جيش المتداولين الأفراد يتحدّى منطق السوق ويرفع سهم "ريفلون" 600%

أحمر شفاه من "ريفلون" معروض داخل أحد المتاجر في بروكلين، نيويورك، يوم 20 يونيو 2022. رغم تقدم شركة مستحضرات التجميل بطلب إفلاسها، إلا أن المتداولين الأفراد يدفعون سهمها للارتفاع بشكل جنوني
أحمر شفاه من "ريفلون" معروض داخل أحد المتاجر في بروكلين، نيويورك، يوم 20 يونيو 2022. رغم تقدم شركة مستحضرات التجميل بطلب إفلاسها، إلا أن المتداولين الأفراد يدفعون سهمها للارتفاع بشكل جنوني المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في الوقت الذي تسارعت فيه خطوات شركة "ريفلون" (Revlon) نحو الإعلان عن إفلاسها خلال الأسبوع الماضي، رأى جاستن برين، وهو مندوب مبيعات يعمل في مجال التأمين في جنوب فلوريدا، فرصة نادرة يمكن الاستفادة منها، وتحقيق مكاسب وفيرة. لذلك، اقتنص برين البالغ من العمر 37 عاماً، ما قيمته 40 ألف دولار من أسهم شركة مستحضرات التجميل العملاقة.

كان برين يفكر في شركات مثل "هيرتز غلوبال هولدينغز" (Hertz Global Holdings) التي تقدمت بطلب إفلاس عام 2020 قبل أن تصبح ضمن قائمة الأسهم المفضلة للمتداولين الأفراد، أو "غايم ستوب" (GameStop)، شركة تجزئة ألعاب الفيديو التي واجهت الانهيار، ثم أصبحت تجسيداً للهوس بأسهم "الميم".

قال برين: "اعتقدت أنني لم أنجح. لكن، ربما ستكون هذه ضربتي الكبيرة".

ثم جاء إفلاس الشركة - لجأ المالك رون بيرلمان أخيراً إلى حماية المحكمة في ظل وصول ديون "ريفلون" إلى نحو 3.5 مليار دولار - وأصيب برين بالذعر، وباع حصته بخسارة قدرها 8,000 دولار.

اقرأ أيضاً: الخبير الذي تنبأ بطفرة تداول الأفراد يرى امتحاناً كبيراً أمامهم

لكن، في لحظة ما - أذهلت متداولي الديون، وأعادت إلى الأذهان جنون أسهم "الميم" في ذروة تفشي الوباء - ارتفعت أسهم "ريفلون". أراد برين العودة إلى السهم، واستثمر 31,000 دولار يوم الثلاثاء في سهم يعتبر عديم القيمة تقريباً، لتزداد أمواله بأكثر من الضعف خلال 24 ساعة فقط.

فقد ارتفعت أسهم "ريفلون" بنسبة 596% في أيام التداول الستة الماضية، لتسجل صعوداً غير مبرر في نظر المتداولين المحترفين، وبما يتعارض بشكل غريب أيضاً مع السوق ككل، حيث تتراجع أسعار كل شيء، من الشركات المدرجة إلى العملات المشفرة، في ظل المخاوف بشأن التضخم، وسياسة التشديد النقدي التي ينتهجها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

اقرأ المزيد: "جيه بي مورغان": السيولة لدى المتداولين تسجل أعلى مستوياتها في عِقد

وفي الوقت الذي تخبو فيه صورة الأموال السهلة ومكاسب الأسهم الضخمة وتتلاشى من الذاكرة، يأتي هذا التحرك ليعيد التذكير من جديد، بقدرة بعض المتداولين الأفراد على تحريك الأسواق، بتشجيع من المنتديات على منصة "ريديت" (Reddit).

سابقة هيرتز

قال فيل بريندل، المحلل في "بلومبرغ إنتليجنس"، عن ارتفاع سهم "ريفلون": "إنه أمر استثنائي إلى حد ما". وأشار في مقابلة إلى أن الشركة تحتاج لأن تُباع أو يجري تقييمها بأكثر من 4 مليارات دولار، حتى يقتنع المساهمون بتعافيها. أي مكاسب استثنائية يجب أن تسدد لديون "ريفلون" إضافة إلى الفوائد المتراكمة، وكل ما تقترضه الشركة لتمويل إفلاسها، وكذلك تمويل المستشارين الذين يشرفون على إعادة الهيكلة بتكلفة مرتفعة.

يجري تداول سندات "ريفلون" غير المضمونة بنحو 12 سنتاً للدولار، ما يعكس عدم توقع متداولي السندات استرداد الكثير من أموالهم، رغم ما يتمتعون به من حقوق أفضلية على حاملي أسهم الشركة. وبكل مقاييس رياضيات السندات، يجب أن تكون الأسهم في الحضيض.

لكن، هناك سابقة لمثل هذا النوع من المواقف.

انخفضت ديون شركة "هيرتز" (Hertz) لتأجير السيارات، عقب تقدمها بطلب الحماية من الدائنين بموجب الفصل الحادي عشر، حيث انخفضت قيمة أحد سندات الشركة إلى أدنى مستوى لها، عند نحو 10 سنتات في مايو 2020. لكن الأسابيع والأشهر التي تلت ذلك التراجع، شهدت دفع المتداولين الأفراد لأسهم "هيرتز" نحو الارتفاع، حيث حققت مكاسب زادت على 500% خلال النصف الأول من عام 2021.

حاولت "هيرتز" الاستفادة من الارتفاع المفاجئ، من خلال إصدار المزيد من الأسهم وهي في حالة الإفلاس، في خطوة لم يسمع بها مستشارو الإعسار. حتى إنهم حصلوا على موافقة قاضي الإفلاس، رغم ما أثارته الخطوة من تساؤل الجهات التنظيمية الأميركية، بشأن مدى ملاءمة تلك الخطوة، ما أدى إلى إحباط الخطة.

تمت تبرئة التجمع الذي زايد من خلال منصة "ريديت" على أسعار "هيرتز". وفي النهاية، حصل دائنو الشركة على مستحقاتهم، كما حصل المساهمون على تعويضات أيضاً، بعدما زاد الطلب على السيارات المستعملة نتيجة نقص الرقائق وتقليص إنتاج شركات صناعة السيارات، في الوقت الذي كان السائقون يعودون من جديد للتنقل على الطرقات. اندلعت حرب مزايدة في نهاية فترة الإفلاس، ما عزز بالتالي قيمة الشركة. أما اليوم، فيجري تداول سهم "هيرتز" عند 17.25 دولار.

مستقبل "ريفلون"

رغم أوجه التشابه – الشركتان تمتلكان علامتين تجاريتين شهيرتين، وتتمتعان بحظ سيئ - إلا أن إفلاس كل من "هيرتز" و"ريفلون" ليس متشابهاً تماماً؛ فقد كانت شركة "هيرتز" تتمتع بوضع مالي قوي نسبياً، وسرعان ما استنزفت الأموال بسبب جائحة عالمية. لكنها تمكنت من العودة إلى تحقيق المكاسب في ظل نقص المعروض من السيارات، وتعافي الاقتصاد الأميركي في الوقت المناسب.

أما "ريفلون"، فعلى النقيض من ذلك، كانت تعمل تحت عبء ثقيل من الديون، ولسنوات، عانت خلالها من تراجع المبيعات، وكانت تكافح من أجل استمرار الأعمال وسط منافسة متزايدة من المبيعات عبر الإنترنت. وقد أبرمت الشركة صفقات عديدة مع المقرضين، في محاولة منها لاستمرار أعمالها، كما قامت بمناورة تمويل قوية قد تجعل إفلاسها أمراً قاسياً.

لم يستبعد بريندل حدوث حرب مزايدة على أسهم الشركة. وقال، إن المنافسين في صناعة مستحضرات التجميل، قد يكونون مهتمين بشراء شركة منافسة، والتي كان أداؤها جيداً عند عرضها دون تحمل تكلفة فوائد باهظة، وسط أخبار عن دراسة شركة "ريلاينس أندستريز" (Reliance Industries)، المملوكة للملياردير الهندي موكيش أمباني، عرضاً للاستحواذ.

قال بريندل: "إنها عقبة كبيرة، لكن في الحقيقة، لم يضع أحد تلك الشركة في ساحة المزايدة لمدة 37 عاماً. وقد تلاحظ بعض المؤشرات على حدوث ذلك".

لكن الآفاق المستقبلية للشركة ليست العامل الوحيد، على الأقل في المدى القصير.

استثمر ليوناردو إسبينوزا، وهو طالب جامعي في منطقة خليج سان فرانسيسكو يبلغ من العمر 18 عاماً، نحو 800 دولار في أسهم شركة "ريفلون"، وحقق مكاسب فعلية بلغت 1200 دولار. والآن يخطط للاحتفاظ بما يملك من الأسهم، طالما أن باقي المتداولين يرفعون السعر.

قال إسبينوزا: "إنه أمر منسق فيما بين منصات التواصل الاجتماعي، وهناك الكثير من المستثمرين الأفراد مثلي من الشباب، يحاولون البحث عن ثغرة في السوق، ويرى الكثير إمكانات صعود هنا".