الزهاوي يرث اقتصاد بريطانيا المتعثّر ويخطط لكبح التضخم وخفض الضرائب

ناظم الزهاوي، وزير المالية البريطاني الجديد
ناظم الزهاوي، وزير المالية البريطاني الجديد المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أشار وزير المالية البريطاني الجديد، ناظم الزهاوي، إلى أنَّه يريد خفض الضرائب بشكل أسرع من سلفه ريشي سوناك، إذ وضع خططاً لتعزيز الاقتصاد المتعثّر في المملكة المتحدة.

في مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" اليوم الأربعاء، بعد ساعات فقط من قبول منصبه الجديد عقب استقالة سوناك الدراماتيكية، قال الزهاوي إنَّه "مصمّم على فعل المزيد" لخفض الضرائب.

كما تحدّث مسؤول في مكتب رئيس الوزراء شريطة عدم الكشف عن هويته، إنَّ الحكومة تأمل في أن تتمكّن من تحقيق المزيد من التخفيض الفوري للضرائب مع الزهاوي مقارنة مع سوناك.

اقرأ أيضاً: تعيين ناظم الزهاوي وزيراً للخزانة البريطانية

قال الزهاوي عندما سُئِل عما إذا كان يعتزم عكس الزيادة المقبلة في ضريبة الشركات: "كل شيء مطروح على الطاولة؛ وأريد أن أضمن قدرتنا التنافسية قدر الإمكان مع الحفاظ على الانضباط المالي".

تولّ الزهاوي، 55 عاماً، المنصب الأعلى في وزارة المالية في الوقت الذي تواجه فيه بريطانيا أسوأ أزمة تكلفة معيشية لها منذ جيل، كما يكافح رئيس الوزراء بوريس جونسون للبقاء في السلطة بعد تعرضه لاستقالات رفيعة المستوى من سوناك ووزير الصحة، ساجد جافيد، مساء الثلاثاء.

في خطابه الافتتاحي، قال الزهاوي إنَّ المملكة المتحدة يجب أن تستمر في توخي اليقظة ضد التضخم، إلا أنَّه سينظر في "كل الأدلة" حول كيفية تعزيز النمو الاقتصادي.

يُشار إلى أنَّ الزهاوي عمل سابقاً كوزير للتعليم في وزارة جونسون، وبرز إلى الصدارة لدوره في الإشراف على إطلاق التطعيم الناجح في البلاد خلال جائحة كوفيد-19. كما يُنظر إليه على نطاق واسع داخل حزب المحافظين الحاكم باعتباره شخصاً قادراً على تحمّل المسؤولية ولديه سجل حافل بالإنجاز.

طالع أيضاً: مصير مجهول يهدد ضريبة الأرباح الاستثنائية لشركات توليد الطاقة البريطانية بعد استقالة سوناك

عُيّن السيد ناظم الزهاوي المحترم وزيراً للمالية. - رئيس وزراء المملكة المتحدة 5 يوليو 2022

في الواقع جاءت ترقيته عقب استقالة سوناك بعد ما يقرب من عامين ونصف من توليه إدارة وزارة المالية، حيث أخبر جونسون في خطاب استقالته أنَّ الحكومة "لا يمكنها الاستمرار على هذا النحو". هدّدت استقالته واستقالة جافيد في تتابع سريع بدفع جونسون إلى حافة الهاوية في أعقاب سلسلة من الزلات التي أضرّت بمكانته في الحزب ومع الناخبين أيضاً.

اقرأ أيضاً: اقتصاد بريطانيا المنهك ينزلق نحو الأسوأ

لاجئ

ولد الزهاوي في بغداد لأبوين كرديين، وجاء إلى المملكة المتحدة وهو صبي، بعد أن فرّت عائلته من نظام صدام حسين العراقي في السبعينيات. ولكونه غير قادر على التحدث باللغة الإنجليزية عند وصوله، تحدّث الزهاوي عن كيفية تعرّضه للتنمر في المدرسة.

تدرّب كمهندس كيميائي في جامعة كلية لندن، واستمر في العمل في صناعة النفط. وهو مليونير عصامي شارك في تأسيس شركة "يوغوف" (YouGov) للاستطلاعات؛ ودخل البرلمان في عام 2010، إذ مثّل ستراتفورد أون أفون منذ ذلك الحين. كما دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.

كان الزهاوي مدافعاً قوياً عن جونسون طوال فضيحة الحزب، فقد ظهر بانتظام على وسائل الإعلام المرئية في الأشهر التي تلت الكشف الأولي عن حفلة داونينغ ستريت (مقر عمل رئيس الوزراء). وبحسب ما ورد؛ فهو يمتلك مع وزوجته خمسة مساكن بقيمة 17 مليون جنيه إسترليني - ثلاثة في لندن، وواحد في وارويكشاير، وواحد في دبي.

ناظم الزهاوي
ناظم الزهاوي المصدر: بلومبرغ

جمود

يتولّ الزهاوي زمام الاقتصاد الهش بشكل متزايد، إذ تتوقَّع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالفعل أنَّ النمو سيتباطأ العام المقبل، ويتخلف عن كل عضو في مجموعة العشرين باستثناء روسيا. قال الزهاوي لراديو بي بي سي يوم الأربعاء، إنَّ عام 2023 سيكون "صعباً حقاً" على اقتصاد المملكة المتحدة، كما ينصب تركيزه على إعادة بنائه والعودة إلى النمو.

في حين أنَّ البطالة هي الأدنى منذ سبعينيات القرن الماضي؛ فإنَّ التضخم في أعلى مستوياته منذ أربعة عقود، وثقة المستهلك هي الأدنى منذ نصف قرن على الأقل، كما يُضرِب العاملون في صناعة السفر في محاولة لزيادة الأجور مع بدء العطلة الصيفية.

قال الزهاوي لـ"بي بي سي": "أولويتي هي كبح التضخم".

قد تكون أولى مهمات الزهاوي هي عقد خطاب مشترك طال انتظاره مع جونسون يُوضّح كيف تخطط الحكومة للوفاء بتعهدها لإصلاح انخفاض الإنتاجية وإنشاء اقتصاد مرتفع الأجور ومنخفض الضرائب بعد ست سنوات من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

اقرأ أيضاً: انكماش غير مُتوقّع لاقتصاد المملكة المتحدة رغم إلغاء اختبارات كورونا

كذلك قال سوناك في خطاب استقالته، إنَّه كان من المقرر الكشف عن الخطة الأسبوع المقبل؛ إلا أنَّه سلّط الضوء على حصول انقسام، فقد قال لجونسون: "لقد أصبح من الواضح لي أنَّ منهجينا يختلفان للغاية".

أمام جونسون والزهاوي أيضاً قرارات كبيرة بشأن السياسة الضريبية. ومن المقرر أن ترفع الحكومة ضريبة الشركات إلى 25% من 19% في الربيع المقبل، ولكن ورد أنَّ جونسون وسوناك يختلفان حول ما إذا كان ينبغي المضي قدماً في الزيادة.

اقرأ أيضاً: التضخم في بريطانيا يقفز خلال مايو لأعلى مستوى منذ 40 عاماً

القرارات الضريبية

أمام الزهاوي أيضاً قرارات يتعيّن عليه اتخاذها بشأن ضرائب الرواتب وما إذا كان سيعلن المزيد من الدعم للمساعدة في أزمة تكلفة المعيشة في بريطانيا. ويؤكد النقاد أنَّ الحكومة ساهمت بشكل مباشر في زيادة معاناة الأسر من خلال زيادة الضرائب على الرواتب هذا العام لتمويل الخدمة الصحية الوطنية ورعاية المسنين.

في مايو، أعلن سوناك عن 15 مليار جنيه إسترليني (18 مليار دولار) إضافية من المساعدات للأسر التي تكافح لتغطية نفقاتها، مما رفع إجمالي الدعم إلى 37 مليار جنيه إسترليني. وقد غادر الحكومة قبل يوم من حصول العمال على إعفاء ضريبي بقيمة 6 مليارات جنيه إسترليني.

اقرأ أيضاً: محافظ بنك إنجلترا: سلسلة من الصدمات غير المتوقعة عززت التضخم

بالإضافة إلى ذلك، هناك قرارات مهمة يجب اتخاذها بشأن أجور القطاع العام، إذ تهدد قطاعات متعددة بإضراب عن الأجور. وبصفته وزيراً للتعليم؛ أوصى الزهاوي بزيادة رواتب المعلمين الجدد بنسبة 9% ليصبح بذلك الراتب الأولي 30,000 جنيه إسترليني سنوياً، وقد قال إنَّه سيفي بهذه التوصية كوزير للمالية.

قال لـ"بي بي سي نيوز": "سوف نفي بهذا التعهد؛ وهذا وعد أقدّمه للمعلمين". وقد يجعل الوعد وظيفته صعبة عندما يطالب عمال القطاع العام بأجور أعلى في جولة رواتب جديدة مستحقة في الشهرين المقبلين.