عائدات سندات الخزانة الأميركية تستعدّ للتراجع 3% ترقباً لصدور بيانات التضخم

مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي
مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا يزال مصير أكبر سوق للسندات على مستوى العالم مرهوناً إلى حد كبير بالإجابة عن سؤال واحد هو: هل بلغ التضخم في الولايات المتحدة ذروته بالفعل؟

تأرجحت عوائد سندات الخزانة ذهاباً وإياباً منذ الشهر الماضي، إذ يحاول المتداولون التكهّن بما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج إلى التزام سلسلة قوية من زيادات أسعار الفائدة، أو أن يكون لديه مجال للتخفيف إذا تباطأ الاقتصاد بما يكفي لكبح أشد موجة تضخم في البلاد منذ أربعة عقود.

قد يساعد الإعلان يوم الجمعة المقبل عن تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر مايو في تسليط الضوء على التوقعات، ومن المحتمل أن يطرح تفسيراً لما إذا كان عائد سندات الخزانة القياسي لمدة 10 سنوات سيتكبّد تراجعاً آخر، أو سيُعيد اختبارَ أعلى مستوى في مايو عن طريق الدفع مرة أخرى فوق المستوى النفسي الرئيسي البالغ 3%. ظهر هذا التصور مع إعلان يوم الجمعة الماضي، عندما ارتفع العائد بمقدار 8 نقاط أساس إلى 2.98%، بعد أن أكد تقرير الوظائف الشهري استمرار قوة الاقتصاد.

اقرأ أيضاً: سندات الخزانة تسترجع تقلبات عصر الأزمة المالية العالمية

مع ارتفاع الأجور بشكل حادّ وسط التضييق في سوق العمل، فإن عقود المقايضات تأخذ في الحسبان حقيقة أن مجلس "الاحتياطي الفيدرالي" سيرفع سعر الفائدة المستهدف بمقدار نصف نقطة مئوية في اجتماعاته في يونيو ويوليو، لكن لا يوجد حتى الآن إجماع قوي حول ما إذا كان صانعو السياسة سيستمرون في هذه الوتيرة في اجتماع سبتمبر، أم سيتخذون خطوة بزيادة ربع نقطة، وهو الأمر الذي قد يحدث إذا ساورهم القلق بشأن دفع الاقتصاد إلى الركود أو الثقة بانخفاض التضخم.

قال جيفري روزنبرغ، مدير أول المَحافظ للاستراتيجيات متعددة المنهجية في "بلاك روك" (BlackRock Inc.)، عبر تليفزيون "بلومبرغ": "لا يزال (الاحتياطي الفيدرالي) بعيداً عن مسار التضخم. ولا يمكنك حقاً إبعاده عن التركيز على الأولوية القصوى، المتمثلة في خفض التضخم، حتى يظهر ذلك حقاً بشكل نهائي.. وإلى أن يحدث ذلك، سنشهد وقتاً عصيباً للغاية".

سندات الخزينة المحمية من التضخم

عدم اليقين

تضاف حالة عدم اليقين تلك، قبل صدور الإعلان نهاية الأسبوع، إلى العوامل المؤثرة الأخرى التي تؤشر إلى إبقاء سندات الخزانة متقلبة في الأيام المقبلة، بما في ذلك ضغوط السيولة المحتملة. وسيشهد هذا الأسبوع أيضاً عقد وزارة الخزانة أول مزاداتها منذ أن قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي التوقف عن إعادة استثمار عائدات بعض من ديونه المستحقة، وهي أداة أخرى يستخدمها لتشديد الأوضاع المالية.

اقرأ أيضاً: سوق سندات الخزانة الأميركية تستعدّ لمرحلة جديدة من العائدات

ارتفعت عوائد سندات الخزانة على كل الأصعدة يوم الجمعة الماضي، بعد أن ذكرت وزارة العمل أن الشركات الأميركية وظفت بوتيرة أسرع من المتوقع في مايو الماضي. كما أظهرت بياناتها أن متوسط ​​الدخل في الساعة ارتفع بـ5.2% مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 5.5% في أبريل الماضي، لكنه لا يزال أعلى بكثير من مستويات ما قبل الوباء. ومن المتوقع أن يُظهِر رقم مؤشر أسعار المستهلكين لشهر مايو زيادة سنوية بـ8.3%، الذي يتوافق مع وتيرة أبريل، وانخفاضاً من 8.5% في مارس.

هناك دلائل على الثقة بقدرة "الاحتياطي الفيدرالي" على كبح جماح الأسعار، إذ بدأت سياسته النقدية المتشدّدة في خفض توقعات التضخم في ظل انتشار العوائد المرتفعة على امتداد النظام المالي. دفع هذا المزيج المعدلات الحقيقية، أو المعدلة وفق التضخم المتوقع، إلى ما فوق الصفر هذا العام من منطقة سلبية للغاية، ما يشير إلى ظروف مالية أقل ملاءمة.

اقرأ أيضاً: أكبر مستثمر في سندات الخزانة خارج أميركا يبيع بمليارات الدولارات بهدوء

موقف سبتمبر

قال آلان روسكين، كبير المحللين الاستراتيجيين الدوليين في "دويتشه بنك" (Deutsche Bank AG): "اتسمت بيانات الوظائف بأنها جاءت متسقة مع التقارير التي تفيد بأن الاقتصاد يصل إلى برّ الأمان. ومع ذلك فإن الخطر يكمن في أن التضخم يظل ثابتاً ويفاقم تباطؤ الاقتصاد.. هذه معضلة يرغب مسؤولو السياسة في تجنبها، ولكن يبدو أنها مرجّحة الحدوث".

انخفض معدل التعادل لأجل 10 سنوات، الذي يستخدم الفارق بين عائد الخزانة الاسمي والمحمي من التضخم مقياساً للتضخم المتوقع، ليصل إلى نحو 2.75%، من 3.1% في أوائل أبريل الماضي.

تقول كاثي جونز، كبيرة استراتيجيي الدخل الثابت في شركة "تشارلز شواب آند كو" (Charles Schwab & Co)، التي تدير إجمالي أصول تتجاوز قيمتها 7 تريليونات دولار، إنّ هذه التوقعات يجب أن تظل تحت السيطرة ما دام بنك الاحتياطي الفيدرالي مستمراً في الوفاء بوعده بكبح الزيادات في أسعار المستهلكين.

اقرأ أيضاً: عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات يتخطى 2%

أشارت جونز إلى أن المتحدثين عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي "يكادون يكررون النص نفسه، الذي مفاده أن خفض التضخم هو المهمة الأولى"، مضيفةً: "ما داموا يصدرون تصريحات توافق إجراءاتهم، فإنّ توقعات التضخم على المدى الطويل ستبقى ثابتة بشكل جيد".

تتوقع جونز ارتفاعات بمقدار نصف نقطة في يونيو ويوليو، قبل أن يبدأ "الاحتياطي الفيدرالي" في تقليل حجم زياداته، على الرغم من أنها رجّحت أن يعزز تقرير مؤشر أسعار المستهلكين القوي، على نطاق واسع، التكهنات بحركة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر المقبل.

إعادة الاستثمار

على صعيد منفصل، ستكون مزادات الأسبوع القادم أول من يتأثر بخطة تخفيض الميزانية العمومية لـ"الاحتياطي الفيدرالي". وبدلاً من إعادة استثمار 15 مليار دولار من ديون الخزانة المستحقة في 15 يونيو في تلك المزادات، التي ستجري تسويتها في اليوم نفسه، سيُعيد البنك استثمار نحو 5.6 مليار دولار فقط.

تجري عمليات شراء إعادة الاستثمار من قِبل "الاحتياطي الفيدرالي" من خلال ما يسمى بإضافات المزاد، التي تقلص المبلغ الذي يتعيَّن على الخزانة اقتراضه من الجمهور. وفي حين أن دعم "الفيدرالي" الغائب في الوقت الحالي لن يتطلب من الخزانة بيع مزيد من الديون، نظراً إلى أن الإيرادات الضريبية الكبيرة الحجم خفضت العجز، يتوقع تحليل استراتيجي أن تدخّل البنك في السوق سيضرّ بالسيولة ويفاقم التقلبات.

في غضون ذلك، قد يؤدي بيع ديون الشركات المحتملة من "أوراكل" (Oracle Corp)، المتعلقة بعملية استحواذ بقيمة 28 مليار دولار، إلى تحفيز النشاط المتقلب المرتبط بالتحوط.

اقرأ أيضاً: تدهور الأسهم والسندات يُعيد التذكير بسياسية "الاحتياطي الفيدرالي" في أواخر 2018

قال إيرا جيرسي، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسعار الفائدة الأميركية في "بلومبرغ إنتليجنس"، في إشارة إلى تخفيض الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي: "لديك سوق قد لا تكون قادرة على تحمُّل إعادة استثمار بعض حصيلة الأوراق المالية التي ستكون لدينا. لذلك ستشهد تقلبات أعلى بشكل ملحوظ في أسواق الفائدة".

أحداث اقتصادية مرتقبة


· الأجندة الاقتصادية:

  • 7 يونيو: الميزان التجاري، وائتمان المستهلكين.
  • 8 يونيو: طلبات الحصول على الرهن العقاري من اتحاد مصرفيي الرهون، وتجارة الجملة.
  • 9 يونيو: مطالبات البطالة، ومسح الاقتصاد الأميركي لشهر يونيو من "بلومبرغ"، وصافي دخل الأسرة.
  • 10 يونيو: أسعار المستهلك، ومتوسط الدخل الحقيقي بالساعة، ومؤشر جامعة ميشيغان لرصد المعنويات/ الظروف الحالية/ التوقعات، بيان الميزانية الشهرية.

· تقويم "الاحتياطي الفيدرالي" فارغ بسبب فترة الهدوء القياسية قبل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.

· تقويم المزادات:

  • 6 يونيو: سندات الـ13 و26 أسبوعاً.
  • 7 يونيو: سندات لأجل 3 سنوات.
  • 8 يونيو: إعادة افتتاح السندات ذات السنوات العشر.
  • 9 يونيو: سندات 4 و8 أسابيع، إعادة افتتاح سندات الـ30 سنة.