ضغوط منافسة روسيا في الصين تُجبر إيران على خفض سعر نفطها

عامل يسير داخل منصة نفطية بحرية في حقل سلمان بالخليج العربي، تديرها شركة النفط البحرية الإيرانية الوطنية، بالقرب من جزيرة لافان، إيران.
عامل يسير داخل منصة نفطية بحرية في حقل سلمان بالخليج العربي، تديرها شركة النفط البحرية الإيرانية الوطنية، بالقرب من جزيرة لافان، إيران. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أصحبت إيران مجبرة على خفض أكبر لسعر بيع نفطها الرخيص أصلاً، حيث يكتسب حليف كبير (روسيا) موطئ قدم أكبر في السوق الصينية المهمة.

باتت الصين وجهة ذات أهمية بالنسبة للنفط الروسي حيث تحاول موسكو الحفاظ على التدفقات النقدية عقب تداعيات غزوها لأوكرانيا، وما نتج عنه من تضييق الخناق على صادرات الخام الروسي.

أسفر ذلك عن اشتعال المنافسة مع إيران في أحد الأسواق القليلة المتبقية لشحنات النفط الخام، والتي جرى الحد منها بطريقة هائلة نتيجة العقوبات الأميركية.

اقرأ أيضاً.. "نفط العقوبات" يتكدس قبالة سواحل الصين مع تفاقم تفشي "كورونا"

نفط "الأورال" الروسي يتجه إلى آسيا بأعلى وتيرة في 23 شهراً مع تراجع مشتريات أوروبا

حققت صادرات النفط الروسية إلى الصين قفزة لتصل لمستوى قياسي خلال شهر مايو، في ظل تخطي منتج "أوبك+" حليفتها في التحالف وهي السعودية كأكبر مورد لأكبر مستورد على مستوى العالم. في حين أن إيران قلصت أسعار النفط لتبقى قادرة على المنافسة في السوق الصينية، فإنها ما زالت تحافظ على تدفقات نقدية قوية.

يعود ذلك في الأغلب بطريقة جزئية إلى ارتفاع الطلب مع تخفيف الصين للقيود الصارمة المرتبطة بوباء فيروس كورونا التي أسفرت عن تحطيم مستوى الاستهلاك.

قلق خليجي

قالت فاندانا هاري، وهي مؤسسة شركة "فاندا إنسايتس" في سنغافورة: "ربما ينتهي الأمر بالمنافسة الوحيدة بين براميل النفط الإيرانية والروسية لتكون داخل الصين، وهو ما سيصب في صالح بكين تماماً، سيجعل هذا أيضاً على الأرجح المنتجين الخليجيين يشعرون بالقلق، حيث يتوقعون أن يجري الاستيلاء على أسواقهم الباهظة من قبل أسعار النفط المنخفضة بشدة".

تسجّل البيانات الرسمية الصينية 3 شهور فقط من الواردات من إيران منذ نهاية سنة 2020، بما فيهم شهري يناير ومايو من السنة الجارية، لكن الأرقام الخاصة بطرف خارجي تعطي مؤشراً على وجود تدفق ثابت للنفط الخام.

وعقب تراجع محدود في شهر أبريل الماضي، تخطت الواردات 700 ألف برميل يومياً خلال شهري مايو ويونيو، بحسب شركة "كيبلر" (Kpler). لكن شركة الاستشارات المختصة بالقطاع "أف جي إي"( FGE) تقول إن خام جبال الأورال الروسية حل محل كمية من براميل النفط الإيرانية.

الصين تكشف عن أول واردات رسمية من النفط الإيراني منذ عام

جرى تسعير النفط الإيراني بأقل من العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 10 دولارات لكل برميل، بما يجعله متساو مع شحنات خام الأورال التي من المنتظر أن تصل إلى الصين خلال شهر أغسطس المقبل، بحسب تجار. يضاهي ذلك خصم يتراوح بين 4 إلى 5 دولارات قبيل وقوع الغزو. تعد الدرجات الإيرانية الخفيفة والثقيلة من الخام أكثر قابلية للمقارنة مع درجة خام جبال الأورال.

تعد شركات التكرير المستقلة في الصين من أكبر مشتري درجات الخام الروسية والإيرانية، حيث أن الإمدادات الرخيصة مهمة لأنها مقيدة بالقواعد المحيطة بعمليات تصدير الوقود، على عكس محطات المعالجة التي تخضع لإدارة البلاد.

نفط إيران "الرخيص" يتدفق "متخفياً" إلى خزانات الصين

لا يجري منح مصافي تشتهر باسم "teapots" أو المصافي الصغيرة، حصصاً للقيام بشحن الوقود إلى الأسواق الخارجية، حيث صعدت الأسعار جراء أزمة نقص الإمدادات. وعوضاً عن ذلك، فإنها توفر الإمدادات للسوق المحلية وتتكبد خسائر من عمليات التكرير في الشهور الأخيرة حيث أسفرت عملية الإغلاق المرتبطة بوباء فيروس كورونا عن إضعاف الطلب.

أفريقيا مضغوطة

يُعتبر خام شرق سيبريا- المحيط الهادي (ESPO) الروسي منخفض الكبريت وعالي الجودة القادم من ميناء كوزمينو الشرقي أغلى من النفط الإيراني، بحسب تجار، لكنه ما زال أرخص من براميل الخام المشابهة القادمة من منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي تحد فيه رغبة الصين في الحصول على النفط منخفض السعر بصرف النظر عن المنشأ من التدفقات القادمة من الموردين الآخرين.

وفقاً لشركة "كيبلر"، كانت منطقة غرب إفريقيا من أشد المناطق تضرراً، خاصة الإمدادات القادمة من أنغولا والجابون وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ساهم الارتفاع الهائل في هيكل التسعير الأساسي في صعود تكلفة استيراد الخام الأفريقي، والذي يتعين شحنه لمسافة أكثر طولاً بدرجة كبيرة من أجل الوصول إلى الصين.

قال ميشيل ميدان، مديرة برنامج الصين للطاقة في معهد "أكسفورد إنستيتيوت فور إنرجي": "تعد التكاليف مصدر قلق هائل بطريقة رئيسية للمصافي الصغيرة، سيستمر هذا هو الاتجاه السائد على الأرجح حتى يبدأ الاقتصاد في التعافي ويعود النشاط بقوة، وعند هذه المرحلة سيرتفع الطلب على كافة أنواع النفط الخام".