نفط كازاخستان.. سلاح بوتين الجديد للاضطراب الشامل

الرئيس الروسي فلاديميير بوتين
الرئيس الروسي فلاديميير بوتين المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تهدد روسيا باستخدام نفط كازاخستان المجاورة سلاحاً ضد الدول الأوروبية الداعمة لأوكرانيا، إذ يُعَدّ الأمر القضائي الصادر هذا الشهر بإغلاق محطة تصدير على البحر الأسود لمدة شهر تحذيراً واضحاً لأوروبا من نفوذ روسيا.

أمَر قاضٍ روسي في بلدة نوفوروسيسك على ساحل البحر الأسود يوم الثلاثاء اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين (Caspian Pipeline Consortium) بوقف الشحنات لمدة 30 يوماً. جاء تعليق الشحنات عقوبة لعدد من "الانتهاكات الوثائقية" بموجب خطة الاستجابة لحالات الانسكاب النفطي التابعة لاتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين، التي منحت الشركة حتى نهاية نوفمبر لمعالجتها.

على الرغم من أن المنشأة تقع في روسيا، فإنّ 90% تقريباً من الخام المنقول عبرها يأتي من كازاخستان، وهذا يجعله سلاحاً مثالياً في ترسانة الرئيس فلاديمير بوتين لإلحاق آلام اقتصادية بجلاديه. سيؤدي تعليق اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين لشحنات النفط إلى إزالة ما يصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام الذي تحتاج إليه سوق النفط العالمية بشدة، فيما سيقوّض بالكاد التدفقات الروسية.

بالطبع، لم يقُل بوتين صراحة إنّ هذا هو هدفه. استخدام المحاكم الإقليمية لوقف تدفقات النفط يوفر للكرملين وسيلة لإنكار أي تدخل لوقف تصدير نفط كازاخستان، لكن العملية تتبع نمطاً مألوفاً.

أمر نائب رئيس الوزراء الروسي، الذي كان لديه تجربة حديثة في قطاعَي الزراعة وتسجيل الأراضي، بإجراء تحقيق أوّلي في إجراءات الاستجابة للانسكاب النفطي في محطة التصدير، مما أثار شكوكاً في وجود دافع سياسي وراء ذلك.

تاريخ روسيا طويل عندما يتعلق الأمر باستخدام المحاكم لتحقيق غايات سياسية. انظر فقط إلى مطاردة شركة "تي إن كي - بي بي" (TNK-BP) ومديريها التنفيذيين الأجانب في عام 2008، قبل استحواذ شركة "روسنفت" الحكومية النهائي على المشروع النفطي، وتجربة "بي بي" مع حقل غاز "كوفيكتا" في سيبيريا، أو مجموعة العقبات التي واجهها مشروع "سخالين 2" للغاز الطبيعي المسال الذي بلغ ذروته عند استحواذ شركة "غازبروم" على حصة الأغلبية في العملية في عام 2006.

واجهت محطة التصدير التابعة لاتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين سلسلة أحداث مؤسفة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد أغلقت المحطة جزئياً في أواخر مارس لمدة شهر بعد أن أفادت التقارير بتضرر اثنتين من عواماتها الثلاث في عاصفة. ثم في منتصف شهر يونيو، جرى تعليق عمل عواماتها مرة أخرى في اثنين من المراسي لمسح منطقة المياه المحيطة، ما أسهم في اكتشاف عدد من مناجم الحرب العالمية الثانية. ربما توقع أحد المتشككين أن تكون إزالة الألغام أولوية عند تركيب العوامات لأول مرة.

عادةً ما يصل ثلثا صادرات مزيج النفط الخام التابع لاتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين إلى أوروبا، مع توجيه كميات كبيرة إلى أوروبا الوسطى عبر خطوط الأنابيب من ميناء تريست الإيطالي. لا شك أن التأثير في سوق الخام في البحر الأبيض المتوسط، على وجه الخصوص، إذ يكون العرض بالفعل هو الأضيق منذ أعوام، سيكون شديداً.

انخفضت الصادرات الشهرية المجمعة من أذربيجان وكازاخستان وليبيا وبحر الشمال وغرب أفريقيا -جميع الموردين الرئيسيين إلى أوروبا- بأكثر من مليون برميل يومياً في يونيو، حسب بيانات تتبع الناقلات التي جمعتها "بلومبرغ".

انخفضت الصادرات من ليبيا بمقدار النصف تقريباً عن متوسط العام الماضي، ويبدو أنها تتراجع أكثر هذا الشهر، إذ تسيطر الاضطرابات على البلاد مرة أخرى. وعلى غرار مزيج خام اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين، تُعَدّ خامات ليبيا خفيفة وحلوة، ما يعني أنها تنتج كثيراً من وقود النقل وتحتوي على قليل من الكبريت، وهذا يجعلها جذابة الآن ويصعب الاستبدال بها.

سيظل التهديد بوقف شحنات اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين معلقاً في سوق النفط على الأقل حتى يوم الاثنين، إذ من المقرر أن تنظر محكمة في منطقة كراسنودار، حيث تقع محطة التصدير، في استئناف الشركة ضد الحكم. وهذا يثير الآمال في إمكانية تجنب الاضطراب، لكن لا يوجد ما يضمن نجاح استئناف عمليات اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين.

في غضون ذلك، تسبب التهديد في تدافع المتداولين بحثاً عن بدائل، إذ تستحوذ الخامات الإقليمية على أعلى علاوات لمعيار خام برنت المؤرخ الذي يمكن أن يتذكره عديد من المتداولين.

حتى إن أُلغي الحظر، فقد أرسلت روسيا تحذيراً واضحاً إلى أوروبا بأنها قادرة على تعطيل تدفقات النفط الخام كما تشاء تقريباً، وأنها مستعدة لإلحاق أضرار اقتصادية جسيمة بجيرانها في هذه العملية.