الإجهاد وتراجع الروح المعنوية بشأن العقوبات يعرقلان جهود أوروبا لمواجهة بوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المصدر: بلومبرغ
Lionel Laurent
Lionel Laurent

Bloomberg Opinion. Writing my own views on Flag of European UnionFlag of FranceMoney-mouth face(Brussels/Paris/London) here: https://bloom.bg/2H8eH0P Hate-love-mail here: llaurent2 at bloomberg dot net

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتراجع الزخم وراء العقوبات الغربية ضد فلاديمير بوتين. وفي ظل تعزيز الاتحاد الأوروبي لأشد قيوده حتى الآن ضد آلة الحرب الروسية أيضاً، بما في ذلك الحظر الجزئي على واردات النفط؛ إلا أنَّ التنازلات تتزايد، بدءاً من إعفاء النفط الوارد عبر خطوط الأنابيب إلى رفع اسم رجل الدين المفضّل لدى بوتين من قائمة العقوبات.

من الواضح أنَّ رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، وهو أحد المناصرين لبوتين، يلعب دوراً كبيراً في انقسام الجبهة المتوحّدة ضد الرئيس الروسي. لكنَّ خطر الإجهاد وتراجع الروح المعنوية يتجاوزان بكثير بودابست. تكلفة ضرب بوتين بما تحمله من آلام، لاسيما في مجال الطاقة، تشغل أذهان العديد من القادة خلال فترة ارتفاع التضخم والتباطؤ الاقتصادي، كما هي الحال بالنسبة إلى المشهد القاتم للتقدّم الذي تحرزه روسيا من أجل استعادة الزخم بعد 100 يوم من القتال.

بالإضافة إلى الاختلافات في الآراء داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه بشأن الشكل الذي قد يبدو عليه المشهد النهائي؛ فإنَّ هذا لا يبشر بالخير على المدى القريب. رئيسة الوزراء الإستونية كاجا كالاس، التي تضطر في الوقت الحالي لإعادة تشكيل ائتلافها الحاكم بعد انهياره الأسبوع الماضي، حريصة على مواصلة تضييق الخناق على موسكو. لكنَّها تقرّ أنَّ كل شيء سيصبح أكثر "صعوبة" منذ هذه اللحظة، في ظل توفّر فرصة ضئيلة لفرض حظر على الغاز ضمن المجموعة التالية من القيود. وقد حان الوقت لاتباع نهج مختلف، أو "توقف"، كما يصفه نظيرها كالاس البلجيكي ألكسندر دي كرو.

السلاح المالي

لا يوجد حل سهل لحالة الإجهاد جراء العقوبات. "السلاح المالي" هو أداة غير كاملة وعرضة لتطبيق غير مكتمل، وينطوي على عواقب غير مدروسة. سيسهم النطاق غير المسبوق للعقوبات ضد الدائرة المقربة من بوتين، وكذلك النظام المالي وشركات الطيران والتجارة في روسيا، في انخفاض يقدّر بحوالي 10% في الناتج المحلي الإجمالي الروسي هذا العام. لكنَّ العقوبات لم تردع بوتين أو تطيح به.

والأسوأ من ذلك أنَّه كانت هناك بعض الآثار العكسية. فقد أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة الثروة لدى بوتين، في حين أدى إلى إفقار المستوردين. ستصل عائدات روسيا من النفط والغاز إلى حوالي 285 مليار دولار هذا العام، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس". وبإضافة سلع أخرى؛ فإنَّ هذا يعوّض أكثر من 300 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية الروسية التي جُمّدت كجزء من العقوبات.

وفي حين أنَّ الاستيلاء على اليخوت والفيلات الخاصة بأثرياء القلة الحاكمة أمر جيد، إلا أنَّه من المؤسف رحيل الشركات الغربية عن روسيا وبيع الأصول لأولئك المليارديرات الذين يعتبرون فعلياً أكبر من أن يخضعوا للعقوبات.

حتى لو كانت الإجابة طويلة المدى هنا تتمثّل في المضي إلى أشد الإجراءات وأسرعها ضد روسيا؛ فسيكون من الضروري تعزيز الدفاعات الاقتصادية في الداخل أولاً. تشير تقديرات بنك "باركليز" إلى أنَّ فرض حظر كامل على الغاز الطبيعي الروسي قد يقلّل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بـ4% مقارنة بالسيناريو الأساسي. ومن دون دعم اقتصادي إضافي للأسر؛ سينتشر خطاب أوربان، الذي يضع عقوبات الطاقة في تشبيه باهت مع "القنبلة النووية" الاقتصادية.

تضارب

بالفعل، كشفت نتائج استطلاع أجرته "يوغوف" (YouGov) في أبريل الماضي أنَّ الرأي العام الأوروبي متضارب إلى حد ما. فقد دعا أكثر من 30% من المشاركين في سبع دول، بما في ذلك إسبانيا وإيطاليا، إلى الاستثمار في التجارة والدبلوماسية مع روسيا، بدلاً من الدفاع والأمن.

ربما ينقلب المزاج العام، دون أي ضوء في نهاية النفق من الناحية الاقتصادية. وإذا طال أمد هذه الحرب بحيث أصبحت اختباراً للروح المعنوية؛ فإنَّ الغرب والاتحاد الأوروبي يتمتّعان بميزة من حيث الموارد ورأس المال البشري، بحسب ما أشار ميغيل أوتيرو إغليسياس من معهد "إلكانو رويال" (Elcano Royal Institute). ولكن هذا يأتي مصحوباً بضرورة حماية الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع، ويضيف بالقول إنَّ هذا الدعم المالي لابد أن يكون "حتمياً".

يجب أن تكون إجراءات الدعم، على غرار الوباء، بمثابة استرشاد لخطوات السياسة الأوروبية التالية، سواء من خلال هيكل الاقتراض المشترك لصندوق التعافي التابع للاتحاد الأوروبي أو قروض "مؤكّدة" مقدّمة للدول الأعضاء لحماية التوظيف. ستكون الوحدة حقاً قوة في وقت ترتفع فيه أسعار الفائدة، ويعتري المالية العامة الهشاشة، خاصة أنَّ بوتين يبدأ في خنق إمدادات الغاز إلى الدول التي لا تلتزم بقواعده.

من السهل الافتراض، كما يتصوّر بعضهم، أنَّ الخط الفاصل في هذا الصراع هو بين أولئك الذين يريدون التكيّف مع بوتين وأولئك الذين يقفون إلى جانب أوكرانيا. فالرحلة التي خاضتها إيطاليا تنطوي على دروس مفيدة بشكل خاص. قبل غزو بوتين، كان ماريو دراغي يفكر في تعميق علاقات الغاز مع روسيا. ومنذ ذلك الحين أيّد حظر النفط ودعم إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا على الرغم من المقاومة السياسية المحلية.

ومع ذلك؛ فقد دعا أيضاً إلى استجابة مشتركة لارتفاع تكاليف الطاقة وحث الولايات المتحدة على التفكير "بحذر" فيما قد يبدو عليه وقف إطلاق النار. وفي ظل القلق من الإرهاق نتيجة العقوبات؛ فإنَّ نهج دراغي، وليس نهج أوربان، هو الذي يجب أن يقود خطوات الغرب التالية.