الحركة التجارية تتواصل عبر البوسفور رغم الحرب في أوكرانيا

عبّارة تُبحر في البوسفور بينما يظهر جامع ارتوكوي في الخلفية
عبّارة تُبحر في البوسفور بينما يظهر جامع ارتوكوي في الخلفية المصدر: ذا إيمج بانك
المصدر: أ.ف.ب
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تواصل سفن الشحن وحاملات النفط حركتها عبر مضيق البوسفور في قلب إسطنبول متوجهة إلى الموانئ الروسية والأوكرانية، في تجاهل تامّ للحرب التي تشنها موسكو على الدولة المجاورة.

وتستمر الحركة التجارية بنشاط عند أبواب البحر الأسود مروراً عبر تركيا.

واتّهم سفير أوكرانيا في أنقرة، فاسيل بودنار، إسطنبول، الجمعة، بشراء حبوب "سُرِقت بوقاحة" من بلاده، وأُخرجت من موانئ شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014.

ومع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، وعلى وقع العقوبات المتتالية التي فرضها الغرب على موسكو، سحبت الشركات الدولية سفن الشحن الضخمة تدريجياً لصالح سفن أقل حجماً نشطت بأعداد كبيرة، بقيت مستقرة عند حوالى أربعين ألفاً كما قبل الحرب، وفق ما أوضح مراقبون.

ويتعقب يوروك إيسيك هذه السفن من شرفته المطلة على البوسفور، الممر الوحيد للحركة التجارية بين البحر الأسود والبحر المتوسط.

يوضح "أحصينا في مايو وحده ما لا يقل عن عشر حركات عبور، من بينها رحلتان ذهاباً وإياباً لثلاث سفن ترفع العلم الروسي... عدا التحركات التي قد نكون أغفلناها جميعاً" مضيفاً أنه رصد "عبورين إضافيين هذا الصباح".

وبالرغم من تنديدها السريع بالغزو الروسي لأوكرانيا، اعتمدت تركيا موقفاً محايداً بين البلدين، ولم تنضم إلى العقوبات الغربية على موسكو.

وحظرت منذ أواخر فبراير عبور السفن العسكرية من البوسفور والدردنيل بموجب اتفاقية مونترو، التي تحكم حركة عبور المضيقين. غير أن الاتفاقية الموقعة عام 1936، لا تجيز لها اعتراض وتفتيش السفن التجارية، وفق ما أوضح مصدر دبلوماسي في أنقرة.

ممرات

أكّد المصدر طالباً عدم كشف اسمه "لا نراقب طريقها إلّا على مسافة 10 كلم قبل دخولها وبعد خروجها".

وترى إليزابيت أونينا من جامعة أمستردام أن هذا الغموض يصبُّ لصالح أنقرة، موضحة أن "الصياغة المبهمة لاتفاقية مونترو تتيح العديد من التفسيرات. وهي لا تشمل سفن الشحن التي قد تقوم بعمليات نهب. بالتالي، من مصلحة تركيا الالتزام بالتفسير البديهي" للوثيقة.

في المقابل، من المستغرب في ظل الحظر الأوروبي المفروض على الواردات من روسيا، رؤية ناقلات نفط ترفع العلم اليوناني أو المالطي تبحر في البوسفور، ثم البحر الأسود وصولاً إلى الموانئ الروسية.

ويستند يوروك إيسيك إلى عددٍ من تطبيقات التعقب المفتوحة المصدر، وشبكة متينة من المراسلين، من ناشطين روس، وأوكرانيين، ومنظمات غير حكومية، وصور عبر الأقمار الصناعية، فيشير إلى أنه "يتابع السفن من بداية إبحارها إلى نهايته، من التحميل وحتى الوصول".

ويؤكد أن بعض سفن الشحن تُحمَّل بالقمح في مرافئ أوكرانيا الخاضعة لحصار روسي، مثل أوديسا، وتشورنومورسك، وماريوبول، ثم تسلك البوسفور متوجهة إلى سوريا، حيث تقيم روسيا قاعدة للعمليات، ثم لبنان، أو مصر.

كذلك رصد إيسيك أسطولا ًصغيراً من السفن التركية القديمة "لم يسبق أن شوهدت في المنطقة من قبل"، تظهر فجأة رافعة "علم مواءمة" لبلد غير البلد المملوكة له في مرفأ نوفوريسيسك الروسي، وهو يشتبه بأنها تنشط لصالح جهات روسية.

بهذه الطريقة وبدون انتظار قيام "ممرات بحرية" محتملة تبدي موسكو استعداداً للموافقة عليها وسيبحثها وزير خارجيتها، سيرغي لافروف الأربعاء خلال زيارة لتركيا، يتم شحن قمح أوكراني رغم الحظر تحت إشراف موسكو.

حرمان السفن من التأمين

قال المصدر الدبلوماسي "لدينا هذه المعلومات، لكننا لا نملك الحق في اعتراض السفن التجارية أو تفتيشها، ما لم تشكل خطراً على تركيا"، من غير أن ينفي هذه الاتهامات.

وأكد يوسيل أسير، أستاذ القانون الدولي في جامعة أنقرة، "إذا لم تقم روسيا بتصدير منتجات أوكرانية، لا شيء يسمح لتركيا باعتراض السفن ... ما لم يصدر قرار عن الأمم المتحدة"، وهي فرضية مستبعدة تماماً بفعل عضوية روسيا الدائمة في مجلس الأمن الدولي.

وأوضح السفير الأوكراني أن بلاده "طلبت مساعدة تركيا" لوقف تهريب الحبوب.

وبدون الإقرار بالأمر صراحة، أشارت المفوضية الأوروبية بدورها إلى ثغرات في تطبيق الحظر، وقال مصدر في بروكسل، إنها تستعد لتشديد تدابيرها، مع إصدار مجموعة جديدة من العقوبات على موسكو ستحرم الشركات الأوروبية من تأمينها إذا ضبطت سفنها تنتهك الحظر.

وأوضح المصدر طالباً عدم كشف اسمه أن "معظم هذه السفن تحظى بعقود تأمين أوروبية وبريطانية. ومع هذه الرزمة الجديدة من العقوبات لن يعود بإمكانها استخدامها" متوقعاً أن يكون للجهاز "مفعول كبير".

وقالت إليزابيت أونينا، إن بإمكان أنقرة بذل المزيد من الجهود، مشيرة إلى أنه "بعد ضم القرم، حظرت تركيا السفن القادمة من القرم في موانئها، ويمكنها حتماً القيام بالأمر نفسه اليوم". وأضافت "لكنها اختارت تفسيراً بديهياً لاتفاقية مونترو حتى لا تضطر إلى الضلوع في النزاع".