أذواق التسعينيات تغزو العالم مجدداً بنكهة اقتصاد السبعينيات

أزياء التسعينيات من القرن الماضي تلقى رواجاً من جديد
أزياء التسعينيات من القرن الماضي تلقى رواجاً من جديد المصدر: غيتي
Andrea Felsted
Andrea Felsted

Andrea Felsted is a Bloomberg Opinion columnist covering the consumer and retail industries. She previously worked at the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لعقد التسعينيات من القرن الماضي نصيب في ثقافة المستهلك، ولكن في ظل وقوع العالم في قبضة التضخم المتفشي، وتحمّل بريطانيا صيفاً من السخط، يبدو أننا نعيش في اقتصاد السبعينيات.

لطالما ظل الاشتياق إلى التسعينيات يتزايد على مدار الوقت. وعادت الشعارات الجريئة، التي اختفت بعد الأزمة المالية، بشكل رائع، حتى أن شركة "بربري غروب" (Burberry Group Plc) أعادت إحياء العلامة التجارية الخاصة بها باللونين الأسود والأبيض والألوان الداكنة والأحمر، وهي إعادة تأهيل للسترة المنقوشة التي كان يرتديها ليام غالاغر من فرقة "أواسيس" الموسيقية في الفيديو الغنائي الذي أنتج في عام 1995 لأغنية "وندروول".

طالع أيضاً: "بربري".. بائعة الأزياء الفاخرة تتوقع انتعاش مبيعاتها في 2021

قد أصبحت موضة "واي تو كيه" (Y2K)، المستوحاة من أزياء منتصف التسعينيات وحتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فئة أزياء بحد ذاتها.

لكن في الآونة الأخيرة، اشتد الصخب حول كل ما يخص عقد التسعينيات، لا سيما السنوات السابقة.

الوجه المبتسم

ففي عالم الموضة، تمّت الاستعانة بالوجه المبتسم، الذي كان يُعدّ رمزاً قوياً لثقافة الإطراء في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي في بريطانيا، في كل شيء من الجوارب إلى تصاميم حقائب اليد إلى المفروشات المنزلية.

كان حذاء "كلاركس والابي" (Clarks Wallabee )، وهو المفضل لدى فرقة "رايفرز" (Ravers) ومشهد فرقة مانشستر، سادس أكثر عناصر الرجال جاذبية في الربع الأول من هذا العام، وفقاً لمؤشر "ليست" (Lyst).

أما القبعات الدلو، التي شهدت تحولاً نحو الأناقة، فقد حظيت بمرتبة عالية في مؤشرات "ليست" السابقة، والتي تقيس عمليات البحث على منصة الأزياء والمواقع الأخرى، بالإضافة إلى التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي.

في هذا الأسبوع فقط، أصدرت بيونسيه أغنيتها "بريك ماي سول" (Break My Soul) مع إيقاعات ارتدادية وموسيقا بيانو مميزة. تذكّرنا أيضاً بعض المقطوعات الموسيقية في ألبوم دريك الجديد "بأمانة، لا تبالِ" (Honestly، Nevermind) بأنغام الرقص في تلك الحقبة.

قد يكون الخوف من الركود هو الدافع وراء هوس اليوم بتفاصيل أوائل عقد التسعينيات. فقد تميزت تلك الفترة بالاقتصاد الكئيب والبطالة على نطاق واسع، على الرغم من أن مسار بيونسيه هو بمثابة ترنيمة لـ"عصر التخارج من الوظائف" (Great Resignation) أكثر من قرع أجراس الإنذار بشأن حالات التسريح عن العمل. من المؤكد أن الحذر إزاء الاقتصاد العالمي أصبح أكثر تفشياً. وتشير أحدث توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إلى إمكانية بنسبة 80% لحدوث ركود، أو "هبوط حاد".

ومع ذلك، يأتي هذا القلق على خلفية السرور بالقدرة على التواصل اجتماعياً مرة أخرى. قد يكون هذا أحد أسباب تكرار نشوة مشهد الرقص في أوائل التسعينيات.

اقرأ أيضاً: خبيرة استثمار: المطربة الأمريكية بيونسيه قد تكون حلاً لمقاومة الركود

غرّدت شيلا ميكايلي، تقول:

2022: كثير من الموسيقا المنزلية، قليل من البيوت.

إشارات التحذير

مع وميض إشارات التحذير من الركود، تتمثل المشكلة المُلحّة في التضخم، الذي بلغ أعلى مستوياته في 40 عاماً على جانبي المحيط الأطلسي. وكما أشار محمد العريان، فإن الوضع الحالي يعكس عقد السبعينيات من القرن الماضي، في ظل شتاء السخط والركود التضخمي والمقاومة الحقيقية للأجور والإضرابات العمالية. لا تتوقف أوجه التشابه عند هذا الحد: إذ أن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" يمضي في مساره نحو أسوأ نصف أول يشهده منذ عام 1970، في حين أن احتمال تقنين الغاز في أوروبا هذا الشتاء يبدو وكأنه انقطاع التيار الكهربائي في الحقبة السابقة.

تبدو بعض علامات العقد الذي يشق طريقه إلى ثقافة المستهلك أيضاً.

فلطالما أدرج أليساندرو ميشيل، المدير الإبداعي في "غوتشي" (Gucci)، رموز التصميم من عقد السبعينيات، مثل السراويل والياقات العريضة، بالإضافة إلى المطبوعات الجريئة. ولكن هناك دلائل على أن العناصر الجمالية الصارخة والبوهيمية تكتسب الزخم.

ما عليك سوى إلقاء نظرة على الملابس التي ارتداها مؤخراً هاري ستايلز، بما في ذلك العديد من العلامة التجارية المملوكة لـ "كيرينغ إس إيه" ( Kering SA). وهذا الأسبوع، كشفت "غوتشي" النقاب عن مجموعة ذات أنماط بدرجات ألوان مميزة من عقد السبعينيات.

آثار أخرى

ظهرت آثار أخرى من العصر، بما في ذلك الجينز واسع الأرجل والكروشيه والترقيع. وبلغت عمليات البحث عبر الإنترنت عن أثاث غرف النوم المصنوعة من القش في متجر "جون لويس" البريطاني متعدد الأقسام ضعف ما كانت عليه قبل عام. حتى أن هناك بعض الأعمال الناجحة من عقدي السبعينيات والتسعينيات من القرن الماضي- كالأحذية سميكة القاعدة (التي تحتل مرتبة مرتفعة في مؤشر ليست) وقباقيب يمكن شراؤها في كل مكان من "فيرساتشي" ( Versace) و"هرميس إنترناشيونال" ( Hermes International) إلى تعاون "كريستيان ديور" (Christian Dior) مع "بيركينستوك" ( Birkenstock).

في هذه الأثناء، تعود فرقة "أبا" ( Abba ) الموسيقية الشهيرة عالمياً بجولتها "2022 Voyage). سيقدمون عروضاً كشخصيات رقمية، مما يضفي على سبعينيات القرن الماضي نكهة القرن الحادي والعشرين.

وتتوقع الشركات التي تتعامل بشكل مباشر مع المستهلكين تردّياً في التوقعات الاقتصادية هذا الخريف، وسط أزمة تتسبب فيها تكاليف الطاقة واستنفاد المدخرات الوبائية بسبب صيف السفر. الأمر الجدير بالمتابعة هو ما إذا كان هناك المزيد من اتجاهات حقبة السبعينيات ستظهر في المتاجر والمطاعم وخدمات البث المباشر. مواقد وأطباق الجبن الذائب، فهل من مظهر آخر؟

مظاهر محيّرة

ربما يكون إحجام المستهلكين عن استيعاب هذه الفترة بقدر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين يرجع إلى أن السبعينيات هي ببساطة العقد الذي تجاهل هذا النمط. وحتى اليوم، فإن مظاهر الموضة المستوحاة من العصر محيّرة بحيث يصعب استيعابها. والأكثر من ذلك، بالنسبة إلى الجيل ما بعد الألفية (زد)، تمثل فترة التسعينيات مكاناً أسطورياً سعيداً تقريباً، قبل مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد يفسر ذلك سبب رغبتهم في العودة إلى هناك بدلاً من السبعينيات. فالنسبة إلى ارتفاع الأسعار وتخفيضات الطاقة فهي أقل متعة بكثير.

سوف يشكّل ارتداء سترات متعددة للتدفئة هذا الشتاء والاضطرار إلى التسوق لشراء ورق تواليت أرخص من متاجر "ليدل" (Lidl) أمراً سيئاً بدرجة كافية. أما احتمالية القيام بذلك مرتدياً فستاناً لامعاً ذي أرجل تنتهي بتصميم على شكل الجرس، فهي أمر مثير للمزيد من الرعب.