المديرة المالية لـ"هواوي" تعيش حياة ثرية في الإقامة الجبرية

مينغ وانزو، المديرة المالية لشركة "هواوي تكنولوجيز" الصينية
مينغ وانزو، المديرة المالية لشركة "هواوي تكنولوجيز" الصينية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

على مدار عامين، لم يعرف سوى عدد قليل من خارج الدائرة الداخلية لواحدة من أقوى المديرات في قطاع التكنولوجيا الصينية، مينغ وانزو (Meng Wanzhou)، عن كيفية قضائها لأيامها في مدينة فانكور الكندية، وهي تحارب ضد طلب لتسليمها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

كان الأمر كذلك حتى قدمت جلسة استماع للمحكمة يوم الثلاثاء بعض معلومات مذهلة عن الحياة الباذخة التي تعيشها المديرة المالية لشركة "هواوي تكنولوجيز" الصينية أثناء فترة الكفالة. وقد أمضت مينغ يوم عيد الميلاد في مطعم قام حصرياً بخدمة حفلها المكوَّن من 14 ضيفاً، وعندما قدَّمت لها المحكمة قراراً في العام الماضي للحصول على أوَّل جرعة عند إطلاق سراحها، جُهزت طائرة تابعة لشركة "تشاينا ساوذرن إيرلاينز" (China Southern Airlines) لنقلها إلى الصين، إلا أنَّ القرار لم يأتِ لصالحها فيما بعد.

تذهب مينع للتسوق في أرقى متاجر "فانكوفر" التي تخصص لها مساحة منفردة كي تتمكَّن من التجول في خصوصية.

وتكشَّفت هذه الأمور في شهادة بالمحكمة أثناء نظر الأخيرة في طلب من مينغ لتخفيف المزيد من شروط الكفالة. ويُسمح لها حالياً بالتجول في رقعة تبلغ مساحتها حوالي 100 ميل مربع حول "فانكوفر" برفقة حراس الأمن المعيَّنين من قبل المحكمة خلال النهار، في حين تبقى في الإقامة الجبرية بالمنزل ليلاً. والتمست مينغ من المحكمة أن يسمح لها بالتحرُّك خارج ساعات حظر التجول المفروضة عليها دون مرافقة الحارس.

اعتقال ولَّد أزمة متصاعدة

أصبحت محنة مينغ، الابنة الكبرى للملياردير "رين زينغفاي" (Ren Zhengfei)، مؤسس "هواوي"، قضية قومية لبكين. فقد أثار اعتقالها في ديسمبر من عام 2018 ضجة دبلوماسية غير مسبوقة. وبعد أيام قليلة من ذلك، تمَّ احتجاز الكنديين، مايكل سبافور، ومايكل كوفريغ في الصين، في حين توقَّفت الصادرات الكندية بمليارات الدولارات إلى الصين، وتدهورت العلاقات الثنائية. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، سلَّطت قضيتها الضوء على الجهود الأوسع لإدارة ترمب لاحتواء الصين، وكبرى شركاتها التقنية. كما اتَّهم مسؤولون أمريكيون مينغ بالاحتيال على خلفية مزاعم قيامها بخداع مصرف "إتش إس بي سي هولدنغز" في شأن معاملات مرتبطة بإيران، مما عرَّض البنك لخطر انتهاك العقوبات الأمريكية. ونفت مينغ ارتكاب أيَّة مخالفات.

قلق من الإصابة بكورونا

وبموجب شروط الكفالة البالغة 10 ملايين دولار كندي (7.9 مليون دولار)، ترتدي المديرة التنفيذية البالغة، من العمر 48 عاماً، جهاز مراقبة بنظام "جي بي اس" في كاحلها، وتدفع رسوماً لقاء المراقبة على مدار 24 ساعة من قبل شركة أمنية خاصة قامت بتعيينها المحكمة. وتخضع لحظر تجول من الساعة 11 مساءً حتى 6 صباحاً. وفي جلسة المحكمة يوم الثلاثاء الماضي، شهد زوجها ليو شياو زونغ (Liu Xiaozong) أنَّ فريقاً من ثلاثة أفراد يحرس مينغ عادةً في نزهاتها، مع تغيير الحراس من يوم لآخر، وسفرهم معها في السيارة نفسها. ويخشى ليو أن تتعرَّض زوجته لخطر الإصابة بفيروس كورونا، فهو مصدر قلق خاص، خصوصاً أنَّها ناجية من سرطان الغدة الدرقية، وتعاني من ارتفاع في ضغط الدم، على حدِّ قوله.

وروى ليو أنَّ الأسرة كانت تذهب للتسوق من محال البقالة، والمراكز التجارية والمقاهي معاً، ولكن أصبح ذلك "أكثر صعوبة" جزئياً؛ لأنَّ أطفالهم يخشون أن يتمَّ التعرف عليهم علناً بسبب وجود حراس الأمن.

وشهد رئيس شركة الأمن، دوغ ماينارد في وقت لاحق أنَّ أفراد الأمن لديهم مخاوف بشأن الإصابة بفيروس كورونا أيضاً بسبب سلوك مينغ التي تناولت العشاء في مجموعات كبيرة، منتهكةً بذلك إرشادات المقاطعة المتعلقة بالوباء. وفي إحدى المرات، ارتشف جميع روَّاد المطعم من فنجان القهوة نفسه، كما قال للمحكمة.

ويقول المدَّعون الكنديون، إنَّ شروط الكفالة الخاصة بمينغ "ضرورية ومناسبة"، في حين قالت وزارة العدل الكندية في رسالة بالبريد الإلكتروني قبل جلسات الاستماع:

"لا يوجد سبب حالي لتغيير الظروف".

دبلوماسية الرهائن

ويواجه الكنديان المسجونان في الصين، سبافور وكوفريغ، مجموعة مختلفة تماماً من التحديات، إذ تمَّ توجيه تهم لهما متعلِّقة بالأمن القومي. كما تمَّ احتجازهما في البداية في سجون سرية، ثم استجوابهما عدَّة مرات في اليوم في زنازين لا يُمكن إطفاء الأنوار فيها. وفي رسالة كتبها إلى زوجته من زنزانته الخرسانية الخالية من النوافذ، وصف كوفريغ حياته بأنَّها "رتيبة، ورمادية، وقاسية"، إلا أنَّ المسؤولين الصينيين قاموا بعد تلك الرسالة بقطع الزيارات القنصلية، والرسائل وغيرها من الاتصالات وسط تفشي وباء كورونا العام الماضي. وليس من الواضح ما إذا كان أحد منهما قد تمكَّن من الوصول إلى محامٍ خلال العامين اللذين أمضياه في السجن.

ورفضت الصين المزاعم حول "دبلوماسية الرهائن"، ووصفتها بأنَّها "لا أساس لها من الصحة" قائلةً، إنَّه لا ينبغي لأي شخص يتَّبع قوانين البلاد أن يخشى الاعتقال. وفي المقابل، اتهمت الصين كندا بالاحتجاز التعسفي لمينغ، وقالت المتحدِّثة باسم وزارة الخارجية هوا تشون ينغ (Hua Chunying) الشهر الماضي، إنَّ قضية مينغ كانت "واقعة سياسية 100%."

ومن المقرر انعقاد جلسات الاستماع النهائية لإجراءات تسليم مينغ في منتصف مايو، بالرغم من إطالة الاستئنافات للأمر بشكل كبير، كما استمرت بعض قضايا تسليم المجرمين في كندا مدَّة عشر سنوات.