بنوك استثمار لـ"الشرق": "المركزي" يتجه إلى تثبيت الفائدة لمراقبة التضخم في مصر

مبنى البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة
مبنى البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

توقَّع محللون لـ"الشرق" أن يتّجه البنك المركزي المصري، خلال اجتماعه الرابع لعام 2022، الخميس 23 يونيو، إلى تثبيت أسعار الفائدة في محاولةٍ منه لمراقبة تطورات أرقام "التضخم".

رفع "المركزي المصري" في اجتماع استثنائي خلال مارس، أسعار الفائدة 1% (100 نقطة أساس)، سعياً لامتصاص موجة التضخم، ومن أجل جذب استثمارات الأجانب بالدولار لأدوات الدين الحكومية، بعد أن خرجت مليارات الدولارات عقب الأزمة الروسية الأوكرانية. ثم رفع في مايو أسعار الفائدة 2% (200 نقطة) لاحتواء الضغوط التضخمية.

أسعار الفائدة في مصر هي من الأعلى في العالم؛ إذ تبلغ على الودائع لليلة واحدة، وعلى الإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية 11.25%، و12.25%، و11.75% على التوالي.

"لا يحتاج البنك المركزي لاتخاذ أي خطوة الآن باتجاه رفع الفائدة، فالارتفاعات الأخيرة لم تنعكس كلها على السوق بعد، ولاسيما على التضخم. ونتوقَّع أن يثبّت الأسعار في اجتماع الخميس، لكنَّه قد يحتاج للرفع خلال النصف الثاني من العام بنحو 200 نقطة أساس"، بحسب عليا ممدوح، محللة الاقتصاد المصري لدى "بلتون المالية".

زاد التضخم في المدن المصرية تحت ضغط من ارتفاع أسعار الزيوت والحبوب والخضراوات، ليسجل 13.5% في مايو على أساس سنوي، مقابل 13.1% في أبريل، أما على أساس شهري؛ فقد نزل التضخم بنسبة 1.1% في مايو من 3.3% في أبريل.

طالع المزيد: الزيوت والحبوب ترفع التضخم في مصر إلى 13.5% خلال مايو

رفع الفائدة

يتفق محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد المصري لدى "هيرميس"، مع ممدوح بأنَّ المركزي "سيرفع أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس في النصف الثاني من هذا العام، غير أنَّه سيُثبّتها خلال الاجتماع المقبل". متوقِّعاً أن يتسارع التضخم أكثر خلال الأشهر القليلة المقبلة ليبلغ ذروته عند 16-17% في أغسطس".

خلال الشهور الأخيرة، تخطّت أرقام التضخم في مصر الرقم المستهدف من قِبل البنك المركزي المصري البالغ 7% (بزيادة نقطتين مئويتين أو أقل) حتى نهاية 2022. وكان التضخم في مصر قد قفز بعد أن حررت الدولة سعر صرف الجنيه في نهاية 2016.

رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في "الأهلي فاروس"، ترى أيضاً أنَّ "المركزي"سيتجه "لتثبيت أسعار الفائدة الخميس 23 يونيو، حتى يراقب الخطوات التي اتخذها في آخر اجتماع له على السوق والتضخم، وسيترك القرارات المفصلية في هذا الإطار لاجتماع أغسطس".

يتبقّى للبنك المركزي المصري 4 اجتماعات بشأن السياسة النقدية خلال النصف الثاني من العام، أولها في 18 أغسطس، ثم 22 سبتمبر، و3 نوفمبر، وآخرها في 22 ديسمبر.

اقرأ أيضاً: البنك المركزي المصري يرفع أسعار الفائدة 2% لاحتواء الضغوط التضخمية

"هناك حالة من الاستياء في الشارع بسبب غلاء الأسعار، والأموال الساخنة منذ خروجها لم ترجع إلى الشكل المطلوب بعد"، وفقاً لمحللة الاقتصاد المصري في "زيلا كابيتال" آية زهير، التي توافق زملاءها في بنوك الاستثمار المصرية بأنَّ الاتجاه الحالي نحو تثبيت الفائدة.

لتخفيف عبء برنامج الإصلاح على محدودي الدخل؛ اتخذت السلطات المصرية عدداً من الإجراءات، شملت زيادة الأجور والمرتبات، ورفع حد الإعفاء الضريبي، وتطبيق علاوات استثنائية.

طالع أيضا: بعد تعديل نظرة "موديز" إلى سلبية.. مصر تواجه خطر خفض تصنيفها الائتماني لأول مرة منذ 2013

تعاني مصر من نقص في العملات الأجنبية بعد أن تسبّبت جائحة فيروس كورونا في تراجع أعداد السياح، كما سحب المستثمرون الأجانب مليارات الدولارات من سوق السندات المصرية، إذ انخفضت استثمارات الأجانب بأدوات الدَّين المصرية إلى 28.8 مليار دولار في ديسمبر 2021 من 34.1 مليار دولار في سبتمبر، وفقاً لأحدث بيانات رسمية متاحة.

هبط سعر الجنيه المصري، نهاية الاسبوع الماضي، إلى 18.72 مقابل الدولار، ليتراجع بنحو 20% منذ مارس الماضي وحتى الآن، وهو أقل مستوى له منذ فبراير 2017. فيما تقلّص الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي المصري بواقع 1.63 مليار دولار في مايو الماضي ليبلغ 35.49 مليار دولار، وهو ما يُعَدّ أدنى مستوى منذ 2017 أيضاً.

مصادر التمويل

أحمد عادل، رئيس قسم البحوث في "مصر كابيتال"، يَعتبر أنَّ رفع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية "سيعطي البنك المركزي فرصة لتثبيتها في الاجتماع المقبل، لتقييم الوضع سواء على المستوى العالمي أو لناحية متابعة وتيرة قراءات التضخم للشهور المقبلة محلياً". متابعاً بأنَّ "تعدُّد مصادر التمويل على المدى القصير؛ ساعد على سداد جزء كبير من الالتزامات للعام الحالي، وبالتالي؛ فإنَّ ضرورة الحفاظ على سعر فائدة حقيقي أمر غير ملح على المدى القصير لحين قراءة تطور أسعار التضخم".

تلقّت مصر دعماً خليجياً سريعاً عقب إعلانها عن رفع أسعار الفائدة، وترك عملتها الجنيه للتحرك أمام الدولار نهاية مارس الماضي، إذ أودعت السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري نهاية مارس الماضي، كما يتطلّع "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي إلى استثمارات محتملة بقيمة 10 مليارات دولار في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والزراعة والمالية، في حين اشترت "القابضة ADQ"، أحد صناديق أبوظبي السيادية، حصصاً بحوالي ملياري دولار في شركات مصرية مملوكة للدولة ومدرجة في البورصة، كما أنشأت "القابضة" صندوقاً بقيمة 10 مليارات دولار يستهدف مشاريع في مصر والأردن. بينما تعهدت قطر بضخّ 5 مليارات دولار في صورة استثمارات في مصر.

طالع أيضاً: بضغط من هبوط الجنيه والاحتياطي.. هل تعجّل مصر المفاوضات مع صندوق النقد لقرض جديد؟

تغطي الاحتياطيات النقدية الأجنبية حالياً 5 شهور من الواردات المصرية مقابل 5.4 شهور في أبريل، في حين كان متوسط التغطية 8.6 شهور عام 2021. وتُقدّر الالتزامات واجبة السداد على مصر هذا العام بنحو 20 مليار دولار، منها 8.3 مليار في النصف الثاني من 2022.