موت "منظمة التجارة العالمية" قد تأخر فحسب

شعار منظمة التجارة العالمية في مقرها الرئيسي في جنيف، سويسرا
شعار منظمة التجارة العالمية في مقرها الرئيسي في جنيف، سويسرا المصدر: بلومبرغ
Mihir Sharma
Mihir Sharma

Mihir Swarup Sharma is a Bloomberg Opinion columnist. He is a senior fellow at the Observer Research Foundation in New Delhi and head of its Economy and Growth Programme. He is the author of "Restart: The Last Chance for the Indian Economy," and co-editor of "What the Economy Needs Now."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان تمكُّن منظمة التجارة العالمية من التوصل إلى أي نوع من الاتفاق في اجتماعها الوزاري الثاني عشر الأسبوع الماضي، بمثابة معجزة. فقد ماتت المنظمة منذ سنوات كمركز لحوكمة التجارة- وحتى لفترة أطول كمكان لإتمام مفاوضات ناجحة.

في الواقع؛ فإنَّ التقارير عن استمرار وجود "منظمة التجارة العالمية" مبالغ فيها إلى حد كبير. وإلى حين أن تلتزم القوتان التجاريتان الأكثر نفوذاً في العالم - الولايات المتحدة والصين - بالإصلاح؛ ستستمر المنظمة في الانحدار صوب اللاموضوعية.

ويشار إلى أنَّ الصفقات التي أبرمت الأسبوع الماضي تمثّل خطوتين رئيسيتين إلى الأمام بالنسبة لـمنظمة التجارة العالمية. ففي حين أنَّ الاتفاق للحد من الإعانات للصيد التجاري قد انتهى به الأمر إلى نطاق أكثر تواضعاً مما كان يُتصوّر في الأصل؛ إلا أنَّه يقحم مسألة الاستدامة البيئية في سياسة التجارة العالمية لأول مرة. فلطالما فضّلت معظم البلدان النامية معالجة القضايا البيئية بشكل منفصل من خلال الأمم المتحدة، واعتبرتها مصدراً محتملاً بحق للحواجز غير الجمركية ضد المصدرين في الاقتصادات الناشئة.

اقرأ المزيد: منظمة التجارة العالمية تطلق حزمة اتفاقيات تاريخية

وضع الصين

كانت العلامة الثانية على التقدّم هي قبول الصين الضمني بأنَّها لا تستطيع دائماً المطالبة بالمزايا الخاصة الممنوحة للاقتصادات النامية في منظمة التجارة العالمية. وافقت البلدان المعفية من الملكية الفكرية للقاح على الاستبعاد الفعلي لكبار المصدّرين- في هذه الحالة الصين- من الاستفادة.

على الرغم من أنَّ الصين قبلت التقييد طواعية؛ إلا أنَّ ذلك يشكّل سابقة مهمة. السؤال الكبير المطروح على منظمة التجارة العالمية بالنسبة لمعظم البلدان النامية هو: كيف يمكنهم الحفاظ على حقوقهم الخاصة مع ضمان ألا تفعل الصين- التي استفادت بالفعل أكثر من حصتها العادلة من منظمة التجارة العالمية - الشيء نفسه؟

بموجب القواعد الحالية، لا يمكن أن يحدث ذلك إلا بموافقة الصين، وهذه هي المرة الأولى التي نرى فيها إشارات على أنَّ الصين تقبل أنَّ هيمنتها على تجارة السلع العالمية تعني أنَّه يجب عليها التخلي عن بعض الحماية الخاصة التي تتمتّع بها. ولكي تستعيد "منظمة التجارة العالمية" أهميتها- وثقة العالم النامي- ستحتاج المنظمة في المستقبل إلى تقنين الوضع الجديد للصين.

لكن هذا لن يكون كافياً. العقبة الأخرى أمام إحياء "منظمة التجارة العالمية" بشكل حقيقي هي الولايات المتحدة، التي حافظت في عهد الرئيس جو بايدن على النهج المعيق الذي اتبعته الإدارة السابقة تجاه التجارة العالمية.

اقرأ أيضاً: الصين تحث الولايات المتحدة على إصلاح العلاقات وبايدن يدرس تحقيقاً تجارياً جديداً

لم يكن دعم إدارة بايدن للتنازل عن الملكية الفكرية للقاح بمثابة تنازل. فطوال فترة الوباء، كانت العقبة الأكبر أمام جلب الحقن إلى أذرع العالم هي تخزين اللقاحات من قبل الولايات المتحدة وغيرها، جنباً إلى جنب مع اضطرابات سلسلة التوريد من خلال إساءة استخدام التشريعات مثل "قانون الإنتاج الدفاعي". والأهم من ذلك؛ هو أنَّ الولايات المتحدة لم تصلح حتى الآن الضرر الذي أحدثته من خلال استخدامها لحق النقض ضد المرشحين لهيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية. وإلى أن تفعل ذلك، لن تتمكّن "منظمة التجارة العالمية" من الوفاء بواجبها المركزي في حل النزاعات التجارية الدولية.

اقرأ أيضاً: العالم يتحول من نقصٍ إلى وفرة محتملة في لقاحات كورونا

يحب المسؤولون التجاريون والمحللون الغربيون تركيز غضبهم على دول مثل الهند التي يتم تصويرها على أنَّها معرقلة بسبب رغبتها في الحفاظ على مخزوناتها الضخمة من الحبوب الغذائية. وبرغم ذلك؛ من غير المنطقي التصنّع على أنَّ ذلك هو مصدر قلق كبير في عام 2022، عندما تكون المشكلة الحقيقية هي عدم رغبة الهند في تصدير القمح في وقت ارتفاع الأسعار، وليس احتمال إغراقها بالمخزونات المدعومة في الأسواق العالمية.

في الواقع، أصبحت الهند والدول النامية الأخرى أكثر تعاوناً في التجارة من الولايات المتحدة أو الصين. خفّفت الهند من معارضتها لخلط البيئة والتجارة بسماحها بتمرير اتفاقية دعم الصيد. واعتراضاتها على النص الأصلي- الذي لم يميز فعلياً بين الإعانات الهائلة المدفوعة لأساطيل الصيد الصناعية والمبلغ الضئيل (15 دولاراً للفرد) الذي تقدّمه الهند لمجتمعات الصيد ضعيفة الإنتاج إلى حد كبير- كانت معقولة تماماً.

لن يكون العالم المتقدم قادراً على فرض أي تعاون من قبل الهند أو أي اقتصاد ناشئ آخر أكثر مما شهد في هذا الاجتماع الوزاري. حان الوقت ليتحمل الآخرون مسؤولية إعادة إحياء "منظمة التجارة العالمية".

لقد استفادت الصين من "منظمة التجارة العالمية" أكثر بكثير من أي دولة تجارية أخرى، ويجب عليها الارتقاء وتحمّل مسؤولية الحفاظ على المنظمة واقفة على قدميها من خلال إعادة تحديد دورها. ويجب على الولايات المتحدة، التي تشعر بالقلق من أن يتم استغلالها من قبل السياسات التجارية للبلدان الأخرى، أن تجدد التزامها بالتحكيم في منظمة التجارة العالمية إذا أُريد للنظام التجاري العالمي أن يستمر. ليس عناد الهند أو العالم النامي هو الذي يجعل "منظمة التجارة العالمية" على حافة الموت؛ بل أحقية الصين والولايات المتحدة.