ثلث مصافي تكرير النفط الصينية متوقفة عن العمل رغم ارتفاع الطلب والأسعار عالمياً

مصافي تكرير النفط الصينية خاملة في وقت يكافح أكبر اقتصاد في آسيا لوضع الوباء وراء ظهره والمضي قدماً
مصافي تكرير النفط الصينية خاملة في وقت يكافح أكبر اقتصاد في آسيا لوضع الوباء وراء ظهره والمضي قدماً المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في ظل ارتفاع أسعار البنزين وتفكير الولايات المتحدة في التذرع بقوانين حقبة الحرب الباردة لتعزيز الإنتاج، ثمة قدر هائل من طاقة تكرير النفط ما زال خاملاً على الجانب الآخر من المحيط الهادئ.

يتوقف نحو ثلث قدرة معالجة الوقود الصينية عن العمل حالياً إذ يكافح أكبر اقتصاد في آسيا لوضع الوباء وراء ظهره والمضي قدماً. إذا تمت الاستفادة من هذه القدرة، فإن الإمدادات الإضافية من الديزل والبنزين قد تقطع شوطاً طويلاً في تهدئة أسواق الوقود العالمية الساخنة، لكن ليست هناك فرصة لحدوث ذلك.

طالع المزيد: مصافي النفط الصينية في حال سبات مع تأخر إعلان بكين عن الحصص

يرجع ذلك إلى أن قطاع التكرير الصيني أُنشأ أساساً لخدمة السوق المحلية هائلة الحجم. تتحكم الحكومة في كمية الوقود التي يمكن إرسالها إلى الخارج من خلال نظام للحصص ينطبق أيضاً على الشركات المملوكة للقطاع الخاص.

مصدر للمنتجات النفطية

رغم أن بكين أحياناً ما كانت تعزز حجم الشحنات المتجهة للخارج على مر السنين، إلا أنها لا تريد أن تصبح مُصدراً رئيسياً للمنتجات النفطية نظراً لتعارض الأمر مع هدفها المتمثل في إزالة الكربون تدريجياً من الاقتصاد.

قالت جين زي، إحدى أكبر محللي النفط في شركة البيانات والتحليلات "كيبلر" (Kpler): "الافتقار إلى حضور الصين في سوق التصدير محسوس بشدة في السوق الإقليمية الأوسع، وحتى السوق العالمية".

أشارت إلى وجود توسع هائل في طاقة التكرير في البلاد على مدى الأعوام الثلاث إلى الخمس الماضية، لكن هذا لم يعد يترجم إلى زيادة في صادرات المنتجات النفطية.

طالع أيضاً: هوس الشراء قد يتجه بشركات التكرير الصينية إلى نفط روسيا وإيران

يعكس التباين بين الصين والولايات المتحدة- حيث تعمل المصافي في بعض المناطق بأقصى طاقتها تقريباً- تحولاً جذرياً في الصناعة خلال الأعوام القليلة الماضية.

تغلق المصانع في أوروبا وأميركا الشمالية أبوابها، وهو اتجاه تسارع بسبب تفشي كورونا، بينما تُبنى معظم المنشآت الجديدة في العالم النامي، خاصة آسيا والشرق الأوسط.

مصافي ضخمة

في الصين، يُطلق على العديد من المصانع الجديدة اسم مصافي ضخمة، فهي تتمتع بمرونة لإنتاج كل من الوقود والبتروكيماويات، ويشير هذا النمو السريع إلى أن البلاد قد تصبح بالفعل أكبر مصفاة للتكرير في العالم.

بلغت قدرة التكرير لدى الصين 17.5 مليون برميل يومياً في نهاية عام 2020، وستصل إلى 20 مليوناً بحلول عام 2025، وفقاً لمعهد أبحاث الاقتصاد والتكنولوجيا التابع لمؤسسة البترول الوطنية الصينية.

الصين بطريقها لإزاحة أمريكا عن عرش تكرير النفط

في المقابل كانت قدرة الولايات المتحدة تقدر بـ18.14 مليون برميل يومياً في عام 2020، بحسب أحدث بيانات من شركة "بي بي".

ذكرت شركة "سي أي تي أي سي فيوتشرز" (CITIC Futures) أن المصافي الكبيرة المملوكة للدولة في الصين، التي تشكل حوالي ثلاثة أرباع الصناعة، كانت تعمل بحوالي 71% من طاقة التكرير لديها في 10 يونيو، بينما تعمل المصافي الخاصة، المعروفة باسم أباريق الشاي، بنسبة 64% فقط. لا يُسمح لمعظم هذه الشركات، وكثير منها يقع في مقاطعة شاندونغ، بتصدير أي وقود على الإطلاق.

اقرأ أيضاً: التهرب الضريبي يهدد "تكرير النفط" بملاحقات تنظيمية في الصين

بيانات الصادرات

حتى في الأوقات العادية نسبياً، لا ترسل الصين كثيراً من المنتجات النفطية للخارج. تظهر بيانات الجمارك أن الصين أرسلت نحو 1.21 مليون برميل يومياً من زيت الوقود والديزل والبنزين ووقود الطائرات إلى الخارج خلال العام الماضي، وهذا يمثل حوالي 7% فقط من إجمالي طاقتها التكريرية في نهاية عام 2020.

بدأت الصين في عكس فكرة السماح بمزيد من الشحنات مع انخفاض الطلب المحلي هذا العام، فهي لم تخصص سوى 17.5 مليون طن فقط لحصص تصدير الوقود حتى الآن، مقارنة بـ29.5 مليون طن في الفترة ذاتها من العام الماضي. أظهرت بيانات حكومية أن شحنات الديزل تراجعت إلى أدنى مستوى لها في سبعة أعوام في مايو.

لقد تجاوزت أرباح تحويل النفط إلى ديزل حاجز الـ60 دولاراً للبرميل في مركز النفط الإقليمي في سنغافورة، بعد أن بلغت نحو 10 دولارات في بداية العام. وهذا يترجم إلى مكاسب غير متوقعة محتملة تصل إلى 372 دولاراً للطن التي تخسرها مصافي التكرير الصينية، بحسب مستشار الصناعة المحلي أويل كيم.

اقرأ المزيد: مصافي التكرير في آسيا تغرق بسبب "المارد الصيني"

يشعر الجميع بدءاً من سائقي السيارات الأميركيين الذين يعانون من أسعار البنزين في محطات الوقود ووصولاً إلى المصانع الأوروبية التي تقدم عطاءات لشحنات الديزل النادرة بانعدام رغبة بكين في زيادة إنتاج الوقود والعمل كمُنتج بديل في أوقات النقص العالمي. لكن الآثار الأشد ضرراً لهذه الخطوة تظهر في الدول الآسيوية المجاورة للصين، مثل سريلانكا وباكستان، حيث يؤدي نقص الوقود إلى شل اقتصاداتها.