حقول النفط في روسيا وتركمانستان وتكساس الأكثر إضراراً بالمناخ في العالم

شعلة احتراق الغاز في أحد آبار النفط في مدينة ميدلاند بولاية تكساس الأميركية، يوم 4 أبريل 2022. يقول خبراء المناخ إن تقليص حرق الغاز والتأكد من أن المعدات العاملة في حقول النفط تؤدي عملها بطريقة سليمة، من الممكن أن يسهما كثيراً في الحد من الانبعاثات
شعلة احتراق الغاز في أحد آبار النفط في مدينة ميدلاند بولاية تكساس الأميركية، يوم 4 أبريل 2022. يقول خبراء المناخ إن تقليص حرق الغاز والتأكد من أن المعدات العاملة في حقول النفط تؤدي عملها بطريقة سليمة، من الممكن أن يسهما كثيراً في الحد من الانبعاثات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تُعتبر حقول النفط والغاز الطبيعي في روسيا وتركمانستان وتكساس في الولايات المتحدة، أكثر الحقول إضراراً بالمناخ في الكرة الأرضية، حسب أول تحليل من نوعه يبحث في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عبر سلاسل التوريد بالكامل، ويفيد بأنها تتباين بشكل كبير. يشير التحليل إلى أن أكثر الحقول تلويثاً للبيئة، ينبعث منها ما يفوق 10 أضعاف مكافئ ثاني أكسيد الكربون، مقارنة بأقل المواقع من حيث كثافة الانبعاثات.

اقرأ أيضاً: تعهدات الشركات المناخية معظمها ضعيف وغامض

يصنّف مؤشر مناخ النفط بالإضافة إلى الغاز، الذي أصدره "معهد روكي ماونتن" (Rocky Mountain Institute) غير الربحي الخميس، 135 مصدراً لإنتاج النفط والغاز على مستوى العالم - والتي تسهم مجتمعة بنصف الإمدادات العالمية من هذه السلع الأساسية- على أساس تحليل دورة الحياة الكاملة للانبعاثات الخاصة بها خلال عام 2020. وبحسب التحليل، يحظى حقل "أستراخانسكوي" للغاز الطبيعي الروسي، بأكبر أثر على امتداد سلسلة التوريد الخاصة به، جراء التسريبات شديدة الغزارة لخطوط الأنابيب والبنية التحتية الأخرى للمرحلة "المصب". ويحتل حوض بحر قزوين في تركمانستان، وحوض بيرميان في غرب تكساس، المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي، حيث تنبع معظم انبعاثاتهما خلال مرحلة "المنبع" أثناء عملية الإنتاج.

اقرأ المزيد: المشرّعون الأوربيون يوافقون على حظر السيارات الجديدة ذات محركات الاحتراق بحلول 2035

انتهت أداة مؤشر مناخ النفط بالإضافة إلى الغاز، والتقرير المرفق، الذي جرى وضعه من قبل باحثين في معهد "روكي ماونتين"، وجامعة ستانفورد، وجامعة كالغاري، وشركة "كومي أنالاتيكيس" (Koomey Analytics)، إلى أن انبعاثات الوقود الأحفوري الهائلة تحدث ليس فقط عند مرحلة الاحتراق، لكن تقع مباشرة عند فوهة البئر، وخلال عمليات المعالجة والتكرير والنقل. يقدر معهد "روكي ماونتين" أن برنامج الإبلاغ عن غازات الاحتباس الحراري التابع لوكالة حماية البيئة الأميركية، يحدّ من انبعاثات قطاع النفط والغاز بمعدل الضعف. حصل المشروع على تمويل من المنظمة الخيرية لمايكل بلومبرغ، وهو المؤسس ومالك حصة الأغلبية في شركة "بلومبرغ إل بي" المالكة لـ"بلومبرغ نيوز".

غاز الميثان

يشكل غاز الميثان -وهو أحد غازات الدفيئة والمكون الرئيسي للغاز الطبيعي، ويُعد عاملاً مؤثراً في ظاهرة الاحتباس الحراري- ما يزيد على نصف الانبعاثات الناجمة عن العمليات التشغيلية في المواقع في كافة أنحاء العالم. يقول التقرير إن تقليص حرق الغاز وتنفيسه، والتأكد من أن المعدات العاملة في حقول النفط تؤدي عملها بطريقة سليمة، من الممكن أن تسهم بطريقة هائلة في الحد من انبعاثات المنبع، معتبراً أن عملية تقليص انبعاثات غاز الميثان تمثل "الأولوية القصوى بالنسبة لقطاع النفط والغاز".

تقوم المبادرة على سنوات من البحث من قبل الأكاديميين والمؤسسات غير الربحية والبيانات الحكومية وصور الأقمار الصناعية. قالت ديبورا غوردون، كبيرة مديري وحدة جمع وتحليل معلومات المناخ في معهد "روكي ماونتين"، والتي تقود البحث، إن الأمر ينحصر في هذين السؤالين: "من يمتلك أسوأ برميل؟ ومن هم المغفلون الذين يقومون بشراء الأشياء السيئة؟". وأضافت أن هذا هو الموضع الذي يتعيّن تسليط الضوء عليه من أجل مكافحة التغير المناخي.

عواقب كارثية

صعدت أسعار النفط والغاز عقب تعافي الطلب من وباء "كوفيد-19"، وجراء الاضطرابات الناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا. ورغم النمو في عمليات توليد الطاقة المتجددة، فإن الاعتماد على الوقود الأحفوري على مستوى العالم مُهيّأ للنمو قبل أن يتراجع وسط عملية التحوّل إلى بدائل على غرار طاقة الرياح والطاقة الشمسية. رغم ذلك، تنامت الحاجة العاجلة إلى الحد من الانبعاثات. حذّر فريق من العلماء الممولين من قبل الأمم المتحدة مؤخراً، من أنه يتعين تقليص الانبعاثات بطريقة هائلة بحلول عام 2030، للمساهمة في تفادي العواقب الكارثية التي قد تترتب على تخطي عملية الاحترار الأهداف التي حددتها "اتفاقية باريس"، والتي تتراوح من 1.5 درجة إلى 2 درجة مئوية.

يوصي التقرير بالقيام بعمليات شراء الوقود محلياً قدر الإمكان لتجنب الانبعاثات المرتبطة بأعمال النقل. لكن بحسب تحليل مؤشر مناخ النفط بالإضافة إلى الغاز، قد تتفادى أوروبا فعلياً بعضاً من الانبعاثات عن طريق شراء الغاز من الولايات المتحدة الذي يجري تبريده ليتحول إلى سائل ونقله عبر المحيط بدلاً من روسيا. قالت غوردون إن تلقي الغاز من روسيا يُعد أمراً "مروعاً" جراء التسريبات، حيث إنه على خريطة الانبعاثات الرقمية لمؤشر مناخ النفط بالإضافة إلى الغاز، يبرز نظام خطوط الأنابيب في روسيا باللونين الأصفر والبرتقالي اللامعين جراء انبعاثات غاز الميثان الكثيفة. (تظهر مدينة نيويورك وبوسطن، اللتان تتمتعان ببنية تحتية متهالكة لخطوط الأنابيب، كمناطق ساخنة أقل حجماً وأقل كثافة، في حين أن محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال الروسية في سيبيريا تُعتبر مجرد نقطة).

مسؤولية المنتجين

قالت غوردون إن السياسات الموضوعة، استهدفت على مدى عقود تقليص الانبعاثات الصادرة من السيارات ومحطات الطاقة، ما يضع المسؤولية على كاهل المستهلك في ظل قدر محدود من الشفافية حيال الانبعاثات الصادرة عن شركات الإنتاج نفسها. وأضافت: "التصوّر السائد هو أن المستهلك يتحمل مسؤولية 86% من الانبعاثات لكل برميل". لكن البحث يبيّن أن الأمر ليس كذلك على صعيد حقول النفط والغاز الأكثر تلوثاً.

قدّر الباحثون أيضاً تكلفة الكربون، حيث يبين مؤشر مناخ النفط بالإضافة إلى الغاز كيف أن حساب تكلفة انبعاثات دورة الحياة من شأنه أن يتخطى 50 دولاراً لكل برميل للمواقع التي تحظى بانبعاثات أعلى. في حال فُرضت رسوم تعكس التكلفة الاجتماعية للكربون في الوقت الراهن، فإن متوسط ​​التكلفة المرجحة للإنتاج لـ135 حقلاً، سيكون 7 دولارات لكل برميل من مكافئ النفط، وأقل من دولار واحد للمصافي، و4 دولارات للناقلين، بحسب التحليل. تعتمد القيم على تكلفة تصل إلى 56 دولاراً للطن بحسب النموذج الموضوع من قبل حكومة الولايات المتحدة. (من الممكن القيام بتعديل رسوم الكربون الخاصة بمؤشر مناخ النفط بالإضافة إلى الغاز، لحساب سيناريوهات مختلفة).

حقول متهالكة

باتت حقول النفط والغاز المتهالكة، تعاني من مستويات أكثر كثافة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث توجد حاجة إلى استخدام مزيد من الطاقة والمياه لاستخراج الوقود من باطن الأرض. سيتضاعف متوسط انبعاثات حقل نفط كبير عادي خلال 25 عاماً، بحسب بحث سابق. قالت غوردون إن اثنين من الحقول المرشحة بشكل أساسي لإيقاف التشغيل، هما حقل ميناس في إندونيسيا، وحقل ويلمنغتون في ولاية كاليفورنيا الأميركية، لأنهما يحتاجان فعلاً إلى عمليات حقن ضخمة.

تقوم أداة الإنترنت أيضاً بتوزيع حصص انبعاثات المواقع جراء اشتعال الغاز الطبيعي أو حرق الغاز الطبيعي الزائد. تُعتبر هذه الممارسة مسألة شائعة في حوض بيرميان، حيث النفط هو الوقود الأكثر ربحية، فيما يُعد الغاز الطبيعي منتجاً ثانوياً مزعجاً.

قالت غوردون: "يظهر حقل ببرميان في حالة مريعة"، لكن "في حال قامت تكساس بتنظيف عملها، وركّزت بالفعل على عدم تسريب غاز الميثان وعدم حرق غازها، فستحتل الصدارة بين المناطق الأقل انبعاثاً للغازات.