البيت الأبيض يكشف قريباً عن استراتيجية دفاعية ضدّ التهديدات البيولوجية

أحد السكان يتلقى جرعة معززة من اللقاح المضاد لـ"كوفيد-19" داخل عيادة خاصة في كنيسة الثالوث الإنجيلية اللوثرية في لانسديل في ولاية بنسلفانيا الأميركية، يوم 5 أبريل 2022. تنص خطة بايدن الخاصة بالاستعداد للتهديدات على ضرورة تطوير الأدوية واللقاحات والاختبارات خلال 100 يوم من التعرف على أي تهديد جديد
أحد السكان يتلقى جرعة معززة من اللقاح المضاد لـ"كوفيد-19" داخل عيادة خاصة في كنيسة الثالوث الإنجيلية اللوثرية في لانسديل في ولاية بنسلفانيا الأميركية، يوم 5 أبريل 2022. تنص خطة بايدن الخاصة بالاستعداد للتهديدات على ضرورة تطوير الأدوية واللقاحات والاختبارات خلال 100 يوم من التعرف على أي تهديد جديد المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تُجّهز إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، استراتيجية دفاعية جديدة ضدّ الأوبئة والتهديدات البيولوجية الأخرى، تستنبط دروسها من وباء "كوفيد-19"، وتضع البيت الأبيض في قلب أي ردّ أميركي مستقبلي.

تشير الأبحاث إلى احتمال بنسبة 50% لظهور وباء شبيه بـ"كوفيد-19"، أو جائحة أشد شراسة في السنوات الـ25 المقبلة، حسب مسؤول كبير في إدارة بايدن، رفض الكشف عن هويته نظراً لسرية الاستراتيجية. وقد جاءت خطة الإدارة هذه كثمرة عمل استمر لأكثر من عام، قام به خبراء في الأمن القومي والصحة العامة في الولايات المتحدة، بهدف تحسين إمكانات البلاد في ما يتعلق بالاستعداد والاستجابة والتعافي.

اقرأ أيضاً: الأنظار تتجه للشركة المنتجة للقاح "جدري القرود" مع انتشار الفيروس

من المتوقع أن تقوم الإدارة الأميركية خلال الفترة المتبقية من الشهر الجاري، بإطلاق استراتيجية الدفاع البيولوجي الوطنية التي ستحدّد نهجها في مواجهة التهديدات البيولوجية للإنسان والحيوان والبيئات والمحاصيل، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وبالإضافة إلى تمويل بقيمة 88.2 مليار دولار يسعى إليه بايدن، ستغيّر هذه الخطة طريقة تعامل الحكومة مع الاستعداد للوباء، من خلال تحديد وتوصيف واضح للمسؤوليات والأهداف والمواعيد النهائية، في محاولة لتجنب الارتباك والصراع الداخلي بين الإدارات، اللذين شابا استجابة الولايات المتحدة للجائحة.

اقرأ المزيد: كيف نقرأ انخفاض شعبية بايدن راهناً؟

قال أندرو هيبلر، مساعد مدير الصحة وعلوم الحياة في مكتب البيت الأبيض لسياسات العلوم والتكنولوجيا، والمشارك في تطوير الاستراتيجية: "في نهاية الأمر، نحن نعرف اللازم لمنع تفشي المرض وإبعاده أساساً حتى لا يصبح تهديداً للمجتمع. ربما تكون هذه الخطة الأكثر تركيزاً التي تسعى إلى القيام بذلك حتى الآن".

اقرأ أيضاً: شنغهاي تبدأ إجراء اختبارات جماعية أسبوعياً لمواجهة تفشي كورونا

مع ذلك، لدى الأشخاص المطلعين على الاستراتيجية الجديدة، مخاوف من عدم قدرة الوثيقة المطوّلة والمليئة بالمصطلحات، على تعزيز الدفاع البيولوجي للولايات المتحدة، ما لم تقم الحكومة باستثمار عشرات المليارات من الدولارات لدعم أفكارها.

خطة منقّحة

تستند الاستراتيجية الوطنية الجديدة للدفاع البيولوجي إلى خطة الاستعداد الأميركية للوباء، والتي أصدرها بايدن سابقاً، وإلى طلبه للحصول على تمويل إلزامي قدره 88.2 مليار دولار لأهداف الدفاع البيولوجي من ميزانية عام 2023. ستكون الاستراتيجية، في حال موافقة الكونغرس عليها، متاحة على مدى 5 سنوات، وستكون أفكار الوثائق ركيزة التقرير القادم، وفقاً لما ذكره الأشخاص المطلعون على الخطة.

من بيل كلينتون إلى جو بايدن، ركّز آخر خمسة رؤساء أميركيين، على كيفية الاستعداد للأزمات الصحية الناتجة عن الأمراض المعدية والحرب البيولوجية. برز هذا الاهتمام بشكل متزايد خلال إدارة جورج دبليو بوش عقب هجمات 11 سبتمبر، وما تبعها من إرسال الجمرة الخبيثة القاتلة عبر البريد الإلكتروني إلى شخصيات ومسؤولين، ما أدى إلى التركيز على التهديدات المحتملة مثل الجدري، والاستثمار في جهود الصحة العامة.

خلال العقدين الأخيرين، صدرت وثائق عديدة حول الخطوات المحدّدة التي يتعين اتخاذها في أعقاب مسببات الأمراض المميتة، بما في ذلك الاستثمار في اللقاحات والعلاجات، وتطوير الاختبارات، وتطوير أدوات اكتشاف تفشي المرض والتنبؤ به، وتوزيع معدات الحماية الشخصية. رغم ذلك، فإنه عندما تفشى وباء "كوفيد-19"، لم تكن حكومة الولايات المتحدة مستعدة على الإطلاق، وكانت استجابتها بطيئة. من هنا، فإن المشكلات الرئيسية التي يحاول التقرير الجديد معالجتها، تتمثل في غياب القيادة الواضحة التي أعاقت الاستجابة السريعة في الأيام الأولى للوباء.

خطة ترمب

تقوم خطة إدارة بايدن على التكرار الأول للاستراتيجية الوطنية للدفاع البيولوجي الصادرة عن إدارة الرئيس دونالد ترمب في سبتمبر 2018. حدّدت الوثيقة آنذاك أهدافاً مثل زيادة الوعي بالتهديدات البيولوجية، والاستعداد للأوبئة ومنع تفشيها، ووضع خطط للتعافي المجتمعي والاقتصادي جراء وقوع الحوادث. لكن المشاركين في تطوير تلك الاستراتيجية، أشاروا إلى غياب عنصر القوة فيها.

أعاد مكتب المساءلة الحكومية التأكيد على هذا الرأي، بعد مراجعته لاستراتيجية إدارة ترمب في بداية عام 2020، قائلاً إنها "لا تتضمن إجراءات أو مهام أو مسؤوليات واضحة لاتخاذ قرار مشترك. لم يكن مسؤولو الوكالة متأكدين كذلك من طريقة اتخاذ القرارات".

إلا أن الأشخاص المطلعين على الأمر قالوا إن الاستراتيجية المعدّلة ستحدّد بوضوح أصحاب المصلحة المُكلّفين بمهام معينة، وسوف تشرح كيفية قيام الحكومة بقياس نجاح تلك الإجراءات.

سيُحدّد البرنامج مثلاً الحاجة إلى تطوير الأدوية واللقاحات والاختبارات خلال 100 يوم من التعرف على التهديد الجديد، وسيُكلّف البيت الأبيض بتنسيق الجهود المشتركة بين الإدارات والعمل مع الشركاء العالميين. أسست إدارة ترمب سابقاً آلية داخل وزارة الصحة والخدمات الإنسانية لقيادة الاستجابة.

ذكر الأشخاص المطلعون على الاستراتيجية أن خطة بايدن لم تحدّد أيضاً بشكل كافٍ الإدارات والوحدات الفرعية التي ستكون مسؤولة عن مهام معينة، ويقلق الأشخاص كذلك من عدم منح إدارة بايدن الميزانية اللازمة لإبقاء أهدافها على الطريق السليم.

دورة الذعر والإهمال

قال إريك تونر، الباحث البارز في مركز "جونز هوبكنز" للأمن الصحي، الذي قدّم توصيات لاستراتيجيات الدفاع البيولوجي لكل من ترمب وبايدن، ولكنه لم يطلع على المسودة النهائية لخطة بايدن: "تعتبر دورة الذعر والإهمال واحدة من أكبر المشكلات. يضع الجميع الكثير من الأموال عند وقوع الأزمة، ولكن سرعان ما يعودون إلى المشكلات الأخرى بمجرد انتهاء الأزمة".

واجه البيت الأبيض فعلياً عقبات في تأمين التمويل لأولويات الاستعداد للوباء، ولم يوقّع الكونغرس حتى الآن على تمويل جديد للتأهب له. تعمل الولايات المتحدة حالياً على تقليص برامج وزارة الصحة، في محاولة للعثور على تمويل كافٍ لشراء الجيل التالي من جرعات لقاحات "كوفيد-19" التي قد يتم تخصيصها لمكافحة متحوّل "أوميكرون" الفيروسي.

قال ماثيو هيبورن، رئيس فريق عمل الابتكار الوبائي التابع لمكتب البيت الأبيض لسياسات العلوم والتكنولوجيا، الهادف إلى اتخاذ إجراءات حيال بعض الأهداف المحددة في استراتيجية الإدارة المتطورة، إن حماية الولايات المتحدة ضد تهديد بيولوجي آخر تستدعي "استجابة حكومية كاملة".

في إشارة إلى الاستراتيجية الوطنية للمراقبة الحيوية التي ساعد في تطويرها بعد جائحة إنفلونزا الخنازير في عام 2009، قال هيبورن: "بصراحة، من المؤلم قراءة محتوى وثيقة عام 2012. أشعر وكأننا لم نُنهِ أعمالنا. عرفنا كل هذه الأشياء، وأتمنى لو أننا قمنا بالمزيد للاستعداد لكوفيد".