"الفيدرالي" يجب أن يقدم أكثر من رفع الفائدة 75 نقطة

جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم الأربعاء، 4 مايو 2022
جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم الأربعاء، 4 مايو 2022 المصدر: بلومبرغ
Mohamed El Erian
Mohamed El Erian

Mohamed A. El-Erian is a Bloomberg Opinion columnist. He is the chief economic adviser at Allianz SE, the parent company of Pimco, where he served as CEO and co-CIO. He is president-elect of Queens' College, Cambridge, senior adviser at Gramercy and professor of practice at Wharton. His books include "The Only Game in Town" and "When Markets Collide."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من المفهوم أن يتركز الحديث قبل قرار الاحتياطي الفيدرالي، المقرر اليوم الأربعاء بشأن الفائدة، على ما إذا كانت الزيادة ستكون بمقدار 50 أم 75 نقطة أساس، لكن القضية الهامة حالياً هي أوسع، ويحتاج البنك المركزي بشدة، من أجل مصلحته ومصلحة الاقتصادين المحلي والعالمي، أن يستعيد السيطرة على حديث التضخم.

الفشل المستمر في ذلك خلال الاثني عشر شهراً الماضية يحوّل التصورات حول الفيدرالي من أقوى بنك مركزي في العالم- الذي لطالما حظي بالاحترام لقدرته على ترسيخ الاستقرار المالي العالمي- إلى مؤسسة تشبه كثيراً بنكاً في سوق ناشئ تنقصه المصداقية ويساهم دون قصد في تقلبات مالية غير مبررة.

التضخم قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي لرفع سعر الفائدة 75 نقطة

تعد استعادة السيطرة على حديث التضخم أمراً حساساً لفاعلية سياسات الفيدرالي، وسمعته، واستقلاله السياسي، وكلما استغرق ذلك وقتاً أطول، ستزداد التأثيرات السلبية على صحة الاقتصاد والمساواة الاجتماعية في الولايات المتحدة، وسيمتد التأثير السلبي لبقية العالم.

فقدان السيطرة على التضخم

تضاعفت الدلائل على فقدان الفيدرالي للسيطرة بشكل غير مريح في الأسابيع الماضية.

ومجدداً، أخفقت توقعاته للتضخم، وهي واحدة من مهمته المزدوجة، وفي الوقت نفسه، انحرفت توقعات التضخم على المدى الطويل أبعد من المستوى المستهدف للفيدرالي عند 2%، ووصل مقياس جامعة ميشيغان للخمس إلى عشر سنوات المقبلة لأعلى مستوى منذ عقود عند 3.3%، علاوة على ذلك، حتى الجزء من السوق حيث يتمتع الفيدرالي بأكبر تأثير، وهو عائد سندات الخزانة لأجل عامين، صعد بقوة بشكل مثير للدهشة وغير منظم ومخيف نسبة لواحد من الأجزاء الأكثر أهمية من الأسواق المالية العالمية.

والمقلق بنفس القدر هو محاولة الفيدرالي الفاشلة في تحري الدقة، إذ أدت إشارته لزيادتين مقدارهما 50 نقطة أساس، وتوقف مؤقت في سبتمبر في دورة تشديد سعر الفائدة، ثم أُطيح بهذا التفكير بقوة عبر التكهنات برفع فوري قدره 75 نقطة أساس في الرحلة إلى سعر فائدة نهائي يزيد عن أي رقم أشار إليه الفيدرالي من قبل.

سياسة خاسرة

هذا بدوره تسبب في تقلبات غير مبررة في الأسواق، ومعها جاء انفصال أكبر للفيدرالي عن استجابات السياسة "الأولى المُثلى" وتعميق لمعضلة السياسة الخاسرة في جميع الأحوال والتي خلقها الفيدرالي بنفسه؛ أي إما الضغط بقوة على مكابح السياسات لمحاربة التضخم والمخاطرة بركود لاحق، أو الضغط على المكابح بشكل ألطف والمخاطرة باستمرار التضخم المرتفع حتى 2023.

وفكرة مطاردة البنك المركزي التطورات التضخمية باستمرار، واستنفاده، في خضم هذه العملية، خيارات السياسة الجيدة، بحيث تتصاعد التقلبات الاقتصادية والمالية ليست غريبة في بلد نامٍ يفتقر إلى المصداقية المؤسسية والنضج، لكنها غير معتادة إطلاقاً، ومثيرة للقلق بشكل خاص، بالنسبة للبنك المركزي الذي يقع في قلب النظام النقدي الدولي.

توحش التضخم سيزيد تشديد "الاحتياطي الفيدرالي"

والنتيجة هي تفاقم التأثيرات الممتدة المعاكسة لبقية العالم، ما يضع الاستقرار المالي في بعض الدول الواقعة على أطراف النظام العالمي في خطورة كبيرة. أما في الموطن، فيقوض ذلك الرخاء الاقتصادي ويضيف على الضغوط الكبيرة بالفعل التي تواجهها الشرائح الأكثر ضعفاً من السكان.

الخطوات

وللأسف، توضح الحاجة الملحة لاستعادة السيطرة الخطوات التي ينبغي على الفيدرالي اتخاذها.

  • أولاً، يتعين عليه نشر تحليلات تفسر لماذا أخفق مراراً في توقع التضخم لوقت طويل، وكيف حسّن الآن قدراته التوقعية، بدون ذلك، سيستمر الفيدرالي في إيجاد صعوبة في إقناع الأسواق بسيطرته على التضخم ما يقود إلى المزيد من الجموح في توقعات التضخم.
  • ثانياً، ينبغي على الفيدرالي إثبات جديته حول معالجة التضخم وليس فقط بالأقوال وإنما بالأفعال، وبالنظر إلى أنه أخفق في التعامل مع الفترة السابقة لاجتماع لجنة السوق المفتوحة الأسبوع الجاري، فليس أمامه خيار سوى رفع الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وبالتالي سيخالف إرشاداته التوجيهية برفع قدره 50 نقطة أساس والتي أشار إليها منذ شهر فحسب، وسيفعل شيئاً استبعده الرئيس، جيروم باول.
  • ثالثاً، مع رفعه للفائدة 75 نقطة أساس، عليه أن يوصل بمصداقية فكرة أن هذا جزء من رحلة، وأن عليه تجنب تكرار خطأ الدقة الزائفة، وهو خطأ غير مقصود ارتكبه عدد من المرات في الأشهر القليلة الماضية.

سياق أصعب

رغم حقيقة أن الفيدرالي يعمل في سياق أكثر صعوبة بكثير بسبب الاقتصاد الإقليمي الأضعف ومخاطر "انتشار الانقسامات"، فقد اتخذ البنك المركزي الأوروبي مؤخراً بعض الخطوات الهامة في هذا الصدد، وكلما أجّل الفيدرالي اتخاذ خطوات مماثلة، ستراجع الأسواق توقعاتها للتضخم صعوداً وكذلك نطاق ووتيرة دورة رفع الفائدة.

وفي حال تحقق ذلك، ستكون النتيجة هي أن يفسح سيناريو الركود التضخمي الحالي في الولايات المتحدة الطريق أمام الركود، ومرة أخرى، مع تزايد انعدام الأمن الاقتصادي بسبب ارتفاع الأسعار وآفاق الدخل غير المؤكدة، ستتضرر أكثر شرائح السكان ضعفاً.

الاحتياطي الفيدرالي قد يخاطر بمستقبل الاقتصاد إذا فشل في كبح التضخم اليوم

وكنتُ قد حذرتُ منذ عام من أن إصرار الفيدرالي على أن التضخم "مؤقت" يهدد بارتكابه واحداً من أكبر أخطاء السياسة النقدية والذي سيمتد تأثيره إلى خارج الاقتصاد الأميركي. ومنذ ذلك، كان الفيدرالي وكأنما يشاهد كابوساً يتحقق على مراحل، وأتمنى أن يستخدم الفيدرالي اجتماع لجنة السوق المفتوحة الأسبوع الجاري للتخلص من النظام السياسي المعطل الذي وضع نفسه فيه، وبالتالي تجنب المزيد من الضرر غير الضروري لصحة الاقتصاد وآفاقه والمساواة الاجتماعية.