على الاتحاد الأوروبي التفكير ملياً في قبول عضوية أوكرانيا

زعماء أوروبيون يزورون كييف، أوكرانيا.
زعماء أوروبيون يزورون كييف، أوكرانيا. المصدر: أ.ف.ب
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في قمة عُقدت في بروكسل أمس، وافق زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة على ترشيح أوكرانيا لعضوية الاتحاد الأوروبي. القرار سيرفع معنويات الأوكرانيين الذين يقاتلون للدفاع عن ديمقراطيتهم. لكن في الوقت الحالي، ليس من الواضح أن التوسع إلى أوكرانيا يصب في مصلحة أوروبا ككل.

أسباب أوكرانيا لطلب عضوية الاتحاد الأوروبي واضحة. ففي الوقت الذي تتعامل فيه الدولة مع الدمار الناجم عن الحرب والانهيار الاقتصادي، ستساعد العلاقات الوثيقة مع أوروبا في طمأنة المستثمرين، وتحفيز العائدين، والحفاظ على الإصلاحات السياسية. يُعدّ الاتحاد الأوروبي بالفعل شريكاً اقتصادياً أكبر لأوكرانيا من روسيا، حيث مثّل التكتل أكثر من 40% من إجمالي تجارة أوكرانيا في عام 2021.

ومع ذلك، فإن ترشيح أوكرانيا يمثّل تحديات هائلة. يتطلب إطار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من الدول أن تكون ديمقراطيات فاعلة ذات اقتصادات سوق وهياكل حاكمة قادرة على دمج مجموعة قوانين الاتحاد الأوروبي بالكامل. لكن رغم دعم الغرب، تظل أوكرانيا دولة فقيرة نسبياً أحبطت فيها غالباً الإصلاحات بسبب المستويات العالية من الفساد ومصالح "أفراد الأوليغارشية" القوية. خطت حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي خطوات واسعة في تحسين الشفافية والمساءلة، لكن حتى أنصار أوكرانيا المتحمسين يقرّون بأن كييف ستحتاج لسنوات لإعادة بناء اقتصادها ورفع مؤسساتها إلى مستوى معايير أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين.

تسريع قبول عضوية أوكرانيا بالاتحاد الأوروبي فكرة سيئة

هناك أيضاً مخاوف مشروعة بشأن ما يمكن أن يستوعبه الاتحاد الأوروبي. فعدا أوكرانيا، تدرس الكتلة الطلبات المقدمة من ست دول مرشحة، بما في ذلك أربعة في البلقان. هياكل صنع القرار بشأن القضايا المهمة هي بالفعل اختلال وظيفي مضطرب، نظراً لأنه يتعين تحديد الكثير من القرارات من خلال التصويت بالإجماع (اقرأ عن استخدام هنغاريا لحق النقض مؤخراً ضد صفقة على مستوى الاتحاد الأوروبي بشأن ضريبة الشركات).

من المرجح أن تؤدي المخاطر الاقتصادية التي تلوح في الأفق إلى تعميق عدم الاستقرار المزمن للمشروع. كما قد يؤدي قبول أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي أيضاً إلى تغيير ميزان القوى في الكتلة، مما قد يؤدي إلى زيادة الانقسامات الداخلية: ستكون أوكرانيا خامس أكبر عضو في أوروبا من حيث عدد السكان، مما يمنحها وزن تصويت ضخم لقرارات الأغلبية المؤهلة في المجلس الأوروبي والمزيد من المقاعد في البرلمان الأوروبي، الذي يُعتبر فيه تعداد السكان أمراً مهماً.

بعد موافقتهم على بدء عملية الانضمام، يجب أن يكون قادة أوروبا صريحين مع أوكرانيا بشأن العمل المطلوب قبل الموافقة على حصولها على العضوية الكاملة. إن دمج دولة مزقتها الحروب يبلغ تعداد سكانها أكثر من 40 مليوناً في الاتحاد الأوروبي–لتتوفر لديها كل الحقوق والمسؤوليات التي يتمتع بها أصحاب العضوية الكاملة– هو أمر يصعب تصوّره في الوقت الحالي على الأقل.

يجب على الاتحاد الأوروبي استبعاد أي عرض للانضمام "الفوري"، وهو ما دعا إليه زيلينسكي سابقاً، والتأكيد على أنه لا يمكن التعجيل بالعملية. (كانت كرواتيا هي آخر عضو جديد وتم ضمها في عام 2013؛ واستغرقت مفاوضات عضويتها عقداً من الزمان). ومع الاعتراف بأن الأوكرانيين يقاتلون من أجل القيم التي تأسس عليها الاتحاد الأوروبي، يجب على القادة الأوروبيين الضغط على كييف لتعزيز سيادة القانون والحوكمة وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية الأوسع التي ستساعد أوكرانيا على إعادة البناء بشكل مستدام وتقليل اعتمادها التاريخي على روسيا. ستكون هذه العملية نافعة لأوكرانيا، كيفما كانت نتيجة محاولة عضويتها.

في الواقع، تشير الصعوبات الواضحة في طلب أوكرانيا إلى أن أوروبا بحاجة إلى إعادة التفكير بشكل شامل في نهجها لقبول أعضاء جدد. يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى هندسة تستوعب مختلف الرغبات والقدرات للتكامل. إن اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإقامة مجتمع سياسي يقدم التعاون في مجالات مثل سياسة الطاقة والأمن يستحق الاستكشاف. إن الانتقال إلى مثل هذا النظام من شأنه أن يوفر وسيلة للدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للدخول في شراكة مع أوروبا بما يتجاوز اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الأكثر صرامة التي تركز على التجارة (التي أبرمتها أوكرانيا بالفعل).

العهد الجديد لأوروبا قد لا يستمر طويلاً

قال المستشار الألماني أولاف شولتس في كييف الأسبوع الماضي: "أوكرانيا تنتمي إلى الأسرة الأوروبية". إن ذلك حقيقة. لكن المسؤولية الأسرية الأساسية هي الصدق. يتعين على أوروبا أن تمنح عرض أوكرانيا جلسة استماع عادلة. ولا ينبغي عليها أن تعد بالمستحيل.