع زيادة بـ0.8% في شحنات السلع الرأسمالية الأساسية التي قد تسمح بنفقات أعمال أكثر استقراراً للمعدات في بداية الربع الثاني، وفي الوقت نفسه، تباطأ النمو في الطلبات الأساسية بعد الارتفاع في شهر مارس.

تشير الأرقام إلى أن الشركات ملتزمة بخطط الإنفاق الرأسمالي لأنها تسعى إلى تعزيز الإنتاجية لتخفيف عبء التضخم المرتفع وسوق العمل المشدّدة. ومع ذلك، فليس من الواضح ما إذا كانت الشركات ستعيد النظر في وقت لاحق من هذا العام في الوتيرة الحالية للاستثمار في مواجهة أسعار الفائدة المرتفعة والتراجع المتوقع للنمو الاقتصادي.

أظهرت نتائج أحدث استطلاعات بنك الاحتياطي الفيدرالي الإقليمية تراجعاً واضحاً في النشاط. فقد انخفضت مقاييس التصنيع في ولاية نيويورك ومناطق الفيدرالي الأمريكي في كلٍ من ريتشموند وفيلادلفيا خلال مايو، مسجّلة أدنى مستوياتها أو بالقرب منها منذ منتصف عام 2020.

قد يساعد نمو الإنتاج الأقل مستوى، بالتزامن مع زيادة المخزون، في الحدّ من الطلب على السلع والمواد المصنوعة في الخارج. وأفادت الحكومة أمس الجمعة أن عجز تجارة السلع تقلّص بحوالي 20 مليار دولار في أبريل. وتراجعت الواردات بـ5% خلال الشهر بفعل انخفاض الطلب على الإمدادات الصناعية والسلع الرأسمالية والاستهلاكية.