هل يتحلى محافظو البنوك المركزية بالوضوح إزاء أسعار الفائدة؟

البنك المركزي الهندي
البنك المركزي الهندي المصدر: بلومبرغ
Daniel Moss
Daniel Moss

Daniel Moss is a Bloomberg Opinion columnist covering Asian economies. Previously he was executive editor of Bloomberg News for global economics, and has led teams in Asia, Europe and North America.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعلن محافظ البنك المركزي الهندي، بكل ثقة أنه سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى قريباً، ووصف ذلك بأنه "لا يحتاج إلى تفكير". افتقدت التوقعات إلى المواعيد ونسبة الرفع.

هذا ما يوضح مدى دقة التوجيهات الصادرة عن المسؤولين عن السياسات النقدية في جميع أنحاء العالم.

اكتشف محافظو البنوك المركزية، الذين تم تصويرهم منذ فترة طويلة على أنهم الموظفون الذين يتسمون بالصرامة، ويحبون التحوط في رهاناتهم، قوة التصريحات التي يدلون بها. سيحققون نتائج طيبة، إذ أخذوا المخاطر في الاعتبار.

كما يبدو، يقف محافظ بنك الاحتياطي الهندي شاكتيكانتا داس في وضع مبهم إزاء رسائل البنك المركزي سريعة التطور.

بنوك مركزية حول العالم تحتشد لمواجهة التضخم المتفاقم

المعركة ضد التضخم

دفعت الضرورة الملحة للمعركة ضد التضخم المسؤولين عن وضع السياسات النقدية الذين يتسمون بقلة التصريحات، إلى درجات مذهلة من تبني الصراحة.

في حين أن المزيد من المعلومات أفضل بشكل عام من القليل، فإن مثل هذا الانفتاح يجلب مخاطر.

إذا كان تصحيح المسار مطلوباً، على سبيل المثال، في ضوء الأدلة المتزايدة على الاتجاه نحو الركود ، فسوف يجعل هذا التحول، يتسم بالتضارب الشديد. كلما اتضحت أهداف السياسة النقدية مقدماً، كان التحول أكثر صعوبة وأكثر حدة.

لماذا تخطئ البنوك المركزية في توقعاتها بشأن التضخم؟

إذا تمت صياغة الصراحة لإغلاق النقاش، فهذا تطور مقلق. يُطلب من معظم البنوك المركزية بموجب القانون اتخاذ القرارات من خلال الاجتماعات المحددة للجان وضع السياسات بانتظام.

عندما تكون المخاطر كبيرة جداً، يمكن أن تكون الأعمال المنفردة مشكلة. قبل اشتعال التضخم، كانت البنوك تُنتقد على أنها منعزلة للغاية ومنجذبة بشكل مميت إلى نماذجها وتوقعاتها.

اعترف المسؤولون بأنهم فوجئوا بقوة التضخم واستمرار ارتفاعه.

البنوك المركزية بطيئة الحركة تخاطر بمكانتها القيادية

إعلانات مسبقة

كيف يمكن للإعلانات المسبقة في منشورات المدونة، والإدلاء بالإفادات أمام المشرعين، والمقابلات أن تعزز النقاش المفيد الذي قد يخفف من التفكير الجماعي؟.

يبدو أن رؤساء البنوك المركزية قد خلصوا إلى أن هذه مشكلة تمتد ليوم آخر. بعد ساعات فقط من إبداء داس لتصريحاته في مقابلة مع قناة " سي إن بي سي تي في 18" ( CNBC TV18)، نشرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد مفاجأة مذهلة في مدونة.

كتبت لاغارد أن البنك المركزي الأوروبي سيبدأ، رفع أسعار الفائدة خلال يوليو ويوقف العمل بأسعار الفائدة السلبية بحلول نهاية سبتمبر. أثار هذا الإجراء الاستباقي حفيظة بعض الزملاء الذين رغبوا في اتخاذ خطوات أولى أكثر قوة. يبلغ معدل التضخم في منطقة اليورو الآن 7.4%، ما يفوق كثيرا المستهدف البالغ 2%.

في حين أن قرار لاغارد كان غير معتاد في سياق البنك المركزي الأوروبي، الذي تعرض للهجوم في الماضي بسبب بطء اتخاذ القرارات، فإن محتوى رسالتها كان متساويا مع المسار على نطاق أوسع.

انتقادات لاذعة

أطلق رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، أثناء جلوسه مع لاغارد في اجتماع بواشنطن الشهر الماضي، انتقادات لاذعة من تلقاء نفسه.

قال للمنتدى "أود أن أقول إن رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس سيكون مطروحا على طاولة اجتماع مايو".

بالطبع، كان باول يعلم أنه بوضع سمعته على المحك، فإن زيادة سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس كانت أكثر من مجرد خيار. الأدهى، رفعت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سعر الفائدة القياسية بنفس المقدار في 4 مايو.

قال باول في مؤتمره الصحفي في ذلك اليوم إن رفع سعر الفائدة بمقدار نصف مئوية قيد الإعداد خلال اجتماعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في يونيو ويوليو. وكرر ما قاله في الأسبوع التالي خلال مقابلة مع برنامج " ماركيت بليس" (Marketplace) الإذاعي العام.

إذا تغيرت التوقعات بشكل ملموس، فهل يعلن مسبقاً عن مستوى زيادة سعر الفائدة أصغر حجماً؟.

من المعقول تماماً أن يظهر شخص ما روح القيادة في الأوقات الصعبة. آخر شيء يحتاجه الأفراد هو الفوضى. المتحدثون من بنك الاحتياطي الفيدرالي موجودون في دائرة الضوء كثيراً، ولكن ليست كل الآراء المعبر عنها مترابطة منطقياً.

تتألف المجموعة التي تجب متابعتها من الرئيس ونائب الرئيس ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. لكن كانت هناك دائماً عملية ومناقشة، وعلى الأقل، التظاهر بأن القرارات تتخذها اللجنة وفق تصويت الأعضاء ويتم نشره.

يعتبر هذا التحول رائعاً عندما تفكر في أنه، منذ وقت ليس ببعيد، كانت هناك حالة للتقاعد أو تقليص التوجيه المستقبلي.

طمأنة الأفراد

تم تصميم هذا المستوى من التواصل، والذي تم رفعه إلى شكل فني بعد كارثة عام 2008، لطمأنة الأفراد بشأن مسار تكاليف الاقتراض مقدماً خلال شهور أو سنوات.

كان ذلك أصبح ممكناً فقط لأن الأفق بدا واضحاً: لقد كان عصر التضخم المنخفض على الأبواب. لم ترتفع الزيادات في الأسعار على الرغم من التيسير الكمي الهائل خلال الأزمة المالية العالمية.

شكلت جائحة كوفيد، في البداية، صدمة للطلب. وقد جعل ذلك المسؤولين عن صنع السياسات أكثر ثقة بشأن التأكيد على مكاسب الوظائف من الأموال السهلة بدلاً من اليقظة ضد التضخم.

قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق بن برنانكي لشبكة "سي إن بي سي" مؤخراً: "أعتقد أن التوجيهات المستقبلية بشكل عام على الهامش، أدت إلى إبطاء استجابة بنك الاحتياطي الفيدرالي لمشكلة التضخم.. بالنظر إلى الماضي، نعم، لقد كان خطأ وأعتقد أنهم يوافقون على هذا الرأي".

كان محافظ بنك الاحتياطي الأسترالي فيليب لوي في طريقه لتحرك ما، عندما أعلن خلال مايو عن مراجعة شاملة للتوجيهات المستقبلية.

إنه يريد أن يدقق في كيفية استخدامه في المستقبل.

سرعة التضخم

إنه أقل ما يمكن أن يفعله لوي، نظراً لمدى سرعة التضخم ومدى اضطراره إلى تغيير مساره بشكل كبير. خلال الجزء الأكبر من العام الماضي، كان لوي يتراجع عن التحرك قبل عام 2024.

في الآونة الأخيرة ، شدد محافظو البنوك المركزية على الحاجة إلى التحلي بالذكاء والتواضع، وهذا أمر جيد.

الأخطاء الأخيرة تتطلب بعض التواضع. من الصعب مواءمة ذلك مع قرارات الإعلان المسبق عن الخطوات المرتقبة حتى أواخر سبتمبر.

تتبادر إلى الذهن ملاحظة مأساوية أدلى بها أول رئيس للبنك المركزي الأوروبي، ويم دويسنبرغ، في عام 2001: "أسمع، لكنني لا أستمع".