الاقتصاد الصيني ينتعش في مايو بدعم الصناعة وتخفيف قيود كورونا

ارتفع الإنتاج الصناعي 0.7% مقارنة بالعام الماضي، فيما كان الانكماش بنحو 7% في مبيعات التجزئة أفضل من التراجع في الشهر السابق
ارتفع الإنتاج الصناعي 0.7% مقارنة بالعام الماضي، فيما كان الانكماش بنحو 7% في مبيعات التجزئة أفضل من التراجع في الشهر السابق المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهد اقتصاد الصين انتعاشاً مختلطاً خلال مايو الماضي، إذ تقلصت القيود المفروضة بسبب تفشي كورونا تدريجياً، مع زيادة الإنتاج الصناعي بشكل غير متوقع، فيما استمر الانكماش في إنفاق المستهلكين وسوق العقارات.

قال المكتب الوطني للإحصاء يوم الأربعاء إنّ الناتج الصناعي ارتفع بـ0.7% مقارنة بالعام الماضي، فيما كان الانكماش بـ7% تقريباً في مبيعات التجزئة أفضل من التراجع في الشهر السابق. نما الاستثمار في الأصول الثابتة بـ6.2% في الأشهر الخمسة الأولى من العام، وانخفض معدل البطالة الذي شمله مسح أجراه المكتب.

طالع أيضاً: الصين ستطمح إلى نمو على الطريقة الأميركية قريباً

استئناف تدريجي

جرى تخفيف بعض قيود كورونا في شنغهاي خلال الشهر الماضي، مما أتاح للمصانع استئناف الإنتاج تدريجياً وتخفيف الاختناقات اللوجستية. ومع ذلك استمرّت الاختبارات المنتظمة للفيروسات وغيرها من الضوابط الصارمة في عرقلة نشاط المستهلك في جميع أنحاء البلاد.

لا يزال مسار التعافي غير مؤكّد، إذ تواصل بكين الاعتماد على عمليات الإغلاق والقيود الأخرى لاحتواء تفشي الفيروس على نطاق واسع. لا يزال النشاط ضعيفاً في الشهر الماضي، وستؤثر إشارات الانتعاش الضعيف في يونيو في النمو، الذي يتعذر معه تحقيق هدف الحكومة للعام بأكمله عند نحو 5.5%.

قال روبن شينغ، كبير الاقتصاديين الصينيين في "مورغان ستانلي"، خلال مقابلة مع تليفزيون "بلومبرغ": "وصل النمو إلى أدنى مستوى، وبدأ الانتعاش للتو. ولا يزال التعافي غير مكتمل ويواجه تحديات، لكننا شهدنا الأسوأ".

طالع أيضاً: حملة الصين للقضاء على كورونا تسحق اقتصادها

الأسهم الأفضل أداءً

كانت الأسهم الصينية هي الأفضل أداءً في آسيا أمس الأربعاء، إذ ارتفع مؤشر "سي إس آي 300" القياسي بـ1.8% اعتباراً من فترة التوقف في منتصف اليوم. وارتفع اليوان محلياً بـ0.4%، فيما انخفضت العقود الآجلة على السندات الحكومية الصينية لأجل 10 سنوات بـ0.1% إلى 100.21، وهو أدنى مستوى منذ 20 مايو، وسط تحسن معنويات المخاطرة.

اقرأ أيضاً: خسائر الأسهم الآسيوية تتفاقم مع تزايد احتمالات رفع أسعار الفائدة

ساعد ازدهار قطاع السيارات في انتعاش الإنتاج الصناعي، إذ أعيد افتتاح مراكز إنتاج السيارات مثل جيلين وشنغهاي، مما أدى إلى إنتاج 1.99 مليون سيارة، ارتفاعاً من 1.28 مليون في أبريل. وعلى الرغم من ذلك لا يزال الطلب ضعيفاً مع استمرار انخفاض مبيعات السيارات بـ16% في مايو، مما أدى إلى انخفاض هذا العام إلى ما يقرب من 10%.

قال فو لينجوي، المتحدث باسم "إن بي إس" (NBS )، إنه من المتوقع أن يتحسن الاقتصاد بشكل أكبر في يونيو ويحقق نمواً "معقولاً" في الربع الثاني إذا تمت السيطرة على تفشي مرض "كوفيد". ورجّح أن يكون لحزمة الإغاثة الحكومية من فيروس "كوفيد" تأثير أكبر في يونيو.

أبرز بيانات الاقتصاد الصيني:

  • ارتفع الناتج الصناعي 0.7% في عام خلال مايو الماضي مقارنة بـ-0.9%.
  • تراجعت مبيعات التجزئة 6.7%، ويشير متوسط التقديرات إلى أنها كانت -7.1%.
  • نما الاستثمار في الأصول الثابتة في 5 أشهر بـ6.2% مقارنة بـ6%.
  • هبط معدل البطالة إلى 5.9% مقارنة بـ 6.1%.
  • انخفض ناتج الكهرباء 3.3%، وقفز ناتج الفحم 10.3%.

سجّل إنتاج الألمنيوم في الصين أعلى مستوياته على الإطلاق، وارتفع إنتاج الصلب إلى أقوى مستوياته في عام، إذ انتعش النشاط الصناعي من أسوأ قيود فُرضت بسبب الفيروس. يستعدّ منتجو الصلب لزيادة الإنفاق على البنية التحتية، فيما شهدت شركات الألمنيوم زيادة في الطلب على الصادرات.

مع ذلك، كانت العودة إلى الإنتاج بطيئة، إذ لم تستأنف شركات عديدة نشاطها بشكل كامل، وحتى بيانات الوقت الفعلي حول تدفقات الشاحنات في شنغهاي وعلى امتداد الصين فإن النشاط لم يعُد إلى المستوى الذي كان عليه قبل الإغلاق.

استمرت معاناة قطاع العقارات، إذ انخفضت مبيعات المنازل بـ41.7% وتراجع الاستثمار بـ7.8% في مايو مقارنة بالعام السابق. كما ظل اقتصاد الخدمات في حالة ركود عميق، إذ هبطت عائدات المطاعم ومرافق المؤن بـ21.1%، على الرغم من أن هذا يمثل تحسناً عن الانخفاض البالغ 22.7% في أبريل.

قد يهمك: خطوات الصين لإنقاذ سوق العقارات البالغة قيمتها 2.4 تريليون دولار

ما الذي يقوله الاقتصاديون في "بلومبرغ"؟

البيانات أكدت أن "الاقتصاد قد اجتاز أسوأ فترة شهدها خلال انتكاسة متحور أوميكرون، ومع ذلك لا يزال أداء الاقتصاد أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة والبطالة عند مستويات مرتفعة، في الوقت الذي تسجّل أعداد الشباب رقماً قياسياً. ونتوقع من صانعي السياسات الاستمرار في تعزيز التعافي بدعم إضافي".

- تشانغ شو، كبير الاقتصاديين في آسيا.

بدلاً من الإنفاق، يسارع المستهلكون إلى تعزيز مدخراتهم، التي نمت بمقدار 7.86 تريليون يوان (1.2 تريليون دولار) في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، وهو أكبر رقم منذ بدء البيانات في عام 2005، وفقاً للأرقام الصادرة عن بنك الشعب الصيني.

حتى الآن، استهدفت خطة التحفيز التي قدمتها بكين الشركات إلى حد كبير، مع تخفيف محدود للمستهلكين الذين يواجهون فقدان الوظائف وانخفاض الدخل. وطرحت الحكومة الشهر الماضي حزمة من السياسات، بما في ذلك مزيد من الإعفاءات الضريبية والقروض لمشاريع البنية التحتية.

أحجم بنك الشعب الصيني أمس الأربعاء عن خفض سعر الفائدة الرئيسي، متجنباً مزيداً من الاختلاف في السياسة عن الولايات المتحدة، مما قد يزيد الضغط على اليوان. وجرى الإبقاء على سعر الفائدة لتسهيل الإقراض متوسط ​​الأجل لمدة عام دون تغيير عند مستوى 2.85%، بما يتماشى مع معظم التوقعات.

كتب تومي وو، الاقتصادي الرئيسي في الصين في "أكسفورد إيكونوميكس": "نتوقع حدوث انتعاش في النصف الثاني من هذا العام مع تفعيل السياسة التحفيزية. ومع ذلك، سيتعذر تعافي الاستهلاك المنزلي بقوة. ومن غير المرجح أن تتحول معنويات المستهلك إلى التفاؤل، إذ لا تزال الاستراتيجية الديناميكية (صفر كوفيد) سارية، على الرغم من حالة الانضباط الدقيقة التي شهدناها حتى الآن".